بكين 4 فبراير 2015 (شينخوا) على مدار الأشهر الماضية، تابعت بعض وسائل الإعلام الغربية متابعة حثيثة موضوع الآفاق المستقبلية لمجموعة بريكس، وألقت بصورة قاتمة على تنمية المجموعة حتى بلغ الحد توقع تفككها.
ويعكس هذا الرأى السلبي عقلية المعادلة الصفرية لدى الغرب.
ومن الواضح أن هذا الحكم المجحف والقصير النظر أهمل عدة قضايا رئيسية. كما بالغ الإعلام الغربي في حجم الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها دول مجموعة بريكس .
فعلى مدار الأشهر الستة الماضية، شهدت أسعار السلع الأساسية انخفاضا شديدا وانسحب المجلس الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي الأمريكي) من سياسة التيسير الكمي وظل الطلب الخارجي في حالة ركودا. وكان لتلك العوامل تأثيرا سلبيا على بعض دول بريكس.
بيد أن صعوباتها الاقتصادية لا يمكن أن يتخذها الإعلام الغربي كذريعة ليغض الطرف عن الحقائق التالية:
إن النمو الاقتصادي في الاقتصادات المتقدمة بلغ في المتوسط حوالي 4 في المائة خلال الفترة ما بين عامي 2007 و 2013، فيما سجلت دول بريكس نموا نسبته 37 في المائة.
وفي عام 2014، تطابق حجم النمو الاقتصادي لمجموعة بريكس إلى حد كبير مع حجم النمو الاقتصادي لمجموعة الدول الصناعية السبع الكبري، فيما أسهمت الصين وحدها بـ27.8 في المائة في النمو العالمي.
وبعبارة أخرى، فإن الاقتصادات الناشئة التي تمثلها دول بريكس -- البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا -- كانت قوة محركة رئيسية للنمو الاقتصادي العالمي في وقت كانت فيه الدول الغربية تنزلق في حالة من الركود .
ولا يعنى التراجع الحالي انعكاسا في الاتجاه الإيجابي ككل للنمو في تلك الدول وذلك يرجع إلى كونها تتسم بالمرونة ولديها مساحة كافية للتعديل مع إمتلاكها لأكثر من 40 في المائة من سكان العالم أو أكثر من 26 في المائة من مساحته وأكثر من 20 في المائة من إجمالي الناتج المحلي العالمي.
كما تجاهل الإعلام الغربي كل من الإصلاحات الداخلية في دول مجموعة بريكس ومدى التعقيد الذي يعترى الوضع الاقتصادي العالمي.
وفي مواجهة الاضطرابات الاقتصادية، تدفع دول بريكس الإصلاحات الهيكلية للأمام لتعزيز النمو والحد من الاعتماد على الأسواق الخارجية. كما تزيد أيضا من الطلب المحلي وترفع مستوى البنية التحتية وتعزز الترابط الإقليمي وتعضد التعاون التجاري والمالي.
ولن تعود هذه الجهود التي تبذلها تلك الدول بفائدة عليها فحسب، وإنما على الدول الغربية أيضا.
وإن إدعاء الإعلام الغربي بأن أعضاء بريكس يفتقرون إلى التضامن بسبب الاختلافات لا يستند إلى أساس.
وفي ظل عصر العولمة، لا تعوق الاختلافات تعاونها بل على العكس أصبحت نقطة إيجابية في تعاونها القائم على الكسب المتكافئ نظرا لتكامل اقتصاداتها إلى حد كبير. وبرهنت الحقائق على أن مجموعة بريكس والدول الغربية تجرى أيضا تعاونا متبادل المنفعة.
ولا تمثل التفاعلات بين الغرب والاقتصادات الناشئة بأي حال من الأحوال لعبة معادلة صفرية ومن غير الحكمة تشويه صورة المجموعة.
فمنذ حدوث الأزمة المالية في عام 2008، عكفت الاقتصادات الكبرى التي قد تكون مختلفة في الإيديولوجيا على تطبيق برامج إنقاذ وسياسات كلية منسقة.
وأوضح التباطؤ الاقتصادي العالمي أنه فقط من خلال التكاتف معا، يمكن للبلدان تجاوز الأوقات العصيبة. وسوف ينعم العالم بمستقبل أفضل إذا ما تخلى الغرب عن عقلية المعادلة الصفرية واتبع طريقا يقوم على الكسب المتكافئ مع الاقتصادات الناشئة.