تعليق ((شينخوا)): توثيق العلاقات بين الصين وروسيا حيوي لبناء عالم متعدد الأقطاب
بكين 22 مارس 2023 (شينخوا) بينما سافر الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى روسيا في زيارة دولة، قام بعض السياسيين الغربيين ووسائل الإعلام الغربية بتضخيم المزاعم بأن الصين تقف إلى جانب روسيا فيما يتعلق بأزمة أوكرانيا.
ولكن، ليس من الضروري أن يشك الغرب في توثيق العلاقات بين الصين وروسيا. فقد أوضحت الصين تماما موقفها بأن العلاقات بين الصين وروسيا ليست من نوع التحالف العسكري السياسي خلال الحرب الباردة، ولكنها تتجاوز هذا النموذج القديم للعلاقات بين دولة وأخرى، وتتمتع بطبيعة عدم التحالف وعدم المواجهة وعدم استهداف أي طرف ثالث، بحسب أحدث بيان مشترك صدر عن الصين وروسيا بشأن تعميق شراكة التنسيق الاستراتيجية الشاملة بين البلدين في العصر الجديد.
كما أعادت الصين تأكيد موقفها من قضية أوكرانيا. من خلال الحفاظ على موقف موضوعي وحيادي قائم على دراسة متأنية للحقائق، تقف الصين على أهبة الاستعداد لمواصلة لعب دور بناء في تعزيز التسوية السياسية للأزمة الأوكرانية، وستعمل بنشاط على تعزيز محادثات السلام باعتبارها الحل الوحيد المُجدي للأزمة الأوكرانية. وتعد المصالحة التي تمت في الآونة الأخيرة بين إيران والسعودية بوساطة من الصين هي أقوى دليل على جهود الصين الدبلوماسية نحو السلام.
في الواقع، تتميز العلاقة بين الصين وروسيا بالثقة المتبادلة والتعايش السلمي والتعاون المربح للجانبين، ولهذا فهي تشكل مثالا جيدا لنموذج جديد للعلاقات بين الدول الكبرى.
باعتبار الصين وروسيا جارتين ولاعبتين رئيسيتين على الساحة العالمية، تتوفر لديهما أسباب عديدة للحفاظ على تنمية مطردة وصحية لعلاقاتهما. لقد ألهمت تفاعلاتهما السابقة كلا الجانبين بأهمية التمسك بالمساواة والاحترام المتبادل في علاقتهما مع عدم تدخل أي منهما في الشؤون الداخلية للآخر، ودعم كل منهما الآخر في اتباع مسار تنمية يناسب في جوهره الواقع الوطني لكل من البلدين.
وبالاستفادة من الثقة السياسية المتبادلة رفيعة المستوى، لم تتمكن الجارتان من إدارة الخلافات بشكل فعال فحسب، بل قامتا أيضا بحشد قواهما لتأمين السلام والاستقرار الإقليمي والدولي من أجل التنمية المشتركة من خلال التعاون الثنائي والتنسيق متعدد الأطراف داخل منظمة شانغهاي للتعاون ومجموعة بريكس والأطر الدولية الأخرى.
ولكن، بالنظر إلى الغرب، أدى توسع حلف شمال الأطلسي (الناتو) الذي تهيمن عليه واشنطن إلى تأجيج انعدام الثقة بين أوروبا وروسيا. بذور الخلاف التي زرعتها واشنطن نمَت وتجسدت في أسوأ صراع في أوروبا منذ عام 1945.
قال جون ميرشايمر، أستاذ العلوم السياسية بجامعة شيكاغو، إن السبب العميق للأزمة الأوكرانية هو توسع الناتو، متابعا "الروس يردون على محاولة الغرب جعل أوكرانيا حصنا غربيا على حدود روسيا".
يبدو أن صانعي القرار في واشنطن لا يمكنهم التخلي عن عقلية الحرب الباردة ذات المحصلة الصفرية. إنهم يحاولون تأطير العالم في إطار فكرة "الديمقراطية مقابل الاستبداد" الزائفة، في حين أن ديمقراطيتهم مضطربة للغاية في الداخل.
كما أنهم يحاولون جاهدين تشكيل مجموعات حصرية وفرض أيديولوجيتهم على الآخرين حتى من خلال معاقبة حلفائهم أو محاولة الإطاحة ببعض الحكومات من خلال "الثورات الملونة" من أجل قمع الاختلافات والحفاظ على هيمنتهم العالمية، ما أدى إلى حدوث اضطرابات في جميع أنحاء العالم.
تشترك الصين وروسيا، إلى جانب معظم دول العالم النامي، في الحاجة والدافع لحماية النظام الدولي المتمركز حول الأمم المتحدة، وعالم متعدد الأقطاب، وديمقراطية أكبر في العلاقات الدولية، والقيم الإنسانية المشتركة المتمثلة في السلام والتنمية والإنصاف والعدالة والديمقراطية والحرية.
بالنسبة للعالم النامي، قال عبد الكريم درامي، كاتب العمود السياسي والخبير في الشؤون الجيوسياسية من دولة مالي، إنه من المتوقع أن يؤدي تعزيز العلاقات الصينية-الروسية إلى تطوير عالم متعدد الأقطاب، ما سيسمح للدول الإفريقية بتأكيد سيادتها بشكل أفضل من خلال الاستفادة من علاقات دولية أكثر توازنا تحترم الخيارات السياسية والاقتصادية لكل دولة.
لقد ولَّت الأيام الخوالي لعالم أحادي القطب منذ زمن بعيد. تنتمي سياسة القوة وطموحات الهيمنة إلى حقبة الحرب الباردة، لا عالم اليوم الذي يتحول حتما إلى عالم متعدد الأقطاب ومتنوع بشكل متزايد.
لخلق عالم يسوده السلام الدائم والأمن الشامل والازدهار المشترك، من الضروري لجميع دول العالم أن تسلك طريقا جديدا. تعمل بكين وموسكو جنبا إلى جنب مع الجنوب العالمي الصاعد بجد من أجل تحقيق ذلك.