خبيران اقتصاديان: موازنة لبنان لعام 2022 لا ترقى إلى مستوى الإصلاحات التي يطلبها صندوق النقد الدولي
بيروت 27 سبتمبر 2022 (شينخوا) أكد خبيران اقتصاديان محليان أن الموازنة العامة لعام 2022 التي أقرها البرلمان اللبناني يوم أمس (الاثنين)، لا ترقى إلى مستوى الإصلاحات التي من شأنها تمهيد الطريق للاتفاق مع صندوق النقد الدولي.
وجاءت الموازنة تحمل عجزا بقيمة 11 تريليون ليرة لبنانية (297 مليون دولار) وبعائدات تصل إلى 30 تريليون ليرة (نحو 810 ملايين دولار) وبنفقات تقدر بنحو 41 تريليون ليرة لبنانية (نحو 1.2 مليار دولار).
وقال باتريك مارديني رئيس المعهد اللبناني لدراسات السوق لوكالة أنباء ((شينخوا)) "كان ينبغي أن تتضمن ميزانية 2022 إصلاحات لتجنب العجز الضخم في الميزانية، لأن طباعة المزيد من الأموال هي الطريقة الوحيدة لتمويل العجز".
ورأى أن "الموازنة تضخمية"، مشيرا إلى أن "طباعة المزيد من الأموال سيؤدي إلى مزيد من التضخم والمزيد من انخفاض قيمة العملة المحلية".
وأوضح مارديني أن الطريقة الوحيدة لتمويل عجز موازنة لبنان اليوم هي من خلال زيادة المعروض النقدي، لأن لبنان تخلف عن سداد سندات "اليوروبوندز" الخاصة به ولذلك فقد قدرته على الوصول إلى الأسواق المالية الدولية في وقت لا تستطيع فيه الدولة الاقتراض من البنوك المحلية في ظل الأزمة المصرفية الحالية.
وأكد الخبير الاقتصادي ورئيس التحرير السابق لصحيفة ((القبس)) الكويتية منير يونس أن صندوق النقد الدولي يفضل لو اعتمد في الدولار الجمركي سعر صرف الدولار في منصة "صيرفة" التابعة لمصرف لبنان والبالغ 29800 ليرة لبنانية على أمل أن يصبح المعيار الفعلي المحلي والدولي لسعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الليرة.
وقال يونس لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن "صندوق النقد الدولي كان قد دعا إلى توحيد أسعار الصرف المتعددة ، لكن المسؤولين في لبنان يرون أن الموافقة على سعر صرف مرتفع للدولار الجمركي على الواردات يشكل خطوة لن تحظى بشعبية في لبنان الذي يعتمد على الاستيراد بشكل كبير".
وعبر يونس عن اعتقاده أن الموازنة العامة كان يجب أن توافق على إصلاح شامل للنظام الضريبي من خلال فرض المزيد من الضرائب على ذوي الدخل المرتفع مع تقليل العبء على الأفراد من ذوي الدخل المحدود، وهو ما لم يحدث في ميزانية العام 2022.
وقد فرضت موازنة 2022 ضريبة بنسبة 10 % على عوائد الفوائد من الحسابات المصرفية وشهادات الإيداع وسندات الخزانة بالليرة اللبنانية، كما رفعت رسوم إصدار جواز السفر لمدة 5 سنوات من 300 الف إلى مليون ليرة لبنانية ومن 500 الف إلى 2 مليون ليرة لبنانية لمدة 10 سنوات.
ورأى يونس أن من إيجابيات إقرار الموازنة أنها ستساعد في تنظيم المالية العامة وتحديد سقوف الإنفاق وتحسين الظروف المعيشية للعاملين في القطاع العام والجيش، إضافة إلى تصحيح وضع إدارات الدولة أثناء التحضير لميزانية أكثر شمولا لعام 2023.
وأشاد بزيادة رواتب جميع موظفي القطاع العام في الموازنة إلى ما لا يقل عن 5 ملايين ليرة لبنانية وبما لا يزيد عن 12 مليون ليرة لبنانية شهريا، وقال إن ذلك يجب أن يشجع موظفي القطاع العام على وقف إضرابهم المستمر منذ أكثر من شهرين وتحسين أداء الإدارات العامة.
ويواجه لبنان أزمة مالية غير مسبوقة بسبب نقص احتياطيات العملة الأمريكية مما أدى إلى انخفاض قيمة العملة المحلية بأكثر من 90 %. وفي الوقت نفسه، تستخدم البلاد ما لا يقل عن 4 أسعار صرف مختلفة إلى حد كبير ويتم من خلالها تحويل الليرة اللبنانية إلى الدولار الأمريكي.
ويعتبر إقرار البرلمان للميزانية العامة من بين شروط التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، وهو الاتفاق الذي ينظر إليه على أنه الخطوة الأولى الحاسمة للبنان للبدء في الخروج من أزمة مالية مستمرة منذ 3 سنوات وأوقعت 82% من السكان في براثن الفقر بحسب الأمم المتحدة.
ووقع اتفاق "مبدئي" بين لبنان وصندوق النقد الدولي على مستوى الموظفين في أبريل الماضي، يجب على السلطات اللبنانية زيادة الإيرادات لتمويل القطاع العام والسماح بمزيد من الإنفاق الاجتماعي من خلال الرسوم الجمركية وتوحيد سعر صرف العملة المحلية مقابل الدولار الأمريكي، لكن الموازنة التي أقرها البرلمان تحتسب الدولار الجمركي بسعر 15 ألف ليرة مقابل المعدل السابق البالغ 1500 ليرة للدولار، فيما يبلغ سعر صرف الدولار في السوق الموازية نحو 37 ألف ليرة.
ويتعلق الاتفاق المبدئي بين لبنان وصندوق النقد بتمويل بقيمة 3 مليارات دولار يصرف على مدى 4 سنوات، وفق برنامج يوضح ما يجب على لبنان فعله على مدى السنوات الأربع المقبلة بهدف إعادة بناء الاقتصاد واستعادة الاستدامة المالية.
ويشترط صندوق النقد لتوقيع الاتفاق النهائي اتخاذ عدد من الإجراءات بينها إقرار موازنة العام 2022 ومشروع قانون "الكابيتال كونترول" (ضبط رأس المال)، إضافة إلى إقرارتشريعات تتعلق بإعادة هيكلة القطاع المصرفي وتعديل القانون المتعلق بالسرية المصرفية.