بكين 14 أبريل 2015 (شينخوا) أعلنت هيلاري كلينتون ترشيحها يوم الأحد في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي الممهدة لسباق الرئاسة الأمريكية 2016. ورأى محللون صينيون أنه بدون وجود خصوم بارزين داخل الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري، قد تكون كفة هيلاري هي الأرجح للفوز بمنصب الرئاسة الأمريكية.
لكنه حذر بعض المحللين من تغيرات محتملة في المواقف الخارجية الأمريكية ولا سيما العلاقات الصينية - الأمريكية وقضايا الشرق الأوسط التي كانت وستكون دائما محور جدل وبؤرة اهتمام، وخاصة في ظل حرص كلينتون على أن تبدو مختلفة عن الرئيس الحالي باراك اوباما.
--قطار لا يمكن إيقافه
طريق كلينتون لتجاوز الانتخابات التمهيدية يكاد يكون خاليا، فهي تقف وحيدة بين أقرانها الديمقراطيين حتى الآن على رأس مقدمة السباق. ولا تبدو التوقعات تصب في صالحها فقط في الولايات المتحدة، بل في الصين أيضا حيث نشر موقع ((سو هو)) المعروف بانتشاره الواسع، يوم الاثنين تحليلا عن ترشيحها في الانتخابات الأمريكية ، قال فيه أن هيلاري تشتهر بأنها معروفة بشدة ليس فقط في أمريكا وإنما في جميع أنحاء العالم أيضا. وأظهرت تقدما بفارق كبير على خصومها المحتملين في استطلاعات الرأي الأخيرة، واصفا إياها بأنها "قطار لا يمكن ايقافه".
وبالمقارنة مع ترشيحها السابق في عام 2008 عندما انسحبت أمام الصعود السريع لباراك أوباما في الانتخابات التمهيدية، تتمتع هيلاري الآن، كما أكد موقع ((مراقبون)) الاخباري الصيني، بخبرات وافرة وتدعمها تجارب وإنجازات واقعية في الشؤون الخارجية أثناء فترة عملها كوزيرة للخارجية بين عامي 2008 و 2012، الأمر الذي سيعزز من قدرتها التنافسية ويوفر لها تفوقا واضحا في السباق.
وأشارت إذاعة الصين الدولية إلى أنه بالإضافة إلى دعم أوباما وزوجها الرئيس الأسبق بيل كلينتون، شكلت هيلاري فريق حملة قويا ومحترفا وبدأ الترويج لها من خلال نشر سلسلة من الفيديوهات المثيرة لإبراز مزاياها كـ"أول أنثى جذابة ومحتملة لتولي المنصب الأعلى في تاريخ الولايات المتحدة". وأضافت أن استراتيجية وأنماط التسويق تعد من أهم الأمور في "حرب الدعاية " للانتخابات الأمريكية.
--موقفا أشد .. لكن قولا فقط
وأثار كتابها ((خيارات صعبة)) ضجة في المجتمع الدولي، حيث قالت إن موقفها تجاه "الربيع العربي" وشؤون الشرق الأوسط يختلف إلى حد كبير عن أوباما. وأعربت مباشرة عن استيائها تجاه طريقة تعامل أوباما مع بعض قضايا الشرق الأوسط، مشيرة إلى أن عدم التدخل الأمريكي في سوريا في الوقت المناسب عزز قوة التيارات الدينية المتطرفة في المنطقة، كما انتقدت حذر أوباما المفرط في التعامل مع الشؤون العربية.
واتفق المحللون الصينيون أن هيلاري تتخذ موقفا أشد "بلاغيا " في الشؤون الخارجية مقارنة مع باراك أوباما. ونقلت صحيفة ((فاينينشال انترناشيونال)) الصينية عن هيلاري قولها إن دولة عظيمة تحتاج إلى مبادئ توجيهية، وموقف "عدم ارتكاب خطأ أحمق" الذي كرره أوباما كثيرا لا يمثل "مبدأ توجيهيا".
وحذر بعض المحللين الصينيين من موقف أشد تجاه الصين إذا فازت هيلاري بمنصب الرئاسة، مشيرين إلى كلامها المكرر: "الولايات المتحدة تعتمد على الصين بشكل مفرط" و"لما لا نتخذ اجراءات شديدة ضد الصين؟." ولكن موقع ((رين مين)) الإخباري الصيني قلل من أهمية تلك التصريحات، موضحا أن المرشحين الأمريكيين يلجأون دوما إلى تقوية لهجتهم تجاه الصين من أجل جذب الانتباه ولكن بعد الفوز يعودون إلى "المواقف الواقعية".
ورأى ليان تشاو تشون، الخبير في شؤون الشرق الأوسط بجامعة بكين، أن" هيلاري شخصية تتسم ببلاغة قوية"، ومواقفها المتشددة تجاه بعض قضايا الشرق الأوسط لا تتجاوز "حدود القول إلى الفعل"، مؤكدا أن السياسات الخارجية الحذرة والمعتدلة النسبية التي يتبعها أوباما تتناسب مع الواقع الأمريكي الداخلي، مستبعدا إمكانية عودة الولايات المتحدة إلى طريق التدخل المباشر والسياسات العدوانية مثلما حدث في حقبتي بوش الأب والابن.
أكثر نشاطا... في الشرق الأوسط
وأثناء عملها كوزيرة للخارجية الأمريكية، أدى حادث بنغازي الذي لقي فيه السفير الأمريكي حتفه بسبب اقتحام مجموعة متطرفة ليبية السفارة الأمريكية لدى بنغازي في عام 2012، إلى أكثر وأعنف الانتقادات تجاه هيلاري . وقد أثار رد فعلها المتردد والبطيء استياء السياسيين المحليين والعالميين. واعتقد قونغ تشن شي، الباحث بمركز الدراسات الدولية التابع لوكالة أنباء ((شينخوا))، أنه يتوقع أن تنخرط هيلاري بشكل أكبر في الشؤون العربية والشرق الأوسطية.
وفي هذا الصدد، ذكرت هيلاري نفسها أكثر من مرة في سيرتها الذاتية أنه يجب على الولايات المتحدة أن تكون أكثر نشاطا في الشرق الأوسط لمعالجة الأزمات المطولة في سوريا والعراق وإعادة التعاون القوي والنفوذ الأمريكية في هذه المنطقة.
ورأى الدكتور وو بينغ بينغ نائب عميد كلية اللغة العربية بجامعة بكين أن الخلاف بين السعودية وإيران وخاصة الغارات التى وجهها التحالف العربي بقيادة الرياض ضد الحوثيين المدعومين من طهران في اليمن يشكل تحديا كبيرا أمام السياسة الخارجية الأمريكية، مؤكدا على دور مصر كقوة كبرى ووسيط حيوي محتمل لإيجاد حل سلمي ومستدام .وذكر أن هيلاري قد عزت نجاحها في تحقيق وقف إطلاق النار بين اسرائيل وفلسطين في عام 2012، الذي يعد إنجازا سياسيا مهما لها، إلى دور مصر الحيوي والمفيد في هذه "المهمة المحفوفة بالخطر".
وأضاف أنه بالنسبة لهيلاري ، فإن مصر تعتبر "مفتاحا" للحفاظ على التوازن بين القوى الكبرى في المنطقة لأنها "اللاعب الكبير والوحيد" الذي لم يتورط بشكل عميق في أي من الصراعات الجارية في سوريا والعراق واليمن، ما يمنحها فرصة لأداء دور الوسيط بين القوى المتنازعة في المنطقة.
واتسمت العلاقات الأمريكية - المصرية بالشد والجذب في السنوات الأخيرة على الرغم من أن هيلاري كلينتون تبدو أكثر تجاوبا مع الحكومة الحالية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي على العكس من انتقاداتها الصريحة للحكومة السابقة بقيادة الإسلاميين ، وفقا لوو.
لكن وو يرى أن هيلاري كلينتون لن تخرج عن الموقف الأمريكي التقليدي فيما يتعلق بملف السلام والشرق الأوسط والصراع الفلسطيني -الإسرائيلي رغم حرصها على أن تكون أكثر حسما من أوباما.