مقالة خاصة: الجرحى الفلسطينيون بالعراق أجسادهم في بغداد وعقولهم بغزة

مقالة خاصة: الجرحى الفلسطينيون بالعراق أجسادهم في بغداد وعقولهم بغزة

2024-08-13 17:06:30|xhnews

بغداد 13 أغسطس 2024 (شينخوا) يتلقى العلاج والرعاية الطبية بالطابق الخامس بمستشفى مدينة الطب وسط بغداد 27 جريحا فلسطينيا، ورغم تحسن وضعهم، لكن غزة التي تتواصل فيها الحرب وماتزال تنزف الدماء لا تفارقهم.

ووصلت الدفعة الأولى من الجرحى الفلسطينيين إلى العراق في 22 مايو الماضي لتلقي العلاج بمبادرة من الحكومة العراقية.

وأجمع الجرحى على أن وضعهم الصحي بتطور مستمر لكن قلوبهم وعقولهم مع أهلهم وأقاربهم بغزة التي تتعرض للتدمير والقتل، وفقا لما ذكروه لوكالة أنباء ((شينخوا).

متابعة وشوق

يتابع الجرحى ما يجري بغزة من دمار وقتل عبر وسائل الإعلام وعن طريق الاتصال الهاتفي أحيانا، للاطمئنان على أسرهم التي اجبروا على تركها لعدم وجود علاج ورعاية بمستشفيات غزة.

وقال خالد أحمد بركات من دير البلح (58 سنة) لـ((شينخوا)) "اتابع الوضع بغزة على مدار الساعة عبر التلفزيون وما يحصل بفلسطين كل لحظة".

اما اسمهان جمعة (29 سنة) من بيت حانون تركت ستة أطفال بعد أن قسمتهم لقسمين، ثلاثة مع والدهم بمدينة وثلاثة مع جدتهم بمدينة أخرى حتى لا يقتلوا جميعا، فهي تتابع ما يجري بغزة وكلها أمل أن تلتقي بأطفالها.

وقالت والالم يعصر قلبها "اتابع الوضع من أجل أطفالي، أتمنى العودة حتى قبل أن انهي علاجي، أريد أن ارجع لأطفالي، اشتاق لجلسة معهم وتناول وجبة طعام معهم".

ريم محمد من خان يونس، استشهد ابنها البكر وترافق ثلاثة من أولادها الجرحى وهي مصابة بمرض السرطان وتتلقى العلاج ببغداد أيضا، تشتاق لزوجها الذي تركته مصابا ولا يوجد من يساعده.

وقالت ريم والدموع تتساقط من عينيها " افتقد كثيرا لزوجي، هو بأمس الحاجة لي لأنه مصاب ولا يستطيع الحركة أو المشي، وافتقد ابني الراحل محمد (19 سنة)".

حلم العودة

يحلم الجرحى بالعودة لغزة ويأملون بوقف الحرب فورا لكي يعيدوا ما خربته ويبدأوا حياتهم من جديد رغم المآسي والالام والمعاناة الشديدة التي تعرضوا لها.

وقال عبد العزيز مصطفى (17 سنة) "امنيتي أن تقف الحرب وأعود لغزة والتقي بأصحابي وأولاد عمي، إذا بقيت لنا حياة نرجع نكمل تعليم، فانا بالسنة الأخيرة وسوف اذهب للجامعة".

وأيدته والدته ريم قائلة "أحلم أن تنتهي الحرب ويفتحوا المعبر وأستطيع العودة"، مضيفة "عندما نرجع نبني البيت الذي دمرته إسرائيل وابعث اولادي للمدرسة ونكمل الحياة".

ويحلم بركات المصاب بكسور بيده واصابات برأسه، بالعودة لغزة فورا، ويأمل بانتهاء الحرب وإعادة بناء بيته من جديد والعيش بأمان.

وقال "لا يوجد للإنسان مثل وطنه وأرضه وجيرانه، لا يوجد شيء مثل الوطن، أتمنى بهذه اللحظة أعود لغزة، وأتمنى أن تقف الحرب ويعيش الشعب الفلسطيني بأمان"، معربا عن أمله بإعادة كل ما هدم، والخروج من تحت الأنقاض إلى حياة جديدة ومستقبل جديد.

وتؤكد اسمهان التي فقدت جزءا من عظم رجلها اليسرى، وأصيبت بكسور في كتفها وفكيها، وكسر بيدها اليمنى ودمر منزلها وسيارتها والمحل الذي تملكه، انها ستعود لو بقيت لحظة بحياتها.

وقالت بأمل وإصرار "لو أخر نفس بحياتي، لو كان بحر كله دم لسبحت به لأعود، بلدي ولن استغني عنه، حتى لو كان دمار، نزيح الدمار ونبني خيمة ونضع وردة بزاوية ومنظر بزاوية أخرى".

وشددت ريم على أنها ستعود لغزة قائلة "سأرجع لغزة وسأبني بيتي من جديد، وسأعيش على ذكريات ابني وذكريات أقاربي وسأرعى الايتام الذين تركوهم اقاربي وسأكون لهم الاب والام".

مسؤولية أمريكا

يحمل الجرحى، أمريكا مسؤولية ما جرى بغزة من مأساة وقتل ودمار وتشريد كونها تقف وراء إسرائيل وتزودها بالأسلحة وكل ما تحتاج، بل البعض منهم اتهمها بالقتال مع إسرائيل.

وقالت ريم "أمريكا تعطي الإسرائيليين السلاح وكل شيء"، مضيفة "أمريكا الداعم الأول للإسرائيليين وتعطيهم الأسلحة ليفتكوا بنا".

ويرى بركات أن أمريكا تحارب بغزة قائلا "الأسلحة والطيران من أمريكا، البوارج تحرس إسرائيل في البحر وكل صناعات أمريكا تعطى لإسرائيل بدون مقابل، أمريكا هي التي تحارب".

اما اسمهان فقالت "أمريكا كانت سببا أساسيا بدمار غزة، ساندت إسرائيل بالمعدات وتعطيها كل شيء من تحت الطاولة وتتظاهر بانها تعمل لحل النزاع بين الإسرائيليين والفلسطينيين".

ومنذ السابع من أكتوبر الماضي، تشن إسرائيل حربا واسعة النطاق ضد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة أدت إلى مقتل أكثر من 39 ألف فلسطيني، وخلفت أزمة إنسانية ودمارا كبيرا في المنازل والبنية التحتية، وذلك بعد أن شنت حماس هجوما غير مسبوق على جنوب إسرائيل أودى، وفق السلطات الإسرائيلية، بحياة أكثر من 1200 إسرائيلي واحتجاز رهائن.

رعاية طبية

وأكد عادل جمعة رئيس الممرضين المسؤول عن رعاية الجرحى الفلسطينيين أن وزارة الصحة العراقية تقدم كل الرعاية الطبية للجرحى الفلسطينيين البالغ عددهم 27 جريحا.

وقال جمعة لـ((شينخوا)) "كانت مبادرة من رئيس الوزراء لجلب أعداد من الجرحى للعراق وتقديم العلاج وكل المساعدات الطبية لهم، فاغلب المستشفيات بغزة متضررة ولا توجد فيها أدوية ولا فحوصات طبية، ولذلك كان العراق سباق في جلبهم لتقديم العلاج والرعاية".

وتوقفت غالبية المستشفيات في قطاع غزة عن العمل جراء القصف الإسرائيلي المكثف ونفاد الوقود.

وأكد جمعة أن أغلب الجرحى الفلسطينيين يعانون من صدمة نفسية من هول ما حصل لهم وابتعادهم عن أهلهم.

وأضاف "أغلب الجرحى يعانون من صدمة نفسية بسبب القصف، وأغلبهم لم يأتوا مع عوائلهم، حتى انهم دائما يتابعون الأخبار أول بأول لكي يعرفوا اخبار أهلهم، وكلما يحصل قصف يتصوروا أن عوائلهم أصيبت".

وأعرب عن اعتقاده بأن ضررهم النفسي أكثر من الضرر العضوي الذي يعانون منه، كونهم يعيشون دائما بقلق وضغط نفسي.

واختتم "نحن بانتظار استقبال دفعات أخرى لتقديم العلاج والرعاية الطبية لهم".

الصور