مقالة خاصة: الصراعات الجيوسياسية تزيد من التحديات الاقتصادية في الشرق الأوسط
بكين 7 يوليو 2025 (شينخوا) تتواصل تعقيدات المشهد في الشرق الأوسط، فرغم توقف المواجهات بين إيران وإسرائيل، لا يزال الصراع الفلسطيني الإسرائيلي قائما دون أفق للحل النهائي، مما يُلقي بظلال ثقيلة على الأداء الاقتصادي الإقليمي في ظل حالة من عدم الاستقرار السياسي والعسكري. وتواجه اقتصادات المنطقة، التي تعد مصدرا حيويا للطاقة عالميا، تحديات متشعبة تتطلب استجابات متكاملة.
وتوقع صندوق النقد الدولي أن يتباطأ نمو اقتصادات المنطقة إلى نحو 2.7 بالمائة لعام 2025، مقارنة بتوقعات سابقة بلغت 3.6 بالمائة في يناير. ويُعزى هذا التباطؤ بشكل أساسي إلى تردي الأوضاع الأمنية، والأضرار الواسعة التي لحقت بالبنى التحتية، وتزايد الغموض في البيئة الاقتصادية في بعض دول المنطقة. كما يعرقل غياب وقف إطلاق النار بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وعدم وضوح مستقبل العلاقات الإيرانية الإسرائيلية، فرص التعافي الاقتصادي. وتشير تقديرات صادرة عن هيئات تابعة للأمم المتحدة إلى أن الخسائر الاقتصادية المباشرة الناجمة عن الصراعات في المنطقة تجاوزت مئات المليارات من الدولارات، في حين زاد الدمار الواسع في البنية التحتية وتعطل عجلة الإنتاج من صعوبة التعافي الاقتصادي.
ولا تزال تقلبات أسعار الطاقة تؤثر بشدة على الأداء الاقتصادي في المنطقة. فقد شهدت أسعار النفط ارتفاعا ملحوظا مع اندلاع المواجهات الإيرانية الإسرائيلية، لا سيما بعد الضربات الأمريكية، ثم تراجعت عقب إعلان وقف إطلاق النار، مع انحسار علاوة المخاطر. إلا أن هذا التذبذب الكبير في الأسعار ألحق أضرارا مباشرة بإيرادات الميزانيات في الدول المنتجة في المنطقة، وزاد من حالة عدم اليقين على المستوى العالمي.
كما يواجه أمن نقل الطاقة تحديات جسيمة تفرض نفسها بقوة، إذ يكتسب مضيق هرمز، باعتباره ممرا حيويا عالميا، أهمية بالغة في استقرار أسواق الطاقة الدولية واقتصادات المنطقة. وقد أدت التوترات الجيوسياسية الأخيرة إلى ارتفاع المخاطر المرتبطة بالملاحة في أجزاء من المضيق، مما أسفر عن زيادة في تكاليف النقل. ورغم توقف المواجهات الإسرائيلية الإيرانية، تظل مخاطر تجدد الصدام قائمة، الأمر الذي قد يعطل إمدادات النفط ويرفع التكاليف على القطاعات المعتمدة عليه، مما ينعكس سلبا على الاقتصاد العالمي بأسره.
كذلك أضعفت المخاطر الجيوسياسية بشكل واضح ثقة المستثمرين الأجانب. وتوقع البنك الدولي تراجع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى المنطقة في عام 2025. ورغم مواصلة دول مثل السعودية والإمارات تنفيذ إصلاحات اقتصادية طموحة تهدف إلى تنويع محركات الاقتصاد وجذب الاستثمارات، فإن الشكوك السياسية والأمنية لا تزال تلقي بثقلها على الآفاق الاستثمارية.
كما يشكل التوظيف أحد أبرز التحديات التي تواجه اقتصادات المنطقة، حيث أثرت الصراعات سلبا على أسواق العمل، وزادت معدلات البطالة، خاصة بين الشباب. وقد ساهم عدم الاستقرار السياسي وتدهور مناخ الاستثمار في إبطاء وتيرة النمو الاقتصادي، مما أضعف حيوية سوق العمل، وزاد من حدة التفاوتات الاجتماعية، وقلل فرص التوظيف.
وفي ظل هذه التحديات المعقدة، يتوجب على دول المنطقة تعزيز الحوار والتشاور لإيجاد حلول سلمية للقضايا العالقة، وتهيئة بيئة مستقرة ومواتية للتنمية الاقتصادية. كما أن مواصلة إصلاح الهياكل الاقتصادية وتعزيز التنويع وتوسيع نطاق التعاون الإقليمي تعد خطوات ضرورية لتعزيز زخم النمو الداخلي. وعلى المجتمع الدولي، من جانبه، أن يتبنى موقفا أكثر عدالة وموضوعية، يدعم تحقيق السلام الدائم والتنمية المستدامة في الشرق الأوسط.








