(وسائط متعددة) تحليل إخباري: تحذيرات من تفاقم الوضع بالعراق

(وسائط متعددة) تحليل إخباري: تحذيرات من تفاقم الوضع بالعراق

2022-08-02 20:50:15|xhnews

في الصورة الملتقطة أول أغسطس 2022، رجل مسن يهتف ضد الفساد خلال احتجاج داخل مبنى البرلمان في المنطقة الخضراء في العاصمة العراقية، بغداد. (شينخوا)

بغداد 2 أغسطس 2022 (شينخوا) حذر محللون وسياسيون من تفاقم الوضع بالعراق نتيجة الأزمة السياسية الخانقة التي يمر بها والتي تعمقت باقتحام أتباع الزعيم الشيعي البارز مقتدى الصدر للبرلمان واعتصامهم به.

ووصف محللون وسياسيون الوضع العراقي بأنه يميل للغموض والتعقيد والسير نحو المجهول، مؤكدين أن استمرار التظاهرات والتظاهرات المضادة سوف تؤدي إلى إغراق العراق في أزمة أعمق، مطالبين بإجراء حوار بين الطرفين لنزع فتيل الأزمة، وبعكسه ستعم الفوضى ولن يقتصر تأثيرها على العراق بل ستتجاوزه للمنطقة والعالم.

وكان تحالف إنقاذ وطن الذي يضم الصدر والسيادة السني والحزب الديمقراطي الكردستاني نجح في يناير الماضي بانتخاب محمد الحلبوسي رئيسا للبرلمان رغم التوتر السياسي الذي تشهده البلاد منذ الانتخابات التي جرت في 10 أكتوبر عام 2021 وتصدرت نتائجها الكتلة الصدرية.

وبعد ذلك دخل العراق بانسداد سياسي وأزمة خانقة لإصرار الصدر على تشكيل حكومة أغلبية وطنية يقابله إصرار الإطار التنسيقي الذي يضم الأحزاب الشيعية على حكومة توافقية يشارك فيها الجميع، واستمر الصراع بينهما حتى أعلن النواب الصدريون استقالتهم من البرلمان ومقاطعة الصدر للعملية السياسية.

وأصبح الإطار التنسيقي الكتلة الأكبر بالبرلمان بعد حصوله على مقاعد الصدريين، وأعلن مرشحه لتشكيل الحكومة، لكن الصدر رفض ذلك وأعطى الضوء الأخضر لأتباعه باقتحام البرلمان الذين انسحبوا منه بعد ساعات لإيصال رسالة للإطار بأنه لن يشكل حكومة بدون موافقة الصدر، لكن الإطار تجاهل الرسالة وتمسك بمرشحه ما دفع الصدر للإيعاز لأتباعه لاقتحام البرلمان مرة آخرى والاعتصام به لمنع عقد جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية وتكليف مرشح الإطار لتشكيل الحكومة.

وأعلن الحلبوسي السبت الماضي تعليق عقد جلسات البرلمان حتى إشعار آخر، مؤكدا أن العراق يعيش أوقاتا صعبة وحساسة تتطلب من الجميع كظم الغيظ، داعيا للتحلي بأعلى درجات الحلم والمسؤولية الوطنية الصادقة، مطالبا بالنظر لعواقب الأمور ومآلاتها الكارثية إذا استمر الاحتقان والتوتر.

وقال المحلل السياسي علي الموسى لوكالة أنباء ((شينخوا)) "إن الانسداد السياسي يعود لتغليب القوى السياسية مصالحها على مصالح الشعب وفقدان الثقة بينهما والتمترس خلف النهج الطائفي، وغياب الروح الوطنية لدى صناع القرار بسبب تعدد الولاءات، واستمرار سياسة المحاصصة".

وأضاف "أن الخلاف بين الصدر والإطار على شكل الحكومة، أدى للانسداد السياسي، حيث يصر كل طرف على موقفه، وبعد نجاح الإطار بمنع الصدر تشكيل حكومة ألاغلبية، اضطر للانسحاب من العملية السياسية واللجوء للشارع".

وتابع "رغم عدم استقرار الصدر بالعمل السياسي لكنه مايزال يمثل خطا وطنيا، وعمقا جماهيريا استمده من تاريخ عائلته، ويسعى من خلال التظاهرات لتحقيق الإصلاح ومحاسبة الفاسدين وإنهاء المحاصصة "، مبينا أن نوري المالكي زعيم ائتلاف دولة القانون وخصم الصدر رد على تظاهرات الصدر "بتظاهرات مضادة لدعم الشرعية في إشارة لمعارضته اقتحام أتباع الصدر للبرلمان ومنعه من عقد جلسة لتمرير مرشح الإطار لتشكيل الحكومة".

أتباع مقتدى الصدر يحاولون اقتحام المنطقة الخضراء شديدة التحصين في بغداد، 27 يوليو 2022. (شينخوا)

وحذر من تصادم الجانبين قائلا "إذا ما حصل تصادم بين مؤيدي الجانبين فإن الفوضى ستعم البلاد"، داعيا لتغليب لغة الحوار والجلوس على طاولة التفاوض لتفادي العواقب الخطيرة للأزمة.

وأكد الموسى "أن القوى السياسية الأخرى منقسمة، بعضها تؤيد الصدر بالإصلاح، وأخرى تصطف مع المالكي، وهذا دليل على خطورة الموقف وسير العراق نحو المجهول"، مبينا أن كل طرف يسعى لكسب الشعب العراقي لجانبه، حيث دعا الصدر المجتمع العراقي لمناصرة ما أسماها بـ " ثورة الشعب"، فيما دعا المالكي أنصاره للتظاهر للحفاظ على الشرعية.

وتوقع الموسى غياب الاستقرار وتفاقم الفوضى، وتردي الأوضاع الاقتصادية وعودة الإرهاب، إذا أصر الطرفان على مواقفهما، مضيفا "إذا استمرت الأزمة لوقت طويل، فإن السلم المجتمعي سيتراجع وتتردى الخدمات وتزداد السلوكيات السلبية كانفلات السلاح، وانتشار المخدرات والفساد"، مؤكدا أن الفوضى ستؤثرعلى الشرق الأوسط، وعلى العالم إذا توقف إنتاج العراق النفطى كون العراق يعد من أكبر منتجي النفط بمنظمة (أوبك).

وأرجع الموسى أزمات العراق لطبيعة النظام السياسي الذي صاغته واشنطن بعد احتلالها له عام 2003، قائلا "أمريكا جاءت بخطة التدمير وليس البناء، والديمقراطية أكذوبة مكشوفة، فضلا عن بناء واشنطن للعملية السياسية على أسس طائفية وعرقية، ما حول العراق إلى بلد ضعيف تتدخل بشؤونه دول الجوار، وشعبه يزداد فقرا".

ودعا هادي العامري زعيم تحالف الفتح المنضوي بالإطار التنسيقي، الجانبين إلى تغليب منطق العقل وضبط النفس والدخول بحوار جاد للتوصل لحلول لنقاط الاختلاف بينهما وحقن الدماء.

وقال في بيان "في أجواء التصعيد الإعلامي من خلال البيانات والبيانات المضادة، والتي تدعو إلى الحشد الجماهيري، وقد تخرج عن السيطرة وتفضي للعنف، أكرر ندائي مخلصا للأخوة في التيار الصدري والإطار التنسيقي أن يغلبوا منطق العقل والحكمة وضبط النفس والتأني وتقديم مصلحة البلاد والشعب من خلال الحوار الجاد والبناء، للتوصل إلى حلول لنقاط الاختلافات بينهما".

ولنزع فتيل الأزمة، أصدر مراجع دين وعلماء وشخصيات وطنية بيانا، أكدوا فيه هزالة العملية السياسية القائمة التي سلطها الاحتلال الأمريكي على الشعب العراقي، داعين لتغيير الدستور وإعادة صياغة العملية السياسية برضا الشعب لا بخداعه.

كما طالب المجلس التنسيقي الأعلى للعشائر العراقية بحماية السلم المجتمعي ومراعاة الظروف المعيشية الصعبة التي يمر بها الشعب العراقي وانتباه جميع الأطراف إليهما.

بدوره، عزا ياسر الجبوري عضو أكاديمية التطوير السياسي والحكم الرشيد، الانسداد السياسي إلى الانقلاب على العرف السائد المتمثل بتوافق الشيعة على تشكيل الكتلة الأكبر، وعدم اتفاق الأكراد على مرشح واحد لرئاسة الجمهورية، والخلافات على البرنامج الحكومي بشأن نزع سلاح الميليشيات، ومكافحة الفساد وشكل العلاقة بين بغداد وأربيل، بالإضافة للتدخلات الإقليمية والدولية بشؤون العراق الداخلية.

وأضاف لـ ((شينخوا)) "مايقوم به الصدر هو انقلاب سياسي بامتياز، وأعتقد أن المالكي سوف يحاول بشتى الطرق حل الموضوع دبلوماسيا لأنه يعي جيدا أن امتداد الصدر هو غالبية الشعب العراقي الرافض للفوضى السياسية وحكومة المحاصصات التي فشلت ببناء نموذج الدولة المرتقب".

وتابع "أن استمرار الانسداد السياسي سينعكس سلبا على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية"، مضيفا "أما على مستوى الشرق والعالم فلا أعتقد أن العراق يؤثر بشكل واسع، كونه لايزال يعتمد على الاستيراد ولا يصدر سوى البترول".

وأكد فشل الديمقراطية الأمريكية بالعراق، قائلا "أجزم أن واشنطن فشلت بخلق نموذج ديمقراطي كما كانت تدعي وجعلت العراق مسرحا للفوضى وساحة لتصفية الحسابات، وهي جاءت بذريعة الديمقراطية لكن الهدف هو السيطرة على العراق لمنع توسع نفوذ المعسكر الشرقي بالمنطقة والمتمثل بروسيا وحلفائها".

وللخروج من الأزمة دعا رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي جميع الأطراف للتهدئة وخفض التصعيد للبدء بمبادرة للحل على أسس وطنية، كما طالبهم بعدم الانسياق وراء الاتهامات ولغة التخوين والعداء والكراهية بين الإخوان في الوطن الواحد.

وقال في بيان "أدعو جميع الأطراف إلى الجلوس على طاولة حوار وطني للوصول إلى حل سياسي للأزمة الحالية تحت سقف التآزر العراقي وآليات الحوار الوطني.

وخاطب المتظاهرين" إن رسالتكم واضحة والتزامكم بالهدوء والتنظيم واجب ومحط تقدير وقد حان الوقت الآن للبحث في آليات إطلاق مشروع إصلاحي تتفق عليه مختلف الأطراف الوطنية.

الصور