تعليق ((شينخوا)): فلنجعل من معلم الـ100 مليون إصابة القاتم نقطة تحول في المعركة ضد كوفيد
بكين 27 يناير 2021 (شينخوا) مع تسجيل العالم لإجمالي 100 مليون حالة إصابة بكوفيد-19 في وقت مبكر من اليوم (الأربعاء)، يتعين على الجنس البشري أن يأخذ هذا المعلم القاتم الجديد كلحظة يقظة، ويكثف الجهود، ويُحدث نقطة تحول في معركته الشاقة ضد هذا العامل الممرض الفتاك.
لقد أصابت الجائحة الآن واحدا من بين كل 78 شخصا في جميع أنحاء العالم وتسببت في وفاة أكثر من مليوني شخص، وهو وضع يفطر القلب ربما لم يتوقعه سوى القليل في العالم في الأيام الأولى من تفشي المرض.
ومع استمرار تزايد حصيلة الإصابات والوفيات المروعة بالفعل بكوفيد، فإن خطر تحول الأشخاص إلى مخدرين تجاه الفيروس يشكل تهديدا أكبر بكثير من الفيروس نفسه. فقد بدأت الدراسات العلمية بالفعل في دق ناقوس الخطر بشأن تزايد التعب الوبائي وظاهرة "التخدير النفسي".
ومن أجل تسطيح المنحنى العالمي والبدء في قلب الحرب ضد المرض لصالح البشرية في أقرب وقت ممكن، ليس لدى جميع البلدان خيار آخر سوى المواجهة والقيام بالأشياء الصحيحة معا.
وتتمثل الأولوية الأولى في تحقيق أقصى استفادة من اللقاحات. فمع انتشار برامج التطعيم في مناطق كثيرة من المعمورة، لا يزال من الممكن أن يحتضن المجتمع العالمي ربيعا جديدا يشهد إصابات أبطأ ووفيات أقل.
فإن مدى فعالية اللقاحات يرتبط ارتباطا وثيقا بعدد الأشخاص الذين يمكن تلقيحهم.
لذلك، يتعين على البلدان في جميع أنحاء العالم تلقيح أكبر عدد ممكن من مواطنيها لتشكيل شبكة وقائية ضد الهجمة المستعرة للفيروس الماكر.
من الطبيعي أن يتوخى الناس الحذر من المخاطر المحتملة التي تنتج عن اللقاحات حديثة الولادة، ولكن الفوائد لا يمكن إنكارها، وتفوق المخاوف.
وبالتالي، يتعين على الحكومات والمجتمعات الصحية في جميع أنحاء العالم أن تلعب أدوارها التوجيهية في معالجة مخاوف المترددين في أخذ اللقاح وتحويل المزيد من الناس إلى متبنين لفكرة أخذه.
وتأتي بعد ذلك مسألة التوزيع العادل للقاح داخل الحدود الوطنية وعبر العالم.
ولأن بعض الدول تشهد حملات تطعيم فوضوية وغضبا اجتماعيا بسبب القفز في طابور من جانب أصحاب الامتيازات، يتعين على الحكومات تحسين أنظمة تخصيص وتوزيع اللقاحات، حتى يتمكن الأشخاص الأكثر استحقاقا، مثل العاملين في الخطوط الأمامية والعاملين الأساسيين بمجال الرعاية الصحية من الحصول على الحماية في الوقت المناسب.
يبدو أن الوصول غير العادل للقاحات يشكل مسألة أشد حدة وإيلاما للقلب على المسرح العالمي. فبعض الاقتصادات الغنية تعمل على تخزين الجرعات، فيما تتنافس الشركات على حصة مالية أكبر من كعكة اللقاح.
حتى الأسبوع الماضي، ورغم إعطاء قرابة 40 مليون جرعة لقاح في 50 دولة، لم تتلق دولة أفريقية سوى 25 جرعة. وحذر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس من أن العالم "على شفا فشل أخلاقي كارثي".
يتعين على الدول والمنظمات الدولية الدفع من أجل تنفيذ مبادرة عالمية مثل كوفاكس لضمان توافر اللقاحات بشكل عادل للبلدان، الغنية والفقيرة على حد سواء، حتى لا يتم تقويض الجهود العالمية لإطالة أمد ملحمة الأوديسة.
إن اللقاحات، بالطبع، ليست ذات قدرة مطلقة. فيجب على الناس مقاومة التفكير غير العملي بأن اللقاحات وحدها يمكن أن تحقق النصر النهائي. وعلى البلدان، أثناء تطعيم سكانها، التشديد على أهمية الالتزام بتدابير وقائية مثبتة مثل الإغلاق وارتداء الكمامات وتحقيق التباعد الاجتماعي.
والأهم من ذلك، كشفت الأشهر العديدة من المعركة المريرة مع الفيروس عن بعض عيوب البشرية. وتتمثل أهم هذه العوامل في قلة الوعي بأن رفاهية البشرية جمعاء مرتبطة ببعضها البعض في عصر العولمة هذا.
إن حرية تنقل الأشخاص والسلع عبر الكوكب، التي أصبحت ممكنة بفضل السفر الجوي والرحلات البحرية عبر العالم، مكنت الفيروس من الانتشار حتى إلى أبعد ركن في العالم. ولم يكن ذلك مرجحا في العصور القديمة.
ولكن في الوقت الذي ينعم فيه الجنس البشري بفوائد التكنولوجيات الحديثة، فإنه ليس واعيا بما فيه الكفاية للمخاطر المصاحبة لذلك، ناهيك عن معنى أن يكون المرء مواطنا في القرية العالمية.
وتوفر الجائحة المستعرة لحظة يقظة. لكي نكون أكثر تحديدا، يتعين أن يبدأ الأفراد في تعلم إدراك التزاماتهم الجماعية والالتزام بها باعتبارهم أعضاء في الجنس البشري. فهذا جزء لا غنى عنه من المعادلة بالنسبة للمجتمع العالمي للقضاء على الفيروس أو معالجة تغير المناخ.
وكتب جاريد دايموند، مؤلف الكتاب الحائز على جائزة بوليتزر ((البنادق والجراثيم والفولاذ))، في مقال رأي نُشر الشهر الماضي يقول "لأول مرة في تاريخ العالم، يضطر الناس في جميع أنحاء العالم إلى الاعتراف بأننا جميعا نواجه تهديدا مشتركا لا يمكن لأي بلد التغلب عليه بمفرده".
ورأى أنه "إذا وقفت شعوب العالم كتلة واحدة، بفعل القوة القاهرة، لهزيمة كوفيد-19 ...فقد يصبحون متحمسين للعمل بجهود متضافرة، بفعل القوة القاهرة، لمكافحة تغير المناخ، ونضوب الموارد، وعدم المساواة".
الأمور تسوء قبل أن تتحسن. ومن المأمول بعد كل هذه الإصابات والوفيات، أن تبدأ الأمور مع الجائحة في التحسن في أي وقت قريب، وأن يتسنى إيقاظ الملائكة الأفضل من الطبيعة البشرية لمواجهة أزمات مستقبلية ذات أبعاد عالمية.