مقالة خاصة: خبراء يحذرون من أن جائحة كوفيد-19 لم تنته مع تجاوز الحالات العالمية 500 مليون
بكين 18 أبريل 2022 (شينخوا) أعلنت منظمة الصحة العالمية، في بيان أصدرته الأربعاء، أن جائحة كوفيد-19 لا تزال تشكل "حالة طوارئ صحية عامة تسترعي اهتماما دوليا"، وذلك قبل يوم واحد من إظهار إحصاءات المنظمة أن الحصيلة العالمية لحالات الإصابة قد تجاوزت عتبة 500 مليون حالة.
وفي ظل هذه الظروف، اختارت بعض الدول رفع القيود التي فرضتها بسبب التوقعات الاقتصادية القاتمة وعدم كفاية تنفيذ السياسات والتعب العام في مكافحة الفيروس.
ودق الخبراء ناقوس الخطر بأن الجائحة أبعد ما تكون عن الانتهاء، حيث لم يحل البشر بعد أحجية كوفيد-19 بالكامل.
-- ارتفاع نسب الإصابات
منذ نوفمبر الماضي عندما تم اكتشاف متغير أوميكرون لأول مرة، تضاعف عدد الحالات في العالم تقريبا في أقل من ستة أشهر، مع تسجيل أكثر من مليون حالة وفاة، أي ما يعادل تقريبا عدد سكان مدينة متوسطة الحجم.
وهذا يفسر جزئيا لماذا قالت منظمة الصحة العالمية في بيانها إن فيروس كوفيد-19 "ما يزال يسبب مستويات عالية من المراضة والوفيات، خاصة بين الفئات الضعيفة من السكان".
وفي الولايات المتحدة، تم تسجيل حوالي 80 مليون إصابة فيما يقترب عدد الوفيات الوطنية من المليون. وتأتي الهند والبرازيل تاليا، حيث تجاوزت الحالات المؤكدة 43 مليونا و30 مليونا على التوالي، وفقا لبيانات منظمة الصحة العالمية.
بالرغم من أن التحديثات الأخيرة تشير إلى اتجاه متناقص في الحالات والوفيات الجديدة، فقد تم الإبلاغ عن أكثر من 7 ملايين إصابة و22 ألف وفاة خلال الأسبوع من 4 إلى 10 أبريل، مما تسبب في خسائر لا تحتمل للعديد من العائلات.
وخصت منظمة الصحة العالمية بالذكر أنه ينبغي تفسير هذه الاتجاهات بحذر، حيث تقوم العديد من البلدان بتعديل إستراتيجيات الاختبار خاصتها، مما أدى إلى انخفاض عدد الاختبارات المنفذة والحالات المكتشفة.
وأشارت منظمة الصحة العالمية إلى أنه على الرغم من انخفاض شدتها، إلا أن الزيادات الهائلة في الحالات المصابة بمتغير أوميكرون أدت إلى عدد كبير من حالات دخول المستشفيات وزيادة الضغط على أنظمة الرعاية الصحية.
وأضافت أنه في بعض البلدان، هناك أعداد مماثلة أو حتى أعلى من الوفيات بالمقارنة مع الذرى السابقة.
-- مخاطر أعلى على العامة
بالنسبة للدول في جميع أنحاء العالم، يتمثل الهدف المشترك في احتواء انتشار كوفيد-19 والحد من تهديداته للبشر. ولكن بعد جولات من الجهود دون التوصل إلى حل عملي، قررت البعض التخلي عن قيودها، بما فيها تلك المفروضة على السفر والتجمعات وارتداء أقنعة الوجه والاختبار والتطعيم. ونتيجة لذلك، ارتفعت حالات ووفيات كوفيد-19 مرة أخرى.
وقال أنتوني فاوتشي، كبير الخبراء الأمريكيين في مجال الأمراض المعدية، مؤخرا إنه يتوقع "ارتفاعا في الحالات" خلال الأسابيع القليلة المقبلة بسبب المتغير الفرعي من أوميكرون بي أيه.2 في الولايات المتحدة، حيث عمدت الولايات والمدن إلى رفع القيود، في حين أن المتغير الفرعي أكثر قابلية للانتقال بنسبة 50 - 60 في المائة من متغير أوميكرون الأساسي.
وتسجل الولايات المتحدة الآن في المتوسط حوالي 30 ألف إصابة جديدة و500 وفاة و1400 حالة دخول إلى المستشفيات يوميا، وفقا للمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها.
وأشار خبراء الصحة إلى أن خطوة اتخاذ تدابير التخفيف من قيود كوفيد-19 ربما جاءت في وقت مبكر جدا، وأن الارتفاع المستمر في الحالات المؤكدة يشكل خطرا أكبر على العامة، وخاصة الأطفال والمجموعات التي تعاني من نقص المناعة.
وفي الوقت نفسه، فإن الاتحاد الأوروبي واقع في معضلة مماثلة، حيث ألغى العديد من الأعضاء معظم القيود، معتمدين على التطعيم للوصول إلى "المناعة الجماعية".
وقال ماركو كافاليري، رئيس الإستراتيجية المعنية بالتهديدات الصحية البيولوجية واللقاحات في وكالة الأدوية الأوروبية، للصحفيين في مارس، إنه "في حين أن العديد من دول الاتحاد الأوروبي ترفع القيود، نلاحظ أن معدلات الإصابة تزداد مرة أخرى في بعض الدول الأعضاء، ويرجع ذلك جزئيا إلى انتشار متغير بي أيه.2 الفرعي من أوميكرون".
-- بعيدة كل البعد عن الانتهاء
من المشجع أن معدلات التطعيم في بعض أنحاء العالم مستمرة في الارتفاع، في حين يلاحظ اتجاه تنازلي في الإصابات والوفيات الجديدة. بالرغم من ذلك، فقد لا يكون الوقت قد حان بعد للتفاؤل المفرط.
وكما أشار المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس في خطاب ألقاه مؤخرا، ما يزال تفشي العدوى مرتفعا جدا، وما تزال التغطية التطعيمية منخفضة جدا في العديد من البلدان، ويسمح تخفيف العديد من تدابير الصحة العمومية والاجتماعية باستمرار تفشي العدوى، مع بروز خطر ظهور متغيرات جديدة.
وشدد بالقول إنه "يسرنا أن نرى اتجاها هبوطيا، لكن الجائحة ما تزال بعيدة كل البعد عن الانتهاء".
ونشأت نظرية مفادها أن فيروس كوفيد-19 يتطور إلى فيروس أخف خطرا وأقل فتكا قد يتعايش معه الناس. لكن بالنسبة للعديد من المسعفين، يبدو ذلك وكأنه مقامرة بحياة الإنسان.
ويعتقد الفريق الاستشاري العلمي المعني بحالات الطوارئ التابع للحكومة البريطانية أن الوباء العالمي لم ينته بعد، مبينا أن هناك قدرا كبيرا من عدم اليقين بشأن المسار الذي ستسلكه الجائحة الآن في بريطانيا.
وفي مؤتمر عبر الهاتف عقد في فبراير، توقع الفريق استمرار ظهور متغيرات جديدة لكوفيد-19، قائلا إنه "لا يوجد سبب يجعل المتغيرات المهيمنة في المستقبل مماثلة أو أقل حدة من أوميكرون".
ولدى تأكيدها على ضرورة ارتداء أقنعة الوجه من أجل الحماية الذاتية، قالت عالمة المناعة الإيطالية أنتونيلا فيولا لصحيفة ((كورييري ديلا سيرا))، التي تعد الأكثر قراءة في البلاد، إن الإصابة بالعدوى مجددا هي مشكلة أخرى لا يمكن تجاهلها.
وأضافت أن "هناك احتمال لتجدد الإصابة بمتغير أوميكرون بعد الإصابة بمتغير دلتا". ويصاب ما لا يقل عن أربعة من كل 100 شخص بمتغير أوميكرون بعد أن كانوا قد أصيبوا بالفعل بمتغير دلتا، وفقا لمعهد الصحة الوطني الإيطالي، حيث أن معدل تجدد الإصابة آخذ في الازدياد.
في الوقت الحالي، ما يزال أمام العلماء في العالم طريق طويل لرسم صورة أكثر اكتمالا لفيروس كوفيد-19 ومتغيراته، فضلا عن المتغيرات الفرعية. ولكن ما هو واضح أنه كلما زاد تفشيه، زاد عدد العائلات التي تذرف الدموع على أحبائها.
وقال تقرير صادر عن مجلة ((نيو ساينتست)) إن الدول التي اتبعت قاعدة "صفر كوفيد" كان أداؤها أفضل في كل المقاييس، من معدلات الوفيات إلى النمو الاقتصادي.
وذكر التقرير أنه "إذا تم الآن التخلي عن هدف 'صفر كوفيد'، فهل هذا يعني أنه كان فاشلا؟ وستكون الإجابة الفجة هي: فقط إذا كنت تعتقد أن إنقاذ الأرواح والحفاظ على النمو الاقتصادي يشكلان خطأ".