بكين 7 مارس 2015(شينخو) إن "الصين باعتبارها دولة كبيرة، تحتاج إلى جيش يكون قادرا على حماية أمنها الوطني وأمن شعبها"، هكذا قالت فو يينغ المتحدثة باسم الدورة السنوية الثالثة للمجلس الوطني الـ 12لنواب الشعب الصيني مؤخرا عندما صرحت بأن الصين سترفع ميزانية الدفاع بواقع 10 في المائة خلال العام الجاري.
وقد تسلطت الأضواء من كل صوب وحدب على هذه الزيادة في الميزانية العسكرية للصين ودارت نقاشات ساخنة حولها لتؤشر على مدى الاهتمام الذي توليه الدول من مشارق الأرض ومغاربها بثاني أكبر اقتصاد في العالم ولاسيما بعدما أعلنت بكين مؤخرا عزمها إقامة سلسلة أنشطة تشمل عرضا عسكريا بمناسبة الذكرى الـ70 للانتصار في حرب المقاومة الشعبية الصينية ضد العدوان الياباني والانتصار في الحرب العالمية ضد الفاشية.
إن التاريخ هو حقا أفضل معلم. فقد عاني الشعب الصيني معاناة شديدة في فترة الحرب ويعرف أكثر من الآخرين حلاوة مذاق السلام الذي تحقق بشق الأنفس، وها هو اليوم يواصل فتح آفاق جديدة للاشتراكية ذات الخصائص الصينية ويمتلك القدرة على الاسهام في حماية السلم العالمي. لهذا، من الضرورة بمكان إقرار زيادة مناسبة في الإنفاق الصيني على الدفاع لرفع قدرة الصين على حفظ السلم العالمي مع تمسكها بطريق التنمية السلمية والتزامها بسياسة دفاع وطني دفاعية في طبيعتها.
فالصين تمتلك أراضي تتجاوز مساحتها 9.6 ملايين كم مربع ومياه إقليمية تتجاوز مساحتها 3 ملايين كم مربع وحدود أرضية طولها 22 ألف كم وحدود بحرية طولها 18 ألف كم. ومن ثم، فإن حفاظها على الأمن القومي واستقرار المنطقة ليس بالأمر السهل.
وبات حريا الآن مقارنة بأي وقت مضى على مدار التاريخ تطبيق مفهوم الأمن الوطني الصيني وتوسيعه من حيث الزمان والمكان في ظل عوامل داخلية وخارجية أكثر تعقيدا وفي مواجهة متطلبات الدفاع الوطني المتزايدة وفي وقت لا يمثل فيه الإنفاق العسكري للفرد بالصين سوى واحد على اثنين وعشرين من نظيره بالولايات المتحدة وتسع نظيره ببريطانيا وخمس نظيره باليابان.
ورغم زيادة الإنفاق الدفاعي التي خططتها الصين للعام الجاري، إلا أنها قليلة عند مقارنتها بنظيراتها في دول كبرى أخرى حول العالم، سواء من حيث إجمالي الناتج المحلي للفرد أو للجندي. فالإنفاق الدفاعي في الدول الرئيسية يتراوح بين 2 و 4 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، ولكنه يمثل في الصين حوالي 1.5 في المائة، وهو أقل إلى حد كبير بالمقارنة مع نظيره الأمريكي البالغ نسبته 4 في المائة. وخلال الفترة ما بين عامي 2001 و 2013، بلغ الإنفاق الدفاعي للدول الكبرى 2.5 في المائة من إجمال الناتج المحلي، ولم يبلغ في الصين سوى 1.3 في المائة.
وبالإضافة إلى ذلك، تحمل الصين على عاتقها مسؤولية دولية في عالم اليوم الذي يزداد على ما يبدو تعقيدا يوما بعد يوم، وتعمل على تسريع خطى إستراتيجية "التوجه نحو الخارج"، وإضفاء الطابع الطبيعي على عملية إرسال فرق حراسة تابعة للبحرية الصينية إلى خليج عدن وقبالة السواحل الصومالية.
كما تحرص الصين على إيفاد فرق إنسانية للمشاركة في عمليات إغاثة دولية وتشارك بأكبر عدد من القوات في بعثات حفظ السلام الدولية بين الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي. وبالتالي، فإن زيادة الميزانية العسكرية للصين تعد جزءا لا يتجزأ من الموارد المالية والمادية اللازمة لدعم إسهاماتها السالفة الذكر. ويمكن القول إنه في كل مرة يرتفع فيها الإنفاق الصيني على الدفاع بمقدار قرش واحد، تزداد الضمانات التي تكفل تحقيق السلام العالمي والاستقرار الإقليمي.
وفي الوقت الحاضر، أصبح بناء الدفاع الوطني والجيش في الصين أكثر انفتاحا وشفافية وصارت إدارة الإنفاق الدفاعي تتم بصورة معقولة وعلمية أكبر. فالصين من أوائل الدول التي تعهدت بألا تكون البادئة باستخدام الأسلحة النووية. وإذا لم ينظر للصين عبر نظارة معتمة، سيقر الجميع بأن سياسة الدفاع الوطني الدفاعية الصينية صحيحة ومخلصة، وخاصة أن الصين انضمت رسميا في عام 2007 إلى نظام الأمم المتحدة للإبلاغ الموحد عن النفقات العسكرية وتقدم سنويا تقريرا مفصلا حول النفقات العسكرية إلى الأمم المتحدة.
قبل 70 عاما، تكاتف الشعب الصيني مع شعوب العالم لتحقيق النصر العظيم في الحرب ضد الفاشية. وبعد70 عاما، ستقدم القوات الصينية التي تشهد الآن تحولا تاريخيا إسهامات ضخمة لحماية السلم العالمي ودعم عملية تقدم البشرية.