تحقيق إخباري: رغم العقوبات الأمريكية زيت الزيتون السوري يبدأ بالتعافي لاستعادة مكانته العالمية

تحقيق إخباري: رغم العقوبات الأمريكية زيت الزيتون السوري يبدأ بالتعافي لاستعادة مكانته العالمية

2022-12-03 06:38:45|xhnews

حماة ـ سوريا 2 ديسمبر 2022 (شينخوا) بالرغم من العقوبات الأمريكية والحصار الاقتصادي الجائر المفروض على سوريا منذ عدة سنوات، بالإضافة إلى سنوات الحرب التي اندلعت فيه منذ أكثر من 11 عاما، إلا أن زراعة الزيتون وزيت الزيتون السوري الشهير بدأت بالتعافي هذا العام من خلال انتاج جيد يصل إلى 125 ألف طن من زيت الزيتون.

وتعد زراعة الزيتون في سوريا من أقدم المنتجات الزراعية، والتي تعد الموطن الأصلي لشجرة الزيتون، حيث بلغ عدد مزارع الزيتون في سوريا ما يقرب من 650000 هكتار، وعدد أشجار الزيتون وصلت إلى أكثر من 90 مليون شجرة ، منها 80 ٪ في المرحلة الإنتاجية، أما البقية فهي لم تدخل هذه المرحلة بعد، وفقا لإحصائية حكومية سورية سابقة.

وأكدت المهندسة عبير جوهر مديرة مكتب الزيتون في وزارة الزراعة السورية أن العقوبات الأمريكية التي فرضتها على سوريا أثرت على عملية تصدير زيت الزيتون إلى الأسواق العالمية، مبينة أن زيت الزيتون السوري قبل نشوب الحرب استطاع أن يصل إلى أسواق عالمية هامة وأن يحقق مراكز متقدمة عالميا.

وقالت عبير جوهر إنه بعد سنوات طويلة من الحرب والانخفاض الحاد في إنتاج زيت الزيتون السوري الشهير، بدأ هذا الزيت في الانتعاش هذا العام بمحصول أعلى من المتوقع ويمكن أن يساهم هذا المنتج عالي القيمة في استعادة قوته ومكانته مرة أخرى.

وأضافت المهندسة عبير جوهر في مقابلة خاصة مع وكالة أنباء ((شينخوا))، في مكتبها بوسط مدينة حماة (وسط سوريا)، أن إنتاج زيت الزيتون هذا العام لم يصل بعد إلى إنتاج 198 ألف طن قبل الحرب، ومن المتوقع أن يصل إلى 125 ألف طن مقابل 80 ألف طن العام الماضي.

وأشارت إلى أن الإنتاج المرتفع هذا العام لا سيما في المنطقة الساحلية، سيمكن البلاد من تصدير الزيت الإضافي بعد أن كان محدودا العام الماضي ليكفي السوق المحلية بسبب ضعف الحصاد في ذلك الوقت.

وأضافت مديرة مكتب الزيتون في سوريا أن زراعة الزيتون تحتل أهمية اقتصادية واجتماعية وثقافية وتاريخية كبيرة نظرا لأنها تشكل نحو 65% من إجمالي الأشجار المثمرة المزروعة في سوريا ، مبينة أن أشجار الزيتون تزرع على مساحة تقدر 696 ألف هكتار وفيها نحو 70 صنفا من ثمار الزيتون.

وعزت عبير جوهر أسباب زيادة الإنتاج لهذا العام لعودة المزارعين إلى أراضيهم التي هجروا منها بسبب الإرهاب والأعمال العسكرية، واهتمام المزارعين بشجرة الزيتون التي تعد من أهم الأشجار المثمرة في سوريا، إضافة إلى اعتمادهم على الأسمدة العضوية المنتجة محليا، والابتعاد على المكافحة الكيميائية، واللجوء الى المكافحة الحيوية.

وأضافت أن وزارة الزراعة في سوريا اتخذت عدة إجراءات منها تحديد موعد قطاف ثمار الزيتون بغية الحصول على نسبة عالية من الزيت، إضافة لتقديم بعض التسهيلات للمزارعين خلال عملية القطاف.

وكان وزير الزراعة السوري محمد حسان قطنا قال في تصريحات إنه وفق تقديرات الإنتاج هذا الموسم تكون محافظة اللاذقية الأولى بالإنتاج وهذا يتطلب التعاون بين كافة الفعاليات والمجتمع المحلي لإنجاح المحصول والالتزام بمواعيد القطاف والشروط الفنية للقطاف والنقل وعمل المعاصر والتصنيع والتسويق وتنظيم هذه العملية بما يضمن الحصول على زيت ذو جودة عالية ومطابق للمواصفات القياسية السورية ويتمتع بميزات تصديرية.

وقال إن إنتاج سوريا من المتوقع أن يصل إلى نحو 820 ألف طن من الزيتون وينتج منها نحو 130 ألف طن زيت، لافتاً إلى أن احتياج الاستهلاك المحلي من 70 إلى 80 ألف طن، ويبقى 50 ألف طن يجب تصديرها وفق مواصفة محددة للحفاظ على سمعة المنتج السوري وتحقيق التوازن في السوق وحماية الفلاحين من الخسارة.

وقالت عبير جوهر "هذا العام كان محصول الزيتون جيد مقارنة بالسنوات الماضية، ولكن لم نصل إلى المراتب العالمية المتقدمة التي كانت سابقا في مرحلة ما قبل الأزمة والحرب "، مشيرة إلى أن سوريا سابقا وصلت للمرتبة الرابعة عالميا بعد دول الاتحاد الأوروبي والدول الأساسية في الإنتاج ، مبينة أن الإنتاج تراجع خلال سنوات الأزمة لأسباب عديدة منها خروج بعض المناطق الأساسية في شمال سوريا عن السيطرة في محافظتي حلب وإدلب ، إضافة للتعديات التي وقعت على الاشجار بالقطع والحرق وغيره، والتغيرات المناخية التي عانى منها الزيتون في أكثر الدول المنتجة ومنها سوريا.

وتابعت تقول "هذه الشجرة بدأت تتعافى والإنتاج بدأ يتحسن هذا العام بشكل جيد وخاصة في المناطق الساحلية " مقدرة الإنتاج على مستوى سوريا بحوالي 800 ألف طن زيتون يخصص منها 15% لإنتاج زيتون المائدة الأخضر، والنسبة الأكبر تخصص للعصر.

وقالت عبير جوهر إن "ما يميز زيت الزيتون السوري هو أن أغلبه أقرب إلى المنتج العضوي باعتبار أن ما يتم تقديمه من خدمات تسميد تعد بسيطة وتعتمد على التسميد العضوي الطبيعي واستخدام قليل للمبيدات الحشرية "، مؤكدة أن هذا العام كانت الظروف المناخية ملائمة من حيث ارتفاع درجات الحرارة خلال فترة الصيف التي يكون فيها نشاط لهذه الحشرات أو الأمراض، الأمر الذي انعكس إيجابيا على حمل وفير بالثمار.

ورأت المهندسة عبير جوهر أن سوريا في مراحل سابقة قبل نشوب الحرب استطاعت أن تفتح أسواق عالمية ومنتجات زيت الزيتون السوري وصلت إلى دول كثيرة في العالم، بالإضافة إلى الأسواق العربية، وخلال فترة الأزمة التي نشبت فيها وبسبب العقوبات الأمريكية الجائرة كان هناك خسارة كبيرة لتلك الأسواق والتي أثرت على عملية تصدير الزيت .

وأضافت أن عدم توفر مستلزمات الإنتاج أثرت أيضا على عملية الإنتاج، الأمر الذي جعل سوريا بلد غير منافس عالميا ، مشيرة إلى أنه يتم العمل حاليا على تجاوز تلك الصعوبات التي فرضتها العقوبات.

وحول تسويق زيت الزيتون إلى الدول الأجنبية، قالت عبير جوهر إن زيت الزيتون السوري وصل إلى دول كثيرة حول العالم مثل أوروبا وأمريكا وآسيا ودول الخليج العربي قبل الحرب المستمرة منذ أكثر من 11 عاما.

وشددت جوهر على أن زيت الزيتون السوري يجب ألا يغيب عن الأسواق العالمية لأن ذلك سيفقد مكانة سوريا في المنافسة.

وقالت "التغيب لفترة طويلة يعني أنك فقدت مكانك في الأسواق الخارجية".

والجدير بالذكر أن سوريا احتلت المرتبة الرابعة عالمياً بين الدول المنتجة لزيت الزيتون في عامي 2004 و 2006 بعد إسبانيا وإيطاليا واليونان، وفي عام 2018 ، تراجع ترتيب سوريا إلى المرتبة السابعة بسبب تراجع الإنتاج والحرب والعقوبات الاقتصادية.

وأشارت عبير جوهر إلى أن هذا الإنتاج المرتفع يجب تسويقه هذا العام في مرحلة مبكرة لضمان الجودة العالية للمنتج لأن فترة التخزين الطويلة من شأنها أن تقلل من جودة الزيت، لذلك يجب تسويقه بسرعة وبشكل مباشر في السوق العالمية.

وأعربت عن أملها في أن يصل زيت الزيتون السوري إلى أكبر عدد ممكن من الدول هذا العام ، معتبرة أن شجرة الزيتون السورية تستحق الاحتفاء بها دوليًا.

وقالت "نتمنى أن يصل زيتنا إلى كل دول العالم لأن هذه الشجرة تستحق في الحقيقة مكانة عالمية عالية تتناسب مع مكانتها التاريخية التي تعتبر سوريا مهد هذه الشجرة المباركة".

واختتمت حديثها قائلة "الحمد لله ، بدأت هذه الشجرة تتعافى".

ومن جانبه قال المزارع مرعي حسن زيدان ( 62 عاما) من محافظة حماة إن " محصول الزيتون هذا العام جيد مقارنة مع السنوات الماضية "،مشيرا إلى أن الثمر الجيد يعود إلى الاهتمام بهذه الشجرة المباركة من خلال حرث الأرض في الوقت المناسب وريها بالماء بشكل جيد، إضافة لإعطائها السماد العضوي اللازم الذي ينتج محليا.

وقال مرعي لوكالة أنباء ((شينخوا)) " هذا أحسن محصول نجنيه هذا العام، أفضل من السنوات الماضية، والأن بعد أن عدنا إلى قرانا التي تهجرنا منها بسبب الحرب، بدأنا نهتم بأشجار الزيتون لأنها شجرة مباركة ".

وأشار إلى أنه قام بتسميد الأشجار بالسماد العضوي لكي يحافظ على نوعية جيدة من ثمار الزيتون والزيت الخالي من المبيدات، لافتا إلى أن العقوبات الأمريكية والحصار أثرا على زراعة الزيتون، ولكن بفضل الله استطعنا أن نتغلب على بعض الصعوبات وأن ننتج موسما جيدا. 

الصور