مقالة خاصة: للمرة الأولى منذ عامين مسيحيو غزة يقيمون قداس عيد الميلاد بعد الحرب وسط مشاعر مختلطة

مقالة خاصة: للمرة الأولى منذ عامين مسيحيو غزة يقيمون قداس عيد الميلاد بعد الحرب وسط مشاعر مختلطة

2025-12-25 01:38:15|xhnews

غزة 24 ديسمبر 2025 (شينخوا) للمرة الأولى منذ نحو عامين أقام المسيحيون في قطاع غزة قداس عيد الميلاد المجيد داخل كنائسهم بعد توقف الحرب الإسرائيلية التي حالت دون إحياء هذه المناسبة الدينية طوال فترة النزاع، في مشهد اختلطت فيه مشاعر الفرح بعودة الصلاة الجماعية بالحزن العميق على من فقدوا حياتهم خلال الحرب.

وعلى غير عادة الأعياد السابقة جاء عيد الميلاد هذا العام مثقلا بالذكريات الأليمة، بالنسبة لإدوارد انطوان وهو مسيحي من مدينة غزة فقد والدته وشقيقته خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على القطاع.

ووقف أنطوان (37 عاما) أمام بوابة كنيسة دير اللاتين في مدينة غزة يتأمل المكان، الذي احتمت فيه عائلته ذات يوم مستعيدا تفاصيل حياة انقطعت بفعل الحرب.

وقال أنطوان لوكالة أنباء ((شينخوا)) وهو يتصفح صور والدته وشقيقته على هاتفه المحمول، "قتل قناص إسرائيلي والدتي وأختي، بينما كنا نحتمي داخل الكنيسة".

وأضاف بنبرة يغلفها الحزن "قبل الحرب كنا نعيش العيد معا نزين شجرة الميلاد في البيت، ونذهب إلى الكنيسة للصلاة ثم نحتفل ونوزع الحلوى على الأطفال، هذا العام أشارك في القداس وحدي لكن الصلاة ما زالت تمنحني بعض القوة".

وأشار أنطوان إلى أن إقامة القداس هذا العام تحمل معنى خاصا، قائلا "افتقدنا السلام في غزة لعامين كاملين الحرب دمرت الكثير، وأخذت منا أحبة لكن عودتنا إلى الكنيسة اليوم تمنحنا أملا بأن السلام قد يعود يوما".

وبسبب الحرب التي اندلعت في السابع من أكتوبر 2023 حرم المسيحيون في غزة من إقامة قداس عيد الميلاد طوال عامي 2023 و2024، واقتصرت شعائرهم الدينية حينها على صلوات فردية داخل الكنائس أو أماكن الإيواء في ظل القصف والخطر المستمر.

أما هذا العام فقد أقيم القداس للمرة الأولى منذ عامين دون مظاهر احتفالية، في خطوة رمزية عكست تمسك المسيحيين في غزة بإيمانهم رغم حجم الخسائر.

وقالت نجلاء سابا وهي مسيحية فلسطينية في السبعينات من العمر أثناء توجهها إلى الكنيسة لحضور القداس، "في قلوبنا فرحة بعودة الصلاة في عيد الميلاد، لكن الحزن عميق على ما حصل في غزة وعلى كل من فقدناهم خلال الحرب".

وأضافت "نأمل أن تنتهي الحرب بشكل كامل وأن يعود الناس إلى بيوتهم، وتعود الحياة كما كانت وأن يعيش الجميع بأمان وسلام".

وتابعت نجلاء بنبرة يملؤها الألم "العامان الماضيان كانا من أصعب ما مر علينا، صحيح أن القتال توقف وعم هدوء نسبي لكن الجرح ما زال مفتوحا في قلوبنا".

من جهتها قالت فاتن السلفيتي (67 عاما) التي فقدت زوجها وابنها في قصف إسرائيلي استهدف كنيسة خلال الحرب، "لا يمكن أن يكون هناك احتفال حقيقي وغزة مدمرة، فقدت ابني وزوجي لكننا جزء من هذا الشعب والتضحيات طالت الجميع".

وأضافت "صلاتنا اليوم أن تتوقف الحرب نهائيا وأن يكون العام المقبل، بداية جديدة لأهل غزة فهم يستحقون الحياة بسلام".

أما هيلدا عياد (29 عاما) فأوضحت أن عيد الميلاد هذا العام يختلف جذريا عن الأعياد قبل الحرب، مشيرة إلى أن الكنيسة اكتفت بزينة بسيطة، بينما اقتصرت الفعاليات على القداس فقط.

وقالت "قبل الحرب كانت البيوت تزين بالأضواء وكل عائلة تضع شجرة ميلاد في منزلها، ونحضر الحلويات ونوزع الحلوى على الأطفال داخل الكنيسة اليوم نكتفي بالصلاة".

وأضافت "حتى بعد وقف إطلاق النار ما زلنا نسمع أحيانا أصوات انفجارات، لكننا نحاول التمسك بالحياة والأمل بأن ينتهي الموت في غزة نهائيا".

ويعيش معظم المسيحيين في البلدة القديمة بمدينة غزة وهي منطقة قريبة من الخط الأصفر، الذي يمثل خط انسحاب الجيش الإسرائيلي في المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار.

وقبل اندلاع الحرب لم يكن عدد المسيحيين في قطاع غزة يتجاوز 1100 شخص ينتمي معظمهم إلى طائفة الروم الأرثوذكس، وفقا لايلياس الجلدة عضو مجلس وكلاء الكنيسة الأرثوذكسية العربية.

وتعرضت الكنائس في غزة خلال الحرب لقصف إسرائيلي ما أسفر عن سقوط عدد من القتلى من ابناء الطائفة المسيحية، إلى جانب نازحين مسلمين لجؤوا إلى الكنائس طلبا للأمان.

ففي 19 أكتوبر 2023 تعرضت كنيسة القديس بورفيريوس للقصف، ما أدى إلى انهيار مبنى داخلها كان يؤوي نازحين وأسفر عن مقتل 18 شخصا، بحسب أرقام وزارة الصحة في غزة.

كما تعرضت كنيسة العائلة المقدسة في 17 يوليو 2025، لقصف إسرائيلي أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص.

وقال جورج أنطون مدير العمليات في البطريركية اللاتينية في غزة ورئيس لجنة الطوارئ التابعة للكنيسة خلال الحرب لوكالة أنباء ((شينخوا))، "تقتصر احتفالات عيد الميلاد هذا العام على القداس الألهي فقط، دون أي مظاهر احتفالية كما كان الحال قبل الحرب مثل تزيين الشوارع أو إقامة مهرجانات موسيقية".

وأضاف انطون أن الكنائس تعرضت خلال الحرب لاعتداءات متكررة، مؤكدا أن "ما جرى يثبت أن الحرب استهدفت الشعب الفلسطيني بكل مكوناته دون تمييز بين طائفة وأخرى".

وأشار إلى أن أكثر من 53 شخصا من ابناء الطائفة المسيحية قتلوا خلال الحرب، سواء نتيجة استهداف مباشر أو بسبب وفاة مرضى وكبار سن داخل الكنائس في ظل انعدام القدرة على توفير العلاج أو نقلهم إلى المستشفيات آنذاك.

وخلال زيارته إلى قطاع غزة التي بدأت في 19 ديسمبر واستمرت ثلاثة أيام قال الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا بطريرك القدس للاتين "أنا سعيد لوجودي هنا معكم وللمرة الأولى منذ زمن الحرب أشعر بنوع من الراحة للقاء الناس مجددا رغم صعوبة الأوضاع".

وأضاف "سنعيد بناء مدارسنا وبيوتنا وحياتنا من جديد، المباني يمكن ترميمها، لكن قلوب الناس تحتاج إلى شفاء والمحبة وحدها قادرة على البناء". 

الصور