حفل تذكاري لكونفوشيوس

حفل تذكاري لكونفوشيوس

2019-07-22 11:12:34|

بكين 22 يوليو 2019 (شينخوانت) كونفوشيوس الفيلسوف العظيم الصيني هو جامع الأفكار الثقافية الصينية، حيث أسس مذهب كونفوشيوس، أولا، طرح نظرية " الرحمة "، أى مطالبة الحكام بالشفقة على أبناء الشعب وحب قدراتهم، وعدم اضطهادهم واستغلالهم بشكل استهتاري، وذلك من أجل تخفيف حدة التناقضات الطبقية، ثانيا، كان يدعو إلى إدارة أبناء الشعب باستخدام الأخلاق، ويعارض الحكم القاسي والعقوبات والقتل غير الشرعي. وتدعو أفكاره الفلسفية إلى " الرحمة والوفاء " و" الأدب والموسيقى" و"الحكم بالأخلاق والتهذيب" وكذلك "اعتبار الحكام أبناء الشعب كالجسم". تغلغت أفكار مذهب كونفوشيوس فى حياة الصينيين ومجالاتهم الثقافية، فأصبحت تقليدا للثقافة الإقطاعية التى استمرت أكثر من 2000 سنة، مما أحدث تأثيرات بالغة جدا فى الأجيال بعده.

كان كونفوشيوس عالما تربويا كبيرا أيضا، وخلال المجتمع الإقطاعي لم يكن يحظى بالتربية والتعليم سوى أبناء الأرستقراطيين، وسيطرة السلطات المحلية على أعمال التربية والتعليم، فأقام كونفوشيوس مدرسة خاصة لتعليم عدد كبير من التلاميذ، مما حطم سيطرة السلطات المحلية على أعمال التربية والتعليم، ووسع نطاق أهداف التربية والتعليم. ويقال أن كونفوشيوس يدعو إلى ممارسة التربية والتعليم حسب الظروف، أى القيام بتربية التلاميذ من الأنواع المختلفة حسب ظروفهم الخاصة، وكان دائما يعلم التلاميذ بأن يراجعوا دائما ما درسوه، لمعرفة أشياء جديدة من خلال مراجعة القديمة، ويتعين على التلاميذ أن يكونوا صادقين خلال الدراسة: إذا عرفتم فقولوا نعرف، إذا لم تعرفوا فقولوا لا نعرف، كما يجب أن يكون دمج ما بين الدراسة والتفكير.

إن الحفل التذكاري لكونفوشيوس (يسمى أيضا بعروض موسيقى ورقص دينغجي أو عروض موسيقى ورقص داتشنغ) هو عبارة عن مجموعة كبيرة من عروض المراسم الدينية والموسيقى والغناء والرقص تقام أصلا في ساعة ولادة كونفوشيوس في يوم 27 من الشهر الثامن كل عام حسب التقويم القمري الصيني في مدينة تشيويفو في مقاطعة شاندونغ لإحياء ذكرى ولادة كونفوشيوس. أما اليوم، فيستمر هذا الحفل من يوم 26 سبتمبر إلى يوم 10 أكتوبر كل عام.

يرجع تاريخ الحفل التذكاري لكونفوشيوس إلى عام 478 قبل الميلاد أي العام التالي بعد وفاته. وحوٌل الملك آيقونغ لمملكة لوه منزل كونفوشيوس القديم إلى معبد لتقديس كونفوشيوس. وقدم الإمبراطور ليو بانغ أول إمبراطور لأسرة مينغ الملكية أثناء مروره في مملكة لوه قدم قرابين إلى صنم كونفوشيوس، مما أسس التقاليد لدى الأباطرة الصينيين في تمجيد كونفوشيوس. بفضل الرعاية المتزايدة من الأباطرة المتعاقبين، ازداد الحفل التذكاري حجما ومهابة مع مرور الزمن، وكان لدى الأباطرة تدخل مباشر في تحديد أدوات الطقوس الدينية والآلات الموسيقية وألحان الغناء والرقص في الحفل التذكاري. شارك أباطرة من الأسر الملكية المتعاقبة في الحفل التذكاري 196 مرة وذلك من خلال الطرق المختلفة مثل الإشراف على الحفل التذكاري وإيفاد مندوبين والتوقف في الجولة في البلاد. وزار الإمبراطور تشيانلونغ من أسرة تشينغ الملكية وحده مدينة تشيويفو ثماني مرات لتقديم الاحترام والتمجيد لكونفوشيوس. وأصدرت حكومة جمهورية الصين مرسوما يقضي بإحياء ذكرى ولادة كونفوشيوس في أنحاء البلاد وأدخلت تعديلات كبيرة على الإجراءات والمراسم مثل تقديم الأكاليل بدلا من الخمور ولبس الثوب الطويل والسترة الرسمية بدلا من الأزياء التقليدية في مثل هذا الحفل التذكاري وتقديم الاحترام والتقدير منحنين أمام صنم كونفوشيوس بدلا من السجود. في عام 1986، قامت إدارة الثقافة لمدينة تشيويفو بجمع المعلومات التاريخية للحفل التذكاري لكونفوشيوس، وأُقيم الحفل التذكاري لأول مرة بعد توقفه لنصف قرن في مراسم افتتاح الحملة السياحية "رحلة إلى مسقط رأس كونفوشيوس".

يحتوي الحفل التذكاري لكونفوشيوس عروض الموسيقى والغناء والرقص والمراسم. ويتمحور الموسيقى والغناء والرقص على الطقوس المتميزة بالمهابة والنقاء والأمانة والاحترام. وعروض الموسيقى والرقص تجسد قيم وأفكار مدرسة كونفوشيوس وتجمع ببراعة بين الفن والسياسة، وتعبر بصورة وافية عن معنى "المراسم" في فلسفة كونفوشيوس التي تؤكد أن "الرحمة هي حب الآخرين" وضرورة "تكوين الأخلاق الفاضلة من خلال المراسم". يتمتع الحفل التذكاري لكونفوشيوس بجاذبيته القوية فكريا وروحيا وفنيا يلعب دورا لا غنى عنه في تكريس التقاليد والثقافة الأصيلة ونشر جو من الوئام والوفاق وبناء المجتمع المتناغم وتعزيز التماسك الوطني.

pagebreak
 
 
pagebreak

pagebreak