الصفحة الأولى > العلوم والصحة

التكنولوجيات الرقمية الموجهة في الصين

14:54:43 20-03-2018 | Arabic. News. Cn

بقلم الدكتور: محمد أحمد عيد

بكين 20 مارس 2018 (شينخوانت)أمست التكنولوجيا الرقمية منتشرة في العديد من البلدان المتطورة؛ لكن استخدام تلك التكنولوجيا بطريقة يجعلها متاحة لجميع شرائح المجتمع وبالتساوي فهذا أمر لن تجده إلا في الصين.

من الناحية التسويقية فالصين مجتمع رقمي بامتياز، كل شيء متاح على جهازك المحمول، حتى بعض المعاملات والخدمات التجارية والمالية يمكن ان تنجزها على جوالك، ومن السعادة ان تجلس لتحتسي فنجان قهوة وانت تتمتع بالتسوق على التاوباو او التي مول، أيضا تستطيع حجز سفرك سواء أكانت بالقطار او الطائرة مرورا بدفع فواتير الهاتف والماء والكهرباء وحجز الفنادق وحتى الحفلات الموسيقية، واستئجار الدراجات الهوائية والسيارات الكهربائية، وارسال الطرود واستلامها، كما تستطيع البيع والشراء لجميع حاجياتك دون الحاجة لحمل المال في جيبك؛ كل ذلك إيجابي جدا ويختصر الوقت ويوفر الجهد الذي لو بذلته لكلفك عناء ومشقة شديدتين.

 كما تعتبر الصين اكبر سوق للتجارة الالكترونية في العالم؛ وتمثل اكثر من 40% من المعاملات العالمية وهي من افضل واضمن البلدان في ذلك وضمن المراتب الاولى دوليا في مجال استثمار رؤوس الأموال المحلية والأجنبية بحماية حكومية تضمن لك حقوقك كاملة؛ حيث قامت الصين وبشكل مبكر بسن قوانين حاسمة تجاه الجرائم الالكترونية، الامر الذي يعطي كل المتعاملين عبر الشبكة العنكبوتية ماليا ارتياحا واطمئنانا، فالمال يحتاج كما قيل في المثل العربي الى "قنطارين من العقل" وحديثا يحتاج الى "قنطارين من الحماية".

أما عن صناعة المركبات الذاتية والروبوتات والطباعة ثلاثية الأبعاد والذكاء الاصطناعي؛ فللصين بيئتها الخاصة لذلك التي لا يمكن ان تنافسها عليها دول أخرى، فمنذ عام 1990 أطلقت الصين العنان للباحثين وشجعتهم على ركوب مسرى التكنولوجيا الذكية بل وسهلت لهم طرق اقتنائها ومن ثم تطويرها، ومع مرور الوقت أنجز أولئك الباحثون مخترعات كثيرة يصعب حصرها في سطور، لكن باختصار يمكن القول ان الصين أنجزت ما عجز عنه الاخرون في زمن قياسي.

 الصراع بين الشركات العملاقة على أشده رقميا، وفعليا تحولت القدرة التنافسية ماليا بين تلك الشركات الى القدرة على التأثير الرقمي داخل حدود الصين وخارجها، ومستقبلا ستتحول القيمة من شركات بطيئة الحركة مرهونة لجماعة الكاش الى البقاء للمهاجمين الرقميين المسلحين بنماذج اعمال جديدة لسلسلة القيمة، وسيخترق التغيير الجميع حتى النائمين بالأسواق والقصور، فمناخ الاعمال تغير حتى للشركات القديمة والتي سارعت الى تعديل بوصلتها وانخرطت في سباق الصراع لأجل البقاء داخل أكبر الاسواق التنافسية في العالم، وباتت الشركة الصغيرة اما جزءا داعما وممولا للشركات الكبيرة؛ أو منظمة ضمن الأسواق المحلية التنافسية مع ضمان حقوقها كاملة.

 هنا أشير الى ان مراكز الابحاث والتطوير للتكنولوجيا الرقمية داخل الصين تعمل على إعطاء الشركات الناشئة دورا مهما في النهوض باقتصاد البلد عبر تخصيص كتل مالية لدعمها في مشاريعها الصغيرة ومن ثم تمكينها من التشارك ضمن السوق الالكترونية الكبيرة.

 تلتقي المجتمعات اليوم معرفيا ورقميا وانقرضت نخب الصراع المجتمعي التي اعتدناها في الدول الرأسمالية عندما كانت نخبة من المجتمع تمتلك التكنولوجيا والباقي لديها اما مستثمرون او متسولون، والان ليس من تخلف ولا من جهالة أكبر من القصور عن مواكبة عمق المتغيرات، فالوجهة واضحة جلية فقدر العالم ان يتجه نحو المعرفة الرقمية، والتنافسية على أشدها ضمن عناوين مجتمع القيمة والمعرفة والاعمال.

 لكن ذلك التطور سيجعل العديد من المهن تندثر قريبا، وستتغير خريطة الاعمال بالكامل، وعلينا الانتباه للتحولات الاقتصادية الإلكترونية الحاصلة؛ وإلا سنقع في فخ البطالة والكسل؛ فكل وظيفة يفقدها مواطن نتيجة التطور التكنولوجي؛ لا بد وان يكون لها بديل تحفظ عليه عيشه وتضمن له مستقبله وراحته.

 

ألصق عنوان البريد الإلكتروني لصديقك في الفراغ اليمين لإرساله هذه المقالة العودة الى الأعلى
010020070790000000000000011101421370524751