تحليل إخباري: تسارع نمو اقتصاد مصر يؤكد نجاح خطتها لمواجهة أزمة كورونا
القاهرة 21 فبراير 2022 (شينخوا) تسارع معدل نمو الاقتصاد المصري بشكل كبير، تجاوز مستهدفات الحكومة، وهو ما اعتبره خبراء اقتصاديون بمثابة "إعلان نجاح" للمسار الذي انتهجته مصر لمواجهة أزمة مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19) وإعادة تشغيل الاقتصاد.
وبلغ معدل نمو الاقتصاد المصري خلال النصف الأول من العام المالي الحالي 2021 - 2022 نحو 9 %، وهو أعلى معدل نمو نصف سنوي منذ بداية الألفية، حسبما أعلنت الحكومة أخيرا.
وكان معدل النمو خلال النصف الأول من العام المالي 2020 - 2021 قد بلغ 1.3 % فقط، متأثرا بجائحة فيروس كورونا.
وأوضحت الحكومة أنه "من المتوقع أن يواصل معدل النمو الاقتصادي الارتفاع خلال العام المالي 2021 - 2022 ليصل إلى معدل يتراوح ما بين 6.2 إلى 6.5 % (بنهاية العام)"، مقارنة بـ 3.3 % خلال العام المالي الماضي.
ويعد هذا المعدل أعلى من توقعات البنك الدولي للاقتصاد المصري 5.4 %، وصندوق النقد الدولي 5.6 %.
كما توقعت الحكومة، ارتفاع حجم الناتج المحلي الإجمالي خلال العام 2021 – 2022 بنسبة 11.5 % ليصل إلى 7.9 تريليون جنيه (الدولار الأمريكي يعادل 15.75 جنيه مصري).
وقال الخبير الاقتصادي الدكتور وليد جاب الله إن "تحقيق الاقتصاد المصري معدل نمو 9 % خلال النصف الأول من العام المالي الحالي بمثابة إعلان لنجاح الإجراءات التي قامت بها مصر للتعامل مع تداعيات فيروس كورونا، لاسيما أن تلك النسبة تتجاوز متوسط النمو العالمي ومتوسط نمو الاقتصادات الناشئة وتوقعات كافة المؤسسات الدولية للاقتصاد المصري".
وأضاف جاب الله، وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي، لوكالة أنباء ((شينخوا))، أن "هذا الأمر يعكس صورة إيجابية عن الاقتصاد المصري ويؤسس لمزيد من الثقة في مستقبله بصورة تجعله أكثر جاذبية للاستثمار الخارجي".
واعتبر أن "تحقيق هذا المعدل جاء نتيجة قيام الدولة المصرية بالمقاربة بين اعتبارات مكافحة فيروس كورونا واعتبارات تشغيل النشاط الاقتصادي".
وأوضح أن "الحكومة المصرية حرصت على اتخاذ العديد من القرارات المنظمة لعمليات التباعد الاجتماعي وتوفير اللقاحات وتطوير المنظومة الصحية، وفي المقابل قدمت العديد من حزم المساندة للقطاعات الاقتصادية المتضررة وضخت أكبر قدر من الاستثمارات الحكومية واستمرت في سياستها التوسعية من خلال ما تقوم به من مشروعات قومية في كافة القطاعات، وقد نجح ذلك الخيار وظهرت نتائجه في قدرة الاقتصاد على العودة لتحقيق معدلات نمو قياسية".
وأكد الخبير المصري، أن ارتفاع إيرادات قناة السويس والتحويلات المالية للمصريين في الخارج ساهم في رفع متوسط النمو الإجمالي ودعم أرصدة مصر من العملات الأجنبية بما مكنها من قدرة أكبر على المناورة وامتصاص الصدمات وتقديم حزم تحفيز ومساندة للقطاعات المتضررة مما ساعدها على العودة بصورة سريعة.
وحققت قناة السويس خلال العام 2021 أعلى إيراد سنوي في تاريخها بقيمة 6.3 مليار دولار، بحسب رئيس هيئة القناة أسامة ربيع.
بينما سجلت تحويلات المصـريين العاملين بالخارج خلال الشهور العشرة الأولى من 2021 نحو 26.4 مليار دولار، بزيادة قدرها 7.8 % مقارنة بنفس الفترة من عام 2020.
وتابع جاب الله أن "أهم ثمار تحقيق معدل نمو كبير هو توفير فرص العمل، وهو ما تحقق بالفعل من خلال تحقيق نسبة بطالة بنحو 7.4 %، وهي نسبة تقل بكثير عما سجلته نسبة البطالة في مصر خلال فترات الاضطراب السياسي والتي كانت تتجاوز 12 %، وبالتالي فإن استمرار استهداف معدل نمو مستدام يتجاوز 6 % هو الطريق الصحيح لاستمرار السيطرة على معدلات البطالة واتصور أن ذلك هو خيار الدولة المصرية".
ورأى أن "ما تحقق من نمو تجاوز مستهدفات الحكومة المصرية وتوقعات المؤسسات الدولية، والاقتصاد المصري قادر على أن يتجاوز معدل نموه حاجز الـ 6 % خلال العام المالي الجاري مدفوعا بزخم هائل من إصلاحات هيكلية متتابعة ونشاط اقتصادي لأكثر من 100 مليون مصري لم يعد بإمكانهم الاستمرار في تباطؤ حركتهم في ظل برامج تحفيز متعددة تقدمها الحكومة المصرية".
وأطلقت الحكومة المصرية، في العام 2021 "البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية"، الذي يعد المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادي، الذي تم تدشينه في العام 2016.
وتستهدف الحكومة في المرحلة الثانية، التي ستجرى على مدار ثلاث سنوات، تطوير قطاعات الصناعات التحويلية، والزراعة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
وختم جاب الله، أنه "دائما ما يتعافى الاقتصاد في كل الأحوال لكن في الحالة المصرية نجد أن قدرتها على التعافي السريع هو الأبرز رغم صعوبة الظرف العالمي".
من جهته، قال الخبير الاقتصادي الدكتور كريم العمدة إن الاقتصاد المصري تعرض لـ "انكماش كبير" خلال العام المالي 2020 – 2021 بفعل أزمة كورونا، لكن بمجرد أن عادت الأنشطة الاقتصادية ارتفع معدل النمو خلال العام المالي الحالي.
وأضاف العمدة، وهو محاضر بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، لـ((شينخوا)) أن ارتفاع الصادرات وقناة السويس كان لها انعكاسات إيجابية على معدل النمو.
وبلغ إجمالي قيمة صادرات مصر السلعية والبترولية خلال العام 2021 حوالي 45.2 مليار دولار، وهو أعلى رقم تحققه في تاريخها.
وأشار إلى أن هناك توسعا في النشاط الاقتصادي في مصر، وهو ما أدى إلى انخفاض معدل البطالة.
وختم "لا نستطيع أن نقول إن الاقتصاد المصري تعافى بشكل كامل، لأن التعافي يحتاج إلى بضع سنوات، لكن نستطيع القول إن مصر من أقل الدول التي تضررت" من أزمة مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19).