بكين 17 فبراير 2015 (شينخوا) مع الانتشار المتسارع لآفة الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط وتفشيها لتمتد إلى العالم وتصبح خطرا شديدا يتفاقم باطراد ويهدد الأمن والسلم الدوليين، أكد خبراء صينيون على أهمية تعزيز التعاون الصيني - العربي في مكافحة الإرهاب وفقا لمفهوم أمني متكامل.
ــ ضرورة تعزيز التعاون الصيني ــ العربي في مكافحة الإرهاب
وقد صرح وو سي كه المبعوث الخاص الصيني السابق إلى الشرق الأوسط في حوار حصري مع وكالة أنباء ((شينخوا)) اليوم (الثلاثاء) بأن التعاون الصيني - العربي في مكافحة الإرهاب يعد بمثابة جزء هام من تعاونهما الشامل حيث "نؤيد بعضنا البعض دائما في هذا الصدد".
وقال إن"مفهومنا بشأن مكافحة الإرهاب والمتمثل في نبذ الإزدواجية ومناهضة الإرهاب وعدم ربطه بدين أو عرق معينين عند مواجهته يلقى توافقا واسعا في العالم العربي، وهذا ما لمسته خلال زياراتي إلى المنطقة".
وأضاف أن الصين تبادر دائما إلى التعبير عن موقفها إذا ما تعرض أي بلد عربي لهجمات إرهابية أو أعمال عنف، وتصر على أن تقدم للدول العربية ما بوسعها من دعم في هذا المجال.
ومن جانبه، أشار وو يي هونغ الباحث المخضرم بمركز الدراسات الدولية التابع لوكالة أنباء ((شينخوا)) إلى أن تعزيز التعاون الصيني- العربي في مجال مكافحة الإرهاب اتجاه حتمى من الناحية التاريخية، إذ أن الإرهاب لا يؤثر سلبا على أمن منطقة الشرق الأوسط واستقرارها فحسب، وإنما تنتشر تداعياته إلى العالم أجمع، وهو ما شهدناه بوضوح في أوروبا.
واقترح أن توحد الصين والدول العربية المعايير لتحديد ماهية الإرهاب لمواجهة الإرهابيين الذين يهددون المهمة المشتركة المتمثلة في تحقيق التنمية الاقتصادية وبناء مجتمع رغيد العيش والتي تعد السبيل الجذري للقضاء على الإرهاب.
واتفق الأستاذ وو بينغ بينغ رئيس مؤسسة أبحاث الحضارة الإسلامية بجامعة بكين مع آراء الخبيرين، قائلا إن الصين تود رؤية شرق أوسط مستقر وآمن، إذ أن الإرهابيين الذين تدربوا وقاتلوا في المنطقة يهددون أمن واستقرار العالم كله.
وأشار في الوقت نفسه إلى أن مكافحة الإرهاب تشكل إحدى نواحي التعاون الصيني ــ العربي الأمني في العصر الجديد، قائلا إن الصين تمتلك من الخبرات الناجحة في حكم وإدارة البلاد ما مكنها من أن تخطو خطوات ثابتة على طريق التنمية، وهو ما يمكن أن تستفيد منه البلدان العربية بعدما تكشف فشل الغرب من خلال السيناريوهات التي حدثت في أفغانستان والعراق وغيرهما.
هذا و"لابد علينا أن نعزز تعاوننا مع الدول العربي فيما يتعلق بالأمن وفقا لمفهوم جماعي وتعاوني ومتكامل"، على حد قوله.
ــ مقترحات لتعزيز التعاون الصيني ــ العربي في مكافحة الإرهاب
ولفت المبعوث الصيني السابق وو سي كه إلى أهمية الحفاظ على التواصل والتبادل مع الدول العربية في مجال التصدى للإرهاب ومكافحته.
وشاطره الرأى الأستاذ وو بينغ بينغ قائلا إن الدول العربية لديها خبرات وافرة في هذا المجال يمكن للصين الاستفادة منها، فيما يتوجب على الجانبين تعزيز التبادل في تشاطر المعلومات ذات الصلة بهذه القضية.
ومن جانبه اقترح وو يي هونغ أن تعزز المؤسسات البحثية والمنظمات الشعبية لدى الجانبين التواصل لمعرفة ما يهمهما بشكل جيد، كما ينبغي على الأجهزة المعنية في كل منهما تعضيد أطر التعاون لتحديد الإرهابيين وضربهم بدقة.
وبدوره، نوه وو بينغ بينغ إلى أنه ينبغي على الصين تقديم كل ما في استطاعتها من معونات إغاثة إلى دول المنطقة التي تعاني من تفاقم أزمات إنسانية ناتجة عن تفشي الإرهاب.
ومن جانبه شجع وو سي كه على تطبيق مفهوم للأمن المتكامل في إطار التعاون الصيني ــ العربي في مجال مكافحة الإرهاب، قائلا إنه بعدما أكد وزير الخارجية الصيني وانغ يي في الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام الماضي مجددا موقف بلاده إزاء مكافحة الإرهاب بكل أشكاله من خلال تنفيذ السياسات بأسلوب متكامل وإطلاق العنان للدور القيادي للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، استمد المجلس مؤخرا من مفاهيم الصين بهذا الشأن ليتبنى القرار رقم 2199 حول مكافحة الإرهاب.
كما يدعو الجانب الصيني إلى قطع جميع القنوات التي تستخدم التنظيمات الإرهابية من خلالها الإنترنت لبث أشرطة فيديو إرهابية ونشر إيديولوجيات متطرفة وتجنيد أفراد وتعبئة أموال، فضلا عن التحريض على أنشطة إرهابية والتخطيط لها وتنفيذها، حسبما ذكر وو سي كه.
وتابع يقول "ينبغي علينا معالجة الإرهاب ظاهريا وجذريا. ولا بد أن يجرى تنفيذ سياسات متكاملة لإجتثاث التربة التي ينشأ ويترعرع فيها الإرهاب ارتكازا على حل القضايا الساخنة في منطقة الشرق الأوسط بالطرق السياسية."
يدعو مفهوم الأمن المتكامل إلى دراسة القضايا الأمنية التي تتداخل فيها العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعسكرية والبيولوجية إلخ من خلال الاستعانة بمفهوم شامل ومنهجي ومترابط، واستخدام سبل متنوعة لإطلاق العنان للإمكانات الكاملة لتحقيق الأمن العام.
وفي الختام اتفق الخبراء الصينيون على ضرورة نبذ المعايير المزدوجة بشأن مكافحة الإرهاب ورفض ربطه بدين أو عرق معينين، مؤكدين على "أهمية فتح نافذة أمل في تحسن الظروف المعيشية والتمتع بالعدالة الاجتماعية أمام شعوب المنطقة التي تعيش في ظل شبح الإرهاب ".