مقالة خاصة: 60 شابا كويتيا يحيون تراث أجدادهم برحلة غوص للبحث عن اللؤلؤ

الكويت 18 أغسطس 2023 (شينخوا) أنهى 60 شابا كويتيا رحلة دامت ستة أيام لإحياء تراث الآباء والأجداد في الغوص بحثا عن اللؤلؤ، بعد توقف لثلاث سنوات بسبب جائحة فيروس كورونا.
وأقيم الخميس حفل القفال (يوم عودة السفن) لرحلة الغوص التراثية في نسختها الـ 32 التي نظمها النادي البحري الكويتي، وسط حضور رسمي وشعبي لافت تقدمه وزير التجارة والصناعة وزير الدولة لشؤون الشباب محمد العيبان ممثلا عن أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح.
وكانت الرحلة بدأت صباح السبت، حيث أبحرت سفينتان خشبيتان تحملان 60 شابا كويتيا في رحلة تراثية يسميها الكويتيون (الدشة) للغوص بحثا عن اللولؤ استذكارا للنشاط الاقتصادي الرئيسي للبلاد قبل اكتشاف النفط وإحياء لهذا التراث الشعبي العريق الذي يعود إلى مئات السنين.
وانقسم المشاركون بين نواخذة (ربان السفينة) ومقدمية (رؤساء البحارة) وبحارة، والسيوب وهم من يتولون مهمة السحب من البحر.
وأمام الحاضرين، وقف النوخذة أحمد العوضي يشرح لهم عمليًا محاولة ربط المجداف بحبل من نوع معين وبشكل متوازن يتخلله قياس طول المجداف بالنسبة لعمق المياه حتى يستطيع المجداف التجديف من أعلى ظهر السفينة.
وقال العوضي لوكالة أنباء ((شينخوا))، وهو يستعرض مهارته في "تسوير المجداف"، إن "العمل في البحر في السابق كان مرهقا، لكن حاليا نحن نعيد إحياء الذكرى فقط بعدما اندثرت للأسف بعد ظهور النفط".
ولمحامل صيد اللؤلؤ (مراكب الصيد) أنواع مختلفة من أشهرها "بوت" و"جالبوت" و"بتيل" و"شوعي "و"سنبوك".
وتعتبر مهنة الغوص بحثا عن اللؤلؤ إحدى أكثر المهن التي برزت في المجتمع الكويتي قديما.
وبالنسبة للعوضي، الذي يعمل في القطاع النفطي، فإن عمله البحري مجرد هواية لا تتعارض مع وظيفته.
وعن ذلك يقول "على العكس أشعر أن هناك ارتباطا بينهما وعاملا مشتركا هو البحر"، قائلا إن "الدولة تذلل لنا الصعاب وتساعدنا لكي نمارس هوايتنا ونعلم الأجيال الصاعدة تراث الأجداد".
وتعد رحلات الغوص في الدولة الخليجية بمثابة مهرجان شعبي وحدث مهم هدفه إجراء صناعة مماثلة وتقليد عملي لما كان يفعله الأجداد أثناء صيد اللؤلؤ من جانب ولتذكير الأجيال الحالية بتاريخ وتضحيات الرعيل الأول من جانب آخر.
وقال النوخذة باسل الشيتان لـ ((شينخوا)) "نجحنا في هذه الرحلة بإظهار تراثنا بشكل عملي لفت أنظار الجميع واستطعنا أن نعلم مجموعة من الشباب أعمال البحر وطرق صيد اللؤلؤ بمراحله، تحت درجة تحمل عالية في هذا الطقس الحار شديد الرطوبة".
وأضاف "سنستمر على هذا النحو السنوات القادمة وبشكل أكبر".
وعن أسباب الخروج بمركبين فقط على خلاف الرحلات السابقة، قال الشيتان إن وقت تجهيز الرحلة كان ضيقا جدا، وسنعمل في السنوات القادمة على زيادة أعداد المراكب والمشاركين.
وتابع: "شاركنا بـ 60 شابا، وعدنا بلا إصابات وبمحصول جيد من اللؤلؤ وفي السنوات القادمة ستتجه رحلاتنا للأفضل".
وحظيت الرحلة باهتمام كبير كونها أقيمت بعد توقف لسنوات بسبب تداعيات أزمة كورونا، وكانت الرحلة 31 التي اختتمت فعالياتها في أغسطس 2019 أقيمت بمشاركة ما يقارب 200 شاب حملتهم 13 سفينة غوص، لتتوقف بعدها الرحلات حتى أغسطس الجاري قبل أن تعود بالرحلة 32 بشكلها الحالي.
وخلال مراسم قفال الرحلة، قال الوزير محمد العيبان ممثل أمير الكويت في تصريح للصحفيين خلال متابعته وصول السفينتين إلى الساحل، إن الفعالية "تجسد أسمى القيم والمعاني المستمدة من التراث الوطني والبحري الأصيل".
واعتبر العيبان أنها فرصة للجميع لمعايشة الظروف التي مر بها الآباء والأجداد، في طريقهم لبناء هذا الوطن، وما عانوه من أهوال وصعاب، "حتى نصل ككويتيين إلى المكانة التي نحن عليها اليوم".
وأضاف أن الرعاية المستمرة لهذه الفعالية تعكس الاهتمام البالغ بهذا النوع من الفعاليات التي تتم فيها محاكاة عصر الآباء والأجداد وحياتهم، والتي منها يستلهم الشباب الدروس التي تؤسسهم كشباب أقوياء وفاعلين لخدمة بلدهم الكويت.
وبدأ النادي البحري الرياضي الكويتي نشاطه في تنظيم رحلات الغوص للمرة الأولى عام 1986 بخمس سفن غوص وفرتها وزارة الإعلام الكويتية في وقتها.
وأكد مدير العلاقات العامة في النادي البحري أسعد عبد الله لـ ((شينخوا))، أن هذه الرحلة هدفها إحياء ذكرى الغوص بمشاركة 60 شابا كويتيا ينقسمون بين نواخذة، ومقدمية، وبحارة، والسيوب.
ولفت إلى أن هذه الرحلة لها طابع خاص كونها الرحلة الأولى التي تقام تحت رعاية أمير البلاد بالإضافة إلى أنها جاءت بعد توقف ثلاث سنوات عن صيد اللؤلؤ بسبب تداعيات كورونا.
وشرح عبد الله أسباب اهتمام الشعب الكويتي بهذه الرحلة قائلا "المعروف أن حياة المواطن الكويتي منقسمة بين البر والبحر، والبيئة الكويتية كان لها عامل كبير في ذلك، ولكن التركيز الأكبر كان على البحر باعتباره مصدر رزق قبل ظهور النفط".
ودلل على ذلك بقوله إن الجميع يصف أهل الكويت بجملة "أهل بحر" بسبب أن سفن الغوص الكويتية كانت تجوب البحار والمحيط الهندي، وكان لها دور بارز في نقل البضائع والتجارة البحرية بخلاف صيد اللؤلؤ.
وعن حصيلة الرحلة من اللؤلؤ، قال عبد الله يوجد "صيد جيد" وهدفنا الأسمى ليس حصيلة اللؤلؤ، ولكننا نسعى لرسم صورة معبرة عن مدي اعتزاز الشباب الكويتي بتراث الأباء والأجداد من الرعيل الأول بالإضافة لتلبية رغبة الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح عام 1986 التي حثت على محاكاة رحلات الغوص بنظامها التقليدي للرعيل الأول.
وأشار إلى أن هذه الرغبة استمرت في عهد الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، لتتواصل حتى اليوم برعاية الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح.
وكان من بين حضور القفال، السيدة فاطمة زوجة البحار صالح دشتي أحد المشاركين في الرحلة والتي جاءت هي والعائلة لاستقبال زوجها بعد غيابه في عرض البحر لستة أيام.
وقالت فاطمة لـ ((شينخوا)) "أنا هنا لأعبر عن سعادتي بالحفاظ على هذا التراث"، مضيفة "أخبرني زوجي أنه عاد ومعه حصاد جيد من اللؤلؤ".

في الصورة الملتقطة يوم 15 أغسطس 2023، غواص يبحث عن اللؤلؤ خلال المشاركة في الدورة الـ32 من مهرجان الغوص للبحث عن اللؤلؤ في محافظة الأحمدي بالكويت.

في الصورة الملتقطة يوم 15 أغسطس 2023، غواص يبحث عن اللؤلؤ خلال المشاركة في الدورة الـ32 من مهرجان الغوص للبحث عن اللؤلؤ في محافظة الأحمدي بالكويت.

في الصورة الملتقطة يوم 15 أغسطس 2023، رجل يبحث عن اللؤلؤ في محارة خلال المشاركة في الدورة الـ32 من مهرجان الغوص للبحث عن اللؤلؤ في محافظة الأحمدي بالكويت.








