رأي ضيف: تعزيز الانسجام والتكامل: جهود الصين لإنشاء مجتمع حديث في شينجيانغ
بقلم: السفير هشام الزميتي
شهدت منطقة شينجيانغ الويغورية ذاتية الحكم في الصين، التي تعتبر موطنا لنسيج غني من التنوع العرقي والثقافي، تطورا كبيرا في السنوات الأخيرة. فمن بين الأهداف الرئيسة للحكومة الصينية دمج الويغور في الإطار الأوسع للمجتمع الصيني الحديث، مع التأكيد على الإدماج الاقتصادي والتعليمي والثقافي مع الحفاظ على التراث الإقليمي.
وخلال مشاركتي مؤخرا في القمة السادسة العالمية للإعلام في أورومتشي، حاضرة شينجيانغ، شهدتُ بشكل مباشر الجهود المكثفة التي تبذل بجد لرفع مستوى سكان الويغور ودمجهم. من شوارع المدينة الصاخبة إلى الأسواق النابضة بالحياة والمراكز التعليمية المبتكرة، كان من الواضح أن المنطقة تمر بتغييرات تحويلية تهدف إلى تعزيز الوحدة والتسامح والازدهار. كانت واحدة من أكثر اللحظات تأثيرا في زيارتي هي التجول في معهد شينجيانغ الإسلامي، حيث رأيت مدى أهمية الاعتدال والاحترام المتبادل في ترسيخ مجتمع متوازن ومتناغم.
وكان أحد الجوانب الأكثر لفتا للنظر في زيارتي هو التقدم الاقتصادي المرئي في المنطقة حيث استثمرت الصين بكثافة في مشاريع البنية التحتية مثل الطرق السريعة والسكك الحديدية والتطوير الحضري، مما خلق العديد من فرص العمل للسكان المحليين. وأتيحت لي الفرصة لزيارة مجمع صناعي بالقرب من أورومتشي، حيث كان العمال الويغور يعملون في وظائف ماهرة في قطاعات مثل المنسوجات والإلكترونيات والطاقة المتجددة.
كانت برامج التدريب المهني، التي تزود الويغور بالمهارات اللازمة للمشاركة في الاقتصاد الحديث، جانبا آخر مثيرا للإعجاب. ولا تتعلق هذه المبادرات فقط بخلق فرص العمل ولكن أيضا بتعزيز الاستقلال الاقتصادي والنمو التصاعدي. وشارك المسؤولون المحليون قصص نجاح رواد الأعمال الويغور الذين أنشأوا بدعم من الحوافز الحكومية أعمالا تمزج بين الحرف التقليدية والأسواق الحديثة.
من الواضح أن التعليم هو ركيزة مركزية لجهود التكامل. وخلال زيارتي، رأيت مدرسة ثنائية اللغة حيث يتم تدريس اللغتين الويغورية والماندرين جنبا إلى جنب. وكان من المشجع رؤية الأطفال يتعلمون ويشاركون بنشاط في كلتا اللغتين، وإعدادهم للفرص في جميع أنحاء الصين مع الحفاظ على جذورهم الثقافية.
فقد مكنت سياسات العمل الإيجابي طلاب الويغور من الوصول إلى فرص التعليم العالي في الجامعات الصينية الرائدة. وسلطت المحادثات مع المعلمين الضوء على أهمية هذه الجهود في سد الفجوة بين التقاليد والحداثة، وتزويد شباب الويغور بالمهارات اللازمة للازدهار في عالمنا سريع التطور.
وعلى عكس بعض الروايات الخارجية، أظهرت زيارتي أن ثقافة الويغور يتم الحفاظ عليها والاحتفال بها بنشاط. حيث عرضت المراكز الثقافية في أورومتشي الموسيقى التقليدية والرقص والمأكولات، مع العديد من فعاليات الشوارع التي تهدف إلى تعزيز التراث الفريد للمنطقة. وأثناء المشي عبر أسواق المدينة النابضة بالحياة، رأيت مباشرة كيف تشجع الحكومة السياحة التي تسلط الضوء على تقاليد سكان الويغور، وتعزز الاقتصاد المحلي مع مشاركة ثقافتهم الغنية مع العالم.
وكانت واحدة من أكثر التجارب التي لا تنسى حضور عرض ثقافي في أورومتشي قام الفنانون خلاله بأداء رقصات وموسيقى تقليدية. ولم يعكس هذا الحدث جمال تراث الويغور فحسب، بل أيضا جهود الحكومة لدمج هذه التقاليد في السرد الوطني الأوسع.
إن التكنولوجيا تلعب دورا محوريا في تحديث شينجيانغ وتمكين سكانها. وخلال زيارتي تعرفت عن قرب على هذه المبادرات مثل التدريب على التجارة الإلكترونية لرواد الأعمال الويغور وتطوير مشاريع المدن الذكية في أورومتشي. وقد جعلت هذه التطورات من السهل على الشركات المحلية الوصول إلى الأسواق الوطنية والعالمية، مع تحسين نوعية الحياة أيضا من خلال تحسين الخدمات والاتصال.
لقد تركتني زيارتي إلى أورومتشي مفعما بتقدير عميق للجهود الكبيرة المبذولة لدمج الويغور في المجتمع الصيني الحديث. وفي حين أن التحديات لا تزال قائمة بلا شك، إلا أن الالتزام بموازنة النمو الاقتصادي والحفاظ على الثقافة والإدماج الاجتماعي كان واضحا في كل تفاعل أجريته.
وتهدف السياسات والمبادرات التي شهدتها إلى ضمان مشاركة جميع المجموعات العرقية في شينجيانغ في فوائد التحديث مع الاحتفال بهوياتها الفريدة. ويعكس التركيز على التعليم والتمكين الاقتصادي والتكامل الثقافي والتسامح الديني نهجا مستقبليا لبناء الانسجام في منطقة ذات تنوع هائل.
ومن خلال خلق فرص للنمو والوحدة، تمهد الصين الطريق لشينجيانغ التي تزدهر داخل مجتمع حديث وشامل-- مجتمع يمكن فيه للويغور الحفاظ على تراثهم الثقافي مع المشاركة الكاملة في تنمية الأمة.
لقد عززت تجربتي في أورومتشي، ولا سيما زيارتي لمعهد شينجيانغ الإسلامي، أهمية التسامح والاعتدال المنفتح كأساس لمجتمع متناغم ومتوازن. وأصبحت متفائلا بشأن مستقبل هذه المنطقة الديناميكية، على أمل أن يتعمق تعاونها مع بلدي مصر ويتوسع لصالح الصداقة الصينية-المصرية.
ملاحظة المحرر: السفير هشام الزميتي عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، وجمعية الصداقة المصرية-الصينية.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة آراء وكالة أنباء ((شينخوا)).