بكين 26 فبراير (شينخوا نت) الصين دخلت مرحلة "الدورتين السنويتين" في مارس المقبل، اللتان نافذة مهمة لمعرفة مستجدات التنمية الصينية ولها تأثير كبير في العلاقات بين الصين والدول الأجنبية. فكيف يرى السفراء الأجانب لدى الصين الدورتين السنويتين وما مواضيع الدورتين يولون أكثر اهتمام لها؟
أجرى مراسل شبكة شينخوا مقابلة خاصة مع سفير الجامعة العربية لدى الصين غانم الشبلي، وعبر السفير عن تقديره لسياسات تحويل الهيكل الاقتصادي و"الحزام والطريق " ومكافحة الفساد وغيرها. كما أبدى السفير ثقته بملاقاة وثيقة السياسة الصينية تجاه الدول العربية ترحيبا من العالم العربي. وما يلي تفاصيل المقابلة مع سفير الجامعة العربية:
- ستعقد الصين "الدورتين السنويتين"، تعتبر "الدورتان" نافذة لمعرفة مستجدات التنمية الصينية. في رأيكم، ما هي الموضوعات التي تهمكم أكثر بشأن الدورتين؟ ولماذا؟
نعم، دورتين البرلمان للصين، أنا بالحقيقة أتابع الموضوع، أنا لست اقتصاديا ولكن أعجبت بالسياسة الجديدة ما يسميها باعطاء المحافظات او المناطق اللا مركزية أكثر قوة في التحرك والتعامل، وأيضا أعجبت بموضوع التنمية المتوازنة التي تعني أن هنالك عملية التنمية لمناطق أقل نموا - المناطق الغربية للصين مثلا اضافة إلى المواضيع الأخرى كالمناخ وموضوع محاربة الفساد المالي وأيضا موضوع الاقتصاد وعملية التحول إلى المرحلة القادمة.
البارحة كانت مقالات حول موضوع التنمية في الصين وموضوع الناتج القومي الاجمالي. الصين الآن تمر بمرحلة الانتقال من المرحلة الصناعية إلى مرحلة المعلوماتية والتكنولوجيا ومرحلة إعطاء قطاع الخدمات حصة أكثر في التنمية. فهذه المرحلة وأيضا المواضيع الأخرى المالية كموضوع اليوان والإصلاح المالي وإعطاء القطاع الخاص قوة أكثر في هذه الفترة. كل هذه الخطط لإعادة العملية الاقتصادية ودخولها إلى المرحلة الجديدة في الصين. ونمو الطبقة الوسطى وهدف الصين توسع الطبقة الوسطى حتى تصبح هذه الطبقة مستهلكة ومنتجة في نفس الوقت. وكذلك موضوع الجودة الانتاجية وجودة عملية التزويد والمنافسة في الجودة مع الدول الأخرى في الأسواق العالمية، هذه كلها مواضيع المرحلة الجديدة في سياسة الصين وبدأت الصين تتعامل وتتنافس مع الدول المتقدمة في هذا المجال.
- دخل نمو الاقتصاد الصيني "الوضع الطبيعي الجديد"، فتشهد الصين تسرّع تعديل الهيكل الاقتصادي، كما تتخذ الحكومة الصينية سلسلة من الإصلاحات في مجال الاقتصاد. ولكن، تتصاعد آراء عن هبوط حاد لنمو الاقتصاد الصيني، ما رأيك في الآراء وكيف ترى آفاق تنمية الاقتصاد الصيني في العام الجاري؟
كما بينت لك أن الصين تدخل المرحلة الجديدة، وكلما كان اقتصاد يدخل المرحلة الجديدة وهنالك عملية الاصلاح وعملية تطوير يتطلب ذلك اجتياز المرحلة الصناعية إلى مرحلة التكنولوجيا. المرحلة الجديدة هي مرحلة ما بعد الصناعة. فهذه المرحلة ستأخذ فترة من الزمن، وتدخل الصين في المرحلة الجديدة التي تؤهلها أن تكون بمصاف الدول الأوروبية والدول المتقدمة والولايات المتحدة في قطاعات الخدمات والتكنولوجيا والمعرفة. هذه الأمور بدأت الصين تريد أن تأخذ حيزا كبيرا في اقتصادها. ما يتعلق بموضوع الزيادة في الناتج القومي الاجمالي، أؤيد معظم الاقتصادين الذين لا يعيرون أهمية لذلك، بعض الاقتصادين يتاتعونها بدقة أكثر من اللزوم. في هذه المرحلة، حتى 6.9% من النمو هو أفضل من كثير من الدول المتقدمة في العالم. الصين لديها 1300(مليون) مواطن، الأمر الذي يعني عملية (التحول) كبيرة. لا أعتقد أنه سيؤثر على الاقتصاد الصيني وإنما سيعطيه الدفع. أنا أتوقع هذه المرحلة الانتقالية من وضع الصين الصناعي إلى وضع الصين القادم يعني دخول التكنولوجيا والابتكار في الطاقة الانتاجية العالية ودخول المكننة العالية ودخول تكنولوجيا المعلومات في التصنيع. وهذه المرحلة ستؤدي إلى تغيير المجتمع الصيني أيضا، الطبقة الريفية ستبدأ تكون لها قوة شرائية وتتوسع الطبقة المتوسطة في المجتمع الصيني حتى أن المجتمع الصيني لديه حوالي 650 إلى 700 مليون مواطن من الطبقة الوسطى وهو نصف سكان الصين. الصين تهدف إلى توسيع هذه الطبقة وتتخذ التنمية المستدامة والمتوازنة.
- فسر الرئيس الصيني شي جين بينغ " حلم آسيا- الباسيفيك" و"حلم افريقيا" و"حلم أمريكا اللاتينية" و"حلم العالم" و"حلم الصين" في المناسبات الدولية، الأمر الذي يعمم فكرة لتنمية الصين. كيف ترى هذه الفكرة؟ وفي اي مجالات يمكن الصين التعاون مع الدول العربية لتحقيق المنفعة المتبادلة؟
نعم، هذا صحيح، انه الدبلوماسية الشمولية ذات الخصائص الصينية. وبدأت هذه من أهدافها وتعامل مع كتلة أمريكا اللاتينية والكتلة الافريقية والكتل الآسيوية. وبدأنا منذ فترة نتعامل مع الصين في الكتلة العربية، وأستطيع ان اقول إن التعامل بين الصين والدول العربية الآن هو التعامل ذا المصداقية والتعاون ذا المصلحة المشتركة والتعامل الاستراتيجي، هنالك 8 الدول العربية لها تعامل (مع الصين) على المستوى الاستراتيجي و3 منها على المستوى الاستراتيجي الشمولي وهي الجزائر ومصر والسعودية، وأريد أن أؤكد أن الامكانات العربية، ومنها الموقع الجغرافي للوطن العربي يربط اوربا بافريقيا وبآسيا، الأمر الذي يؤهله أن يكون منطقة الانطلاق الصين إلى اوربا وافريقيا اولا، وثانيا، موضوع طريق الحرير أيضا موضوع مهم جدا. فكرة طريق الحرير أتت لتعزز العلاقات العربية الصينية، إنها فكرة قديمة وأحياها فخامة الرئيس الصيني والفكرة جديرة بالأخذ بها والتعاون مع الصين على ضوءها.
- في رأيكم ما هي السياسات البارزة التي وضعها الرئيس الصيني شي جين بينغ منذ 3 سنوات؟
أتابع موضوع ما تم توصل إليه في الاجتماعات الصينية الأخيرة. بالحقيقة، الحالة صحية جدا بالنسبة للوضع الداخلي(الصيني). أقصد محاربة الفساد وإعطاء قوة أكثر للحكومات المحلية، هذه السياسة حكيمة جدا وأيضا هنالك تحرك لإعطاء الشباب فرصة ليصبحون رجال أعمال صغار، هذا سينمي عملية الاقتصاد الأمر الذي يعني أن صانعي القرار الاقتصادي في الصين يسيرون على مراحل ثم يقفون وثم يتحركون بعد أن يصححون المسيرة. أرى أن السياسة جيدة إلى حد الآن. و بالنسبة للسياسة الخارجية، إن الصين في كل الحالات تلتزم بالمبادئ السلمية في التعامل مع العالم منذ تأسس الصين، لم يكن هنالك صدامات جدية مع العالم والصين تنعم بهذه السياسة وتتطلع إلى السلام والتعامل ذات المنفعة المشتركة وتكون العلاقات متميزة مع القارة الأوروبية والولايات المتحدة ودول آسيا وهذا أكبر دليل من الزيارات التي قام بها الرئيس الصيني إلى دول أروبا و بريطانيا والولايات المتحدة. وزيارته إلى دول الاتحاد الاوروبي، وعقد صفقات كبيرة ومد يد التعامل مع هذه الكتل. وبالنسبة لزيارته للقمة الافريقية والتعامل مع القارة الافريقية، فإن هذه القارة ذا الامكانات الهائلة والوطن العربي يشكل جزءا من القارة أيضا. وكذلك التعامل مع أمريكا اللاتينية وكذلك دول البريكس – البرازيل وروسيا والهند وجنوب افريقيا وأن الصين بدأت تتعامل في هذه الدبلوماسية الشمولية ذات خصائص صينية بعقلانية وبواقعية مع هذه الدول النامية بشكل صحيح.
- تم توقيع اتفاقيات بشأن تنفيذ مبادرة الحزام والطريق بين الصين و6 دول عربية. كيف تقيم الدور العربي بشأن ضمان سلاسة تنفيذ المبادرة؟
فخامة الرئيس الصيني شي جين بينغ عرض هذه المبادرة في مؤتمر الوزاري في شهر حزيران عام 2014 في بكين وحضرت هذا الاجتماع، ونجد في كلمته ثلاثة نقط، النقطة الاولى هي التعاون في مجال الطاقة الذي يكون مفصلا رئيسيا في العلاقات بين الصين والوطن العربي والنقطة الثانية هي التعاون في مجال التجارة والبنية التحتية وهذا مفصل آخر مهم جدا والنقطة الثالثة هي نقل التكنولوجيا والتعاون في مجال الطاقة السلمية والمتجددة والتدريب والعمالة والتعاون في مجال الفضاء وباقية المفاصل الأخرى في علاقات الدول العربية مع الصين. ونستطيع أن نقول إن الجانبين أحرزا منذ حزيران 2014 حتى الآن تقدما ملموسا من توقيع مذكرات التفاهم العديدة بين الجامعة العربية وبين الحكومة الصينية. وكل هذه الاتفاقيات ومذكرات التفاهم هي استرشاد تطبيق لهذه المبادرة. الدول العربية وحتى الشعوب العربية بشكل قاطع وافقت وأيدت هذه المبادرة ووجدتها نافعة للجانبين. كما بيّن الرئيس الصيني أن مفاصل هذه العلاقة لها منافع كثيرة منها. مثلا، مناطق التجارة الحرة والقضايا الأخرى كصناديق المستثمرين وتدريب العمالة في الوطن العربي وغيرها من الأمور.
- في ظل معاناة العالم العربي من الاضطرابات وتباطؤ نمو الاقتصاد، كيف تقيم ايجابيات المبادرة، التي ستساهم في زيادة الاستثمار ودفع عملية التصنيع في العالم العربي والشرق الأوسط؟
أكد الرئيس الصيني في خطابه في مقر الجامعة العربية أن أحد الحلول الرئيسية لاضطرابات المنطقة هي التنمية الاقتصادية. وعندما أكد على تفصيل هذا الموضوع، تحدث أيضا على مجالات التعاون في مضمار التنمية. العالم العربي كما تعلم يمر بمرحلة الاضطراب منذ الربيع العربي، علينا أن نحلها ونعالجها في المنطقة وقد استطاع الرئيس الصيني أن يشخّص احدى هذه المشاكل وهي التنمية وايجاد فرص العمل للشباب ضروري وتدريب التكنولوجيا والتصنيع وغيرها من مشاريع وبناء البنية التحتية في العالم العربي إضافة إلى موضوع الطاقة وموضوع النفط. وأنا أؤيد رأي الرئيس الصيني، وهو أن التنمية محور الاستقرار في المنطقة. وازدهار الاقتصاد ومجال من الحرية وتشغيل الشباب والتعليم والاستقرار وغيرها، مهمة بلا شك. الربيع العربي جاء على أثر مشاكل في المنطقة، أولها المشاكل الاقتصادية ومشاكل الحوكمة .
وأريد أن أذكر وأثني على الورقة الصينية التي صدرت من الوزارة الخارجية قبل زيارة الرئيس (الصيني إلى الشرق الأوسط)، إنها بادرة الأولى من نوعها. إن تصدر ورقة سياسية شاملة من وزارة الخارجية الصينية وأثني على وزير الخارجية الصيني فخامة الوزير وانغ يي لشموليتها ودقتها في موضوع العلاقات العربية الصينية، وأنا على ثقة ولا شك ستلاقي ترحيبا واستجابة (ايجابية) من الوطن العربي.
- في خطابه أمام الجامعة العربية، دعا الرئيس شي الى تعزيز التعاون الصيني العربي في مجال مكافحة الإرهاب. برأيكم، ما هي الدوافع والسبل للتعاون الثنائي في هذا الصدد؟
إن الدافع هو الأمن والاستقرار، لأنك لا تستطيع أن تتعامل وتعمل اذا كان هنالك عدم استقرار. والارهاب آفة دولية، لا ريحة ولا لون لها سوى القتل والعنف. ذكر فخامة الرئيس الصيني أن الارهاب لا ينتمي إلى الدين وإلى مذهب، الارهاب هو الارهاب، وهو يعرقل السلام وعملية التنمية وحياة المواطن اليومية. وكل العالم يعاني منه، الصين تتخوف وتعاني من ذلك في بعض المناطق وكذلك الوطن العرب الذي قاسى كثيرا إضافة إلى بقية المجتمع الدولي، فإن مكافحة الارهاب مسؤولية كبيرة. الدول العربية والصين اتخذت قرارت في هذا المجال، وهنالك قرارات دولية وارادة دولية لمكافحة الارهاب، ولكن يجب أن نتخذ خطوات عملية وننفذها وأن تنظم بالاتفاقات بين الصين والدول العربية في هذا المجال. هذه مشكلة في المنطقة وعندما يسود السلام والاستقرار في المنطقة، سنجد المنطقة تسير بخطة متسارعة في التطور وتواكب مسار الحضارة الانسانية.