مقالة خاصة: لماذا يلتزم الغرب الصمت إزاء تقرير حول تورط أمريكي في انفجارات نورد ستريم؟

مقالة خاصة: لماذا يلتزم الغرب الصمت إزاء تقرير حول تورط أمريكي في انفجارات نورد ستريم؟

2023-02-17 15:17:15|xhnews

بكين 16 فبراير 2023 (شينخوا) بعد بضعة أشهر من حادثة انفجارات خطوط أنابيب نورد ستريم للغاز التي صدمت العالم، التزم البعض في الغرب الذين سارعوا إلى إلقاء اللوم على موسكو الصمت في أعقاب كشف صحفي استقصائي أمريكي أن واشنطن هي الجاني فيها.

وفي مقال نُشر الأسبوع الماضي على بوابة ((سابستاك)) الأمريكية، كشف سيمور هيرش، الحائز على جائزة بوليتزر، أن الولايات المتحدة قامت بالشراكة مع النرويج بتنفيذ عملية سرية للغاية في يونيو 2022 لزرع متفجرات تعمل عن بعد وفجرتها بعد ثلاثة أشهر مدمرة ثلاثة من خطوط أنابيب نورد ستريم الأربعة.

وردا على طلب للتعليق على تقرير هيرش، وصفته أدريان واتسون، المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، بأنه "كاذب وخيالي تماما". وقالت الخارجية النرويجية أيضا إنه "هراء". ولم يرد أي من مكتب رئيس الوزراء وسلطات الدفاع والعدل في الدنمارك، أحد المحققين في تدمير خط الأنابيب، على طلبات وكالة أنباء ((شينخوا)) للتعليق.

ويعتقد الخبراء أن الغرب يتكتم لأن أي تأكيد لمزاعم هيرش سيدمر العلاقات الأمريكية مع ألمانيا وأوروبا، حيث أن فقدان الغاز الرخيص من روسيا يوجه ضربة قاسية لاقتصاد الكتلة.

-- كشف هيرش

يتألف نورد ستريم من زوج من خطوط أنابيب الغاز الطبيعي البحرية، يتكون كل منهما من أنبوبين، يمران تحت بحر البلطيق من روسيا إلى ألمانيا. والطاقة الإجمالية للأنابيب الأربعة التي يبلغ طولها حوالي 1200 كيلومتر تصل إلى 110 مليارات متر مكعب سنويا من الغاز الطبيعي.

في سبتمبر 2022، شهدت خطوط الأنابيب عدة انخفاضات كبيرة في الضغط وصلت إلى الصفر تقريبا، ويعزى ذلك إلى ثلاثة انفجارات تحت الماء في المياه الدولية، مما جعل ثلاثة أنابيب غير صالحة للعمل.

وتحقق الدنمارك وألمانيا والسويد في عملية التفجير، لكن الجميع لا يزالون ملتزمين الصمت إزاء من قام بإحداث ثقوب في خطوط الأنابيب.

في ديسمبر الماضي، قال مسؤول أوروبي لصحيفة ((واشنطن بوست)) إنه "لا يوجد دليل في هذه المرحلة على أن روسيا كانت وراء التخريب"، مما يتوافق مع تقييم 23 مسؤولا دبلوماسيا واستخباراتيا في تسع دول قابلتها الصحيفة.

وفي منشور نشره في 8 فبراير على مدونته، قال هيرش، نقلا عن مصادر، إنه بعد أن زرع غواصو البحرية الأمريكية متفجرات "سي 4" التي استهدفت الأنابيب في يونيو 2022 تحت غطاء تدريبات حلف شمال الأطلسي "الناتو" التي جرت في منتصف الصيف وسُلطت عليها الأضواء على نطاق واسع وعُرفت باسم "بالتوبس 22"، قامت طائرة مراقبة تابعة للبحرية النرويجية من طراز بي8 في 26 سبتمبر برحلة روتينية على ما يبدو وأسقطت عوامة سونار.

وأشار هيرش إلى أن الإشارة انتشرت تحت الماء، في البداية إلى نورد ستريم 2 ثم إلى نورد ستريم 1. وبعد ساعات قليلة، تم تفجير المتفجرات، بحيث أمكن رؤية برك من غاز الميثان تنتشر على سطح الماء في دقائق.

وذكر التقرير أن قرار الولايات المتحدة "بتخريب خطوط الأنابيب جاء بعد أكثر من تسعة أشهر من النقاش السري للغاية داخل مجتمع الأمن القومي في واشنطن حول أفضل السبل لتحقيق هذا الهدف. في معظم ذلك الوقت، لم تكن القضية هي ما إذا كان سيتم القيام بالمهمة، ولكن كيفية إنجازها دون أي دليل واضح على من هو المسؤول".

ويعتقد الصحفي أن الولايات المتحدة لديها الدافع والفرصة والقدرة. منذ البداية، اعتبرت واشنطن وحلفاؤها في الناتو نورد ستريم 1 تهديدا للهيمنة الغربية. وأوضح أن "نورد ستريم 1 كان خطيرا بما فيه الكفاية من وجهة نظر الناتو وواشنطن، لكن نورد ستريم 2... إن وافق المنظمون الألمان عليه سيضاعف كمية الغاز الرخيص التي ستكون متاحة لألمانيا وأوروبا الغربية".

في 7 فبراير من العام الماضي، قبل اندلاع الصراع الروسي الأوكراني، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن في مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض بحضور المستشار الألماني الزائر أولاف شولتس إنه في حالة شن حملة عسكرية روسية، "لن يكون... هناك نورد ستريم 2. سنضع حدا له".

وأكد قائلا "أعدكم، سنكون قادرين على القيام بذلك".

وكتب هيرش، نقلا عن مصدر مطلع على المهمة، أن مثل هذه "الإشارات غير المباشرة إلى الهجوم" جعلت المشاركين في التخطيط للعملية يشعرون بالفزع، مبينا "كانت الخطة هي تنفيذ الخيارات بعد الغزو، دون الإعلان عنها علنا. بايدن ببساطة لم يفهم ذلك أو تجاهله".

وبعد تغطية هيرش، اتهمت روسيا، التي كررت دعواتها لإجراء تحقيق دولي في الحادث ولكن الغرب قام باستبعادها من هذه الجهود، الدول الأوروبية بمحاولة إخفاء نتائج تحقيقاتها والتستر على من يقع عليه اللوم.

وفي 9 فبراير، قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن عمل هيرش كان "جادا" ومليئا بـ"التحليل العميق"، لكن "المقال لم يُنشر على نطاق واسع في وسائل الإعلام الغربية، الأمر الذي لا يسعه إلا أن يسبب دهشتنا".

وأفاد أن "هذه سابقة خطيرة للغاية. إذا ارتكبها شخص ما مرة، فيمكنه فعلها ثانية في أي مكان في العالم"، مشيرا إلى أنه "لا توجد دول كثيرة يمكنها ارتكاب مثل هذا التخريب".

-- "فيل في الغرفة"

أصبح الكشف الذي قام به هيرش بمثابة "فيل في الغرفة" مع التزام وسائل الإعلام الغربية الصمت بشكل متضامن إزاء هذه القضية. وقال الصحفي لبودكاست "راديو وور نيرد" يوم السبت إن صناعة خطوط الأنابيب الدولية بأكملها تعرف "من فعل ماذا"، وهذه حقيقة "لا يفكر فيها أحد".

عندما قامت حفنة من منافذ الإعلام الغربية بنقل تقرير هيرش، أكدوا بأنه "ليس غريبا عن إثارة الجدل" للتقليل من شأن النتائج التي توصل إليها.

وفي حديثه إلى البودكاست، اقترح هيرش على زملائه الإعلاميين الذين انتقدوه لاستخدامه مصادر مغفلة الهوية في تقريره "فهم العمل بشكل أفضل".

وهيرش مشهور على نطاق واسع بعمله الصحفي الذي كشف عن مذبحة ماي لاي عام 1969 التي ارتكبتها القوات الأمريكية في فيتنام كما ساعد في فضح الانتهاكات الأمريكية للمعتقلين العراقيين في سجن أبو غريب بالقرب من بغداد في عام 2004.

وقال إنه "لأمر مدهش بالنسبة لي كيف امتثلوا وكأنهم في طابور، يا زملائي"، معربا عن أسفه لأن العديد من وسائل الإعلام الأمريكية الرئيسية مثل ((نيويورك تايمز)) و((واشنطن بوست)) و((سي إن إن)) أصبحت واجهة للبيت الأبيض.

وفي الوقت نفسه، أبدى العديد من الباحثين المحترمين وجهة نظر إيجابية إزاء تقرير هيرش.

ويعتبر جيفري ساكس، مدير مركز التنمية المستدامة في جامعة كولومبيا، تقرير هيرش "موثوقا" ومتسقا مع الحقائق الحالية، مشيرا إلى "المعارضة الأمريكية الصاخبة طويلة الأمد لنورد ستريم والسجل الواسع للعمليات السرية الأمريكية ضد البنية التحتية للبلدان الأخرى".

وقال لوكالة أنباء ((شينخوا)) عبر البريد الإلكتروني إن "قلة قليلة من البلدان، إن وجدت، بخلاف الولايات المتحدة لديها القدرة التقنية لتنفيذ مثل هذا الهجوم دون اكتشافها على الفور".

وقال جان أوبيرغ، مدير المؤسسة عبر الوطنية للسلام وأبحاث المستقبل، إن "تحليل هيرش الدقيق يروي كيف تم التخطيط للتدمير وتنفيذه، لكن الاستنتاج ليس مفاجئا. لقد ارتكبت الولايات المتحدة، بمساعدة نرويجية مهمة للغاية، هذه الجريمة ضد دولة صديقة وحليفة، هي ألمانيا، ودول أوروبية أخرى".

ووصف أوبيرغ التفجيرات، في تصريح لوكالة أنباء (شينخوا))، بأنها "حرب اقتصادية أمريكية على حلفائها المذعنين"، مشيرا إلى أن "تفجير نورد ستريم، إلى جانب العقوبات الاقتصادية غير المدروسة والتي لا تنتهي أبدا، ألحق بالفعل ضررا جسيما ومتراكما باقتصاد المواطنين الأوروبيين".

ويرى العديد من المراقبين أن النتائج التي توصل إليها هيرش بالكاد ستثير القلق في الغرب أو تدفع الدول الغربية إلى الكشف عن نتائج تحقيقاتها.

وقال إيغور يوشكوف، وهو محلل بارز في الصندوق الوطني لأمن الطاقة في روسيا، إنه "حتى لو وجد الألمان أو السويديون أو الدنماركيون أنفسهم بعض الأدلة على تورط أمريكي في الانفجارات، فإنهم بالكاد سيتحدثون عنه لأنهم لن يكونوا قادرين على تحمل مثل هذه المسؤولية".

فيما أفاد فلاديسلاف بيلوف، نائب مدير معهد أوروبا التابع للأكاديمية الروسية للعلوم، أن المحققين يخفون معلومات يمكن أن تؤدي إلى عواقب بعيدة المدى على علاقاتهم مع البلد الذي يقف مباشرة وراء الانفجارات.

الصور