بكين/ مكسيكو سيتى 19 مايو 2015 (شينخوا) بدأ رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ أمس الإثنين جولته فى أمريكا اللاتينية التى تشمل أربع دول لتعزيز التعاون والعلاقات فى ظل جهود منسقة لإقامة نظام عالمى عادل.
وخلال جولته من 18 الى 26 مايو الجاري، من المتوقع ان يجتمع لي مع قادة البرازيل وكولومبيا وبيرو وتشيلى لاستكشاف سبل تعزيز التعاون فى مجالات مثل الصناعة والبنية التحتية والتكنولوجيا والثقافة والتعليم من بين أشياء أخرى كجزء من تعاون شامل بين الصين وأمريكا اللاتينية.
وفى مقابلة مع وكالة أنباء ((شينخوا))، قال وو باي يي مدير معهد أمريكا اللاتينية التابع للاكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، ان الصين وأمريكا اللاتنينية تشهدان تباطؤ نموهما الاقتصادى وتعملان على اعادة هيكلة اقتصادهما وتحتاجان الى تعاون يعود بالنفع على الجانبين.
وقال وو "يتعين على الجانبين التعاون من أجل اختراق سلاسل القيمة العالمية بشكل أفضل، وبهذه الطريقة يعززان تنميتهما وتأثيرهما فى الحوكمة العالمية".
-- تعاون جماعى وثنائى مكثف
خلال زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ لأمريكا اللاتينية فى يوليو 2014، افتتح الجانبان منتدى الصين- سيلاك ( مجموعة دول أمريكا اللاتينية والكاريبى) لإقامة شبكة واسعة وجيدة التصميم لتعزيز التعاون والتنمية الشاملة.
إن إقامة هذه الآلية الجديدة للتعاون تشير الى مرحلة جديدة فى العلاقات الصينية -الأمريكية اللاتينية وتعزز التعاون على ثلاثة مستويات: بين الصين ودولة بذاتها وبين الصين ومنظمات شبه إقليمية وبين الصين وسيلاك التى تضم 33 دولة فى أمريكا اللاتينية.
وبعد ستة أشهر من تأسيسها، عقد الاجتماع الوزارى الأول لمنتدى الصين - سيلاك فى بكين ونتجت عنه الموافقة على خطة خمسية حددت المجالات والاجراءات الرئيسية لتعميق التعاون.
وقد تعهدت الدول الموقعة بزيادة حجم التجارة الثنائية الى 500 مليار دولار أمريكى خلال العقد القادم، كما تعهدت الصين بزيادة استثمارها فى المنطقة الى ما لا يقل عن 250 مليار دولار خلال نفس الفترة.
ووفقا لوو، فإن زيارة لي ستكون هامة "لتحقيق حصاد مبكر" لتعاون شامل بين الجانبين" لأن هذه الدول الأربع فى أمريكا اللاتينية لديها كل ما يمكنها من تعزيز التعاون على أساس فردى وجماعى أيضا".
وأوضح نائب وزير التجارة الصيني تونغ داو تشى أن البرازيل وكولومبيا وبيرو وتشيلى جميعها دول كبيرة فى أمريكا اللاتينية وأيضا شركاء اقتصاديون وتجاريون رئيسيون للصين فى المنطقة.
وتظهر الارقام الرسمية ان الصين كانت أكبر شريك تجارى للبرازيل لمدة ستة اعوام على التوالى. وفى الوقت نفسه كانت أكبر شريك تجارى لتشيلى وبيرو وثانى أكبر شريك تجارى لكولومبيا.
وسوف تعزز زيارة لي "المرحلة الحالية للعلاقات بين الصين وأمريكا اللاتينية وستفتح مرحلة جديدة"، حسبما ذكر أوزفالدو روزالس مدير لجنة التجارة الدولية والتكامل باللجنة الاقتصادية لأمريكا اللاتينية والكاريبى (سيلاك).
-- الاسهام فى النمو الاقتصادى العالمى
تضم الصين وسيلاك معا ثلث عدد سكان العالم، ويمثلان أيضا خمس مساحة الأراضى على كوكب الارض وثمن اقتصاد العالم ويمثلان قوى رئيسية يمكنها دفع الانتعاش الضعيف للاقتصاد العالمى.
وخلال العقد الماضى، حتى عندما حدثت الازمة المالية العالمية فى 2008، أظهرت الصين وأمريكا اللاتينية مرونة كبيرة وامكانات مطردة للنمو.
وتشهد حاليا الصين وأمريكا اللاتينية تباطؤ النمو الاقتصادى وتواجهان تحديات مشابهة فى تحركهما نحو التحول واعادة هيكلة الاقتصاد.
ويعتقد انريك جارسيا الرئيس التنفيذى لبنك أمريكا اللاتينية للتنمية ان الجانبين يواجهان فرصة جيدة لتحديث التعاون الثنائى فى جهودهما المنسقة لتعميق الاصلاحات.
وأضاف انه "مع اتجاه الاسعار نحو الانخفاض الآن، فإن معدل نمو الصين سينخفض أيضا وأمريكا اللاتينية لا تمر بأزمة، وهذا هو الوقت المناسب لاتخاذ الخطوة الصحيحة والقيام بتحول مثمر يكون شاملا ومستداما".
وتهدف زيارة لي لتعزيز التعاون فى توسيع قدرة الانتاج واستغلال امكانات التعاون فيما يتخطى المجالات التقليدية، مثل الموارد المعدنية والطاقة والزراعة فى طائفة أوسع من القطاعات تتدرج من الموارد المالية الى الصناعة والتكنولوجيا والفضاء الجوى والبنية التحتية.
وفى البرازيل، سيوقع الجانبان سلسلة من الاتفاقيات الثنائية من بينها اتفاقية حول دراسة جدوى مشتركة لبناء خط للسكة الحديدية يربط بين ساحل الاطلنطى البرازيلى وساحل الباسيفيك فى بيرو، وسيكون ممر تصدير عبر أمريكا الجنوبية.
وقال شو شي تشنغ الباحث في معهد أمريكا اللاتينية التابع للاكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية ان "التعاون بين الصين وأمريكا اللاتينية يمكن ان يساعد الأخيرة فى تحويل ما تتمتع به من مزايا فى مواردها الى مزايا لصناعاتها، لترفع بهذه الطريقة التعاون الثنائى الى مستوى أعلى وجعله مثمرا بشكل أكبر".
-- إعادة تشكيل النظام العالمى
مع اكتساب الدول النامية المزيد من القوة الاقتصادية، فإن المشهد السياسى العالمى سيشهد تغييرات عميقة ومعقدة، لأن هذه الدول تظهر استعدادا وقوة أكبر لرفض نظام عالمى سياسى واقتصادى غير عادل وغير معقول. إن النظام العالمى الحالى الذى تفرضه الدول المتقدمة ما زال يلحق الضرر بالدول النامية عندما يتعلق الامر بصياغة قوانين ولوائح دولية، مثلما حدث فيما يتعلق بالإصلاحات المقترحة لحصص صندوق النقد الدولى.
لا توجد دولة نامية قادرة على تغيير النظام العالمى الحالى بمفردها. ويتعين على هذه الدول أن تتحد من أجل تعزيز التعاون بين الجنوب والجنوب والتحدث بصوت واحد للحفاظ على مصالحها المشتركة.
قال جارسيا إن "هيكل القوى العالمية تغير." ويتعين على أمريكا اللاتينية ان تشارك بشكل أكثر فاعلية فى مصالح الجنوب وحتى تفعل ذلك يتعين ان يكون هناك توافق أكبر. يجب ألا تقدم نفسها للعالم بشكل متفرق، ولكن يجب ان تحاول تكوين قاسم مشترك حول القضايا الرئيسية".
وأشار إلى أن الصين وأمريكا اللاتينية ودول الكاريبى لديهم احتياجات وآراء متشابهة بشأن إضفاء الديمقراطية على العلاقات الدولية ويتفقان أيضا بشأن مبدأ "مسئوليات مشتركة ولكن متباينة" فى التغيير المناخى واتباع اصلاحات للنظام المالى العالمى.
وقال برونو ايلون الباحث بمعهد الدراسات الوطنية المتقدمة للايكوادور ان التعاون بين الصين وأمريكا اللاتينية يمثل "مستقبلا سياسيا" يسعى "لعالم أكثر تعددية، حيث تسعى المراكز الجديدة للعالم الى تحقيق التوازن أمام هيمنة الدول الغربية".
وأوضح ان الصين وأمريكا اللاتينية لا يسعيان للاطاحة بالنظام العالمى الحالى، ولكن لتعديله بالسبل السلمية من أجل مستقبل أكثر عدالة وديمقراطية وتوازنا للبشرية.
ووصفت السكرتيرة التنفيذية للجنة الاقتصادية لأمريكا اللاتينية والكاريبى أليشيا بارسينا أمريكا اللاتينية بأنها قوة سلمية ومستقرة "يمكن ان تكون جزءا من حل العديد من المشاكل فى العالم".