(وسائط متعددة) مقالة خاصة: شاب من غزة يحول مركبة عسكرية من مخلفات الجيش الإسرائيلي إلى نقطة لشحن الأجهزة الإلكترونية

(وسائط متعددة) مقالة خاصة: شاب من غزة يحول مركبة عسكرية من مخلفات الجيش الإسرائيلي إلى نقطة لشحن الأجهزة الإلكترونية

2025-12-04 02:47:15|xhnews

 

في الصورة الملتقطة يوم 30 نوفمبر 2025، فلسطيني يستخدم مصدر للكهرباء داخل مركبة مهجورة للجيش الإسرائيلي في مدينة غزة. (شينخوا) 

غزة 3 ديسمبر 2025 (شينخوا) بين ركام المنازل والدمار المنتشر في حي تل الهوا جنوب غرب مدينة غزة، تبرز مركبة عسكرية ضخمة من مخلفات الجيش الإسرائيلي وقد غطيت بقطعة قماش كبيرة كتب عليها باللون الأحمر "نقطة شحن"، في مشهد يلخص قدرة سكان القطاع على التكيف مع واقع الحرب وابتكار حلول تمكنهم من الاستمرار.

بعد عودته من جنوب قطاع غزة إلى شماله في أعقاب توقف العمليات العسكرية الإسرائيلية في المنطقة، قضى الشاب يحيى خزيق (27 عاما) من مدينة غزة أياماً يبحث عن مأوى بديل بعد تدمير منزله، إضافة إلى محاولة العثور على مصدر رزق يعينه على مواجهة الظروف المعيشية الصعبة التي تعصف بآلاف الأسر في القطاع.

وبينما كان يتجول وسط الحي الذي تعرض لدمار واسع، وقعت عين خزيق على آلية عسكرية تركها الجيش الإسرائيلي خلفه، وكانت المركبة، وفق وصفه، "مصدر رعب للفلسطينيين" خلال الاجتياحات المتكررة.

ويقول خزيق لوكالة أنباء ((شينخوا)) إنه عندما وصل إلى تل الهوا الذي دمر بنسبة كبيرة، وجد ناقلة الجند "شاهدة على ما خلفته الحرب من قتل ودمار وحصار وتشريد"، مشيراً إلى أنه فقد خمسة من أفراد عائلته في قصف إسرائيلي سابق.

ويضيف الشاب، الذي كان يتفقد أجزاء المركبة، أنه قرر تحويل "آلة الدمار إلى آلة للأمل والحياة"، مستغرقاً أسبوعاً كاملاً في تنظيفها من الأنقاض والأتربة وآثار التفجير، قبل تجهيزها لتصبح نقطة لشحن الهواتف الذكية باستخدام ألواح الطاقة الشمسية.

ويوضح أنه اعتمد على أدوات بسيطة ومواد متوفرة في المنطقة، قبل أن ينجح في تشغيل مشروعه الذي أطلق عليه اسم "نقطة شحن".

ويقول خزيق إن هدفه من المشروع لم يكن اقتصادياً فقط، بل "توفير مساحة من الأمل"، لسكان الحي الذين وجدوا أنفسهم من دون كهرباء أو خدمات أساسية، منذ أشهر نتيجة الدمار الكبير وانقطاع التيار الكهربائي ونقص الوقود اللازم لتشغيل المولدات.

ويوضح أن المركبة العسكرية التي يبلغ وزنها نحو 60 طناً وطولها 9 أمتار كانت تستخدم لنقل الجنود الإسرائيليين من داخل الأراضي الإسرائيلية إلى مناطق القتال في غزة، لكنه اليوم يحاول أن يجعلها "وسيلة مساعدة للمدنيين".

ويضيف "الدبابات وناقلات الجند كانت مصدراً للخوف والموت بالنسبة لأهالي غزة، أما اليوم فأريد لها أن تكون مصدراً لمساعدة الناس، ولو في شيء بسيط مثل شحن الهاتف".

وحي تل الهوا، الذي كان يُعد من أكثر أحياء مدينة غزة حداثة وتنظيماً، تعرض لخمسة اجتياحات إسرائيلية على الأقل، خلال الحرب التي اندلعت في السابع من أكتوبر 2025.

وبحسب سكان محليين، دمر الهجوم الأخير معظم الأبراج السكنية والبنية التحتية، ما حول الحي إلى منطقة شبه خالية إلا من الركام.

وتشير وزارة الصحة في غزة إلى أن الحرب الإسرائيلية أسفرت حتى الآن عن مقتل أكثر من 70 ألف فلسطيني وإصابة 170 ألف آخرين، في حين يعاني آلاف السكان من فقدان منازلهم وممتلكاتهم ونقص شديد في الخدمات الأساسية.

وبسبب استمرار إسرائيل في قطع التيار الكهربائي ومنع إدخال الوقود أو إصلاح خطوط الكهرباء المتضررة، انتشرت ظاهرة "نقاط الشحن الخارجية" في جميع محافظات القطاع.

لكن مبادرة خزيق لاقت اهتماماً خاصاً من سكان تل الهوا، لأنها تستخدم آلية عسكرية إسرائيلية سابقاً.

محمد سكيك، أحد سكان الحي، يقف قرب المركبة وينتظر دوره لشحن هاتفه، ويقول إن الحي دمر بشكل شبه كامل خلال الهجوم الأخير وتحول "من حي أبراج عالية إلى مدينة من الأشباح والركام المتناثر".

ويضيف أن مشروع خزيق "فكرة جميلة وخارجة عن المألوف"، موضحاً أن تحويل مركبة كانت في الماضي "تجوب الشوارع وتنشر الخوف" إلى مكان لخدمة الناس "أمر يبعث على التفاؤل".

ويتابع سكيك بابتسامة أن "مقابل شيكل واحد فقط يمكنك أن تشحن هاتفك في داخل مركبة إسرائيلية كانت قبل أسابيع قليلة جزءاً من العمليات العسكرية"، لافتاً إلى أن المشروع يوفر خدمة يحتاجها السكان بشدة في ظل انقطاع الكهرباء.

أما أم إبراهيم الجرو، وهي نازحة تقيم مع أسرتها في مبنى نصف مدمر قريب من نقطة الشحن، فتشير إلى أن المشروع "خفف جزءاً من معاناتها اليومية"، حيث كانت تضطر للذهاب مسافات طويلة لشحن هاتفها أو جهاز الإنارة الصغير الذي تعتمد عليه ليلاً.

وتقول لـ((شينخوا)) إن "رؤية الشباب يحولون ما خلفته الحرب إلى شيء مفيد، يمنحنا شعوراً بأن الحياة يمكن أن تستمر رغم كل شيء".

من جانبه، يرى ناصر الأطرش، وهو موظف حكومي سابق عاد حديثاً إلى منزله المتضرر، أن فكرة إعادة استخدام المخلفات العسكرية "تعكس قدرة الشباب على الابتكار"، ويضيف أن سكان غزة "اعتادوا إيجاد حلول في أصعب الظروف"، مؤكداً أن مشروع خزيق "أعاد الحيوية إلى جزء من الحي".

وبينما يقف عدد من الشبان حول خزيق داخل المركبة، يشرح لهم طريقة تثبيت الهواتف على منافذ الشحن ويطمئنهم بأن الطاقة الشمسية تكفي لتشغيل النقطة طوال النهار، خاصة في ظل طقس مشمس.

ويقول إن بعض السكان يقترحون عليه توسيع المشروع ليشمل شحن البطاريات الصغيرة أو أجهزة الاتصال اللاسلكي، لكنه ينتظر توفر المعدات المناسبة.

ويؤكد خزيق في ختام حديثه أن أهل غزة "يستحقون الحياة مثل بقية شعوب العالم"، وأن مبادرته "رسالة أن الفلسطينيين قادرون على تحويل أدوات الحرب إلى أدوات حياة مهما كانت الظروف صعبة".

الصور