بكين 30 مايو 2015 (شينخوا) في الوقت الذي افتتح فيه حوار شانغري-لا السنوي يوم الجمعة في سنغافورة، تحمل التغطية الإعلامية المكثفة على ما يبدو مسحة من التشاؤم، إذ تحدثت عن أن آلية أقيمت لتسهيل السلام في آسيا ربما يتم تحويلها إلى مفرخة للمواجهة.
وخلال الفترة التي سبقت انعقاد المنتدى والتي اجتمع خلالها قادة دفاع ومسؤولون عسكريون كبار من أنحاء منطقة آسيا- الباسيفيك، انتشرت تكهنات بأن دولا محددة ستستغل الحدث لتشكل معا ائتلافا ضد الصين.
وإن سيناريو هكذا لن يكون مفاجئا. فعلى مدار السنوات الأخيرة، يقوم المروجون لنظريات "التهديد الصيني" بين الحين والآخر باختطاف مختلف المنتديات الأمنية المرموقة المتعددة لتحقيق مكاسبهم الأنانية على حساب الآخرين.
ويعد هذا النوع من الممارسة الكريهة على الساحة السياسية الدولية أمرا مؤسفا . فرغم أن الحرب الباردة انتهت منذ عقود، إلا أن عقليتها مازالت للأسف قائمة.
ولا ينبغي أن يقع حوار شانغري- لا فريسة لهؤلاء المؤمنين بتعنت بلعبة المعادلة الصفرية. ومن الضرورة بمكان أن يظل وفيا لهدفه المتمثل في تسهيل التعاون بين المشاركين، بدلا من أن يصبح مكانا للمواجهة.
وتضم آسيا أكثر من 60 في المائة من التعداد السكاني العالمي وتمثل ثلث الناتج الاقتصادي العالمي. ويعد الاستقرار في المنطقة نعمة ليس للقارة نفسها فحسب، وإنما أيضا للعالم بأسره.
وقد تشعر الدول التي لديها نزاعات إقليمية مع الصين بانجذاب لفكرة تشكيل تحالف ضد الصين، ولكنها تعلم بالتأكيد أن تحالفا كهذا لا يمكن أن يكون حلا قابلا للتطبيق بالنسبة للنزاعات، وبأنه سيعرض على الفور استقرار آسيا للخطر.
إن الصين تحرص على المناخ السلمي في آسيا ولديها دوافع قوية للاستمرار في تقديم إسهامات من أجل إحلال السلام الدائم في المنطقة.
وتتعهد الصين بحل النزاعات الإقليمية أو النزاعات الخاصة بالحقوق البحرية عبر الوسائل السلمية, وقد انتهت بالفعل من ترسيم الحدود البرية مع 12 من أصل جيرانها الـ14 عن طريق المشاورات الودية.
وما لم تستفز, ستظل الصين تعمل بنفس الأسلوب السلمي من أجل إجراء حوار ثنائي مع الدول ذات الصلة لإيجاد حل لنزعاتها الإقليمية في وقت مبكر.
وبالنسبة للولايات المتحدة التي لعبت دورا لا يقبل الجدل في التحريض على "مواجهة جماعية " ضد الصين، تأتي الرسالة واضحة أيضا وهي أن بكين ترحب بدور أمريكي بناء في آسيا، ولكن تدخلها إلى حد بعيد لن يلقى ترحابا بأي حال من الأحوال.
وفي الواقع، واجهت الصين أمواجا وعواصف كثيرة خلا ل العقود الماضية. ومن الوهم أن تتخلى الصين تحت الترهيب عن عزمها على حماية سلامة أراضيها وحقوقها البحرية, كما أنه لا جدوى من محاولة الإضرار بسمعة الصين كـ"دولة محبة للسلام".
ومن المستحسن أن يتخلى المشاركون في حوار شانغري- لا عن الحسابات الأنانية ويركزون اهتمامهم على السعي إلى تحقيق أمن واستقرار طويلي الأجل في منطقة آسيا-الباسيفيك.
ومع تعمق الاعتمادية التبادلية بين الدول, تحتاج الحكومات في منطقة آسيا-الباسيفيك إلى العمل على تحسين الثقة المتبادلة وتعزيز التكامل الاقليمي بطريقة بناءة لتحقيق نتائج تقوم على الكسب المتكافئ.