النص الكامل لمقال موقع من الرئيس شي نُشر في الإعلام الأوزبكي
بكين 13 سبتمبر 2022 (شينخوا) نُشر مقال موقع من الرئيس الصيني شي جين بينغ بعنوان "العمل معا من أجل مستقبل أكثر إشراقا للعلاقات الصينية ــ الأوزبكية" اليوم (الثلاثاء) في الإعلام الأوزبكي قبيل زيارة الدولة التي يعتزم شي القيام بها للبلد الواقع في آسيا الوسطى.
وجاء في نسخة إنجليزية من المقال نشرتها صحيفة ((نارودنوي سلوفو)) الأوزبكية الرائدة و((وكالة الأنباء الوطنية الأوزبكية)) ما يلي:
العمل معا من أجل مستقبل أكثر إشراقا للعلاقات الصينية-الأوزبكية
شي جين بينغ
رئيس جمهورية الصين الشعبية
"الأرض خصبة والمحاصيل مزدهرة. الأشجار تزدهر، وتكثُر الزهور والفواكه. مكان يعد موطنا للخيول". هذه هي الكلمات التي وصف بها هوين تسانغ، وهو راهب صيني بارز عاش في عصر أسرة تانغ منذ أكثر من 1300 عام، سمرقند الغنية بالموارد. وفي هذا الشهر الجميل في منتصف فصل الخريف، وهو موسم حصاد، سوف أزور مرة أخرى مدينة سمرقند الجميلة بناء على دعوة من الرئيس شوكت ميرضيائيف، حتى أُناقش معه خططا لإقامة علاقات أوثق بين الصين وأوزبكستان، ولحضور قمة منظمة شانغهاي للتعاون.
وكل من الصين وأوزبكستان حضارتان قديمتان، ويعد طريق الحرير العظيم شاهدا على التبادلات الودية بين الشعبين على مدار 2000 عام مضت وأكثر. وسافر العديد من الرموز التاريخية من الصين نحو الغرب لزيارة أوزبكستان، ومن بينهم تشانغ تشيان الذي عاش في عصر أسرة هان الغربية (206 قبل الميلاد-24 بعد الميلاد)، وهوين تسانغ الذي عاش في عصر أسرة تانغ (618-907)، وتشن تشنغ الذي عاش في عصر أسرة مينغ (1368-1644)، حيث تركوا بصماتهم في مدن شهيرة مثل طشقند وسمرقند ونافوي. وخلال حقبة أسرة يوان (1271-1368) تولى السيد أجَّل شمس الدين، وهو رجل دولة تعود أصوله إلى بُخارى، منصب حاكم مقاطعة يوننان في الصين. وفي منتصف القرن الـ14، شارك وو رو، الخبير في علم الفلك والتقويم وأحد مواطني مدينة سمرقند، في إنشاء مرصد في نانجينغ. وهؤلاء الأشخاص كانوا روادا سباقين في الصداقة الصينية-الأوزبكية، ولا تزال تُروى القصص عنهم على نطاق واسع في كل من البلدين.
وتعتبر أوزبكستان دولة رئيسية في المركز الجيوسياسي لآسيا الوسطى. وعلى مدار الـ31 عاما الماضية منذ حصولها على الاستقلال، حققت أوزبكستان إنجازات ملحوظة في التنمية والنهضة على الصعيد الوطني. وفي السنوات الأخيرة بوجه خاص، وتحت قيادة الرئيس ميرضيائيف، شرع الشعب الأوزبكي في رحلة جديدة نحو "أوزبكستان جديدة". ودخل الإصلاح والتنمية في مختلف المجالات المسار السريع. واتخذت البلاد مظهرا جديدا، ويتمتع شعبها بحياة أفضل، كما ارتفعت مكانتها الدولية بصورة كبيرة. وبصفتها جارة ودية وشريكة استراتيجية شاملة لأوزبكستان، فإن الصين تشعر بالسعادة حقا من أجل أوزبكستان.
ويوافق هذا العام الذكرى الـ30 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين وأوزبكستان. وعلى مدار ثلاثة عقود مضت، تعمقت جذور الشجرة العملاقة لعلاقاتنا، ونمت الشجرة وأصبحت أكثر حيوية. وقد احترم البلدان بعضهما البعض، وعززا حسن الجوار، ودعما التضامن، وسعيا نحو تحقيق المنفعة المتبادلة. كما حقق التعاون في جميع المجالات نتائج ملموسة.
ــ نحن صديقان جيدان نتشارك علاقة وثيقة. منذ 2016، ظل الرئيس ميرضيائيف وأنا على تواصل وثيق وأقمنا علاقة عمل جيدة وصداقة شخصية عميقة من خلال الاجتماعات والمكالمات الهاتفية والمراسلة. وفي إطار الشراكة الاستراتيجية الشاملة، تبادلت الدولتان الدعم بشأن القضايا المتعلقة بالمصالح الجوهرية لكل منهما، ودعمتا بعضهما البعض في تطبيق الاستراتيجيات التنموية، واستفادت كل منهما من خبرة الأخرى في الإصلاح والانفتاح، كما ضختا طاقة إيجابية في التنمية الإقليمية.
ــ نحن شريكان جيدان نسعى نحو تحقيق التنمية المشتركة. تعد الصين أكبر شريك تجاري لأوزبكستان ومستثمرا رئيسيا فيها. ولقد تجاوز حجم التجارة المتبادلة 8 مليارات دولار أمريكي في 2021، واقترب من 5 مليارات دولار أمريكي في النصف الأول من هذا العام، وفي طريقه إلى تحقيق الهدف الذي تم تحديده لعام 2022، وهو 10 مليارات دولار أمريكي. وكان التعاون في إطار مبادرة الحزام والطريق مثمرا، وتحرز المشاريع الرئيسية تقدما مطردا. وتمر جميع المسارات الأربعة لخط الغاز الطبيعي بين الصين وآسيا الوسطى عبر أوزبكستان. واكتمل بنجاح بناء نفق خط أنغرين ــ باب للسكك الحديد، أطول الأنفاق في آسيا الوسطى. ويُطلَق العنان للمزيد من إمكانات النقل من خلال الطريق السريع الذي يربط الصين وقيرغيزستان وأوزبكستان، وخط السكة الحديد الذي يربط بين الصين وقازاقستان وأوزبكستان. كما تُجرى تجهيزات مشروع خط السكة الحديد بين الصين وقيرغيزستان وأوزبكستان على قدم وساق. وبالتالي، تتحول أوزبكستان من دولة حبيسة إلى دولة مرتبطة بريا بالدول الأخرى. كما أجرى الجانبان أيضا تعاونا قويا في الطاقة المتجددة والزراعة والتمويل والاتصالات الحديثة، ما حقق فوائد أكبر للشعبين.
ــ نحن نموذج جيد للحوار بين حضارتين. أجرى الجانبان تبادلات على نطاق واسع، من بينها المهرجانات الفنية وفعاليات الترويج الثقافي والمعارض والندوات. ويزدهر التعاون فيما يتعلق بإرسال الطلاب وترجمة المنشورات وصناعة الأفلام وترجمة المسلسلات التلفزيونية وإجراء التفاعلات المحلية وتدريب الموظفين، ما ساهم بشكل فعال في جعل الشعبين أكثر اقترابا. وفي السنوات الأخيرة، دربت الصين أكثر من 6500 من المتخصصين في مختلف المجالات من أوزبكستان. وهؤلاء يقومون الآن بدور فعال في مساعي الإصلاح والتنمية في أوزبكستان. وأُقيمت معاهد كونفشيوس في كل من طشقند وسمرقند، حيث تعلم العديد من أبناء الشعب الأوزبكي اللغة الصينية، وأصبحوا من مبعوثي الصداقة بين الدولتين. كما يزداد التعاون في السياحة، ما أسفر عن زيارة المزيد من الصينيين أرض أوزبكستان الجميلة. وتم الانتهاء بنجاح من مشروع الحفاظ على المواقع التاريخية وترميمها في خيوة، وهو مشروع أُطلق خلال زيارتي إلى سمرقند في 2013، ما زاد سحر هذه المدينة القديمة.
ــ نحن أخوان صالحان ندعم بعضنا بعضا وقت الحاجة. لقد وقفت الصين وأوزبكستان، اللتان تترابط مصالحهما بشكل وثيق، معًا في السراء والضراء. لقد حافظنا على تنسيق وثيق على المستوى الثنائي وفي الأطر الإقليمية والمتعددة الأطراف مثل منظمة شانغهاي للتعاون. ولقد عملنا معًا لمواجهة التدخل الخارجي، ومحاربة قوى الشر الثلاث المتمثلة في الإرهاب والانفصالية والتطرف، والتصدي للجرائم المنظمة وتهريب المخدرات عبر الحدود. من خلال تعزيز تبادل المعلومات الاستخباراتية وتوسيع تدريب الأفراد، قمنا معا بتشكيل درع أمنية قوية. وفي مواجهة جائحة كوفيد-19، دعم بلدانا بعضهما البعض وأجريا تعاونًا نشطًا. وقد لعبت اللقاحات الصينية، التي يمكن الآن إنتاجها بالاشتراك مع أوزبكستان، دورًا رئيسيًا في مكافحة أوزبكستان للفيروس، وتمت الموافقة على دواء صيني لكوفيد-19 للاستخدام السريري في أوزبكستان، ما يوفر حماية فعالة لحياة الناس في كلا البلدين.
تظهر أكثر من 2000 عام من التبادلات الوديّة وثلاثة عقود من التعاون متبادل المنفعة أن تعزيز التعاون الصيني ــ الأوزبكي على جميع الجبهات يتوافق مع اتجاه التاريخ ويلبي المصالح الأساسية لكلا الشعبين. وإذْ نقف الآن عند نقطة التقاء الماضي مع المستقبل، نحن مفعمون بالثقة والتطلعات نحو آفاق تعد بالمزيد للعلاقات بين الصين وأوزبكستان.
أولا، نحن بحاجة إلى تعزيز الدعم المتبادل وتقوية أواصر الثقة المتبادلة. نحن بحاجة إلى وضع مخطط للعلاقات بين الصين وأوزبكستان في العصر الجديد من منظور استراتيجي وطويل الأمد. نحن بحاجة إلى تكثيف التبادلات رفيعة المستوى، وزيادة الثقة السياسية المتبادلة، وتعميق تبادل الخبرات في مجال الحوكمة، ومواصلة تقديم الدعم المتبادل في القضايا المتعلقة بالمصالح الأساسية لكلينا. تدعم الصين بشدة أوزبكستان في اتباع مسار التنمية المناسب لظروفها الوطنية، وتعارض تدخل أي قوة في الشؤون الداخلية لأوزبكستان .
ثانيا، نحن بحاجة إلى تعميق التعاون متبادل المنفعة لتحقيق التنمية والازدهار المشتركين. يجب أن نطور تضافرا أفضل بين استراتيجياتنا التنموية، وأن نستكشف معا مسارات جديدة للتعاون الثنائي في الاقتصاد والتجارة والاستثمار والمشاريع الرئيسية وغيرها من المجالات. لقد دخلت الصين مرحلة تنمية جديدة، وهي تبذل جهودا نشطة لتعزيز نمط تنموي جديد. نرحب بركوب أوزبكستان القطار السريع لتنمية الصين ومشاركة فرصها التنموية. يصادف العام المقبل الذكرى الـ10 لإطلاق مبادرة الحزام والطريق. ويمكن لجانبينا استغلال هذه الفرصة وتسخير الزخم لزيادة تجسيد التعاون الثنائي والسعي لتحقيق تنمية عالية الجودة معًا. نحتاج أيضًا إلى توسيع التعاون في الحد من الفقر والتخفيف منه، حتى يستفيد المزيد من أبناء شعبي البلدين من تعاوننا متبادل المنفعة.
تأمل الصين في العمل مع أوزبكستان من أجل التنفيذ الفعال لمبادرة التنمية العالمية، واتخاذ إجراءات منسقة لحماية مصالح البلدان النامية، وإقامة مشهد تنموي متوازن ومنسق وشامل يقوم على التعاون المربح للجميع ويعمل لصالح الجميع ويحقق الرخاء المشترك.
ثالثًا، نحتاج إلى تعزيز التعاون الأمني للوقاية من المخاطر والتحديات. يحتاج جانبانا إلى تعميق التعاون في المجال الأمني والرفض القاطع لأي محاولات من أي قوة لتقويض الأمن الإقليمي، من أجل تعزيز بيئة خارجية آمنة لتنمية البلدين. أفغانستان جارة مشتركة للصين وأوزبكستان، وتمتُع أفغانستان بالسلام والاستقرار والنمو والازدهار هو من مصلحتنا المشتركة. تقدّر الصين وتدعم الدور الفريد لأوزبكستان في حل قضية أفغانستان. نحن على استعداد للعمل مع أوزبكستان لوضع مبادرة الأمن العالمي موضع التنفيذ، ودرء التهديدات والتحديات الجديدة، ودعم السلام والاستقرار والنزاهة والعدالة الدوليتين.
رابعا، نحن بحاجة إلى تعزيز التبادلات الثقافية لتعزيز الارتباطية بين الشعبين. بين الأقارب والأصدقاء على حد سواء، يزداد التقارب بازدياد قوة التفاعل. تتمتع الصداقة بين الصين وأوزبكستان بتاريخ عريق، كما أن تعاوننا في التبادلات الشعبية له أساس متين وآفاق مشرقة. نحن بحاجة إلى توسيع التعاون في مجالات الإعلام والتعليم والصحة والثقافة والسياحة والصحافة والآثار وعلى المستوى المحلي، وإلى فتح كل بلد مراكز ثقافية في البلد الآخر في وقت مبكر، وإنشاء ورشة لوبان في أوزبكستان، لتعزيز إطار متعدد الأوجه للتبادلات الشعبية. سيساعد هذا في الحفاظ على نمو العلاقات بين الصين وأوزبكستان وبناء صداقة دائمة بين شعبينا.
خلال زيارتي لأوزبكستان هذه المرة، سأحضر قمة منظمة شانغهاي للتعاون في سمرقند. يصادف هذا العام الذكرى الـ20 لتوقيع ميثاق منظمة شانغهاي للتعاون والذكرى الـ15 لتوقيع معاهدة حسن الجوار والصداقة والتعاون على المدى الطويل بين الدول الأعضاء في منظمة شانغهاي للتعاون. مسترشدة بالأهداف والمبادئ المنصوص عليها في هاتين الوثيقتين، مارست منظمة شانغهاي للتعاون عملها مستلهمة روح شانغهاي، وظلت وفيّة لمهمتها التأسيسية، وعززت الجهود المشتركة بين الدول الأعضاء من أجل تحقيق الاستقرار والتنمية. لقد قدمت منظمة شانغهاي للتعاون نموذجًا رائعًا لنمط جديد من العلاقات الدولية يتسم بالاحترام المتبادل والإنصاف والعدالة والتعاون المربح للجميع، وأثبتت نفسها كقوة مهمة وبناءة في منطقة أوراسيا وفي الشؤون الدولية.
ومنذ توليها رئاسة منظمة شانغهاي للتعاون، وعلى الرغم من تأثيرات كوفيد-19، عززت أوزبكستان التواصل والتنسيق مع الدول الأعضاء الأخرى، وبذلت جهودًا قوية على مختلف الجبهات، وحافظت على زخم التنمية السليمة والمطردة للمنظمة. وتشيد الصين بجهود أوزبكستان في هذا الصدد. إنني على ثقة من أنه عبر الجهود المشتركة لجميع الأطراف، ستحقق قمة سمرقند نتائج مثمرة، وستساهم بشكل أكبر في بناء مجتمع أوثق ذي مصير مشترك لمنظمة شانغهاي للتعاون، وفي تحقيق السلام والاستقرار والتنمية والازدهار في منطقتنا.
كما يقول المثل، عندما يعرف قلبك اتجاهه، فلن تكون المسافة إلى هذه الوجهة طويلة أبدًا. مع الأخذ في الاعتبار التطلعات الأصلية التي حددناها عند إقامة علاقاتنا الدبلوماسية، ستعمل الصين مع أوزبكستان على اغتنام الفرص التاريخية، والمضي قدمًا جنبًا إلى جنب على طريق التنمية الوطنية وتجديد الشباب الوطني، وبذل جهود مشتركة نحو هدف بناء مجتمع مصير مشترك صيني ــ أوزبكي.