الصفحة الأولى > التقارير والتحليلات

تحقيق إخباري: المهجرون السوريون يعانون من أوضاع إنسانية "كارثية" بعد أربع سنوات من الأزمة

18:09:25 16-03-2015 | Arabic. News. Cn

دمشق 16 مارس 2015 (شينخوا) مع دخول الأزمة السورية اليوم (الاثنين) عامها الخامس، يبدو أن مشكلة المهجرين والنازحين من المناطق الساخنة في عموم المحافظات السورية باتجاه المناطق الأمنة، واللاجئين إلى دول الجوار، لا تزال تشكل عقبة هامة أمام الحكومة السورية أولا، والمنظمات الدولية والإنسانية ثانيا في تأمين مستلزمات الحياة المعيشية لهؤلاء المهجرين.

كما لا يغيب عن البال أيضا مشكلة الأطفال وانتشار الأمراض السارية والمعدية بينهم بسبب نقص العناية الطبية، ونقص الدواء اللازم للعلاج ، الأمر الذي يجعل غالبية المهجرين في سوريا في الداخل والخارج يعانون من أوضاع إنسانية "كارثية" تهدد حياتهم ومستقبلهم.

وإن الحكومة السورية، في ظل استمرار الصراع واتساع رقعته، وظهور تنظيمات متشددة، وخروج مناطق من تحت سيطرتها، ونزوح أعداد كبيرة منهم باتجاه الداخل والخارج هربا من الأوضاع المأساوية التي فرضتها الحرب على تلك المناطق، عملت على إقامة مراكز إيواء في المدارس لاستيعاب أكبر عدد من المهجرين حيث بلغ عدد الأسر المهجرة المقيمة في مراكز الإيواء في المحافظات الـ14 بحسب التقرير الوارد من وزارة الشؤون الاجتماعية 350177 أسرة، أما بالنسبة إلى عدد الأفراد المهجرين الوافدين والمنتشرين في المحافظات والمقيمين خارج مراكز الإيواء في الأحياء والبلدات والقرى نحو 5878319 شخصا.

وتقوم وزارة الشؤون الاجتماعية السورية على تقديم كافة الخدمات الأساسية للمهجرين وبشكل خاص داخل المراكز وذلك بالتنسيق مع المحافظات القائمة على إدارة المراكز ومنظمة الهلال الأحمر العربي السوري، حيث يتم تقديم المعونات الإغاثة الأساسية لهم، وكذلك الأمر خارج المراكز فإن الوزارة تعمل بالتنسيق مع شركاء في العمل الإغاثي على توفير الاحتياجات باعتبارها تتولى قيادة اللجنة العليا للإغاثة .

وعلى الرغم من الإجراءات التي يصفها البعض بأنها خجولة من قبل الحكومة السورية في معالجة ملف النازحين والمهجرين في الداخل والخارج، الإ أنها مازالت تعمل على فتح مراكز الإيواء وتستقبل أسرا تخرج من مناطق تخضع لسيطرة تنظيمات متشددة، وتفتح ذراعيها لمن يريد أن يأتي.

وتقول المهجرة السورية أم علي التي تبلغ من العمر 50 عاما إنها "لم تشهد أسوأ من السنوات الأربع الأخيرة من عمرها", بسبب الصراع الذي عصف بسوريا منذ منتصف مارس 2011 ، ليستقر بها الحال بعد عدة نزوحات في مبنى قيد الإنشاء قرب دمشق مع زوجها غير القادر على رفع كيس بسبب إصابته بمرض في عموده الفقري.

وتروي أم علي لوكالة ((شينخوا)) بدمشق، وهي ترتدي ثوب أسود فضفاض أنهكه الزمن، وحجاب رمادي اللون، وإلى جوارها جلس زوجها الذي أنهكته الحرب إن "الأزمة سلبت مني كل ما هو جميل في حياتي، ولم تترك أي ومضة مضيئة فيها".

ومضت أم علي تقول بصوت مرتجف "كان لي منزل كبير في الغوطة مؤلف من أربع غرف وصالون كبير، ولكن أنظر الآن كيف نعيش؟"، مشيرة إلى أن بيتها أصابته قذيفة في جزئه العلوي ما أدى إلى انهيار السقف وبعض الجدران.

وأضافت "لقد فقدت كل شيء، وبيتي في الغوطة وخسرت أشيائي، وبعدها انتقلت إلى محافظة حماة (وسط سوريا)، التي لم تكن أحسن حالا من الغوطة الشرقية، لأعود بعد مدة إلى دمشق, في رحلة من العذاب القاسية"، مؤكدة أنها تريد أن تصحو من الكابوس المؤلم، وأن تعيش بسلام" .

ومن جانبه، قال المهجر أبو عمر 57 عاما، الذي يبيع أقمشة مستعملة في أحد شوارع العاصمة دمشق إن "الأزمة حرمته من متجره في ريف دمشق، وترك العمل به ليعمل الآن كبائع متجول".

وأضاف أبو عمر لوكالة ((شينخوا)) "لقد فقدت متجري في بلدة الحجيرة بريف دمشق (جنوبا) بسبب سرقة العصابات المسلحة لمحتويات المتجر، وتدميره لاحقا, كما أنني فقدت بيتي في زملكا، والآن، أنا أعمل كبائع متجول وأعيش حاليا في منزل مشترك مع عائلات أخرى".

وأكد أبو عمر أن وضعه الحالي "بائس بسبب عدم وجود المال والخسائر التي تعرض لها بعد خسارة منزله ومتجره"، ولهذا يعمل السوريين لفترات طويلة من أجل كسب المال لدفع إيجار المنزل وجلب الطعام والدواء للعائلة.

وبينت دراسة أعدتها مجموعة من المنظمات الدولية، من بينها مجلس اللاجئين النرويجي، والمركز السوري للدراسات السياسية، ومعهد دراسات الحروب، تشير إلى أن "عدد سكان سوريا تقلص بعد أربع سنوات من الأزمة بنسبة 15 بالمائة عما كان عليه عام 2011، ليتراجع إلى ما دون 20 مليون نسمة فيما تراجع متوسط أعمار السوريين (العمر المتوقع عند الولادة) بمعدل 20 سنة، ليصبح بحدود 55.7 سنة، فيما كان بحدود 75.9 عام 2011.

كما بينت الدراسة أن 3.9 مليون نسمة من الشعب السوري باتوا لاجئين خارج سوريا، فيما 6.5 مليون مشردون داخل سوريا".

وذكرت الدراسة أن "الناتج المحلي الإجمالي انخفض بمعدل 120 مليار دولار خلال السنوات الأربع الماضية، وأنه بات أربعة من كل خمسة مواطنين سوريين يعيشون تحت خط الفقر الوطني".

وتشكو بعض العائلات التي تعيش خارج مراكز الإيواء، من غلاء الأسعار وعدم قدرة المنظمات الدولية التي تعمل في المجال الإغاثي على تأمين الغذاء اللازم للعديد من الأسر المهجرة، بسبب نقص التمويل الحاصل من قبل الدول المانحة للمنظمات الدولية الأمر الذي انعكس سلبا على الأسر المهجرة، وفاقم من معاناة السوريين عموما.

ويرى مراقبون أن أزمة اللاجئين السوريين في الداخل والخارج ستكون من أحد أهم التحديات التي ستواجه المنظمات الدولية التي تعمل على الملف الإنساني والإغاثي مع بداية العام الخامس للازمة السورية، لجهة تأمين التمويل اللازم، والضغط على الحكومة السورية والمعارضة المسلحة بالسماح لها في الوصول الى المناطق الساخنة والمحاصرة لإغاثة السكان.

ألصق عنوان البريد الإلكتروني لصديقك في الفراغ اليمين لإرساله هذه المقالة العودة الى الأعلى
010020070790000000000000011101431340712511