بقلم ندى تشن
بكين 19 يوليو 2015 (شينخوا) يعتبر الاتفاق النووي الإيراني الذي تم التوصل إليه يوم الثلاثاء الماضي من أهم انجازات السياسة الخارجية للرئيس الأمريكي باراك أوباما، ولكن لا تزال تواجه حكومته تحديات عديدة من داخل الولايات المتحدة وخارجها. إذ يرى الرأي العام الدولي أنه ينبغي على إدارة أوباما أن تثبت حكمة بعد تحقيق الاختراق العظيم في القضية النووية الإيرانية.
التنافس بين الفيل (الجمهوريين) والحمار (الديمقراطيين)
رغم التوصل إلى الاتفاق النووي مع احتمال رفع العقوبات قريبا، فإن إعادة التطبيع الحقيقي للعلاقات الأمريكية -الإيرانية تبدو بعيدة، لأن عملية التصديق على الاتفاق في الكونغرس ستكون طويلة وشاقة.
ومن المفترض أن يراجع الكونغرس الأمريكي الاتفاق خلال 60 يوما على أن يقوم بالتصويت عليه إما بالموافقة أو الرفض، وحاليا تتوالى الانتقادات من قبل الأعضاء الجمهوريون في الكونغرس ضد الاتفاق، حيث يتهمون حكومة أوباما بالرضوخ والاستسلام،، إلا أن أوباما أوضح عدم خشيته من المعارضين للاتفاق مبديا ترحيبه بأي أسئلة حوله.
أما في عموم البلاد، فقد بدأت الحملات التنافسية السياسية بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي قبل دورة الانتخابات الجديدة، فأصبح الاتفاق نقطة للجدل بين الحزبين ومنطلقا لمهاجمة الطرف الآخر. وهدد بعض الجمهوريين "بتحطيم" الاتفاق الذي تم التوصل إليه خلال ولاية الرئيس الديمقراطي الحالي، وذلك بحال نجاح مرشح الجمهوريين بالوصول إلى البيت الأبيض في الانتخابات القادمة.
وعلى الرغم من أن فرصة إبطال الاتفاق محدودة، فلا مفر من مواجهة قادمة بين الكونغرس وحكومة أوباما التي تعهدت برفض أي قرار للكونجرس يعرقل تطبيق الاتفاق النووي الإيراني.
العلاقات مع إسرائيل
وتشعر إسرائيل بالغضب، فيما يزعج الحكومة الأمريكية اضطرارها الدائم لإجراء توازن بين سياستها الخارجية وإرضاء حليفها.
وأعربت إسرائيل عن رفضها للاتفاق فيما لاقى ترحيبا من قبل المجتمع الدولي كونه يساهم في حل عقدة كانت تؤرق العالم منذ وقت طويل.
وأدان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الاتفاق بأشد العبارات، واصفا إياه بـ "الخطأ التاريخي المدهش"، كما اتهم المجتمع الدولي بتقديم تنازلات أكثر مما ينبغي.
ومن المعروف أن لإسرائيل قوة تأثير في سياسة واشنطن، لذلك من المتوقع أن يمارس رئيس الوزراء الإسرائيلي ضغوط على الكونغرس الأمريكي، خاصة مع تعالي أصوات المعارضين في إسرائيل ضد سياسته الخارجية.
وفي الوقت الذي قال فيه الرئيس الأمريكي إن جهود رئيس الوزراء الإسرائيلي المتوقعة لعرقلة الاتفاق النووي الإيراني ستفشل، قد اتخذ خطوات لتهدئة إسرائيل حيث وعد بتقديم المزيد من المساعدات العسكرية لها وترقية قدرتها على الهجوم والدفاع للحفاظ على ميزاتها العسكرية في منطقة الشرق الأوسط،، وتلا ذلك إعلان البنتاغون يوم الجمعة أن وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر سيزور الأسبوع المقبل إسرائيل والسعودية وذلك لطمأنتهما إزاء الاتفاق النووي الإيراني.
الصداقة التقليدية في المنطقة
بالنسبة إلى السعودية، وفضلا عن زيارة وزير الدفاع الأمريكي المقررة، فقد أعلن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أنه سيزور منطقة الخليج في أغسطس لتبديد المخاوف بشأن الاتفاق النووي مع إيران.
وجاء الإعلان عن الزيارة بعد أن قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير عقب لقاء مع نظيره الأمريكي في واشنطن هذا الأسبوع محذرا "إذا حاولت إيران التسبب في مشاكل في المنطقة، فإننا ملتزمون بمواجهتها بحزم".
وأشار وو يي هونغ, الخبير الصيني بقضايا الشرق الأوسط, إلى أن العلاقات بين إيران ودول الخليج وخاصة السعودية متوترة منذ تفاقم الأزمة اليمنية،. وقبل التوصل إلى الاتفاق، بدأت المملكة تشعر "بالخيانة" إلى حد ما وهي ترى إشارة لتحسن العلاقات بين حليفها الأمريكي وعدوها اللدود. لذلك قررت أن تختار العودة إلى أصدقائها في المنطقة لتتعاون وتتضامن معهم، وتتخذ خطوات مثل قرار إنشاء قوات مشتركة للدول العربية.
أما بالنسبة لإيران، لا يكفي مجرد التوصل إلى اتفاق ما للوثوق بالولايات المتحدة، وهذا ما بدا واضحا في إعلان المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي يوم السبت في خطابه بمناسبة عيد الفطر حيث قال فيه إن الاتفاق النووي لن يغير موقف بلاده تجاه الولايات المتحدة "المتغطرسة"، وإن بلاده لن تغير دعمها لأصدقائها وحلفائها في العراق وسوريا ولبنان والبحرين.
بالتالي، كيف تعتزم حكومة أوباما ضمان تطبيق الاتفاق مع المحافظة على الاستقرار في المنطقة؟ وكيف سيكون التعامل مع حلفائها والحفاظ على الصداقة التقليدية، فضلا عن تسوية مشكلة قلة الثقة لدى المنافس القديم في المنطقة؟ وتعد هذه الأسئلة من أهم التحديات لأوباما وحكومته بعد التوصل للاتفاق النووي الإيراني التاريخي وقبل انتخاب الرئيس الأمريكي القادم.