تحليل إخباري: تصريحات وزير التجارة الأمريكي بشأن الكويت.. "ضغوط" ضمن " خطة ترامب الجمركية "
الكويت 24 مارس 2025 (شينخوا) انتقد وزير التجارة الأمريكي هوارد لوتنيك، قبل أيام السياسة الجمركية للكويت تجاه بلاده، في خطوة رأى خبراء كويتيون أنها تأتي ضمن "حرب ترامب الجمركية"، وتعكس توجها لممارسة "ضغوط" على الكويت وإعادة فرض معادلة تجارية جديدة قد تشمل دول الخليج.
وتحدث لوتنيك الجمعة الماضية في تصريحات عن سياسات بلاده بشأن الرسوم الجمركية، وذكر أن الكويت تفرض أعلى رسوم جمركية على الولايات المتحدة الأمريكية.
وتابع أن الولايات المتحدة "تركت الأمر يمضي قبل أن يأتي دونالد ترامب"، مضيفا "سيتوقف هذا الأمر".
وأشار الوزير الأمريكي إلى أن بلاده أنفقت ما يقرب من 100 مليار دولار لتحرير الكويت من الغزو العراقي، وهو ما أثار ردود فعل واسعة غاضبة في الكويت وجدت في هذه التصريحات بداية لممارسة ضغوط أمريكية على الكويت في إطار "حرب ترامب الجمركية".
- حرب ترامب الجمركية
ووقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في فبراير الماضي خطة لفرض رسوم جمركية "متبادلة" على الشركاء التجاريين.
ووفق ترامب، سيبدأ تطبيق الرسوم في الثاني من أبريل المقبل، واصفًا هذا اليوم بـ "يوم التحرير" الاقتصادي لبلاده.
وتأتي تصريحات وزير التجارة الأمريكي بشأن الكويت ضمن الخطاب الشعبوي لإدارة ترامب، التي تخاطب المواطن الأمريكي العادي عبر تبسيط القضايا الدولية وربطها بالمصالح الأمريكية المباشرة، وفق رئيس تحرير صحيفة ((العرب)) الإلكترونية الكويتية عبدالله الدوسري.
وقال الدوسري لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن استخدام الوزير الأمريكي لمثال حرب تحرير الكويت جاء في هذا السياق، بهدف الإيحاء بأن الولايات المتحدة تقدم خدمات عسكرية دون مقابل مادي كافٍ للمواطن الأمريكي، وهي فكرة تتماشى مع خطاب ترامب.
وأضاف "كما أن الإدارة الأمريكية الحالية، مثلما رأينا مع ترامب في تعاملاته مع الناتو وكندا والدنمارك، لا تميز بوضوح بين الحلفاء وغيرهم، وقد تستخدم مثل هذه التصريحات للضغط السياسي والاقتصادي".
وتابع أنه "في التوقيت الحالي، يمكن أن تعكس هذه التصريحات بداية لممارسة ضغوط أمريكية على الكويت بشأن ملفات معينة، مثل العلاقات الاقتصادية مع الصين أو المواقف من قضايا إقليمية كالتطبيع مع إسرائيل أو التسهيلات العسكرية.. وكذلك قد تكون جزءًا من نهج ابتزازي أمريكي أوسع تجاه دول الخليج".
من جهته، قال الباحث الكويتي المتخصص في أمن دول الخليج العربي ظافر محمد العجمي، إن تصريحات وزير التجارة الأمريكي بأن الكويت أعلى من يفرض تعريفة جمركية على البضائع الأمريكية "غير منطقية"، خاصة وأن التعريفة الخليجية موحدة وتتمثل بـ 5 بالمائة، وهي أقل تعريفة في العالم.
ورأى أن هذه التصريحات تأتي ضمن حرب ترامب الجمركية التي قد تشمل دول الخليج بدءا من الكويت، معتبرا أن حرب ترامب الجمركية تشكل تحديات كبيرة للأسواق الخليجية، خاصة في ظل ارتفاع التضخم وتباطؤ النمو الاقتصادي.
وتمثل تصريحات وزير التجارة الأمريكي "تحولًا ملحوظًا في طبيعة العلاقة الاقتصادية" بين البلدين، خاصة في ظل تاريخ من التفاهمات التجارية والتعاون الاستراتيجي ممتد لعقود، بحسب الإعلامي والناشط السياسي الكويتي فواز البحر.
وقال البحر إنه ومنذ توقيع إتفاقية إطار للتجارة والاستثمار (TIFA) عام 2004، حافظت العلاقات الاقتصادية بين الكويت والولايات المتحدة على طابع مستقر، ارتكز على الاحترام المتبادل والالتزام بقواعد منظمة التجارة العالمية؛ إلا أن التصريحات الأخيرة تُظهر بوضوح تحوّلًا في السياسة الأمريكية نحو منهج اقتصادي أكثر تشددًا، يستند إلى مبدأ "الربح المباشر" دون مراعاة للبعد الاستراتيجي أو التحالفات التاريخية.
واعتبر أن هذا التوجه ليس معزولًا بل ينسجم مع الخط العام للسياسة الاقتصادية في عهد إدارة ترامب، التي أعادت تعريف العلاقات الدولية من منظور مصلحي بحت يؤكد التصريحات التي تتحدث عن أن "ترامب يكسر عقودًا من السياسة الخارجية الأمريكية، ويعيد ترتيب التحالفات وفق معيار اقتصادي محض، لا تحالفات استراتيجية".
ورأى البحر أن تصريحات وزير التجارة الأمريكي قد تُفهم ضمن محاولة إعادة فرض معادلة تجارية جديدة، تُراعي المصالح الأمريكية الداخلية بالدرجة الأولى، حتى ولو كان ذلك على حساب الشركاء التقليديين.
وفي إطار ما يبدو أنه تحول أمريكي تبرز الحاجة إلى مواقف موحدة لمواجهة أي سياسات حمائية غير عادلة، وفق الخبراء، رغم أن الولايات المتحدة تظل شريكا تجاريا مهما لدول الخليج، حيث تستفيد من واردات الطاقة والمواد الخام بشكل خاص.
- موقف خليجي مطلوب
ويتمثل الموقف الخليجي المطلوب من حرب ترامب الجمركية في تنويع الأسواق وتوسيع الصادرات لآسيا وأوروبا لتقليل الاعتماد على السوق الأمريكية، وتوجيه القطاع الخاص لاستكشاف أسواق جديدة، بحسب الباحث الكويتي المتخصص في أمن دول الخليج العربي ظافر محمد العجمي.
وقال العجمي إن الموقف الخليجي يتضمن أيضا تعزيز التكامل الخليجي والتفاوض المباشر مع الإدارة الأمريكية لتخفيف التعريفات، بالإضافة إلى تحسين الجودة ودعم الصناعات المحلية وتفعيل الاتفاقيات الهادفة إلى تسريع توقيع اتفاقيات تجارة حرة مع دول أخرى، إلى جانب الاستثمار في التكنولوجيا ومواجهة التعريفات عبر منظمة التجارة العالمية، وبالتالي التعاون الدولي للطعن في أي سياسات حمائية غير عادلة.
ورغم أن حرب ترامب الجمركية تشكل تحديات للسوق الكويتية والخليجية بشكل عام، إلا أنها قد تخلق فرصا لدول الخليج، وفق العجمي.
وتتمثل هذه الفرص في تحسين الموقع التنافسي وتنوع التحالفات التجارية وتعزيز الصناعات المحلية وتعزيز التعاون الإقليمي وجذب الاستثمارات.
وقال العجمي إنه "يمكن لدول الخليج استخدام صناديقها السيادية لجذب استثمارات أجنبية جديدة، خاصة في قطاعات التكنولوجيا والطاقة المتجددة".
من جهته، قال الإعلامي والناشط السياسي الكويتي فواز البحر "إن هذا التحول يتطلب من الكويت وسائر دول الخليج، إعادة تقييم أدواتها التفاوضية وخياراتها الاقتصادية لضمان الحفاظ على توازن العلاقة، ومنع انزلاقها إلى مرحلة من عدم التكافؤ قد تضر بالمصالح المشتركة للطرفين".