مقالة خاصة: جبل الشيخ مرتفع إستراتيجي في قبضة الجيش الإسرائيلي
مرجعيون، جنوب لبنان 17 ديسمبر 2024 (شينخوا) من على شرفة منزله وسط بلدته راشيا الوادي شرق لبنان حمل المزارع الخمسيني عبد الله أبو عواد منظارا قديما بين يديه، وبدأ يراقب عبره وعن كثب حركة تمركز القوات الإسرائيلية في أعالي جبل الشيخ الفاصل بين حدود لبنان وسوريا.
واستولى الجيش الإسرائيلي على مرتفعات جبل الشيخ وعدة مواقع في الجولان السوري المحتل بعد سيطرة الفصائل السورية المسلحة على دمشق فجر الثامن من ديسمبر الجاري وانهيار الحكم في سوريا، وفق بيان صادر عن وزارة الدفاع الإسرائيلية.
وقال المزارع أبو عواد، والذي يملك عدة بساتين مشجرة بالكرز عند الهضاب الغربية لجبل الشيخ، لوكالة أنباء ((شينخوا))، "لقد تفاجأنا بالانهيار السريع لنظام بشار الأسد في سوريا".
وأضاف أنه "كان غريبا أيضا سرعة وصول الدبابات الإسرائيلية التي نراها حتى بالعين المجردة تجول في مرتفعات جبل الشيخ المغطاة بالثلوج".
وتظهر عدسات المنظار بوضوح دوريات الجيش الإسرائيلي تتحرك بين بقع ثلوج الجبل في حين تتمركز وحدات أخرى مدعمة بدبابات نوع ميركافا داخل موقع أخلاه الجيش السوري يطل على العاصمة السورية دمشق ومنطقة البقاع الغربي شرق لبنان، بحسب أبو عواد.
وتابع المزارع اللبناني "من بلدتنا راشيا الوادي جارة جبل الشيخ، اعتدنا على مراقبة هذا الجبل الشامخ بصفائه ونقائه، لكن المشهد اختلف اليوم فالتحركات الإسرائيلية السريعة والمكثفة بدلت الواقع وغيرت الظروف، حيث بتنا نخشى أن تتحول هذه البقعة الإستراتيجية إلى محور غير مستقر".
وجبل الشيخ هو الحد الفاصل بين لبنان وسوريا، ويصل ارتفاع أعلى قمة فيه إلى 2814 مترا عن سطح البحر.
وقال رئيس محترف الفن التشكيلي شوق دلال، والذي كان قد أعد دراسة عن جبل الشيخ وأهميته الإستراتيجية إن الجبل "يشرف على مناطق واسعة وحساسة، تشمل سوريا ولبنان وإسرائيل؛ ما يجعله موقعا ذا أهمية كبيرة في سياق الصراعات الإقليمية".
وأوضح أن "المواقع الإسرائيلية المستحدثة في مرتفعات جبل الشيخ تشرف تقريبا على نحو 60% من مساحة لبنان والبالغة 10452 كيلومترا مربعا، ومنها مناطق البقاع الغربي وراشيا وحاصبيا وصور والنبطية وسهل البقاع وسلسلة جبال لبنان الغربية".
وأردف "كما يمكن من أعلى قممه مشاهدة البحر المتوسط والحدود الشمالية الأردنية وجانب من جزيرة قبرص".
من جهته، قال الخبير التكنولوجي والمحاضر الجامعي الدكتور علي دربج إن "هذه المنطقة التي سيطر عليها الجيش الإسرائيلي في جبل الشيخ كانت منطقة عازلة بين سوريا وإسرائيل لفترة حوالي 50 عاما".
وجرى تحديد هذه المنطقة العازلة بين الطرفين وفق اتفاق فض الإشتباك، والذي أبرم عام 1974 برعاية الأمم المتحدة بعد معارك طاحنة بين الجيشين السوري والإسرائيلي كان محورها أعلى قمم هذا الجبل.
وبحسب دربج، فإن "السيطرة على هذا الجبل الذي يبلغ طوله حوالي 45 كيلومترا، وتعد مرتفعاته أعلى نقطة على الساحل الشرقي للبحر المتوسط ، تعطي إسرائيل مكاسب إستراتيجية كبيرة".
ويعتبر جبل الشيخ مصدرا مائيا رئيسيا في المنطقة لإحتوائه على خزان هائل من المياه العذبة الناتجة عن ذوبان ثلوجه الكثيفة، والتي تصل سماكتها إلى حدود عشرة أمتار، وتساهم بتغذية الأنهار في حوضه ومنها الوزاني والحاصباني وسريد وبانياس، وفقا لدربج.
ولفت إلى أن "قمم هذا الجبل المرتفعة تسمح بأعمال المراقبة بالنظر ومتابعة التحركات العسكرية وتوجيه نيران المدفعية وكشف تحليق الطائرات على ارتفاع منخفض".
وعقب سقوط حكومة بشار الأسد، شنت إسرائيل ضربات مكثفة على مواقع عسكرية في سوريا وسيطرت على منطقة عازلة منزوعة السلاح في مرتفعات الجولان.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن الاستيلاء على المواقع السورية في المنطقة العازلة يهدف إلى ضمان عدم تمركز أي قوة معادية بالقرب من حدود إسرائيل.
وأوضح مصدر أمني لبناني متابع للوضع الحدودي بجنوب لبنان أن "الجيش الإسرائيلي مهد لتقدمه إلى جبل الشيخ بشق طريق عسكري يربط بين موقع المرصد في مرتفعات مزارع شبعا اللبنانية المحتلة، والطرف الشمالي لأعلى قمة في هذا الجبل".
وقال المصدر لـ ((شينخوا)) "في هذه القمة والتي تحوي ما يعرف بقصر شبيب (موقع أثري)، تتمركز قوات الأندوف الدولية المخولة مراقبة فض الاشتباك بين سوريا وإسرائيل".
وأضاف أن "هذا الطريق، والذي يبلغ طوله نحو 8 كيلومترات، تم شقه في الجهة الغربية من هذا الجبل والواقعة في الجانب اللبناني منه".
وأشار إلى أن "الجيش الإسرائيلي بعد تمركزه في جبل الشيخ عمل على وقف حركة مهربي البضائع عبر البغال والناشطين بين لبنان وسوريا عبر المسالك البرية الوعرة في هذا الجبل". /نهاية الخبر/