مقالة خاصة: فجوة إمدادات وشيكة تهدد خطط تطعيم الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة .. والتكديس ليس الحل
لندن 6 فبراير 2021 (شينخوا) تعتبر لقاحات كوفيد-19 العامل الرئيسي لإعادة الحياة إلى طبيعتها في جميع أنحاء العالم. غير أن الطرح العادل والفعال للقاحات لن يكون أمرا سهل المنال على الإطلاق.
مع بدء حملات تطعيم عالمية، أحبطت محدودية إمدادات اللقاح جهود الطرح في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، في حين باتت ملامح فجوات في الوصول، وخاصة مع تباينات هائلة بين العالمين المتقدم والنامي، تتكشف على نحو صارخ.
-- بطء في الطرح
وابتليت برامج التطعيم في الاتحاد الأوروبي من مشكلات في الإمدادات. وقدمت إيطاليا مؤخرا شكوى إلى الكتلة ضد شركات فايزر وبيونتيك وأسترازينيكا، لفشلها في تسليم اللقاحات بسرعة كافية. كما واجهت العديد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مشكلات مماثلة مع إرسال شركات الأدوية اللقاحات بشكل أبطأ مما كان متوقعا.
وفي 15 يناير، قالت شركتا فايزر وبيونتيك في بيان إن منشآتهما في بورس ببلجيكا ستشهد انخفاضا مؤقتا في عدد الجرعات التي يتم تسليمها خلال الأسبوع المقبل بسبب "بعض التعديلات على عمليات الإنتاج".
ثم قالت الشركتان في بيان آخر صدر يوم الاثنين إنهما عادتا إلى الجدول الأصلي لتسليم الجرعات إلى الاتحاد الأوروبي.
ومع ذلك، فإن مسألة إمدادات اللقاحات في الاتحاد الأوروبي أكثر تعقيدا بكثير. وذكرت وكالة أنباء ((رويترز)) أن "النقص في عمليات تسليم لقاح كوفيد-19 من إنتاج شركة موديرنا الأمريكية لصناعة الأدوية قد انتشر في جميع أنحاء أوروبا".
في غضون ذلك، يشعر الاتحاد الأوروبي بالإحباط بسبب الإعلان السابق من أسترازينيكا بأنها قد توفر جرعات أقل بكثير مما وعدت به في الربع الأول.
وفي الولايات المتحدة، فإن الوضع مشحون بالمثل.
وأفادت شبكة ((إن بي سي نيوز)) أواخر الشهر الماضي أن "جميع الولايات الخمسين في الولايات المتحدة تقوم بالإبلاغ عن نقص في عدد اللقاحات في وقت تكافح فيه أنظمة الرعاية الصحية والإدارية المنهكة في أمريكا لتوزيع مخزون اللقاحات المحدودة التي تم إنتاجها".
وتعرضت خطة توزيع اللقاحات التي وضعتها الإدارة الأمريكية السابقة للانتقادات لأنها تركتها لمسؤولي المقاطعات والمدن، الذين ليس لديهم أي خبرة في خطط توزيع اللقاحات، وخاصة بهذا الحجم.
-- تفاوتات هائلة
وقال محللون إن الإحباط المنتشر أثار مخاوف بشأن التنافس الدولي على إمدادات محدودة أساسا من اللقاحات، لا سيما بين الدول الغنية التي سارعت إلى حجز صفقات اللقاحات.
ووفقا لمؤشر بلومبرغ لتتبع صفقات كوفيد-19، الذي تم تحديثه في 30 يناير، فقد تم بالفعل حجز 8.56 مليار جرعة من لقاحات كوفيد-19، والتي ستكون كافية لتغطية أكثر من نصف سكان العالم إذا ما تم توزيع الجرعات بالتساوي، حيث تتألف معظم اللقاحات من جرعتين.
وأوردت إحدى وسائل الإعلام أنه "مع ذلك، راكمت الدول الغنية صفقات إمداد واسعة النطاق. وقد تضطر بعض الدول إلى الانتظار حتى عام 2022 أو ما بعده قبل أن تتوفر الإمدادات على نطاق واسع".
وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس في مؤتمر صحفي يوم 29 يناير إن "قومية اللقاح قد تخدم أهدافا سياسية قصيرة المدى. لكنها في النهاية قصيرة النظر وتؤدي إلى هزيمة الذات".
والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن رئيس منظمة الصحة العالمية قد حذر الشهر الماضي من العواقب الأخلاقية لنقص لقاحات كوفيد-19 على البلدان الفقيرة، واصفا البلدان ذات الدخل الأعلى بأنها أكثر امتيازا مقارنة بالدول النامية.
كما أعرب بعض الخبراء عن قلقهم بشأن التوزيع العالمي للقاحات كوفيد-19.
وقال ماكسيميليان غيرتلر، وهو خبير في معهد طب المناطق الحارة والصحة الدولية في برلين، في مقابلة مع مجلة ((دير شبيغل)) الإخبارية الأسبوعية الألمانية إنه "للأسف، الأمر يسير وفقا لمبدأ الأقوى: الدول الغنية مثل الولايات المتحدة وكندا وكذلك العديد من دول الاتحاد الأوروبي تقوم بتأمين اللقاحات ضمن مفاوضات ثنائية. وفي خضم وباء عالمي، فإن مثل هذا السلوك متهور".
-- التعاون العالمي
كما دفع نقص اللقاحات المزيد إلى التفكير في تنويع إمدادات اللقاحات.
وقال أوما كامبهباتي، أستاذ الاقتصاد في جامعة ريدينغ في بريطانيا، لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن "هناك القليل من العالم النامي الذي ينتج اللقاحات ويقوم بذلك بكفاءة عالية ويوفرها لبقية العالم؛ الهند والصين في سلاسل قيمة المستحضرات الدوائية موجودتان هناك".
كما أعرب الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه عن انفتاحهم على اللقاحات من الدول النامية مثل الصين.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إنه يمكن الموافقة على استخدام لقاحات من روسيا والصين في الاتحاد الأوروبي إذا "عرضت جميع البيانات"، حسبما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية ((أ ف ب)) عن نواب في الكتلة.
وأفاد وزير الصحة الألماني ينس سبان مؤخرا أنه منفتح على استخدام لقاحات من روسيا أو الصين في ألمانيا.
في الوقت الراهن، فإن المجر هي الدولة العضو الوحيدة في الاتحاد الأوروبي التي أذنت باستخدام لقاح "سينوفارم" الصيني المضاد لكوفيد-19 ولقاح روسي.
وعلى نطاق عالمي، شدد رئيس منظمة الصحة العالمية على أن مبادرة "كوفاكس" تحتاج إلى "تلقي جرعات إضافية قريبا، وليس بقايا الفوائض بعد عدة أشهر من الآن".
وتهدف المبادرة التي تقودها منظمة الصحة العالمية إلى تسريع تطوير وتصنيع لقاحات كوفيد-19، وضمان الوصول العادل والمنصف لكل بلد في العالم.
من جانبها، قررت الصين تقديم جرعات لقاح كوفيد-19 إلى مبادرة كوفاكس لتلبية الاحتياجات الملحة للدول النامية، بناء على طلب من منظمة الصحة العالمية، وفقا لما ذكرته وزارة الخارجية الصينية يوم الأربعاء.
وقال المتحدث وانغ ون بين "نأمل أن تتمكن الدول القادرة في المجتمع الدولي من القيام بدور نشط واتخاذ إجراءات ملموسة لدعم كوفاكس وكذلك عمل منظمة الصحة العالمية، بغية مساعدة الدول النامية في الحصول على اللقاحات في الوقت المناسب والمساهمة في الهزيمة العالمية للوباء في وقت مبكر".