تحقيق إخباري: تدمير إسرائيلي "ممنهج" لمنازل قرى الحافة الأمامية بجنوب لبنان

تحقيق إخباري: تدمير إسرائيلي "ممنهج" لمنازل قرى الحافة الأمامية بجنوب لبنان

2024-04-24 19:11:01|xhnews

مرجعيون، جنوب لبنان 24 أبريل 2024 (شينخوا) وقف المواطن اللبناني الخمسيني وليد ناصر يضرب كفا بكف فوق أنقاض منزله الذي دمرته طائرة حربية إسرائيلية عند الطرف الشمالي لبلدته كفرشوبا في القطاع الشرقي من جنوب لبنان ليخسر بلحظة جنى العمر.

وخلال محاولاته اليائسة للعثور على سند ملكية منزله من بين الدمار، قال ناصر لوكالة أنباء ((شينخوا)) "أمضيت أكثر من سبع سنوات لإنجاز هذا المنزل والذي تطايرت حجارته برمشة عين في كل اتجاه" على وقع تبادل لإطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله اللبناني منذ أكثر من ستة أشهر تزامنا مع الحرب في قطاع غزة.

وأضاف ناصر "يبدو بكل وضوح أن الجيش الإسرائيلي ومن خلال تكثيفه لغارات طيرانه الحربي ينفذ خطة ممنهجة لتدمير منازل قرى الحافة الأمامية في المنطقة الحدودية بجنوب لبنان وتحويلها إلى منطقة محروقة خالية من السكان".

وتابع أن "الغاية الإسرائيلية من هذا التدمير اليومي والمكثف للمنازل إدخال الرعب في نفوس أبناء هذه القرى وجعلهم يترددون كثيرا قبل التفكير بإعادة بنائها مجددا إضافة لبقائهم في نزوحهم لأطول فترة زمنية ممكنة".

 

-- غارات تدميرية

ويسود الحدود اللبنانية الإسرائيلية توتر متصاعد منذ اندلاع جولة القتال الحالية بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل في قطاع غزة في السابع من أكتوبر الماضي، حيث يتبادل حزب الله وإسرائيل بشكل يومي الهجمات العابرة للحدود.

ودفع التصعيد خلال الأشهر الماضية، عشرات الآلاف من السكان على جانبي الحدود إلى إخلاء منازلهم.

ومنذ أكثر من شهر، كثف الطيران الحربي الإسرائيلي غاراته التدميرية للمنازل في كافة قرى الخط الحدودي، بحسب مصادر عسكرية لبنانية تحدثت لـ ((شينخوا)).

وقالت المصادر إن "الطيران يستخدم في قصف القرى القنابل الفراغية والقنابل التدميرية الثقيلة زنة الواحدة منها ألف باوند، حيث تلقي كل طائرة ما بين صاروخين إلى أربعة صواريخ دفعة واحدة تكون كافية لتدمير حي بأكمله".

ووفقا للمصادر، فإن "القصف التدميري الإسرائيلي طاول حتى الآن مئات المنازل في نحو مائة بلدة واقعة عند الخط الحدودي مع إسرائيل وأخرى إلى الشمال من هذا الخط بحدود خمسة إلى سبعة كيلومترات".

وأشارت إلى أن "أكثر من 30 بلدة حدودية تراوحت نسبة تهديم المنازل فيها ما بين 40 إلى 80% في وقت ما تزال الغارات بوتيرة تصاعدية بسبب أوبدونه".

وكانت أكثر المنازل تدميرا تلك الواقعة في بلدات كفركلا والعديسة وميس الجبل في القطاع الشرقي من المنطقة الحدودية إضافة لعشر بلدات أخرى في القطاعين الغربي والأوسط، حسب هذه المصادر.

 

-- مئات المنازل المهدمة

وتشير التقديرات الأولية إلى أن عدد المنازل المهدمة كليا نتيجة للقصف الإسرائيلي بجنوب لبنان يتراوح بين 700 إلى 1000 منزل، بحسب رئيس مجلس الجنوب هاشم حيدر.

وقال حيدر لـ ((شينخوا)) إن هناك كذلك نحو 10 آلاف منزل متضرر.

ويعمل مجلس الجنوب، وهو مؤسسة عامة أنشئت عام 1970، على تلبية حاجات منطقة جنوب لبنان الناتجة عن القصف الإسرائيلي وتقديم التعويضات ومعالجة حالات النزوح وإقامة مشاريع إنمائية.

واعتبر رئيس بلدية كفرشوبا قاسم القادري أن "ما تقوم به إسرائيل من تدمير للمنازل المدنية مخالف للقوانين الدولية التي ترعى مثل هذه الأوضاع خلال الحروب".

وأضاف أن هذه الإعتداءات "جعلت ما يقارب 35% من سكان المنطقة الحدودية بجنوب لبنان والبالغ عددها نحو 180 ألف نسمة دون منازل علما أن هذه النسبة في ارتفاع بشكل يومي".

من جهته، أكد رئيس بلدية طيرحرفا في القطاع الغربي أن الغارات الجوية الإسرائيلية دمرت نحو 60 منزلا في البلدة وألحقت أضرارا بأكثر من 150 منزلا إضافة لتدمير ما نسبته 90% من مشاريع الطاقة الشمسية المنزلية.

ورأى أن "الهدف من كل هذه الاعتداءات إلحاق الدمار الشامل بكل شيء في هذه المنطقة الحدودية وتهجير سكانها والحؤول دون عودتهم تمهيدا للوصول إلى منطقة خالية من السكان".

 

-- معضلة إعادة البناء

ويأتي تواصل القصف المتبادل على جانبي الحدود بين لبنان وإسرائيل فيما يعاني لبنان منذ العام 2019 من أزمة اقتصادية ومالية حادة صنفها البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ 150 عاما.

وقال المواطن الستيني جواد عقيل من بلدة الجبين في القطاع الغربي من جنوب لبنان إن سكان البلدة أخلوها منذ بداية الحرب نتيجة للقصف الصاروخي والغارات، حيث سقط ثلاثة قتلى من أهلها ودمرت أو تضررت معظم المنازل.

وأضاف أن "إعادة إعمار المنازل المهدمة معضلة ستواجه سكان المنطقة الحدودية بجنوب لبنان حيث حجم الأضرار كبير وبحاجة لمليارات الدولارات والدولة اللبنانية عاجزة عن ذلك في ظل تدهور الوضع الإقتصادي الحاد الذي يضرب بلدنا لبنان منذ نحو أربع سنوات".

واتخذ مجلس الوزراء اللبناني مؤخرا قرارا مبدئيا بالتعويض على المتضررين بجنوب لبنان جراء الإعتداءات الإسرائيلية، بحسب وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية المكلّف تنسيق خطة الطوارئ بجنوب لبنان مصطفى بيرم.

وقال بيرم لـ ((شينخوا)) إن "قيمة التعويضات للضحايا والمنازل المدمرة من صلاحية مجلس الوزراء ولم يبت بها بعد".

وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي أشار في تصريح نقلته مؤخرا الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية إلى أن "العدوان الاسرائيلي مستمر، ومن المستحيل في ظل هذه الظروف القيام بأي خطوة لإحصاء الأضرار وتحديد كلفتها".

وأضاف أن "الجميع يعلم الإمكانات المحدودة للدولة التي بالكاد قادرة على تأمين الحاجات الأساسية وتسعى جاهدة لتأمين الحد الأدنى من الدعم المطلوب للنازحين من قرى الجنوب".

ووفقا لرئيس مجلس الجنوب هاشم حيدر فإن "إجراء الكشوفات بشكل رسمي ودقيق ودفع التعويضات للمتضررين سيبدأ حتما مع إنتهاء الحرب ليتسنى عندها إجراء المسح الدقيق والنهائي للمنازل والمؤسسات المتضرة".

وأوضح حيدر أن "قيمة التعويضات لم تبت بشكل نهائي بعد في حين المتداول يتراوح بين 20 ألف دولار كتعويض لذوي القتيل و40 ألف دولار عن كل منزل مهدم كليا".

من جهته، قال رئيس بلدية كفرشوبا قاسم القادري إن "إعادة بناء المنازل من جديد دونه عقبات ومنها عجز الدولة اللبنانية المنهكة إقتصاديا عن دفع كامل بدل الأضرار أو كلفة إعادة البناء الباهظة والتي تتراوح ما بين 150 ألف دولار إلى أكثر من 500 ألف دولار أمريكي للمنزل الواحد وذلك حسب مساحته وتجهيزاته".

وقالت ربة المنزل ليلى عطية من بلدة الضهيرة في القطاع الغربي من جنوب لبنان "لقد دمر منزلنا المؤلف من طابقين واحترق كل شيء بداخله وبتنا عندها في حيرة وضياع".

وتساءلت "إلى أين سنعود بعد إنتهاء الحرب فلا منزل يأوينا ولا إمكانية لدينا لإعادة بناء ما تهدم والدولة عاجزة وإن دفعت من تعويض لا يكفي لبناء غرفة واحدة".

وبصوت خافت حزين رددت "المستقبل غامض فلا شيء يطمئن.. إننا في غربة قاتلة بعد فقدان منزلنا فقدنا كل شئ فهو حجر الانتماء الأوّل، والملجأ والمأوى، ومصدر الأمن والأمان". 

الصور