مقالة خاصة: حصاد القمح محفوف بالمخاطر في المنطقة الحدودية بجنوب لبنان

مقالة خاصة: حصاد القمح محفوف بالمخاطر في المنطقة الحدودية بجنوب لبنان

2024-05-23 22:01:00|xhnews

مرجعيون، جنوب لبنان 24 مايو 2024 (شينخوا) في المنطقة الحدودية بجنوب لبنان تشهد حقول القمح حركة مكثفة للمزارعين لحصاد المحصول المهدد في كل لحظة بقذائف فوسفورية حارقة يطلقها الجيش الإسرائيلي في إطار القصف المتبادل مع حزب الله منذ أكثر من سبعة أشهر.

وعادة ما يبدأ حصاد القمح في الأول من شهر يونيو ويمتد لنحو شهر، لكن المزارعين في المنطقة الحدودية من جنوب لبنان بدأوا الحصاد اليوم خوفا من حرق المحصول جراء القصف الإسرائيلي اليومي.

ومنذ الثامن من أكتوبر الماضي يتواصل القصف وإطلاق النار المتبادل بين حزب الله والجيش الإسرائيلي على جانبي الحدود اللبنانية الإسرائيلية على خلفية الحرب الدائرة في قطاع غزة بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل.

ومع الساعات الأولى لفجر اليوم توجه عشرات المزارعين رغم المخاطر إلى حقولهم في مناطق سهول مرجعيون الخيام، والوزاني، وسردة، والمجيدية وغيرها من المناطق الحدودية لحصاد سنابل القمح مورد رزقهم الرئيسي في أسرع وقت.

-- القمح يعادل الروح

وتتوزع حقول القمح بمعظمها في المنطقة الحدودية بجنوب لبنان على مسافة لا تتعدى في بعض النقاط الكيلومتر الواحد عن الخط الحدودي الفاصل بين لبنان وإسرائيل، وفق المزارع ماجد العبد الله من بلدة الخيام.

وقال العبدالله لوكالة أنباء ((شينخوا)) "في هذه الحقول نعمل وسط ظروف حرجة وصعبة للغاية، فالخوف يرافقنا، والموت يتربص بنا من عدو إسرائيلي غادر، لكن وبالرغم من ذلك لن نترك أرزاقنا".

وتابع "نتسلح بالعزيمة والإصرار لإنجاز الحصاد مهما كانت المخاطر، فالقمح يعادل الروح في مناطقنا الحدودية".

ومن المفترض أن يجري الحصاد بمواكبة من قبل قوات الطوارئ الدولية بجنوب لبنان (يونيفيل) والجيش اللبناني، لكن ذلك لم يحدث حتى الآن، وفق العبدالله.

وقال المزارع اللبناني "كنا قد توجهنا بمثل هذا الطلب للجهات العسكرية اللبنانية، لكن حتى الآن وبالرغم من انطلاق موسم الحصاد لم نتلق جوابا."

وفي ظل الظروف العسكرية السائدة ولإنجاز العمل في أسرع وقت، لجأ كثير من المزارعين للحصادات الآلية، بحسب المزارع الخمسيني أحمد المحمد من بلدة الوزاني.

وقال المحمد "كنا نحصد قمح هذه المنطقة بالمنجل للتوفير، لكن الظروف العسكرية السائدة جعلتنا نتوجه للحصادات الآلية لإنجاز عملنا بأسرع وقت لكن بتكلفة أكثر ليبقى همنا تأمين حاجتنا من القمح والطحين للعام المقبل".

وتابع "في هذه المنطقة التي تتعرض للقصف الإسرائيلي، ندخل حقولنا مرتين فقط في العام، مرة لزراعة القمح وأخرى لحصاده، كون القمح يعتمد على ري المطر فقط".

وأعرب عن أسفه "لغياب الجهات الزراعية المسؤولة عن مساندة ومساعدة مزارعي هذه المنطقة المنكوبة تحت ذرائع عدم قدرتها على تقديم العون في ظل الظروف العسكرية والأمنية الصعبة ليبقى المزارع يجاهد وحيدا متحديا الواقع المرير".

وفي ظل الوضع المتوتر على الحدود تراجعت المساحات المزروعة بالقمح في المنطقة الحدودية، وتراجع الإنتاج.

-- مساحات أقل .. إنتاج أقل

ولم تتعد المساحة المزروعة بالقمح في المنطقة الحدودية هذا الموسم حدود 40 هكتارا بعدما كانت تتجاوز 2500 هكتار (الهكتار يساوي 10000متر مربع) بسبب الأعمال العسكرية وعدم توفر اليد العاملة ونزوح نسبة كبيرة من السكان، وفق اللبناني سعود الزهران، وهو من كبار مزارعي القمح في جنوب لبنان.

وقال الزهران لـ(شينخوا) "إنه يزرع عادة حوالي ألف دونم من القمح سنويا لكن المساحة اقتصرت هذا العام على 100 دونم فقط بسبب الخوف من الحرائق وعدم توفر اليد العاملة وغياب الجهات المعنية الرسمية عن أي دعم".

وأضاف أن "تكلفة زراعة دونم القمح بحدود 200 دولار وإنتاجه لا يتجاوز 250 دولارا في حال نجا من الحرائق".

وتابع "لن نعلق أية آمال على مساعدة الدولة (..) في ظل الظروف الإقتصادية السائدة في البلاد، وكل ما نطلبه منها هو شراء موسم هذا العام بأسعار تشجيعية تعوض علينا ما خسرناه من مواسم الخضار والفاكهة، التي هلكت في الحقول نتيجة للقذائف الفوسفورية".

وخلال السنوات الماضية كانت الدولة اللبنانية تشتري القمح من المزارعين وتعمل على بيعه إلى المطاحن أو تعيد تصديره إلى الخارج.

ومنذ العام 2018/ 2019 لم تعد الدولة تستوعب القمح نتيجة للوضع الإقتصادي السائد، بات المزارع يبيعه في السوق الحرة لتجار يتحكمون بالأسعار وفقا لمصالحهم، بحسب رئيس تجمع المزارعين والفلاحين إبراهيم ترشيشي.

وتتراوح المساحة المزروعة قمحا في لبنان، وفق ترشيشي، ما بين 10 آلاف إلى 12 ألف هكتار، في حين يقدر متوسط إنتاج القمح من 50 إلى 60 ألف طن سنويا.

وقال ترشيشي لـ(شينخوا) إن "المنطقة الحدودية بجنوب لبنان تنتج حوالي 10000 طن سنويا تدنت هذا العام لحوالي ألفي طن فقط بسب الحرب المستعرة".

ومع تراجع المساحات المزروعة بالقمح والإنتاج وخسائر المزارعين جراء الهجمات الإسرائيلية على جنوب لبنان، تسعى الحكومة وتخطط لدعم زراعة القمح للوصول بالانتاج إلى ما يعادل ربع حاجة السوق اللبناني بحلول العام 2025.

-- مساعي وخطط حكومية

وتسببت الهجمات الإسرائيلية على جنوب لبنان في حرق ما لا يقل عن 2100 دونم من حقول الخضار والحبوب والفاكهة، و60 ألف شجرة زيتون، وألحقت أضرارا بأكثر من 6000 دونم من الأراضي الحرجية والزراعية جراء القصف بشكل مباشر، بحسب وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية عباس الحاج حسن.

وقال الوزير اللبناني لوكالة أنباء ((شينخوا)) "يستحق المزارع في المنطقة الحدودية كل دعم ومساعدة، فسهول الخيام مثلا تنعم بغلال وفيرة في أرض تمرست على العطاء وقدمت الشهداء، وهي اليوم تقدم حصتها في الأمن الغذائي الوطني بالرغم من كل الظروف المقلقة المحيطة".

وأضاف "أن وزارة الزراعة كانت قد وضعت خطة شاملة في 24 نوفمبر عام 2023 لدعم زراعة القمح في المناطق اللبنانية كافة بما فيها المناطق الحدودية بجنوب لبنان تشمل توزيع بذور القمح والسماد ومبيدات الحشرات على المزارعين إضافة لمساعدات عينية مالية."

وتابع "أن لدى الدولة اللبنانية مساحات شاسعة تقدر بعشرات آلاف الهكتارات في عكار وبعلبك شرق لبنان والنبطية ومرجعيون في المناطق الحدودية من جنوب لبنان، سنعمل على تفعيل زراعتها على أكمل وجه ليصل إنتاجنا من القمح الطري إلى نحو 250 ألف طن سنويا أي ربع حاجة السوق اللبناني بحلول العام 2025".

وبحسب وزارة الزراعة اللبنانية، تتجاوز مساحة الأراضي المزروعة بالقمح في لبنان 300 ألف دونم، يصل حجم إنتاجها إلى حدود 125 ألف طن، فيما تتراوح حاجة لبنان بين 450 ألف طن و550 ألف طن سنويا. 

الصور