تحقيق إخباري: فيروس كورونا يقضي على السياحة في مدينة القدس خلال موسم أعياد الميلاد المجيدة

تحقيق إخباري: فيروس كورونا يقضي على السياحة في مدينة القدس خلال موسم أعياد الميلاد المجيدة

2020-12-23 00:14:06|新华网

القدس 22 ديسمبر 2020 (شينخوا) تتصاعد رائحة كعك عيد الميلاد المتبل بالزنجبيل من مخبز صغير في الحي المسيحي بمدينة القدس القديمة، حيث يتوافد مجموعة صغيرة من السياح المحليين إلى المخبز للحصول على الكعك وتذوق طعمه.

تخدم سارة أبو صير الزبائن في المخبز، حيث يقوم والدها بخبز الكعك في مطبخ المخبز، لكن العمل قليل هذا العام بسبب مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد -19) الذي أثر بشكل كبير على المدينة التي تمتعت خلال السنوات الأخيرة بزيادة أعداد السياح.

وعادة ما تكون القدس صاخبة في الأيام التي تسبق عيد الميلاد، والأزقة مزدحمة، ومحلات بيع التذكارات مليئة بالسياح والحجاج، ولكن هذا العام أصبحت المدينة التي تضم بعض أقدس المواقع للديانة المسيحية فارغة وشبه مهجورة.

قلة من السياح المحليين يتواجدون في المدينة، ولكن ذلك لا يكفي لانتعاش الأعمال التجارية التي تعتمد بعضا منها على موسم عيد الميلاد، خاصة بعد تقييد احتفالات أعياد الميلاد بسبب محاربة المدينة مثل بقية مدن العالم مرض فيروس كورونا.

وافتتحت سارة ووالدها المخبز في خضم انتشار الفيروس، وبسبب قيود وزارة الصحة لم يتمكنوا من استقبال الناس وتقديم الكعك والطعام لهم داخل المتجر المزين بزخارف عيد الميلاد، والذي كان من المفترض في الوقت الحالي أن يكون يعج بالسياح من كل أنحاء العالم.

وقالت سارة أبو صير لوكالة أنباء ((شينخوا)) "نريد أن نرى أشخاص يجلسون على مقاعد وطاولات متجرنا، ويستمتعون بالمعجنات والكعك، لكننا لم نتمكن من ذلك بسبب فيروس كورونا، ولكننا نأمل أن يكون العام المقبل أفضل".

ومنذ تفشي مرض فيروس كورونا في إسرائيل بشهر مارس 2020، فرضت الحكومة الإسرائيلية إغلاقين على جميع مناحي الحياة، ومن المتوقع أن يكون هناك إغلاق ثالث وشيك بسبب تزايد حالات الإصابة بالفيروس.

ولقد أثرت فترات الإغلاق الطويلة ضربة قوية لاقتصاد مدينة القدس، بصرف النظر عن فترة وجيزة في الصيف عندما كانت الفنادق مفتوحة للإسرائيليين إلا أن مدينة القدس كانت خالية من السياح الأجانب الذين يتوافدون إلى المدينة معظم أوقات السنة.

وتعتبر فترة عيد الميلاد هي فترة الذروة السياحية في مدينة القدس، ولكن هذه الفترة من هذا العام ستختلف عن سابقاتها، خاصة مع تقييد وتقليص حجم الاحتفالات في المدينة.

وتم إغلاق كنيسة القيامة التي يعتقد أنها المكان الذي دفن فيه المسيح عيسى (يسوع) وفقا للتقاليد المسيحية أمام السياح والمصلين لعدة أشهر، حيث كانت الحشود في الماضي تنتظر في طوابير طويلة للدخول للموقع التاريخي، ولكن في الوقت الحاضر عادة ما تكون الساحة عند مدخل الكنيسة فارغة تماما.

أما يحيى عطية، ويبلغ من العمر 84 عاما وهو صاحب متجر لبيع القطع والتحف الأثرية لمختلف الأديان في البلدة القديمة، أصبح متجره الذي يقع بجوار الكنيسة الآن شاهدا على أحد أسوأ المواسم السياحية التي شهدتها المدينة.

وقال عطية وهو جالس على كرسي خارج متجره كما يفعل باقي الباعة في هذه الأيام لقلة الزوار لوكالة أنباء ((شينخوا)) "يمكنك أن ترى الشارع هادئا للغاية، ولكننا نأمل أن تتحسن الأوضاع وتصبح أفضل في المستقبل القريب".

عادة خلال عيد الميلاد، يتعين على المشاة قضاء بعض الوقت في شق طريقهم عبر الأزقة الضيقة، أما الآن تستغرق جولة مشي كاملة في المدينة القديمة التاريخية وقتا أقل بكثير.

وقالت سارة "القدس تتحول إلى مدينة أشباح، أمشي في الشوارع في الساعة الثامنة والنصف صباحا، لا أشاهد أحد سوى القطط والكلاب في الشوارع أنه أمر محزن للغاية".

وتقدر الخسائر التي لحقت بمدينة القدس نتيجة الانخفاض الكبير في السياحة بملايين الشواقل الإسرائيلية.

والمحلات التجارية في المدينة القديمة فارغة، لقد أغلقت أغلبيتها منذ شهور، لكن بعض أصحاب المتاجر يختارون القدوم إلى العمل في الصباح على أمل كسب لقمة العيش.

واعتاد ميشيل الذي يمتلك متجرا صغيرا عند مدخل الحي المسيحي بمدينة القدس على تحية مئات السياح في موسم عيد الميلاد، أما الآن فهو يجلس مكتوف اليدين على كرسي أمام مدخل متجره مثل أصحاب المتاجر الآخرين ينظر إلى الزقاق الفارغ.

ويقول ميشيل لوكالة أنباء ((شينخوا)) وهو يشير بيده إلى الزقاق الفارغ "لا يوجد سياح إطلاقا، ولم أشاهد دولار واحدا منذ شهر مارس الماضي، حتى الآن لم أشاهد الدولار، ولم يدخل أي دولار إلى متجري هنا".

وتظهر بيانات الأشهر الأخيرة التي نشرتها دائرة التوظيف والاستخدام الإسرائيلية أن معدل البطالة في المدينة يزيد عن 30 في المائة، مشيرة إلى أن الأكثر تضررا كان قطاع الطعام والضيافة.

ووفقا لأرقام الدائرة، فأن نسبة البطالة بين السكان العرب في المدينة الذي يعمل الكثير منهم في قطاع السياحة بالمدينة القديمة أكثر من 50 في المائة.

قبل أزمة (كوفيد-19)، كانت البطالة في القدس تبلغ حوالي ثلاثة بالمائة، وتم تشييد فنادق جديدة لتلبية الحاجة المتزايدة للغرف مع ازدياد عدد السياح الذين يزورون المدينة، وكان من المتوقع أن يكون عام 2020 عاما آخر لتحطيم الأرقام القياسية.

ولكن، هذا العام شهد إغلاق فنادق مدينة القدس، وإغلاق دور العبادة والمحلات والمطاعم، وتقييد الاحتفالات بعيد الميلاد بسبب فيروس كورونا.

ومع بدء حملة للتطعيم ضد مرض فيروس كورونا، هناك أمل في أن يبدو عيد الميلاد في العام المقبل مشابها لأوقات ما قبل انتشار الفيروس، وأن تعود مدينة القدس تمتلئ بالسياح.