الصفحة الأولى > الصين والعالم العربى

((أهم الموضوعات الدولية)) باحث صيني: مصدر الإرهاب ليس الإسلام وإنما معاناة شديدة يعيشها الشرق الأوسط

18:46:59 14-03-2015 | Arabic. News. Cn

بقلم هاشم وانغ

بكين 14 مارس 2015 (شينخوا) على مشارف العام الخامس من الأزمة السورية التي اندلعت في مارس عام 2011 دون رؤية نهاية لها، يظل الأمر الأخطر في نظر الكثيرين هو الإرهاب وخاصة ذلك المنبثق عن تنظيم (داعش) المتمركز في سوريا والعراق حيث بات هذا الخطر يوسع من نفوذه ويتحرك بوتيرة غير مسبوقة ليشكل في الوقت الحاضر تحديات ضخمة ليس لأمن المنطقة فحسب، وإنما للعالم بأسره.

وفي حوار خاص أجرته معه وكالة أنباء ((شينخوا)) مؤخرا، أكد الأستاذ وو بينغ بينغ رئيس مؤسسة بحوث الحضارة الإسلامية بجامعة بكين، أن مصدر الإرهاب ليس الإسلام وإنما أوضاع عانتها ولا تزال تعانيها منطقة الشرق الأوسط التي تموج بأحداث واضطرابات وتوترات، لافتا إلى أن الإرهاب لم يكن ليظهر إذا ما توافرت الضمانات الكاملة لسيادة دول المنطقة.

وأعرب عن اعتقاده بأن داعش هو أكبر مثال يمكن أن يضرب في العصر الحالي عند الإشارة إلى حجم التهديد الذي تشكله آفة الإرهاب، مضيفا أن هذا التنظيم يعد من ناحية جماعة دينية متطرفة ومن ناحية أخرى جماعة سياسية تطمح إلى إقامة دولة خلافة إسلامية تمتد بلا حدود.

وقال وو بينغ بينغ إن داعش لديه خصائصه الخاصة ومنها اعتماده على ذاته اقتصاديا عبر تهريب النفط والآثار، لذا تبدو عملية قطع مصادر التمويل عنه مسألة في غاية الصعوبة، علاوة على أنه يجيد استغلال وسائل التواصل الاجتماعى لاستقطاب الشباب وتجنيدهم حتى من الغرب، ويمتلك نظاما استخباراتيا صارما، ويرتكب أعمال عنف تفوق تصور البشر هدافا من ذلك إلى تشجيع أنصاره وبث شعور من التحفيز لدى بعض الشباب الذين ما زالوا في مرحلة التكوين الفكري والبعض الآخر الذين هاجروا إلى دول غربية متقدمة ويشعرون فيها بالتهميش واليأس.

وأفاد بأن داعش لديه، من ناحية أخرى، نقاط ضعف منها أن الأراضي التي يسيطر عليها محدودة ويواجه تحديات في مجالات مثل الدبلوماسية والمالية، مضيفا أنه إذا ما اتسع نفوذه وحجم أراضيه على نحو كبير وسريع، فقد لا يملك القدرة الكافية على السيطرة وخاصة وأنه يعاني ظاهرة الانقسام الداخلي التي قد تزداد خطورة مع مرور الوقت.

وأعرب وو بينغ بينغ عن اعتقاده بأن ظهور داعش وتطوره السريع ليس من قبيل المصادفة على الإطلاق، ويرجع ذلك من وجهة نظره إلى أسباب وعوامل عدة في المنطقة متمثلة في: أن الولايات المتحدة تسعى عمدا منذ أمد طويل إلى إضعاف قوة حكومات الدول العربية وإبعادها عن طريق التصنيع، لكي تمتلك إسرائيل ميزة مطلقة في المنطقة، الأمر الذي أدى بدوره إلى فقدان التوازن في الشرق الأوسط.

وأضاف قائلا إنه وسط حالة من الضعف دبت في بعض دول الشرق الأوسط تخللها تركز السلطات في جهة واحدة لها اليد العليا في إدارة البلاد وظهور مشكلات اقتصادية واجتماعية خطيرة مثل التضخم والبطالة، جاء داعش ليستغل هذه الظروف ويوسع من نفوذه.

ولفت وو بينغ بينغ إلى أن صعود نفوذ إيران الشيعية خلال السنوات الأخيرة يشكل سببا آخر وراء ظهور وتطور داعش، إذ أن هذا الصعود يشكل تحديات ضخمة لمصالح بعض دول المنطقة التى تتنافس بشدة على قيادة الإقليم.

ولدى حديثه عن توقعاته بشأن اتجاهات تطور خطر داعش، ذكر الخبير الصيني أن هذه الجماعة الإرهابية قد تطيل يداها جنوبا وغربا، حيث أنها قد تشن هجمات على الأردن ولبنان والكويت والسعودية، وتسعى بعد ذلك إلى التوسع نحو شمال وغرب أفريقيا عن طريق جذب بعض الجماعات المتطرفة القائمة هناك لمبايعتها مثل بوكو حرام. بيد أنه استبعد تماما مهاجمة داعش لإيران وتركيا ومصر وإسرائيل نظرا لقدرتها العسكرية الجبارة.

وحول كيفية مجابهة الإرهاب بصورة فعالة، أكد وو بينغ بينغ ضرورة أن تتخذ جميع الدول حزمة من الإجراءات المتكاملة من أجل القضاء على الأسباب الاجتماعية داخليا واجتثاث جذور الفكر الأيديولوجي خارجيا.

ولفت إلى أن أهم ما تتطلبه مكافحة الإرهاب هو نزع الفكر المتطرف لدرجة أن البعض ينظر له باعتباره خطوة أكثر أهمية من شن ضربات عسكرية ولكن تحقيقه ليس بالأمر الهين وقد يطول إلى ما يتراوح بين 10 و30 سنة، مضيفا أن تحسين الأوضاع على المستويات القاعدية يمكن أن يسهم إلى حد كبير في مكافحة الإرهاب.

وقال إنه من المنظور الفكري، يبدو أن أفضل السبل لمواجهة الإرهاب وتحقيق التطور والنمو فى الدول العربية هو الجمع بين الروح القومية والروح الإسلامية أثناء الحكم والإدارة في دول المنطقة.

وأكد وو بينغ بينغ أن الولايات المتحدة هى وحدها من يستطيع تحديد مصير داعش إذ أن قواها العسكرية والاستخباراتية لديها ما يكفى من القدرة للقضاء على هذا التنظيم، لكن إستراتيجيتها الحالية لا تهدف سوى إلى تقليص نفوذ داعش واستغلاله كأداة لإضعاف إيران، ويتجسد ذلك في أنها توجه لداعش ضربات جوية ذات تأثير محدود للغاية لطرده من المدن الكبرى، الأمر الذى يضعف رغبة دول تحالف مكافحة الإرهاب فى مواجهة داعش بقوة.

واختتم وو بينغ بينغ حديثه قائلا إنه لا داعي للقلق إزاء عودة مقاتلي داعش إلى بلادهم الأصلية لأن هناك سبلا كثيرة للسيطرة على تأثير ذلك، مؤكدا أن ما يستحق الشعور بالقلق تجاهه حقا هو نشر فكر أيديولوجي متطرف عبر الإنترنت يؤدي إلى ظهور ما يسمى بـ "الذئب المنفرد"، وهو فكر من السهل أن يصل إلى الشباب الذين قد يقبل بعضهم به ويندفع تحت تأثيره إلى القيام بأعمال عنف يمكن أن تصل إلى حد الإرهاب، وهو أمر بالغ الخطورة.

ألصق عنوان البريد الإلكتروني لصديقك في الفراغ اليمين لإرساله هذه المقالة العودة الى الأعلى
010020070790000000000000011101441340662711