طوكيو أول مايو 2015 (شينخوا) يمكن النظر إلى الخطاب الذي ألقاه رئيس الوزراء شينزو آبي أمام الكونغرس الأمريكي بأنه "تاريخي"على اعتبار أن اليابان لن تقدم بعد الآن إعتذارا مخلصا لجيرانها في آسيا الذين سقطوا ضحية لعدوانها الوحشي وحكمها الاستعماري إبان الحرب العالمية الثانية.
فقد قال آبي إن طريق ما بعد الحرب الذي تسلكه اليابان يقوم على أساس "الندم العميق"على الحرب و"الأفعال" التي ارتكبتها اليابان وجلبت "معاناة للشعوب في الدول الآسيوية ".
وقال أمام جلسة مشتركة للكونغرس الأمريكي "لابد ألا تحيد أعيينا عن ذلك. وسوف أدعم وجهات النظر التي عبر عنها رؤساء الوزراء السابقين في هذا الصدد".
غير أنه في خطاب أعد إعدادا جيدا كهذا ليلقيه على أعضاء الكونغرس الأمريكي، كشف آبي عن إيديولوجيته المتمثلة في تحريف التاريخ وذلك من خلال استخدامه لكلمة "الأفعال" وليس "العدوان والحكم الاستعماري" و"الندم العميق" وليس "الاعتذار المخلص" في جهد واضح يرمي إلى تخفيف الأعمال الوحشية التي ارتكبتها بلاده في زمن الحرب.
وإن التصريحات المزمع أن يدلي لها آبي بمناسبة الذكرى الـ70 لانتهاء الحرب العالمية الثانية في صيف العام الجاري تثير بالفعل مخاوف الصين وكوريا الجنوبية حيث ألمح الزعيم الذي ينتمى للصقور إلى أنه لن يكرر مثل هذه الكلمات الرئيسية التي استخدمها أسلافه.
كما يعطي الخطاب خيوطا أكثر وضوحا لما يعتزم آبي التحدث عنه بعد أشهر في بلاده. وفي ظل الإطراء الذي ناله في الكابيتول الأمريكي، يعتقد آبي أنه حصل على موافقة واشنطن بأن يقوم في خطابه رفيع المستوى بتجميد بيان موراياما لعام 1995الذي يحظى باعتراف واسع.
فما ينبغي أن يأتي في صدارة أجندة الولايات المتحدة في آسيا هو تشجيع اليابان على التصالح مع جيرانها وليس تدليلها في إستراتيجية "محور آسيا" على نحو غير مسؤول وليس زيادة جرأة حكومة آبي ذات التوجه اليميني سواء كان ذلك عن عمد أى عن غير عمد.
إن مثل هذه التقديرات الخاطئة ستعرض السلام والاستقرار في المنطقة برمتها للخطر، كما أن تصعيد التوترات بين اليابان وجيران يعرض المصالح الأمريكية للخطر.
ولا بد أن يفهم الزعيم الياباني ضرورة سعي اليابان، باعتبارها دولة ألحقت ألما وضررا بالغين بآسيا إبان الحرب العالمية الثانية، إلى تحقيق المصالحة من جيرانها في آسيا.
وللأسف، تمضى الحليفتان في اتجاه يضلله خط عام دفاعي معدل حديثا سيسمح لآبي برفع مستوى قوات الدفاع الذاتي اليابانية للتعامل مع النزاعات مع الجيران والتدخل في الشؤون الإقليمية بطريقة استعراض القوة.
ومع عدم تقديمها لإعتذار ، تفوت اليابان فرصة أخرى لرأب الصدع في العلاقات مع جيرانها، وهذا يلقى بظلاله على المستقبل في شرق آسيا.