(وسائط متعددة) تقرير إخباري: إسرائيل تهدم منزلا فلسطينيا في حي الشيخ جراح وسط تنديد وغضب فلسطيني واسع
في الصورة الملتقطة يوم 19 يناير 2022، أفراد من شرطة الحدود الإسرائيلية يقفون للحراسة بالقرب من منزل مدمر في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية. (شينخوا)
رام الله / القدس 19 يناير 2022 (شينخوا) هدمت السلطات الإسرائيلية اليوم (الأربعاء) منزلا لعائلة فلسطينية في حي الشيخ جراح شرق القدس في خطوة لاقت تنديدا وغضبا فلسطينيا واسعا.
وقالت مصادر فلسطينية رسمية لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن قوة من الشرطة حاصرت منزل "عائلة صالحية" في حي الشيخ جراح واعتدت على الشبان المتضامنين مع العائلة بالضرب واعتقلت 26 شخصا، قبل أن تشرع الآليات بهدم المنزل وتشريد سكانه إلى العراء في ظل الأجواء الماطرة.
بدورها، أعلنت الشرطة الإسرائيلية أن عملية إخلاء وهدم المنزل في حي الشيخ جراح جاءت وفقا لأمر قضائي بمصادرته لغرض إقامة مدرسة للتعليم الخاص لصالح سكان الحي وشرق المدينة.
وقالت الشرطة في بيان تلقت ((شينخوا)) نسخة منه، إن قواتها ساعدت بلدية القدس على إجلاء عدة أشخاص تحصنوا في المبنى بشكل مخالف للقانون، وجرى اعتقال بعضهم بشبهة خرق أمر قضائي وممارسة سلوك عنيف والإخلال بالنظام العام.
من جهتها، أفادت صحيفة (هأرتس) الإسرائيلية أن حوالي 100 عنصر من عناصر الشرطة اقتحموا منزل عائلة صالحية بعد قطعهم الكهرباء عنه وأخلوا السكان منه رغم الأجواء الباردة والماطرة، ثم هدموا المبنى، مشيرة إلى أن عناصر الشرطة استخدموا "العنف الشديد والقنابل الصوتية ضد أفراد العائلة والنشطاء والمتضامنين".
وحاولت الشرطة الإسرائيلية أول أمس إخلاء منزل صالحية إلا أنها توقفت عن ذلك بعد تهديد أفراد من عائلة صالحية بإضرام النار في أنفسهم والمنزل ما اضطر القوات الإسرائيلية للانسحاب من المكان.
وأصدرت السلطات الإسرائيلية في منتصف ديسمبر الماضي قرارا يقضي بإخلاء المنزل والأرض حوله والبالغة مساحتها 6 دونمات وتضم منزلا ومشتلا زراعيا وأمهلت أصحابه لتنفيذ قرار الإخلاء حتى 25 يناير الجاري.
ولاقت عملية هدم المنزل تنديدا فلسطينيا رسميا وشعبيا.
واعتبرت الرئاسة الفلسطينية في بيان، هدم منزل صالحية ومصادرة الأرض "جريمة حرب تتحمل الحكومة الإسرائيلية المسؤولية عن تداعياتها الخطيرة"، ودعت إلى الإسراع بتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني الذي يتعرض لسياسة "تمييز لم يشهد لها العالم مثيلاً".
وقال البيان إن ما يشهده حي الشيخ جراح من عمليات هدم وتشريد وترويع للمقدسيين يضع الإدارة الأمريكية والتزاماتها على المحك ويتمثل ذلك في الضغط على الحكومة الإسرائيلية لوقف سياسة "التطهير العرقي التي تنتهجها ضد الشعب الفلسطيني، وتجنيب المنطقة المزيد من التوتر والتصعيد".
وحذرت الرئاسة الفلسطينية من أن عمليات هدم المنازل ستكون لها تداعيات خطيرة، مشيرة إلى أن جلسة المجلس المركزي التي ستعقد قريبا ستتخذ القرارات المناسبة أمام هذا التصعيد الإسرائيلي والصمت الدولي والأمريكي.
بدوره، قال مستشار ديوان الرئاسة الفلسطينية لشؤون القدس أحمد الرويضي لـ ((شينخوا)) إن "هدم المنزل لن يكون الأخير ضمن هذا المخطط الاسرائيلي"، مشيرا إلى وجود 22 ألف منزل مهدد بالهدم بشكل كامل بحجج وذرائع متعددة مثل البناء دون ترخيص أو إقامة حدائق عامة بهدف خلق واقع جديد يخدم ويجعل الفلسطينيين أقلية في المدينة.
وحذر الرويضي من وجود ستة أحياء أخرى مهددة بالهدم، معتبرا أن ما جرى في الشيخ جراح هو مقدمة لتنفيذ عمليات هدم واسعة خلال النصف الأول من العام الحالي، مما يعني تشريد سكانها، مطالبا المحكمة الجنائية الدولية بالتحرك والوقوف عند مسؤولياتها مما يجري من هدم للمنازل".
من جهته، أدان وزير شؤون القدس في السلطة الفلسطينية فادي الهدمي ضرب الحكومة الإسرائيلية "بعرض الحائط" المواقف الرافضة للإخلاء والهدم .
كما حذرت وزارة الخارجية الفلسطينية من "المخاطر الكارثية لهذه الجرائم وتداعياتها على فرصة تطبيق مبدأ حل الدولتين، خاصة أن إسرائيل تسابق الزمن في تقويض وتخريب" أية فرصة سانحة لإطلاق عملية سلام ومفاوضات حقيقية بين الجانبين.
واعتبرت حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) التي يتزعمها الرئيس محمود عباس، أن هدم منزل صالحية مقدمة لإخلاء حي الشيخ جراح لحصار المدينة بحزام استيطاني وتقطيع أوصالها وعزلها لإحلال المستوطنين.
وقالت الحركة إن "جريمة هدم المنزل تأتي في سياق استمرار العدوان السافر والممنهج المتصاعد الذي يستهدف وجود وأحقية الشعب الفلسطيني في أرضه، واستمرار سياسة التهجير القسري الإحلالي".
أما حركة المقاومة الإسلامية (حماس) فاعتبرت في بيان مقتضب على لسان المتحدث باسمها عبد اللطيف القانوع، أن هدم منزل عائلة صالحية "لن يهدم صلابة موقفها وإرادة البقاء والثبات على الأرض".
كما رأت حركة الجهاد الإسلامي في بيان منفصل، أن هدم منزل عائلة صالحية وعشرات آخرين يمثل "عدوانا خطيرا يمس بكل الشعب الفلسطيني".
ويريد الفلسطينيون إعلان الجزء الشرقي من مدينة القدس عاصمة لدولتهم العتيدة، فيما تصر إسرائيل على اعتبار القدس الموحدة عاصمة لها، علما أنها احتلت الجزء الشرقي من المدينة المقدسة عام 1967، ولم يعترف المجتمع الدولي بذلك.
وتعد القدس واحدة من قضايا الوضع النهائي للمفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل المتوقفة منذ نهاية مارس من العام 2014 بعد تسعة أشهر من المحادثات برعاية أمريكية من دون تحقيق تقدم لحل الصراع الممتد بين الجانبين منذ عدة عقود.■