رأي ضيف: الصين والمصالحة الفلسطينية: نجاح جديد في المنطقة

رأي ضيف: الصين والمصالحة الفلسطينية: نجاح جديد في المنطقة

2024-08-10 01:48:00|xhnews

بقلم: رانيا أبو الخير

بعد ما يقرب من ثلاثة أشهر من إعلان الصين في 30 أبريل 2024 عن وجود مفاوضات في بكين بين حركتي فتح وحماس، توصلت الفصائل الفلسطينية الأربعة عشر في 23 يوليو من العام ذاته إلى مصالحة، هدفت إلى جمع شمل الجانب الفلسطيني في مواجهة تصاعد العملية العسكرية الإسرائيلية.

والحقيقة أن النجاح الصينى في هذا الملف الذي يشهد واحدة من أصعب اللحظات التي مرت بها القضية الفلسطينية منذ أحداث 7 أكتوبر 2023، يحمل دلالات عدة، بعضها يتعلق بالسياسة الصينية تجاه المنطقة برمتها وتجاه القضية الفلسطينية على وجه الخصوص. وبعضها الثاني يتعلق بالواقع الفلسطيني الذي يشهد خطرا وجوديا، وبعضها الثالث يتعلق بالمحيط العربى، وبعضها الرابع يتعلق بالتحولات التي تشهدها الساحة الدولية.

وعليه يمكن رصد هذه الدلالات الأربع من خلال النقاط الآتية:

أولا، لم تكن المرة الأولى ولن تكن الأخيرة التي تنخرط فيها الصين في شئون المنطقة العربية، صحيح أن وجودها قد يظل ضعيفا مقارنة بالوجود الأمريكي ومن بعده الروسى، إلا أن نجاحها في إبرام المصالحة السعودية الإيرانية أعطى لها زخما كبيرا في إمكانية توظيف ما اكتسبته دبلوماسيتها من خبرات وكفاءات للتعامل مع الأزمة الأطول والأقدم عالميا وهى الأزمة الفلسطينية، فكان اقدامها على هذه الخطوة ترسيخا لدورها وتأكيدا على إمكانية أن يكون لها دورا فاعلا في بعض القضايا الإقليمية وملفاتها، ومما يعزز من هذا الموقف الصيني سياستها حيال الأزمة الفلسطينية والتي اتسمت بتأييد الحقوق الفلسطينية في تقرير المصير وفى إعلان الدولة الفلسطينية المستقلة.

ثانيا، كشف الواقع الفلسطيني في اللحظة الراهنة عن أن استمرار الانقسام بين فصائله، خاصة في ظل ما جرى لقياداته السياسية كما هو الحال في اغتيال إسماعيل هنية أخيرا، يؤدى إلى خسارة معركتهم الوجودية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، بما يستوجب إعادة ترتيب الصف الفلسطيني وبناء وحدته المشتركة كشرط أساسى للبدء في اية مفاوضات قادمة بشأن مستقبل غزة والقضية الفلسطينية برمتها، خاصة وأن حركة فتح تدرك جيدا استحالة خروج حركة حماس من المعادلة بما يستوجب ان يكون هناك صوتا واحدا معبرا عن الصوت الفلسطيني.

ثالثا، تشهد العلاقات العربية الصينية بصفة عامة زخما كبيرا في مختلف المجالات وعلى كافة المستويات، الأمر الذي يجعل من وجود دور صيني في القضية المركزية للعرب أمرا مقبولا بل ومرحبا به خاصة في ظل الموقف الصينى الثابت من رفض العملية العسكرية الإسرائيلية وتبنى الموقف الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة.

رابعا، مثلت الساحة الدولية بأزماتها وصراعاتها وحروبها والمشكلات الداخلية في دولها الكبرى، عامل ضغط على الأطراف الفلسطينية لقبول المبادرة الصينية بضرورة وحدة الصف الفلسطيني، فالغياب الأوروبي بسبب أزماته الداخلية والبينية مع صعود اليمين المتطرف، وكذلك الانشغال الأمريكي - رغم انحيازه لإسرائيل - بسبب الانتخابات الرئاسية، وكذلك الانشغال الروسي في صراعه مع أوكرانيا وتواجده في أماكن عديدة، أدى إلى تراجع الاهتمام بالملف الفلسطيني وما شهدته الأزمة من تصعيد بعد أحداث 7 أكتوبر 2023، وهو ما فرض على البعض إعادة الاهتمام بها وكان في مقدمة هذه الأطراف، الصين والتي مثلت مبادرتها طوق نجاة دولى للفلسطينيين.

في ضوء هذه الدلالات الأربع يمكن القول إن خطوة المصالحة الفلسطينية-الفلسطينية عبر الوسيط الصيني تظل خطوة مهمة ليس فقط لمصلحة الجانب الفلسطيني، وإنما أيضا لتعزيز دور الصين في المنطقة، شريطة أن تدرك الصين أن نجاح هذه المصالحة يظل مرهونا بفهم هذه الدلالات الأربع ومعرفة مقتضياتها واستحقاقاتها، فحينها يُكتب النجاح لهذه المبادرة التي بلا شك إذا نجحت ستشهد المنطقة تحولات عدة تنعكس على ملفات المنطقة وأزماتها بما قد يسهم في تهدئة أوضاعها والحد من التوسع في صراعاتها التي تهدد مصالح الأطراف كافة.

 

ملحوظة المحرر: رانيا أبو الخير هي الأمين العام للمنتدى العالمي للدراسات المستقبلية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتبة ولا تعكس بالضرورة مواقف وكالة أنباء ((شينخوا)).

الصور