(وسائط متعددة) مقالة خاصة: مخيم الزعتري للاجئين السوريين في الأردن أصبح نواة مدينة في عامه العاشر

(وسائط متعددة) مقالة خاصة: مخيم الزعتري للاجئين السوريين في الأردن أصبح نواة مدينة في عامه العاشر

2022-08-11 17:10:16|xhnews


مخيم الزعتري للاجئين السوريين في الأردن. (شينخوا)

عمان 11 أغسطس 2022 (شينخوا) لم تكن اللاجئة السورية ابتسام الزعبي تتصور أنها ستبقى في مخيم الزعتري بالأردن طيلة عشر سنوات حتى أصبح بيتها كما تقول، ولا تفكر حاليا في مغادرته.

وابتسام (34 عاما) واحدة من آلاف اللاجئين الذين فروا من سوريا إلى الأردن قبل عشر سنوات هربا من الحرب وبحثا عن مأوى وملاذ آمن ولقمة للعيش بعد أن فقدوا معظم ممتلكاتهم في بلدهم.

وقالت ابتسام، وهي من بلدة "الطيبة" القريبة من مدينة درعا جنوبي سوريا، لوكالة أنباء ((شينخوا)) "عندما وقعت الحرب كنت منفصلة عن زوجي وحينها أخذت أطفالي الصغار الأربعة وخرجت إلى الأردن بحثا عن الأمان".

وتستذكر ابتسام الأوقات "الصعبة" التي عاشتها خلال الحرب وقدومها إلى الأردن، وقالت "سيطر الخوف على أولادي جراء الأعمال الحربية، وقطعنا البادية بحثا عن ملاذ آمن حتى وصلنا إلى الحدود الأردنية واستقبلنا الجيش الأردني على الحدود، وقدم لنا المساعدة من مأكل ومشرب ودعم نفسي، وتم إرسالنا إلى هذا المخيم".

    في الصورة الملتقطة يوم 19 نوفمبر 2021،  لاجئون سوريون في مخيم الزعتري للاجئين في الأردن.  (شينخوا)

وأقيم مخيم الزعتري في يوليو 2012 على أرض صحراوية قاحلة شمال شرق العاصمة عمان عندما تدفق الآف من اللاجئين إلى الأردن مع اندلاع الأزمة في سوريا في العام 2011.

وبعد مرور عشر سنوات على إقامته، أصبح المخيم نواة مدينة وملاذا آمنا لسكانه، وله طابعه المميز عن بقية التجمعات السكانية في الأردن.

وتحكي ابتسام كيف تغير شعورها خلال سنوات إقامتها في المخيم، وقالت "كنا في بداية الأمر نعيش في الخيام ورغم معاناة الطقس وارتفاع درجات الحرارة صيفا وتدنيها شتاء إلا أننا شعرنا بالأمان الذي كنا نبحث عنه".

وأشارت إلى معاناة أطفالها النفسية في بداية حياتها في المخيم والخوف من المجهول وبقيت هذه المعاناة أكثر من سنة حتى شعروا بالأمان التام وذهبوا إلى المدرسة لتلقي العلم في المدارس التي أقيمت في المخيم.

ويضم المخيم، بحسب بيان للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين بمناسبة مرور عشر سنوات على إنشائه، نحو 80 ألف لاجئ سوري من أصل 675 ألفا مسجلين لديها يعيشون في مختلف المدن والقرى الأردنية.

إلا أن الحكومة الأردنية تقول إن لديها أكثر من 1.3 مليون لاجئ سوري منذ اندلاع الأزمة السورية في مارس 2011.

   طفلة لاجئة سورية توجد في مخيم الزعتري للاجئين في الأردن في 2 أغسطس 2022.  (شينخوا)

وأكدت ابتسام أن الحياة تطورت مع مرور الزمن في المخيم، وعن ذلك قالت "انتقلنا من الخيام إلى البيوت الجاهزة (كرفانات) وانتظمت الأشياء بمساعدة الهيئات الإغاثية التابعة للأمم المتحدة من خلال التوزيع العادل للمساعدات والمعونات الصيفية والشتوية والآن نشعر أننا في بيوتنا".

وتابعت: "لم أكن أتوقع أن أمكث في المخيم عشر سنوات، وكنت في البداية أتوقع المكوث شهرين أو ثلاثة أشهر ولكن الظروف في الداخل السوري ساءت أكثر مما كنا نتوقع، ومضى عام بعد عام ونحن ننتظر عودة الهدوء إلى سوريا".

وأضافت "تأقلمنا مع الحياة هنا، والصراحة أنني لم أعد أفكر بالعودة إلى بلدي، خاصة أن بيتي تهدم ولم يبق لي أي شيء، ومن الصعب العودة للعيش هناك في الظروف الحالية، فالحياة المعيشية قاسية في ظل البطالة والحصار الذي تعيشه سوريا من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية".

ومضت قائلة "سأظل هنا في المخيم حتى أشعر بأن الظروف تغيرت والحياة بدأت تعود لطبيعتها في سوريا، وأتمنى أن أرى أبنائي يدخلون سوق العمل ويعتمدون على أنفسهم ومساعدتي في هذه الحياة".

   مخيم الزعتري للاجئين السوريين في الأردن. (شينخوا)

بدوره، قال شادي أحمد جهماني (19 عاما) من بلدة "الشجرة" القريبة من درعا جنوبي سوريا "أنا عشت الماضي والحاضر في المخيم في الأردن ولا أتذكر شيئا من سوريا وعندما خرجت منها كنت صغيرا".

وأضاف شادي لـ ((شينخوا)) "حياتي أفضل هنا في المخيم وتعرفت على أناس جدد وعرفت معنى الحياة هنا وكذلك عرفت المدرسة في المخيم والآن دخلت سوق العمل في الأردن وأصبحت أعيل نفسي بنفسي دون مساعدة من أحد".

وقال "كنت في سوريا صغيرا ومعظم أوقاتي في المدرسة مع شقيقي ولا أعرف أحدا هناك، ولكن الأردن بات وطني وصرت أعرف الأردن والتنقل به أكثر من سوريا".

وأظهرت بيانات استطلاع للرأي قامت بها المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، أن غالبية سكان المخيم ما زالوا يرغبون في العودة إلى سوريا في المستقبل.

وفي حين يعتقد معظمهم أنه لا يزال من غير الآمن القيام بذلك في الوقت الحالي، إلا أن الشوق لبلدهم لا يزال عارما حتى بين جيل الصغار الذين لم يروا وطنهم من قبل.

وتساعد التقاليد المتوارثة عبر الأجيال في الحفاظ على التقاليد والتراث السوري في مخيم الزعتري، ويرجع الفضل في ذلك إلى الروابط المجتمعية المتينة التي نشأت في المخيم على مدى السنوات الـ10 الماضية.

وقالت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، في بيانها بمناسبة مرور عشر سنوات على إنشاء المخيم، إنها قدمت الخيام لأوائل اللاجئين الذين وصلوا إلى المخيم لتوفير الوقاية من درجات الحرارة المرتفعة خلال الصيف.

وفي عام 2013، تم استبدال الخيام بمساكن ثابتة مسبقة الصنع، يتراوح عمرها الافتراضي من ست إلى ثماني سنوات، مما يعني أن معظمها الآن بحاجة إلى إصلاح عاجل.

ووفقا لتقييم حديث، فإن أكثر من 70 % من المساكن تحتوي الآن على جدران وأرضيات وأسقف تعتبر دون المستوى.

مخيم الزعتري للاجئين السوريين في الأردن. (شينخوا)

وتم تسجيل أكثر من 20 ألف ولادة في الزعتري بمعدل ولادة حوالي 40 طفلا كل أسبوع.

ويشكل الأطفال نصف سكان المخيم والعديد منهم لم يتجاوز حدود المخيم، ويتم توفير جميع الخدمات التي يحتاجها الأطفال داخل المخيم، بما في ذلك المدارس التي تديرها وزارة التربية والتعليم الأردنية.

وفي وسط مخيم  الزعتري، سوق صاخب يضم 1800 محل تجاري، ويمتد مسافة ما يقرب من 3 كيلومترات، ويضم كل شيء من متاجر الخضار إلى ورش تصليح الدراجات والتي يديرها اللاجئون أنفسهم.

وأثبتت العلاقات التجارية القائمة مع الشركات والموردين الأردنيين المحليين في مدينة المفرق القريبة وجود حركة مستمرة من قبل شاحنات التوصيل من وإلى المخيم.

وهناك  ثمانية مرافق طبية تقدم رعاية صحية مجانية بإدارة مجموعة من المنظمات الدولية والمحلية، حيث يتم تقديم ما يقرب من 25 ألف استشارة طبية كل شهر، والحالات الخطرة يتم تحويلها إلى المستشفيات الأردنية الواقعة في البلدات والمدن المجاورة.

ويعمل  في المخيم ما يقرب من 1200 موظف في 32 وكالة مختلفة من وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية العاملة في المخيم بالتعاون مع الحكومة الأردنية، في مجالات الحماية والصحة والمساعدات النقدية وصيانة المساكن.

ويتم منح تصاريح العمل للاجئين السوريين في الأردن للعمل في أي قطاع متوفر لغير الأردنيين، بما في ذلك الزراعة والبناء والخدمات والصناعات الأساسية.

ومع ذلك، لا يحمل سوى 4 %  فقط من اللاجئين ممن هم في سن العمل في مخيم الزعتري تصاريح عمل في الوقت الحالي، وفقا للمفوضية.

ومع استمرار تأثيرات وباء كورونا على الاقتصاد الأردني، أدى النقص في فرص العمل لكل من اللاجئين والأردنيين إلى دفع المزيد من سكان المخيم إلى تولي وظائف عالية الخطورة أو الوقوع في براثن الديون.

 

الصور