الصفحة الأولى > الشرق الأوسط

تحقيق: النازحون السوريون فى لبنان يتجهون للعمل بالتجارة لتوفير دخل جديد لعائلاتهم

10:31:08 30-03-2015 | Arabic. News. Cn

بيروت 29 مارس 2015 (شينخوا) يقف النازح السوري عبدالله الحجي عند مدخل خيمة صغيرة حولها الى دكان تجاري صغير في البقاع شرق لبنان،ينتظر الزبائن لشراء الحلوى ما يؤمن له دخلا معقولا يساهم في تلبية جزء من احتياجات أسرته.

ويعرض النازح الخمسيني في متجره أنواعا مختلفة من السكاكر ومنها الشوكولاتة والبسكويت رخيص الثمن والمرطبات وقليل من المكسرات ما جعله مقصدا لزبائن من مختلف الأعمار خصوصا الاطفال.

ويقول الحجي (55 عاما) لوكالة أنباء ((شينخوا)) ان "هذا الدكان بات فسحة امل لعائلتي تعطينا مردودا مقبولا ، يسد جانبا من حاجياتنا ، في ظل ما نواجه من تقتير في المساعدات الدولية،تحت ذريعة انخفاض في تقديمات الدول المانحة".

واضاف الحجي ان التجارة بمختلف توجهاتها وتشعباتها،باتت هدفا لشريحة واسعة من النازحين السوريين،والذين لهم الباع الطويل والخبرة في هذا المجال.

وباتت دكاكين الفلافل والشاورما والمكسرات على الطريقة السورية منتشرة في مختلف تجمعات النازحين،وان كانت اجراءات الجهات الرسمية اللبنانية، بحسب الحجي، تحد منها باعتبارها مخالفة للقوانين ويلزمها رخص رسمية.

الا ان النازحين يحصرون مثل هذه التجارة داخل المخيمات او عند اطرافها.

ويتجه النازحون السوريون وبشكل تدريجي الى الأعمال التجارية ،وسط تجمعات ومخيمات نزوحهم ، بهدف ايجاد وسيلة خاصة وثابتة ، تكفل استقرار اوضاعهم الأقتصادية مع طول النزوح ، بحسب ما يقول النازح محود العتري من ريف ادلب.

ويوضح العتري ان النازحين لجأوا لهذا الخيار ، بدل انتظار المساعدات والتقديمات الخارجية،المحكومة بالمساهمات الدولية والتي بدأت بالانحدار فترة بعد فترة "وتبعا لمصالح ومزاجية الجهات المانحة".

وأوضح ان الكثير من النازحين،استطاعوا تأمين مبالغ صغيرة ، استثمروها في التجارة، فباتت تشاهد داخل تجمعات النازحين ،محال تجارية صغيرة موزعة بين السكاكر والمواد التموينية والخضار اضافة الى معامل الخياطة والحلويات والمكسرات ، تحولت الى ابواب رزق محدودة ،تغني وبنسبة مقبولة،عن استجداء مساعدة او معونة مجبولة بالذل والأهانة.

وان دخل النازح السوري السوق التجاري اللبناني من بابه الضيق ،آخذا بعين الأعتبار عدم التنافس مع التاجر اللبناني،لذا فقد عمل على حصر تجارته ، وبنسبة عالية داخل المخيمات والتجمعات المحايدة، وان كانت هناك قفزات محدودة الى جوانب الطرقات او بعض الأسواق الشعبية وخاصة الأسبوعية منها،كما يقول النازح علي الحسوني من حلب.

ودفع ضيق الحال الحسوني الى فتح محل لبيع الخضار امام احد المخيمات في سهل الرفيد البقاع الغربي.

واضاف ان " كل ما اعرضه صندوق من الليمون وآخر من الموز والتفاح،عدة اكياس بطاطا، جمعها اطفال المخيم من السهول القريبة، ابيع يوميا ب 20 الى 35الف ليرة ( الدولار يساوى 1500 ليرة لبنانية) ، ربحي لا يتعدى ال 3 الى 5 آلاف ليرة، لأتمكن من تأمين جانب من حاجة العائلة،ولا اريد اكثر من ذلك".

اما النازح حسيب الوليدي ، وهو اب لستة اطفال، فقد عمل على تقسيم خيمة نزوحه في سهل البقاع الى قسمين ،الأول حشر عائلته فيه ، والثاني حوله الى محل تجاري صغير تحت اسم ،ميني ماركت الوليد،عرض فيها المرطبات والمكسرات ومختلف انواع المعلبات.

وقال " ان الزبائن من نازحي المخيم،يشترون حاجياتهم باسعار مقبولة ،بحيث نحرص كل الحرص ان توازي اسعارنا تلك التي في المحال اللبنانية المجاورة،ورأس مال المحل لم يتجاوز ال 200 دولار امريكي،والربح اليومي يتراوح بين ال 5 الى 10 آلاف ليرة".

ويمضى الوليدي قائلا "يكفي اني اعيش بكرامتي ومن عرق الجبين، لقد استنزفت الحرب السورية كل ما نملك،كانت لدينا بساتين في ادلب شاسعة، واملاك كثيرة ومنازل، كلها تهدمت او احترقت،وما نحاول ان نقوم به هنا، يبقى عملا مؤقتا،بأنتظار توقف الحرب في بلدنا، لنعود الى ديارنا، نبني من جديد".

ولا يتوقف الأمر على الرجال فقط بل دخلت النساء معترك البحث مصدر رزق لتوفير لقمة العيش لاسرهن.

ففي سهل مرجعيون جنوب لبنان ، اتخذت ام حامد جومانة العزيزي ، وهي ام لأربعة اطفال قتل زوجها في الحرب السورية ، من زاوية خيمتها ،مكانا ركزت فيه ماكينة خياطة عتيقة ،استطاعت اخراجها من بين ركام منزلها المدمر،وحملتها معها الى لبنان.

وباتت جومانة مقصدا لعشرات النازحين الذين ،يلجأون اليها ، لرثي ثيابهم او لاعادة تفصيل ملابس حصلوا عليها كمساعدات.

وتشير جومانة الى توسع عملها ليصل الى حد ،خياطة او تسوية ملابس وفساتين اعراس لنازحات قررن الزواج في النزوح.

وقالت " ان العمل مقبول ولكن تقنين الكهرباء ،يبقى المشكلة في الحد من العمل،اسعاري رخيصة جدا فرثي اية قطعة او تقصير بنطلون مثلا ب الف ليرة،خياطة فستان العروس يصل الى 50 الف ليرة،لكن المهم ان مهنة الخياطة هذه تدر علي بحدود 100 الى 150 دولارا شهريا،وهذا المبلغ يغطي نسبة مقبولة من المصاريف".

واختار النازح سليم ابو رزقي من ادلب، مهنة تربية الدجاج والحمام ،فاقام بمحاذاة خيمته في جنوب لبنان، قنا او مزرب بطبقتين، السفلى خصصها للدجاج والعلوي للحمام.

وقال " لقد نجحت التجربة ، بدأت العمل ب 10 دجاجات وب 5 ازواج حمام ،وخلال سنتين تضاعف العدد لمرتين،عندي يوميا بين 10 الى 15 بيضة ،ابيع كل 3 بيضات ب الف ليرة،وكذلك ابيع فروخ الحمام كل فرخ ب 5000 ليرة،الغلة مقبولة والزبائن تجاوزوا النازحين الى اخوتنا اللبنانيين في القرى المجاورة".

"نريد العيش بكرامة" ، هذا ما يصر عليه حسن ابو طارق جميل العلبي الذي يعمل في تجارة البطاريات العتيقة .

وقال العلبي " ان الوضع صعب والحالة مربكة حقا،علينا التأسيس لواقع جديد ،فالنزوح ربما طال وما حك جلدك مثل ظفرك ،ويجب عدم الوقوف وانتظار المساعدات ربما انقطعت فجأة ،من ضمن سياسة معاقبة سوريا واهلها،واني اتوجه الى كل نازح بالقول، حاول ايجاد عمل يقيك الجوع يوما،ولا تترك الرهان للظروف المتبدلة والمصير المجهول".

واستنادا إلى إحصائية المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة، يستضيف لبنان 1.2 مليون نازح سوري يشكلون عبئا اقتصاديا وأمنيا كبيرا على البلد.

وقد عبرت الحكومة اللبنانية مرات عدة عن عدم قدرتها على تحمل أعباء النازحين بمفردها، طالبة من المجتمع الدولي المبادرة إلى دعمها لتمكينها من تقديم رعاية أفضل لهم.

وكانت الحكومة اللبنانية بدأت منذ مطلع العام الحالي تطبيق إجراءات مشددة لوقف تدفق النازحين من سوريا إلى لبنان، تشمل فرض شروط على القادمين وشطب اسم من يغادر منهم إلى سوريا وعدم السماح لهم بالاحتفاظ ببطاقات تسجيلهم كلاجئين.

ألصق عنوان البريد الإلكتروني لصديقك في الفراغ اليمين لإرساله هذه المقالة العودة الى الأعلى
010020070790000000000000011101441341077561