الصفحة الأولى > التقارير والتحليلات

العلاقات العربية الصينية وضرورة الاستفادة من مبادرة الحزام والطريق

19:57:44 08-03-2016 | Arabic. News. Cn

بقلم عباس جواد كديمي

 

الصين تعتز بعلاقاتها مع العرب، وهي علاقات تعود لآلاف السنين، لم تشبها شائبة. وفي العصر الحديث، شهدت هذه العلاقات التطور الذي تستحقه على كافة الأصعدة، وأصبح لدينا منتدى التعاون الصيني العربي الذي تأسس في مطلع عام 2004، وأضحى للصين ومعظم الدول العربية علاقات شراكة استراتيجية تتعزز باستمرار بفضل الأساس المتين للعلاقات وحيويتها، وبفضل الزيارات المتبادلة من الجانبين، على أعلى المستويات، وأصدرت الصين في 13 يناير من هذا العام 2016، وثيقة رسمية تاريخية واضحة المعالم، وهي الأولى من نوعها حول علاقتها مع العرب، مؤكدة أن العالم العربي شريك مهم للصين التي تسعى لإقامة علاقات دولية من نوع جديد تتمحور على التعاون والكسب المشترك، والتعامل مع العلاقات الصينية العربية من زاوية استراتيجية، وتلتزم بتوطيد وتعميق الصداقة التقليدية بين الجانبين كسياسة خارجية طويلة الأمد .

في عام 2013، طرح الرئيس الصيني شي جين بينغ مبادرة كبيرة جدا هي مبادرة الحزام الاقتصادي لطريق الحرير، وطريق الحرير البحري للقرن الـ21، والتي باتت تعرف اختصارا على مستوى العالم (الحزام والطريق). هذه المبادرة حيوية واعدة ذات آفاق مشرقة، تمتد على مساحات واسعة من العالم، شرقا وغربا، وحظيت بردود فعل إيجابية من عشرات الدول، ومنها الدول العربية، لأنها ثنائية المنفعة وغير مشروطة، وتأخذ بعين الاعتبار الظروف الواقعية لكل بلد أو منطقة، وتسعى بشكل واقعي لتنشيط التعاون والتبادلات الاقتصادية والتجارية وخلق فرص العمل، وتطوير البنية الأساسية في كافة المناطق التي تشملها. الصين خصصت وهيأت عوامل النجاح الفعلي لهذه المبادرة، من برامج تعاونية تتناسب مع واقع واحتياجات كل بلد ومنطقة، وكذلك الأموال اللازمة للتنفيذ، وأسست البنك الآسيوي للاستثمار بالبنية التحتية، ووضعت إمكانياتها وتجاربها التنموية أمام شركائها في مساعي التنمية.

إن تطوير وتحسين البنية الأساسية للنقل والمواصلات بكافة أنواعها، وتحديث وتحسين الإدارة الاقتصادية والتجارية ورفع مستوى التقنيات في عصر المعلومات هذا، وخلق فرص العمل، وتطوير مرافق الإنتاج الصناعي والزراعي، والتخطيط السليم وحماية البيئة، ستكون المستفيد الأول من هذه المبادرة.

المبادرة الصينية والعالم العربي

إن الدول العربية معنية بقوة بهذه المبادرة الاقتصادية التجارية التعاونية، التي ستوفر الأرضية القوية لمزيد من تطوير العلاقات الجيدة أصلا، وتخلق الفرص التنموية التي توفر فرص العمل لملايين الشباب العربي. المجتمعات العربية توصف بأنها مجتمعات شابة، حيث يشكل الشباب نسبة عالية فيها، وهؤلاء الشباب يتمتعون بالحيوية إلى جانب التعليم الجيد، ولكنهم بحاجة إلى تطوير المهارات والإمكانيات وفرص العمل، بحيث يبدعون من أجل خير مجتمعاتنا التي تمر بمرحلة تنموية انتقالية هامة جدا. وبفضل العلاقات التعاونية الممتدة لعشرات السنين بين العرب والصين، تفتح الصين أبوابها في كل مناسبة لاستقبال كوادر من الدول العربية، ينخرطون في دورات متنوعة لتطوير المهارات والمعلومات والتقنيات والإدارة. وهناك الآلاف ممن جاءوا إلى الصين لمثل هذه الدورات ويؤكدون هذه الحقيقة. لذلك، لا بد من المزيد من تمتين روابط العلاقات بين الجانبين بما يخدم تطوير ورفع مستوى كوادر نحن بحاجة ماسة إليهم حاليا.

هذه المبادرة الواسعة ستكون مدعومة بعلاقات ودية تاريخية وحديثة طيبة بين الجانبين العربي والصيني، وتفاهم ومصالح وظروف مشتركة، ولكنها مازالت تحتاج لتوفير الكثير من العوامل الحيوية اللازمة للتطبيق الذي يحقق المنفعة الفعلية، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، تعزيز التبادلات الشعبية ومنها التواصل اللغوي، سواء اللغة الصينية أو العربية، لأنه مع فرص التعاون ستظهر الحاجة الماسة لمعرفة واقع وظروف وإمكانيات الأطراف المعنية. ومما لا شك فيه أن التعاملات والتبادلات ضمن هذه المبادرة ستكون كثيرة جدا وبمجالات مختلفة، تحتاج بالتأكيد إلى اللغة لإيضاح أمور كثيرة تحتاجها العلاقات المتطورة يوميا. لذلك، تبرز الحاجة الآن أكثر من أي وقت مضى، لتحمل المسئولية لتعزيز العلاقات الشعبية بين الجانبين، والعمل معا على رفع مستوى اللغة العربية في الصين، ومستوى اللغة الصينية بين العرب.

إن آفاق العلاقات العربية الصينية مشرقة وواعدة كثيرا، وعلينا أن نسهم أكثر لوراثة علاقاتنا الودية الممتازة، ونوطدها ونطورها نحو مستقبل أكثر استدامة وتألقا.

 

المصدر: شبكة الصين

 

الآراء الواردة في المقال تعكس آراء الكاتب فحسب، وليس الشبكة

ألصق عنوان البريد الإلكتروني لصديقك في الفراغ اليمين لإرساله هذه المقالة العودة الى الأعلى
010020070790000000000000011101441351683251