بقلم ندى تشن
بكين 17 يوليو 2015 ) شينخوا( أصابت السوق العالمية الدهشة عندما أعلنت مصلحة الدولة للإحصاء أن الاقتصاد الصيني سجل نموا نسبته 7% على أساس سنوي في الربع الثاني من عام 2015، وهي نسبة تعادل ما تم تسجيله في الربع الأول.
وحسب بيان المصلحة، كان معدل النمو أكثر إيجابية مقارنة بتوقعات السوق المعتدلة التي بلغت 6.9% للربع الثاني. كما ازداد الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني بواقع 1.7% مقارنة بالربع السابق.
إن معركة "الحفاظ على 7%" بدأت منذ بداية هذا العام في ظل تصاعد أصوات المجتمع الدولي المتشككة في نمو الاقتصاد الصيني، في الوقت الذي أعربت فيه الحكومة الصينية مرارا عن ثقتها في الحفاظ على استقرار اقتصادها. ولا شك أن أحدث الأرقام الواردة في "تقرير النصف الأول" تبرز حقيقة أن سلسلة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الصينية لدفع الاقتصاد والحفاظ على استقراره آتت أكلها.
ولكن مع الأسف، لم تقنع هذه المؤشرات الإيجابية على ما يبدو بعض المتشككين القلقين، إذ أبدت بضعة مؤسسات إعلامية عالمية تشككها في دقة هذه الأرقام الرسمية.
لهذا، رد شنغ لاي يون المتحدث باسم مصلحة الدولة للإحصاء على ذلك من الناحية التقنية، بقوله "لا يوجد بوجه عام تقليل في معامل إنكماش الناتج المحلي الإجمالي وكذا لا مبالغة في الناتج المحلي الإجمالي، فالمؤشرات يمكن أن تعكس الحقائق بشكل موضوعي وواقعي".
وأشار إلى أن الصين تتبع منهجية المنتج لتحديد الناتج المحلي الإجمالي، وهي طريقة مغايرة لمنهجية المصروفات التي تتبعها معظم الدول الغربية، مؤكدا أنه "ليس من المعقول تحليل مؤشرات اقتصاد الصين التي تم حسابها بهذه الطريقة المحددة على أساس المنطق الذي تقوم عليه طريقة حساب الآخرين".
وليست هذه هي المرة الأولى ولن تكون الأخيرة. فمنذ أمد طويل، يبالغ بعض خبراء الاقتصاد الأجانب في حجم تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني ومدى تأثيره. وفي الواقع، إن الصين ليست هي من يجر عملية انتعاش الاقتصاد العالمي إلى الوراء. وينبغي أن يدرك العالم أن العديد من المخاطر وعوامل عدم اليقين تبرز بشدة هذه الأيام، وهي مسألة توجه إنذارا للعالم وتتطلب دراسة جادة.
لقد انتهت مهزلة الأزمة اليونانية بشكل مؤقت بمصادقة أعضاء البرلمان اليوناني يوم الخميس على مشروع قانون يوافق على اتفاق الإنقاذ الذي توصلت إليه الحكومة مع المقرضين، وكذا بموافقتهم على الجولة الأولى من إجراءات الإصلاح المطلوب القيام بها كشرط مسبق لصرف المساعدات الدولية على الفور تفاديا لخطر العجز عن سداد الديون وخروج البلاد من منطقة اليورو.
ولكن العالم لم يتخلص بعد من خطر أزمة الديون. فالداخل اليوناني مازال يعج بمشكلات عديدة، مثل كيفية وفاء اليونان بوعودها بإجراء إصلاحات شاقة في أعمق آلياتها المالية والاجتماعية في نفس الوقت الذي تتعامل فيه مع استياء الشعب الشديد من تدابير التقشف الاقتصادي؟ والأكثر من ذلك، تحذير بعض المحللين من امتداد أزمة الديون إلى بلدان أخرى. وهنا يأتي سؤال طرحه مراقبون اقتصاديون "هل ستصبح بورتوريكو يونان أمريكا" حيث يتبين من خلاله احتمال إندلاع أزمة الديون في مناطق خارج أوروبا مثل أمريكا اللاتينية ومنها إلى العالم بأسره.
أما الملف الساخن الآخر الذي يتصدر اهتمامات الخبراء والمحللين الاقتصاديين فيتعلق برفع الاحتياطي الفدرالي الأمريكي لمعدلات الفائدة. ورغم أن الرأي العام في المجتمع الدولي يرحب بهذا النبأ باعتباره علامة قوية على اقتراب انتهاء الأزمة المالية العالمية، إلا أن بعض المحللين يرون أنه قد يتسبب في زعزعة استقرار آفاق الاقتصاد العالمي.
وفي هذا الصدد، قال كوشيك باسو كبير الخبراء الاقتصاديين والنائب الأول لرئيس البنك الدولي إن قرار الاحتياطي الفدرالي الأمريكي المحتمل رفع معدلات الفائدة قد يثير مخاوف الدول الناشئة لأنه لا مفر من أن يؤدى إلى ارتفاع تكلفة التمويل وتقلب أسعار السلع الأساسية ومن بينها النفط الخام. لذا، يقترح باسو تعزيز الثقة المتبادلة والتعاون بين دول العالم لحل مشكلات عدم التوازن في التنمية الاقتصادية وعبء الديون وتباطؤ النمو، ويدعو جميع دول العالم إلى إصلاح سياساتها النقدية وآلياتها المالية الخاصة.
ولا شك أن مؤشرات الاقتصاد الصيني للنصف الأول من عام 2015 ترسل إشارة اطمئنان للعالم، حيث يشير المحللون إلى أن حفاظ الصين باعتبارها ثاني أكبر اقتصاد في العالم على استقرار اقتصادها يعد مساهمة كبيرة للعالم.
ووراء هذه الأرقام، تبرز ثمانية إنجازات حققتها الصين ألا وهي: استقرار الاقتصاد بشكل عام، وارتفاع المؤشرات الرئيسية، ومواصلة تحسين الآلية الاقتصادية، والارتقاء بنوعية النمو، واستمرار تحسن مستوى معيشة الشعب، ومواصلة الاستفادة من مكاسب الإصلاح ، وإظهار الروح الإبداعية ، ونمو قطاع الزراعة. كما أنه على أساس مؤشرات النصف الأول، يتوقع شنغ لاي يون استمرار اتجاه الاستقرار والتحسن في الاقتصاد الصيني خلال النصف الثاني من العام الجاري.
وخلاصة القول أن الصين تعمل جاهدة على الإسراع من خطى العالم نحو الانتعاش، وهذا يؤكد أنها بعيدة كل البعد عن أن تثقل من خطى الاقتصاد العالمي.