الرئيس الصيني شي جين بينغ يدعو إلى تعزيز مجتمع مصير مشترك صيني-عربي أوثق
الرياض 10 ديسمبر 2022 (شينخوا) دعا الرئيس الصيني شي جين بينغ عند إلقاء كلمة رئيسية في القمة الصينية العربية الأولى هنا يوم الجمعة الجانبين الصيني والعربي، باعتبارهما شريكين استراتيجيين، إلى توارث وتطوير روح الصداقة الصينية العربية، وتعزيز التضامن والتعاون، وبناء مجتمع مصير مشترك أوثق بين الصين والدول العربية، بما يعود بمزيد من الفوائد على شعوب الجانبين ويساهم في قضية التقدم للبشرية.
وأصدرت القمة إعلان الرياض الذي أعلن أن الجانبين يتفقان على بذل جهود شاملة لبناء مجتمع مصير مشترك صيني-عربي في العصر الجديد.
كما حضر القمة قادة من 21 دولة من جامعة الدول العربية والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، بالإضافة إلى رؤساء منظمات دولية أخرى.
يضرب التواصل الودي بين الصين والدول العربية بجذوره في أعماق التاريخ، حيث تلاقت وتعرفت بعضها على البعض عبر طريق الحرير القديم، وتقاسمت السراء والضراء في النضال من أجل التحرير الوطني، وحققت التعاون والكسب المشترك في تيار العولمة الاقتصادية، وظلت تتمسك بالحق والعدالة في العالم المتغير والمتقلب، وبلورت روح الصداقة الصينية العربية المتمثلة في "التضامن والتآزر والمساواة والمنفعة المتبادلة والشمول والاستفادة المتبادلة"، وفقا لما قال شي.
وقال إن التضامن والتآزر ميزة بارزة للصداقة الصينية العربية. تثق الصين والدول العربية بعضها بالبعض، حيث نتبادل الدعم الثابت في القضايا المتعلقة بالمصالح الجوهرية للجانب الآخر. وأصبحت علاقات الشراكة الاستراتيجية الصينية العربية قوية ولا تنقطع.
كما قال إن المساواة والمنفعة المتبادلة قوة دافعة لا تنضب للصداقة الصينية العربية. يعد التعاون الصيني العربي القائم على المنفعة المتبادلة والكسب المشترك نموذجا يحتذى به لتعاون الجنوب الجنوب.
يعتبر الشمول والاستفادة المتبادلة قيم الصداقة الصينية العربية. تتبادل الحضارتان الصينية والعربية الإعجاب وتسجلان فصولا تاريخية رائعة من التعلم المتبادل والاستفادة المتبادلة. وندعو سويا إلى الحوار بين الحضارات ونناهض التمييز الحضاري ونحافظ على التنوع الحضاري في العالم، وفقا لما ذكر شي.
وأوضح أنه في الوقت الراهن، دخل العالم مرحلة جديدة من الاضطراب والتحول، وتشهد منطقة الشرق الأوسط تغيرات جديدة وعميقة. باتت رغبة الشعوب العربية في السلام والتنمية أكثر إلحاحا، واشتدت نداءاتها الداعية إلى الإنصاف والعدالة.
وقال إنه علينا التمسك بالاستقلالية وصيانة المصالح المشتركة. يدعم الجانب الصيني جهود الدول العربية لاستكشاف الطرق التنموية التي تتماشى مع ظروفها الوطنية والتحكم في مستقبلها ومصيرها في أيديها.
ويحرص الجانب الصيني على تعميق الثقة الاستراتيجية المتبادلة مع الجانب العربي، وتبادل الدعم الثابت في مساعي الجانب الآخر إلى الحفاظ على سيادة البلاد وسلامة الأراضي والكرامة الوطنية. وعلى الجانبين التمسك سويا بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية وتطبيق تعددية الأطراف الحقيقية والدفاع عن الحقوق والمصالح المشروعة للدول النامية.
وأوضح أنه علينا التركيز على التنمية الاقتصادية وتعزيز التعاون القائم على الكسب المشترك. من الضروري تعزيز المواءمة بين الاستراتيجيات التنموية وبناء "الحزام والطريق" بجودة عالية.
وتابع أنه من الضروري توطيد التعاون التقليدي في مجالات الاقتصاد والتجارة والطاقة والبنية التحتية وغيرها، وتقوية أقطاب النمو الصاعدة مثل التنمية الخضراء والمنخفضة الكربون والصحة والاستثمار والمالية، وفتح آفاق جديدة في مجالات الطيران والفضاء والاقتصاد الرقمي والاستخدامات السلمية للطاقة النووية، والتعامل الفعال مع التحديات الكبرى القائمة مثل أمن الغذاء والطاقة. يحرص الجانب الصيني على العمل مع الجانب العربي على تنفيذ مبادرة التنمية العالمية وتدعيم تعاون الجنوب الجنوب لتحقيق التنمية المستدامة.
وقال إنه علينا الحفاظ على سلام المنطقة وتحقيق الأمن المشترك. يدعم الجانب الصيني الجانب العربي في إيجاد حلول سياسية للقضايا الساخنة والشائكة بالحكمة العربية، وبناء منظومة أمنية مشتركة وشاملة وتعاونية ومستدامة في الشرق الأوسط. ونحث المجتمع الدولي على احترام شعوب الشرق الأوسط باعتبارها أسياد المنطقة، وإضفاء طاقة إيجابية تخدم الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط. ويرحب الجانب الصيني بمشاركة الجانب العربي في مبادرة الأمن العالمي، كما أنه على استعداد لمواصلة المساهمة بالحكمة الصينية في تعزيز السلام والأمان للشرق الأوسط.
بالإضافة إلى ذلك، دعا شي إلى تعزيز التبادل الحضاري وزيادة التفاهم والثقة المتبادلة. من الضروري توسيع نطاق تبادل الأفراد وتعميق التعاون الإنساني والثقافي وتبادل الخبرات في الحكم والإدارة. ومن الضروري رفض "الإسلاموفوبيا" بشكل مشترك وإجراء التعاون في نزع التطرف ورفض ربط الإرهاب بعرق أو دين بعينه. ومن الضروري تكريس قيم البشرية المشتركة المتمثلة في السلام والتنمية والإنصاف والعدالة والديمقراطية والحرية، ونصب قدوة للتواصل والاستفادة المتبادلة بين الحضارات في العصر الجديد.
وأشار الرئيس الصيني إلى أنه كالخطوة الأولى لبناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك، وتنفيذ "الخطوط العريضة لخطة التعاون الشامل بين الصين والدول العربية"، يحرص الجانب الصيني على العمل مع الجانب العربي على تنفيذ "الأعمال الثمانية المشتركة" خلال السنوات الثلاث إلى الخمس القادمة، التي تغطي المجالات الثمانية التالية، تدعيم التنمية، الأمن الغذائي، الصحة، التنمية الخضراء والابتكار، أمن الطاقة، الحوار بين الحضارات، تأهيل الشباب، الأمن والاستقرار.
وقال إن القضية الفلسطينية تهم السلام والاستقرار في الشرق الأوسط. لا يمكن أن يستمر الظلم التاريخي الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني إلى أجل غير مسمى، ولا تجوز المساومة على الحقوق الوطنية المشروعة، كما أن التطلعات لإقامة دولة مستقلة لا تقبل رفضا.
وقال إنه يجب على المجتمع الدولي أن يرسخ الإيمان بـ"حل الدولتين" والتمسك بمبدأ "الأرض مقابل السلام" بحزم، ويعمل بكل ثبات على بذل جهود حميدة لدفع مفاوضات السلام، ويدفع الحل العادل والعاجل للقضية الفلسطينية، مشيرا إلى أن الجانب الصيني يدعم نيل فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، وسيواصل تقديم المساعدات الإنسانية إلى الجانب الفلسطيني لدعمه لتنفيذ المشاريع المعيشية.
وفي ختام تصريحاته، أشار شي إلى أن المؤتمر الوطني العشرين للحزب الشيوعي الصيني حدد المهام والطرق لدفع النهضة العظيمة للأمة الصينية على نحو شامل من خلال التحديث الصيني النمط.
وقال إن الجانب الصيني سيلتزم بالحفاظ على السلام في العالم وتعزيز التنمية المشتركة والدفع ببناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية، بما يوفر فرصا جديدة لكافة الدول بما فيها الدول العربية من خلال التنمية الجديدة في الصين.
واتفق القادة العرب بكل إيجابية خلال القمة مع كلمة شي و"الأعمال الثمانية المشتركة" التي اقترحها. وأشاروا إلى أن العلاقات الودية بين الدول العربية والصين تقام على أساس الاحترام المتبادل والتعاون المتكافئ والمنفعة المتبادلة، وأن العالم العربي يولي أهمية كبيرة لإنجازات الصين التنموية ودورها الحيوي في العالم.
كما أثنوا على الصين لطرحها مبادرة الحزام والطريق، ومبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمي، وأشادوا بمقترحات الصين المهمة لتسهيل التسوية السياسية للقضايا الساخنة على الساحة الإقليمية ودعمها المستمر للحقوق والمصالح المشروعة للشعب الفلسطيني والتزامها بدعم العدالة في المجتمع الدولي.
وأكدوا أنه في عالم يتعرض لخطر الانقسام والمواجهة ولا يزال تطارده الأحادية والهيمنة، فإن تعميق الشراكة الاستراتيجية العربية-الصينية من شأنه أن يساعد في تحقيق النزاهة والعدالة والتمسك بالسلام والازدهار والتنمية في العالم.
وقال القادة العرب إن القمة العربية الصينية مناسبة وتعكس المستوى الرفيع للعلاقات العربية-الصينية وتمثل استمرارا وتطورا لمنتدى التعاون بين الجانبين.
ومن خلال هذه القمة، يأمل الجانب العربي في تعزيز الصداقة والثقة المتبادلة مع الصين، ووضع خطط شاملة وتعزيز التعاون متبادل المنفعة بينهما في جميع المجالات، وبناء مجتمع مصير مشترك عربي-صيني في العصر الجديد، والارتقاء بالشراكة الاستراتيجية العربية-الصينية إلى مستوى جديد، بما يخدم المصالح المشتركة للدول العربية والصين بشكل أفضل ويحقق التطلعات المشتركة للشعبين العربي والصيني، حسبما ذكر القادة العرب.
وأعربوا عن ثقتهم بأن هذه القمة ستصبح معلما مهما في تاريخ العلاقات العربية-الصينية.
وقالوا إن الجانب العربي يتمسك بالاستقلال والحكم الذاتي، ويلتزم بشدة بمبدأ صين واحدة. وسيواصلون دعم الصين بحزم في القضايا المتعلقة بالمصالح الجوهرية للصين ومعارضة أي أعمال عدائية ضد الصين.
ويأمل العالم العربي في العمل مع الصين لتحقيق نتائج هذه القمة، ودفع "الأعمال الثمانية المشتركة"، ومواصلة تعزيز تعاون الحزام والطريق، وتكثيف التواصل والتنسيق في الشؤون الدولية والإقليمية.
كما أعرب القادة العرب عن تطلعهم للتعاون مع الصين لمواجهة تغير المناخ والأمن الغذائي وأمن الطاقة والتحديات المشتركة الأخرى، وزيادة التبادلات الشعبية، وتعزيز الحوار بين الحضارات، وتقديم مساهمة إيجابية في السلام والتنمية المشتركة للبشرية جمعاء.
وأصدرت القمة الخطوط العريضة لخطة التعاون الشامل بين الصين والدول العربية، ووثيقة بشأن تعميق الشراكة الاستراتيجية الصينية-العربية من أجل السلام والتنمية.
وتم التوصل إلى عدد من وثائق التعاون بشأن تعاون الحزام والطريق والطاقة والغذاء والاستثمار والتنمية الخضراء والأمن والفضاء ومجالات أخرى والتوقيع عليها بين الإدارات المعنية لدى الصين من ناحية والجانب العربي والأمانة العامة لجامعة الدول العربية والهيئات التابعة لمجلس التعاون الخليجي من ناحية أخرى.