مقالة خاصة: رغم دعوات "فك الارتباط" .. شركات عالمية تراهن على السوق الصينية
بكين أول نوفمبر 2024 (شينخوا) دخلت نسخة 2024 من القائمة السلبية لوصول الاستثمار الأجنبي التي أصدرتها وزارة التجارة الصينية سبتمبر الماضي، حيز التنفيذ اليوم الجمعة، مما يمهد الطريق لفتح قطاع التصنيع في الصين بشكل كامل أمام الاستثمار الأجنبي. وتأتي هذه الخطوة ضمن تدابير الصين لبناء نظام اقتصادي أكثر انفتاحا.
ورغم ترويج بعض الساسة الغربيين لفكرة "فك الارتباط" مع الصين، تكشف المؤشرات الاقتصادية عن استمرار جاذبية السوق الصينية للاستثمار الأجنبي، إذ قامت العديد من الشركات الأجنبية بزيادة استثماراتها في السوق الصينية، مما يعكس ثقتها في المستقبل الاقتصادي للبلاد على المدى الطويل.
شركات عالمية تعزز استثماراتها في الصين
أظهرت بيانات أن حجم المعاملات للشركات الشرق أوسطية في منطقة الصين الكبرى سجل هذا العام رقما قياسيا بلغ 9 مليارات دولار أمريكي. وتعد شركة أرامكو السعودية من أبرز هذه الشركات، حيث جاءت كواحدة من أكبر الشركات الأجنبية المستثمرة في الصين عام 2023.
وخلال العام الجاري، قامت أرامكو، بتسريع وتيرة التعاون مع الشركات الصينية عبر مشاريع استثمارية متعددة في الصين. ففي 22 يناير الماضي، أعلنت الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)، التي تمتلك أرامكو حاليا 70 بالمائة من أسهمها، عن قرارها الاستثماري النهائي بشأن مشروع قولي لإنتاج الإيثيلين في مقاطعة فوجيان. وباستثمارات 44.8 مليار يوان (حوالي 6.4 مليار دولار أمريكي)، يعد هذا المشروع الأكبر من حيث حجم الاستثمارات من بين المشاريع الصينية - الأجنبية المشتركة في مقاطعة فوجيان حتى الآن.
وفي إطار توسعها في الصين، وقعت أرامكو في أبريل الماضي مذكرة تفاهم مع مجموعة جيانغسو هنغلي، حيث تستهدف الاستحواذ على حصة 10 بالمائة من الأخيرة. كما أبرمت أرامكو اتفاقية تعاون إطارية مع شركة رونغشنغ للبتروكيماويات الصينية، للاستحواذ على حصة تصل إلى 50 بالمائة من شركة نينغبوه تشونغجين للبتروكيماويات المحدودة، وهي شركة فرعية مملوكة بالكامل لشركة رونغشنغ.
في خطوة تعزز ارتباطها بالسوق الصينية، أعلنت شركة "إنتل" الأمريكية العملاقة لصناعة الرقائق في وقت سابق من الأسبوع الجاري عن زيادة رأس مالها بمقدار 300 مليون دولار أمريكي، لتوسيع قاعدة التعبئة والتغليف والاختبار الخاصة بها في مدينة تشنغدو بمقاطعة سيتشوان بجنوب غربي الصين، ما يهدف لتعزيز كفاءة سلسلة التوريد المحلية وخدمة العملاء الصينيين بشكل أفضل.
ومن جانبها، قالت وانغ روي، نائبة رئيس الشركة الأولى ورئيسة مجلس إدارة شركة "إنتل" في الصين، إن سعي الصين المستمر للتنمية العالية الجودة والانفتاح رفيع المستوى يمثل الأساس والقوة الدافعة لتطوير "إنتل" على المدى الطويل في السوق الصينية.
وفي السياق ذاته، جدد تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة "أبل"، التزام شركته بزيادة استثماراتها في الصين، مشيرا إلى حرص الشركة على اغتنام الفرص التي يوفرها انفتاح الصين، والمساهمة في التنمية العالية الجودة لسلاسل الصناعة والتوريد.
وخلال السنوات الثلاث الماضية، استثمرت شركة نوفو نورديسك، وهي شركة أدوية متعددة الجنسيات يقع مقرها الرئيسي في باجسفيرد الدنمارك، أكثر من 7 مليارات يوان في مشاريع جديدة بمصنعها في تيانجين بشمالي الصين.
وبدورها، قالت تشو شيا بينغ، نائبة الرئيس الأول للشركة الأم ورئيسة شركة نوفو نورديسك (الصين)، إن مدينة تيانجين تعد محرك الإنتاج للشركة في الصين وواحدة من قواعد الإنتاج الاستراتيجية العالمية.
وعلى جانب آخر، أظهرت بيانات أصدرتها وزارة التجارة الصينية يوم 25 أكتوبر الماضي أن إجمالي 42108 شركات جديدة ذات استثمارات أجنبية تأسست في أنحاء الصين خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2024، بزيادة 11.4 في المائة على أساس سنوي.
-- توسيع الانفتاح يعزز الثقة
في مسعى لتعزيز الثقة الاقتصادية الدولية، أطلقت الصين مؤخرا سلسلة من السياسات لتسهيل وصول الاستثمار الأجنبي. وفي هذا الصدد، طرحت هيئات حكومية صينية حزمة من السياسات الإضافية لتعزيز إطلاق العنان لإمكانات النمو الاقتصادي، وتحفيز الاستهلاك والاستثمار.
وفي سبتمبر الماضي، أصدرت وزارة التجارة منشورا بشأن توسيع البرامج التجريبية بشكل أكبر من أجل الانفتاح في المجال الطبي، حيث تخطط للسماح بإنشاء مستشفيات مملوكة بالكامل للأجانب في مدن ومناطق معينة في البلاد. وفي أكتوبر الماضي، أطلقت وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات الصينية برنامجا تجريبيا لتوسيع الانفتاح في خدمات الاتصالات ذات القيمة المضافة في أربع مناطق محددة في بكين وشانغهاي وهاينان وشنتشن.
وأشار وزير التجارة الصيني وانغ ون تاو إلى أن الصين طرحت مؤخرا تدابير جديدة لتعزيز الانفتاح، واتخذت خطوات واضحة لمعالجة مخاوف المستثمرين الأجانب، مؤكدا على حرص الصين على تحسين بيئة أعمالها على نحو أفضل والاستمرار في تقديم خدمات عالية الجودة للشركات الأجنبية.
وفي ضوء ذلك، رفعت جولدمان ساكس، وجيه بي مورجان تشيس، ويو بي أس، وغيرها من المؤسسات المالية الدولية توقعاتها للنمو الاقتصادي في الصين هذا العام.
ومن جهته، قال ياسر مفتي، النائب التنفيذي للرئيس في قطاع الأعمال للمنتجات والعملاء في شركة أرامكو السعودية: "إن الإنجازات الرائعة التي حققتها الصين والتحول الاقتصادي الذي تشهده يؤثران على العالم. ونحن نرى إمكانات النمو طويلة الأجل التي تتمتع بها الصين، ولهذا السبب نواصل زيادة استثماراتنا في البلاد". وأضاف: "نهدف إلى أن نكون الشريك المفضل للصين".
وكشف "تقرير استطلاع الرأي حول ثقة الأعمال 2023/24"، الذي أصدرته غرفة التجارة الألمانية في الصين، أن أكثر من نصف الشركات الألمانية التي شملها الاستطلاع تخطط لزيادة استثماراتها في الصين خلال العامين المقبلين، وأن 91 في المائة من الشركات الألمانية المشاركة في الاستطلاع ستبقي على وجودها في السوق الصينية.