مقالة خاصة: التعاون بين الصين والدول العربية في التحول التنموي الأخضر يجري على قدم وساق
بكين 11 ديسمبر 2022 (شينخوا) تتمتع الصين والدول العربية بمواردهما الخاصة كما تتبعان طرقهما التنموية الخاصة، ولكن الجانبين يمران بمرحلة حاسمة من دفع التحول إلى التنمية الخضراء. وإن سعيهما المشترك إلى تحقيق التنمية المستدامة يدفع التعاون بينهما باتجاه أكثر نظافة واخضرارا بل ومنخفض الكربون، وهو ما من شأنه أن يعود بالنفع على الشعبين الصيني والعربي.
-- توجه واحد ومزايا تكاملية
في الوقت الحاضر، تنتقل التنمية في الصين من النمو السريع إلى النمو عالي الجودة. ففي مجال الطاقة، تسعى الصين إلى تحقيق تحول الطاقة والتنمية النظيفة لبناء نظام طاقة نظيف ومنخفض الكربون وآمن وفعال. وفي الوقت نفسه، أطلقت العديد من الدول العربية في السنوات الأخيرة خططا معنية بتحول الطاقة، حيث تعمل على تطوير مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة وتقليل اعتمادها على الطاقة الأحفورية، بما يشمل النفط والغاز الطبيعي، لدفع التنمية الاقتصادية المستدامة.
فقد أعلنت المملكة العربية السعودية في إستراتيجيتها التنموية "رؤية 2030" أنها ستنتج 50 في المائة من الكهرباء بالاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة بحلول 2030، فيما تهدف "الإستراتيجية الوطنية للطاقة 2050" في دولة الإمارات العربية المتحدة إلى زيادة حصة الطاقة النظيفة ضمن إجمالي مزيج الطاقة في البلاد إلى 50 في المائة، بينما تعتزم مصر الوصول باعتمادها على الطاقة النظيفة إلى نسبة 40 في المائة بحلول عام 2030.
تتميز المنطقة العربية بأنها واحدة من أبرز المناطق في العالم التي تتوفر فيها موارد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وتحظى بمزايا فريدة تمكنها من تطوير الطاقة النظيفة والمتجددة. فقد أشار تقرير صادر عن ((غلوبال إنرجي مونيتور))، وهي منظمة بحثية غير ربحية معنية بمشروعات الطاقة في أنحاء العالم، إلى أن الدول العربية تعمل على تشييد محطات للطاقة الشمسية وطاقة الرياح بسعة إنتاجية تبلغ إجمالا 73.4 غيغاوات، وهو ما يعني زيادة بواقع أكثر من خمسة أضعاف في القدرة الإنتاجية الحالية للمنطقة من هذه الطاقة.
وفي الوقت ذاته، تمتلك الصين تكنولوجيا متقدمة وخبرات وفيرة في مجال الطاقة الكهروضوئية وطاقة الرياح، وتتمتع بمزايا تكاملية وإمكانات كبيرة للتعاون مع الدول العربية في مجال الطاقة النظيفة والمتجددة.
وقد أشار رئيس دائرة الطاقة في أبو ظبي بالإمارات عويضة مرشد المرر، إلى أن دفع تنمية الطاقة المتجددة أصبح اتجاها عالميا يتيح للصين والدول العربية فرصة كبيرة لتعميق التعاون فيما بينهما.
-- التعاون يدفع التحول الأخضر
ومن محطة الخرسعة للطاقة الشمسية في قطر التي تقدم مساهمة كبيرة في إطار جهود قطر الرامية لتنظيم أول نسخة محايدة الكربون من كأس العالم لكرة القدم، إلى مشروع طاقة الرياح الذي تُشغله وتديره شركة صينية في الأردن، ومن مشروع بنبان للطاقة الشمسية في أسوان بمصر إلى محطة نور للطاقة الشمسية في المغرب، تعمل الصين على توسيع تعاونها مع الدول العربية في مجال الطاقة النظيفة والمتجددة، ونفذت عددا كبيرا من المشروعات في المنطقة.
ويعد مشروع الظفرة للطاقة الشمسية الكهروضوئية الذي يقع على بعد 35 كيلومترا من مدينة أبو ظبي، أكبر محطة للطاقة الشمسية في العالم بقدرة تصل إلى 2 غيغاوات من الكهرباء. ومن المتوقع أن يقلل المشروع المُمول من قبل شركة صينية، انبعاثات الكربون في أبوظبي بما يزيد عن 2.4 مليون طن متري سنويا، على نحو يساعد الإمارات في تحقيق التنمية المستدامة لاقتصاد الطاقة.
وفي الوقت الحالي، تعمل السعودية على تشييد مدينة خضراء جديدة على شاطئ البحر الأحمر، ومن أهداف المشروع البيئية الاعتماد على الطاقة النظيفة بنسبة 100 في المائة في المستقبل. ولن يعتمد تحقيق هذه الرؤية على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح فحسب، بل سيستفيد أيضا من أنظمة تخزين الطاقة. فمشروع تخزين الطاقة الكهربائية بالبطاريات الذي يأتي ضمن مشروع البحر الأحمر ونجحت شركة صينية في عقد اتفاقات بشأنه مع الجانب السعودي، سيسهم في جهود السعودية الرامية إلى إنشاء مركز عالمي للطاقة النظيفة والاقتصاد الأخضر.
وفي هذا السياق، قال عبد الله الوادعي، الباحث في مركز البحوث والتواصل المعرفي السعودي، إن الصين والسعودية تسعيان سعيا حثيثا إلى تطوير الطاقة النظيفة والمتجددة، والعمل بصورة فاعلة على تعزيز التعاون الدولي ذي الصلة، فضلا عن دفع التنمية الخضراء منخفضة الكربون، لتكونا نموذجا يحتذى به في التصدي المشترك لمختلف التحديات والمشكلات العالمية التي تواجه البشرية.
-- مساهمات عملية في رفع القدرات التنموية
مع تعميق التعاون بين الصين والدول العربية في مجالات الطاقة النظيفة والاقتصاد الأخضر وتحول الطاقة وغيرها، يجرى نقل التقنيات الصينية المتقدمة في المجالات ذات الصلة إلى الدول العربية باستمرار، الأمر الذي يُساعد على تحسين قدراتها التنموية المستقلة من خلال برامج بحثية وتدريبية تعاونية متعددة المستويات.
فقد أنشأت الصين والدول العربية معا مركز تدريب صيني عربي في مجال الطاقة النظيفة، تقام على أساسه أنشطة لبناء القدرات في مجالات الطاقة الكهروضوئية والطاقة الشمسية الحرارية وطاقة الرياح وشبكات الكهرباء الذكية وغيرها من المجالات. كما قامت الصين بالتعاون مع مصر بتأسيس معمل مصري صيني مشترك للطاقة المتجددة لإجراء أبحاث مشتركة وتعزيز تدريب الأفراد، وهو ما يُساعد مصر على تعزيز بناء القدرات العلمية والتقنية. كما تم في إطار المركز الصيني العربي لنقل التكنولوجيا، الذي تأسس في عام 2015، إنشاء ثمانية مراكز ثنائية لنقل التكنولوجيا في السعودية والأردن وغيرهما، الأمر الذي شكل شبكة تعاون لنقل التكنولوجيا تربط بين حوالي 5 آلاف عضو صيني وأجنبي.
ومن جانبه، قال عويضة المرر إن تطوير تقنيات محايدة للكربون ومنخفضة الكربون أمر هام، حيث تتماشى هذه التقنيات مع أهدافنا في تحول الطاقة، كما تجعل قطاع الطاقة أكثر صلابة، وتساعدنا في خلق مستقبل مستدام وسليم.