مقالة خاصة: محمد تاج السر شاب سوداني يتحدى إعاقته بالإبداع والتميز

مقالة خاصة: محمد تاج السر شاب سوداني يتحدى إعاقته بالإبداع والتميز

2025-12-03 23:47:16|xhnews

الخرطوم 3 ديسمبر 2025 (شينخوا) في اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة، تتجلى قصص تلهم، وتكشف أن الإرادة والعزيمة قادرة على تحويل التحدي إلى إنجاز.

ومن بين هذه القصص تبرز قصة الشاب السوداني محمد تاج السر البالغ من العمر 39 عاما، الذي فقد بصره عندما كان في السابعة عشرة من عمره، واستطاع أن يحول إعاقته إلى قوة دافعة للإبداع والتميز.

وقال محمد تاج السر لوكالة أنباء ((شينخوا)) - الذي يشغل منصب نائب مدير مركز تقانة المعلومات بجامعة وادي النيل بولاية نهر النيل شمال السودان- عن اللحظة التي فقد فيها بصره، "كنت في السابعة عشرة من عمري عندما أصبت بالعمي نتيجة مرض نادر، كانت صدمة كبيرة، شعرت وكأن العالم اختفى أمامي، لكن مع الوقت أدركت أن الاستسلام لن يغير شيء، وأن علي أن أبحث عن طرق لرؤية العالم بوسائل أخرى".

وأضاف محمد - الذي يعتبر أحد أبرز الوجوه الشابة في مجالات التعليم الإلكتروني، والذكاء الاصطناعي، والمونتاج وصناعة الأفلام، إضافة إلى الأمن السيبراني - أن فقدانه البصر جعله يطور حواسه الأخرى ويعتمد على التكنولوجيا في إدارة مهامه اليومية، وقال " أستطيع أن أسمع ما يراه الآخرون، وأحوله إلى صورة كاملة في ذهني، الصوت بالنسبة لي يصبح خريطة وأداة توجيه، وأنا أستخدمه في العمل وفي حياتي اليومية".

ويعتبر محمد التعليم الإلكتروني أحد المجالات التي تمكنه من تحويل خبراته إلى أدوات تفيد الآخرين، خاصة ذوي الإعاقة، ويقول "هدفي أن يكون التعليم متاحاً للجميع، أنا أعرف معنى البحث عن فرصة ولا تجدها، التكنولوجيا تفتح أبواباً لم تكن موجودة من قبل، ويمكنها أن تمنح كل شخص فرصة للتعلم والتطور".

كما أوضح أنه يدرب الطلاب على استخدام برامج ناطقة وأنظمة ذكية، مؤكداً أن دمج التكنولوجيا في التعليم لا يساعد فقط ذوي الإعاقة، بل يثري تجربة التعلم للجميع.

في حديثه عن الذكاء الاصطناعي، قال محمد "الذكاء الاصطناعي منحني طريقة جديدة للتفاعل مع العالم، إنه ليس بديلاً عن الإعاقة، بل أداة تمكنني من الابتكار لحلول تعوض ما فقدته".

وأشار إلى مشاركته في عدة مشاريع تعتمد على التحليل الصوتي والأنظمة الذكية، مؤكداً أن هذه التقنيات يمكن أن تحدث ثورة في حياة ذوي الإعاقة إذا استثمرت بشكل صحيح.

محمد أيضاً بارع في صناعة الأفلام، وهو يعتمد على حواسه السمعية والإحساس الفني بدلاً من النظر، ويقول "الفيلم بالنسبة لي ليس مجرد صورة، أستمع إلى الموسيقى والحوار ونبرة الصوت لأحدد مكان اللقطات وتوقيت ظهورها واختفائها، أحياناً أتمكن من إنتاج أعمال تتجاوز توقعات الآخرين، رغم أنني لا أرى مشاهدها بنفسي".

وأضاف أن شغفه بالمونتاج هو امتداد لحبه للتكنولوجيا والإبداع، وهو يرى في صناعة الأفلام وسيلة للتعبير عن القصص الإنسانية وتجارب الحياة.

في مجال الأمن السيبراني، قال محمد إن هذا المجال يتطلب التركيز على الأنماط غير المرئية، ويضيف " التهديد السيبراني لا يُرى، وهذا يناسبني، أتعامل معه كمعادلة صوتية، أتابع المؤشرات وأحلل المعلومات خطوة بخطوة، تماماً كما يفعل الآخرون بالعين".

وأشار إلى أن العمل في هذا المجال يحتاج إلى صبر ودقة، وهما صفتان اكتسبتهما من تجربتي مع الإعاقة.

وبمناسبة اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة - الذي يتم الاحتفال به كل عام يوم 3 ديسمبر-، وجه محمد رسالة، وقال "نحن لا نحتاج إلى الشفقة، بل الفرص.. الإعاقة ليست ضعفاً، إلا إذا سمح المجتمع بأن تتحول إلى ذلك، أنا لم أصل إلى ما أنا عليه لأنني استثنائي، بل لأنني وجدت من يؤمن بي.. لو مُنحت الفرص نفسها للآخرين، سترون مئات مثل محمد وربما أفضل".

وأكد محمد أن الدعم المجتمعي والفرص التعليمية والتكنولوجية، هو ما يميز بين شخص يحقق إنجازاته وآخر يظل محاصراً بالإعاقة.

وتابع " الإعاقة ليست حاجزا أمام الإنجاز، بل طريق مختلف يتطلب التصميم والإصرار والدعم، ومن واقع تجربتي أستطيع القول إن الإنسان قادر على تحويل العتمة إلى نور من خلال الإرادة والفرص الصحيحة، وأن المجتمع الذي يؤمن بالفرص للجميع هو المجتمع الذي يزدهر حقا". 

الصور