مقالة خاصة: جائحة كورونا تعصف بمعظم طقوس وتقاليد المغاربة خلال شهر رمضان
الرباط 24 أبريل 2021 (شينخوا) على غرار السنة الماضية، يعيش المغاربة أجواء رمضانية،غابت عنها هذه السنة معظم العادات والتقاليد والطقوس ،التي دأبوا على ممارستها خلال الشهر الفضيل، جراء التدابير الاحترازية التي سنتها سلطات البلاد، لاحتواء جائحة مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد- 19).
وإذا كان لهذه التدابير الاحترازية تأثير محدود على نشاط تسوق المغاربة وعاداتهم في مجال الطعام، المتمثلة في تحضير وجبات وأطباق محلية متنوعة خاصة بشهر الصيام، من قبيل حساء "الحريرة" وحلوى "الشباكية" والفطائر المحشوة والعصائر وغيرها من الأكلات، فإنها بالمقابل حدت من حركيتهم بعد الإفطار، وجعلتهم يلازمون بيوتهم، خاصة بعد قرار السلطات تشديد اجراءات حظر التنقل الليلي، التي حرمتهم من أداء صلوات التراويح بعد إغلاق المساجد.
ولم يقتصر تأثير هذه التدابير، على الجانب الروحي فحسب، بل امتدت أيضا لترخي بظلالها على المظاهر الترفيهية التي تصاحب شهر رمضان ، خاصة أثناء الليل، حيث لم يعد أمام المغاربة مجال للاستمتاع بأنشطة رياضية أوثقافية، أو التوجه الى الفضاءات العامة والمقاهي والحدائق كما كان الشأن قبل الجائحة.
وأمسى العديد من العادات والتقاليد الاجتماعية للمغاربة بفعل هذه التدابير في خبر كان، ومنها زيارة الأقارب والأصدقاء بعد الافطار، وإحياء أمسيات دينية، وتنظيم عمليات إفطار جماعية.
وفي هذا الصدد تقول عائشة، وهي سيدة خمسينية تعمل استاذة للتعليم الثانوي بمدينة سلا القريبة من العاصمة الرباط ، لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن "رمضان هذه السنة في ظل الجائحة كسابقه، بدون طعم ولا رائحة، نملأ بطوننا بعد آذان المغرب، ثم نستلقي أمام التلفاز، وبالكاد نستطيع أداء بعض من صلواتنا فرادى بعد تعليق صلوات التراويح واغلاق المساجد".
ولا يخفي محمد (33 سنة)، وهو سائق سيارة أجرة وأب لثلاثة أطفال، تذمره من الأجواء المقيدة لأنشطة رمضان هذا العام، التي غابت فيها عادات زيارة الأقارب، والأصدقاء، والتنزه وممارسة عدة رياضات ليلية.
وقال محمد لـ ((شينخوا))، ان حظر التنقل بعد تناول الافطار، حرمه من مداخيل إضافية من شأنها تعويض بعض من الخسائر التي تكبدها جراء الجائحة وما فرضته من قيود على حركة المواطنين.
وبمقابل الاغلاق الليلي، تشهد ساعات النهار حركية دؤوبة في الأحياء والأسواق التي تعج بالباعة والمواطنين الراغبين في اقتناء مواد غذائية يتم اللجوء اليها في مثل هذا الشهر.
وفيما كانت محلات بيع الملابس التقليدية المحلية، تعاني على غير العادة من الكساد في ظل ظروف جائحة كورونا، فإن الشهر الفضيل، يشهد انتشار العديد من المهن الموسمية المرتبطة بعاداته وطقوسه، ومنها انتاج وصناعة المعجنات من فطائر محشوة، وحلويات، ومأكولات أخرى متنوعة يقبل عليها المواطنون بكثرة من أجل تزيين موائد إفطارهم.
وقالت فاطمة، وهي ستينية توفي عنها زوجها قبل عام، لـ ((شينخوا)) أثناء إعدادها لمعجنات عبارة عن رغيف محشو باللحم المفروم بأحد أزقة مدينة الرباط العتيقة، "أحمد الله هذه السنة، حيث باستطاعتي توفير قوت أبنائي الثلاثة بعد أن غادر والدهم الى دار البقاء السنة المنصرمة، جراء المرض والحسرة على اغلاق الحمام الشعبي الذي كان يشكل مورد رزقه الوحيد".
وتضيف فاطمة، وقد علت شفتيها ابتسامة عريضة وهي تضيف بعض الملح لعجينها قبل حشوه وتقسيمه الى رغائف، "ليست لي أي مهنة غير بيع هذه الرغائف التي تساعدني ابنتي على تحضيرها، الناس هنا يعرفونني، ويقبلون بشكل كبير على شرائها، حتى أنني أجدني محرجة أمام البعض عند نفاد الرغائف، ويطالبونني بتحضير المزيد".
الى ذلك ارتفعت عدة أصوات سواء خلال النقاشات العمومية أو منصات التواصل الاجتماعي، منتقدة قرار السلطات فرض اغلاق ليلي بمبرر احتواء الجائحة، في وقت تشهد فيه الفضاءات التجارية أثناء النهار اكتظاظا وحركة دؤوبة، إلى درجة أن البعض يتساءل ساخرا، "هل فيروس كورونا ينشط فقط بالليل".
وتعرف وتيرة الاصابات بفيروس كورونا الجديد تأرجحا بين الارتفاع والانخفاض، بالمغرب الذي تفرض سلطاته حالة طوارىء صحية منذ ظهور أول حالة في البلاد في الثاني من مارس 2020.
وأحصت البلاد حتى الآن أزيد من خمسمائة ألف حالة إصابة، فيما بلغ مجموع حالات الشفاء 494872، وعدد الوفيات 8988 حالة.