تحليل إخباري: مراقبون فلسطينيون : خطة إسرائيل "الاقتصاد مقابل الأمن" لحل مشكلة غزة التفاف على جوهر الصراع

2021-09-15 21:18:24|arabic.news.cn
Video PlayerClose

رام الله/غزة 15 سبتمبر 2021 (شينخوا) رأى مراقبون فلسطينيون أن خطة وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد، "الاقتصاد مقابل الأمن" لإعادة التسوية مع قطاع غزة المحاصر منذ 14 عاما وإعادة إعماره التفاف على جوهر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

وقال المراقبون إن خطط إسرائيل التي تطرح بين الوقت والاخر لحل مشاكل غزة والضفة الغربية الاقتصادية محاولة للهروب من الاستحقاق الحقيقي لحل الصراع عبر مفاوضات بين الجانبين تفضي إلى حل الدولتين على حدود عام 1967.

الخطة الإسرائيلية المطروحة

وصرح لابيد الأحد الماضي بأن سياسة إسرائيل منذ انسحابها من غزة عام 2005، والتي تضمنت قيودا على الحركة والتجارة لم تكن فعالة في منع هجمات حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والجماعات المسلحة في غزة.

ودعا لابيد خلال مؤتمر عقد في جامعة هرتسليا الإسرائيلية إلى تنفيذ خطة "الاقتصاد مقابل الأمن"، والتي من شأنها خلق استقرار على جانبي الحدود، واصفا خطته بأنها ضرورية لمشاركة إسرائيل في إعادة إعمار غزة.

وتشمل المرحلة الأولى من خطة لابيد إصلاح شبكات الكهرباء والصحة والنقل في غزة، قائلا إنه في الوقت ذاته ستحتفظ إسرائيل بالسيطرة الكاملة على إمدادات المياه والكهرباء لغزة، لكن السلطة الفلسطينية ستستأنف سيطرتها على القطاع ومعابره الحدودية.

وتشمل المرحلة الثانية، التي تلي فترة هدوء غير محددة، مشاريع البنية التحتية الكبرى، بما في ذلك فتح ميناء بحري، وربط القطاع بالضفة الغربية، وتشجيع الاستثمار الدولي في قطاع غزة.

رفض فلسطيني

وتعليقا على الخطة، قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية أول أمس الإثنين، إن مشكلة قطاع غزة سياسية، وهي ذات المشكلة التي تواجه جميع الأراضي الفلسطينية بما فيها القدس.

وأضاف اشتية أن المطلوب هو مسار سياسي جدي وحقيقي مستند لقرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي ينهي الاحتلال ويرفع الحصار عن قطاع غزة ويوقف العدوان عن جميع الأراضي الفلسطينية، وبهذا تصبح عملية إعادة الإعمار ممكنة ودائمة.

بدورها، قالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على لسان المتحدث باسمها عبد اللطيف القانوع، إن خطة لابيد تعكس عجز إسرائيل وفشلها في التعامل مع المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.

وذكر القانوع في تصريحات للصحفيين في غزة أن الشعب الفلسطيني سيواصل نضاله ومقاومته ولا يمكن أن تفرض عليه أي معادلة من طرف إسرائيل في أي قضية كانت.

رفع الحصار حق لا يرتبط بأي مسألة

وقال الكاتب والمحلل السياسي في رام الله أشرف العجرمي، لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن رفع الحصار عن غزة حق يجب ألا يرتبط بأي مسألة أخرى كونه "عقاب جماعي يطال سكان القطاع ويهدد حياتهم ويحولها إلى جحيم".

وأضاف العجرمي أن التفكير الإسرائيلي الجديد تجاه مشاكل غزة هو أنهم وصلوا (الإسرائيليين) إلى قناعة بأن كل سياسات الضغط والاحتواء التي نفذت في السابق وصلت إلى طريق مسدود.

وتابع أن إسرائيل تريد إحداث تغيير في سياساتها تجاه القطاع الذي تسيطر عليه حركة حماس منذ عام 2007 يقوم على مبدأ المصالح المتبادلة على قاعدة الأمن مقابل الاقتصاد.

وأشار العجرمي إلى أن الخطة الإسرائيلية لا تبتعد عن مفهوم السلام الاقتصادي وإن كانت تتحدث فقط عن الأوضاع في غزة ولا تتحدث عن قواعد للتسوية الدائمة.

وتفرض إسرائيل حصارا مشددا على قطاع غزة منذ سيطرة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عليه بالقوة، عقب جولات اقتتال داخلي مع الأجهزة الأمنية الموالية للسلطة الفلسطينية في عام 2007.

وإلى جانب الحصار شنت إسرائيل عدة عمليات عسكرية واسعة النطاق ضد القطاع الذي يقطنه زهاء مليوني نسمة، كان اخرها في 10 مايو الماضي واستمرت 11 يوما وأدت لقتل أكثر من 250 فلسطينيًا و13 شخصا في إسرائيل، ودمرت آلاف المنازل والبنية التحتية جزئيا أو كليا.

وأدت العمليات العسكرية إلى معدلات قياسية من الفقر والبطالة في صفوف السكان، إضافة إلى نقص حاد في الخدمات الأساسية خصوصا إمدادات الطاقة والمياه الصالحة للشرب.

الإطاحة بجوهر الصراع

واعتبر المحلل السياسي من غزة هاني حبيب، أن الخطة ذات الملامح "العبثية" تشير إلى توغل إسرائيل في وضع خطط ومبادرات وسعي متواصل من أجل الإطاحة بجوهر الصراع باعتباره صراعا سياسيا بالدرجة الأولى والأخيرة.

وقال حبيب إن إسرائيل تسعى لاستبدال الحل السياسي مقابل جملة من الالتزامات التي يتوجب عليها أن تقوم بها وفقا للقانون الدولي الذي بدوره يمنح الشعوب المحتلة الحق في مقاومة الاحتلال.

ورأى حبيب أن إمكانية تنفيذ الخطة الإسرائيلية ليس صعبا فحسب بل مستحيل تماما على المستوى المنظور والمتوسط على الأقل، والأهم من ذلك أن لابيد يدرك في قرارة نفسه أن خطته لن ترى النور.

وأشار إلى أن الخطة الإسرائيلية فضفاضة إذ أن ملف أمن إسرائيل يعد قضية مليئة بالتفاصيل ولم يذكر فيها كيفية تحقيقها، خاصة في ظل وجود جنود إسرائيليين لدى حركة حماس في غزة.

وجاء طرح الخطة بعد أيام من لقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ووزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس في 29 أغسطس الماضي في مدينة رام الله في الضفة الغربية لأول مرة منذ أعوام بسبب القطيعة بين الجانبين.

وقال غانتس في حينه إنه أبلغ عباس بأن إسرائيل مستعدة لسلسلة من الإجراءات التي من شأنها تعزيز اقتصاد السلطة الفلسطينية، مشيرا إلى أنهما ناقشا كذلك "تشكيل الواقع الأمني والمدني والاقتصادي في الضفة وغزة واتفقا على الاستمرار في التواصل بشأن مختلف القضايا الساخنة".

وجاء اللقاء بين الرجلين في ظل توقف مفاوضات السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل منذ نهاية مارس عام 2014 وبعد تسعة أشهر من المحادثات برعاية أمريكية دون تحقيق تقدم لحل الصراع الممتد بين الجانبين منذ عدة عقود.

في المقابل، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، الليلة الماضية في مقابلة مع صحيفة (يديعوت أحرنوت) الإسرائيلية إنه لا يرى أي منطق في لقاء يجمعه مع الرئيس عباس، مجددا رفضه إقامة دولة فلسطينية.

تحرك فلسطيني رسمي وشعبي لفرض حل سياسي

وقال الكاتب والمحلل السياسي من رام الله أحمد رفيق عوض، إن تقديم الحكومة الإسرائيلية خطط " اقتصادية سخيفة" محاولة للتهرب من الاستحقاق الحقيقي بالتوجه إلى مفاوضات جادة وحقيقية تفضي إلى حل الدولتين على أساس قرارات الشرعية الدولية.

وأضاف عوض أن معادلة الأمن مقابل الاقتصاد "فاشلة ولا يمكن أن ترشي" الشعب الفلسطيني الذواق للحرية والعيش بكرامة في دولته المستقلة وعاصمتها القدس على حدود عام 1967.

وتابع أن الخطة لم تلق القبول فلسطينيا كونها لم تتطرق إلى الحديث عن دولة فلسطينية، وهذا أسوأ مما طرحه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، في "صفقة القرن" لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في حينه وتم رفضها أيضا.

ورأى أن المطلوب من الفلسطينيين هو التحرك سياسيا ودبلوماسيا من أجل خلق جبهات عربية وإقليمية ودولية للضغط على إسرائيل لإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية باعتباره الضامن الوحيد للاستقرار والأمن والهدوء للجميع.

واعتبر عوض أن المطروح إسرائيليا يستدعي تحرك الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة لانتزاع حقوقه بالحرية والكرامة.

الصور

010020070790000000000000011100001310189747