يانآن، شنشي 23 فبراير 2015(شينخوا) وسط مساعيها لوقف التراجع المسجل في نمو الاقتصاد ، قامت الحكومة الصينية بتخفيف سياستها النقدية من خلال تخفيض متطلبات الفوائد والاحتياطيات ، وتعميق الإصلاحات الاقتصادية ، إلى جانب تخفيف التدخل الحكومي، وتوسيع مشاريع البنى التحتية من السكك الحديدية إلى مجمعات الطاقة.

ولكن السؤال الذي ما يزال يطرح نفسه بقوة، يتمثل في كيفية تمكين هذه السياسات من إحداث التأثير المطلوب على الساحة.

نزرع ، أو لا نزرع

بالنسبة لأولئك الذين يعيشون في هضبة (هوانغ تو، أو اللوس) وهي أكبر هضبة ذات تربة من الرواسب الطميّة في شمال غربي البلاد ، فإن الاحتفال بعيد الربيع التقليدي قد حلَّ في نهاية الشتاء الطويل والقاسي. وهذا يعني أيضاً أن الوقت قد حان ليتمكن الناس من أمثال سو هاي يينغ، وهو مقيم في بلدة قانقويي في مدينة يانآن، لحساب المكاسب التي حققوها في السنة القمرية المنتهية.

على الرغم من أن سو ينحدر من أسرة ريفية، لكنه لم يعد يرغب أبداً بزراعة البطاطا الحلوة التي لطالما كانت تشكل مصدر الدخل الأهم لأجيال من المزارعين الذين يعملون في تلك المنطقة الجرداء والرحبة ذات التربة الرملية.

وبدلاً من الاستمرار في حرفته، تحول سو وابنه إلى تجارة أكثر ربحاً تتمثل بنقل مواد البناء.

لكن سو أعرب عن أسفه بالقول: "لقد كانت سنة الحصان سنة سيئة لأعمالنا في مجال النقل"، مضيفاً أنه كسب مع ابنه خلال سنة 2014، نصف ما كسبوه فقط في العام 2013.

وكانت سوق العقارات في الصين قد شهدت تراجعاً السنة الماضية، حيث أضرت وفرة الإمدادات برغبة المشترين وتفاؤلهم حول وضع هذا القطاع . فالانهيار في استثمارات العقارات، وخصوصاً في مشاريع البناء الجديدة، لعب دوره في جرِّ نمو الاقتصاد الصيني نحو الخلف، مسجلاً أدنى انخفاض خلال 24 سنة.

ومع ذلك، فإن فرصاً أخرى ما زالت متاحة لتحقيق مكاسب جيدة على الرغم من فتور سوق العقارات، وتتمثل في مشاريع البنى التحتية.

وقد كان سو وابنه قادرين على العمل في مشروع بناء طريق سريع، وجنيِ مبلغ عشرة آلاف دولار أمريكي تقريبا.

وفي الوقت نفسه، كان تيان قوانغ بينغ، وهو جار سو، سعيداً بالسير على خطى والده والاستمرار في زراعة المحاصيل الزراعية .

وفي هذا السياق قال تيان: " لقد جنيت السنة الماضية 90 ألف يوان (14 ألف دولار أمريكي)"، مشيراً إلى أن تلك الأموال جاءت من محصول البطاطا الحلوة التي نضجت في أرضه المستأجرة، والتي تبلغ مساحتها نصف هكتار.

وتتمتع البطاطا الحلوة التي تنمو في قانقويي بسمعة طيبة، حيث تنمو درناتها جيداً وبشكل خاص في تربة الإقليم .

ومع حلول السنة القمرية الجديدة، يبدو تيان مفعماً بالأحلام مع قدوم سنة الخروف. فبلدته تخطط لتأسيس 24 هكتاراً لزراعة البطاطا الحلوة العضوية في العام 2015، ويأمل تيان أن ينخرط في هذا المشروع الذي يسمى "المنتجات الخضراء أو (الطبيعية)" والذي من شأنه أن يرفع من الأسعار في السوق المحلية.

من جانبها نشرت مجلة تشيوشي الناطقة بلسان الحزب الشيوعي الصيني مقالاً يوم الاثنين الماضي لرئيس مجلس الدولة (مجلس الوزراء) لي كه تشيانغ، دعا فيه إلى تحديث الزراعة ، حيث قال إن ذلك بات من الأهمية بمكان وعلى نحو متزايد، من أجل تحقيق نمو مستقر للاقتصاد وتعزيز عملية التحول الهيكلي.

وتأتي هذه المقالة على خلفية الالتزامات التي تعهدت بها الحكومة المركزية في مطلع الشهر الجاري لتسريع تحديث الزراعة من خلال اعتماد سياسات تفضيلية، وتعميق الإصلاح والإبداع التكنولوجي.

اتجاهات جديدة

وبالعودة إلى سو الذي حفر كهفاً له عند جانب التلة ويسمى باللغة الصينية "ياودونغ"، فإن ذلك الكهف متصل بشبكة الإنترنت الآن . بينما قال مسؤول في البلدة إن نحو نصف الأسر التي تعيش في القرى المحيطة بمركز البلدة تتصل بشبكة الإنترنت أيضاً، فضلاً عن وجود خطط لتوسيع رقعة انتشار شبكة الإنترنت بشكل أوسع في المستقبل.

ومن المتوقع أن يسهم ذلك الأمر في تضييق فجوة استخدام التجارة الإلكترونية بين المقيمين في المناطق الحضرية والريفية. حيث يتوقع الخبراء بأن سوق التجارة الإلكترونية في المناطق الريفية ستصل إلى 460 مليار يوان بحلول العام 2016، بالنسبة للمبيعات عبر الإنترنت . إلى جانب امتلاكها الإمكانية لتجاوز الاستهلاك الحضري خلال العقد المقبل.

وأعلنت شركة علي بابا العملاقة للتجارة الإلكترونية في آخر شهر أكتوبر الماضي بأنها ستستثمر مبلغ عشرة مليارات يوان خلال السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة لبناء ألف مركز تشغيلي في مقرات المحافظات، وأكثر من 100 ألف منفذ للخدمة في القرى.

كما تشهد هضبة اللوس المعزولة المزيد من الأجيال الشابة التي تغادر نحو المدن الكبيرة، حيث أن العديد من الناس في هذه المنطقة يتوقعون استمرار هذا الاتجاه .

وبالنسبة لمسؤول في الحكومة المحلية طلب عدم ذكر اسمه، فإن نحو 30 شخصا فقط من السكان يعيشون حالياً في قريته، مقارنة بالسكان الرسميين والذين يقدر عددهم بـ 360 شخصاً.

وقال المسؤول:" تقريباً، لقد غادر كل رجل وامرأة شابين نحو المدينة" حيث يعملون الآن كعمال بناء أو نادلين في المطاعم . فيما أضف أحد القرويين:" إن الشباب لا يرون في الزراعة عملاً جيداً".

لتبقوا على اطلاع على آخر أخبار الصين تابعونا على:

@XHNews on Twitter at http://www.twitter.com/XHNews and Xinhua News Agency on Facebook at http://www.facebook.com/XinhuaNewsAgency