مقالة خاصة: زيارة شي لروسيا تعمق التعاون الثنائي وتسهم في التقدم البشري
بكين 23 مارس 2023 (شينخوا) أجرى الرئيس الصيني شي جين بينغ زيارة دولة لروسيا في الفترة من 20 إلى 22 مارس بدعوة من نظيره الروسي فلاديمير بوتين. أجرى الزعيمان محادثات مخلصة وودية ومثمرة بشأن العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية الرئيسية ذات الاهتمام المشترك، وتوصلا إلى تفاهم مشترك جديد ومهم في العديد من المجالات.
أشاد المجتمع الدولي بزيارة شي، واصفا رحلة الصداقة والتعاون والسلام بأنها معلم تاريخي. وقال مراقبون دوليون إن الصين وروسيا، في ظل التوجيه الاستراتيجي من شي وبوتين، أثرتا شراكة التنسيق الاستراتيجية الشاملة في العصر الجديد، وعمقتا التعاون العملي في مختلف المجالات، ما جلب المزيد من الفوائد لشعبي البلدين.
كما أعربوا عن إيمانهم بأن الزيارة ستساعد في تحسين الحوكمة العالمية وتعزيز بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية ودفع قضية التقدم البشري.
ــ توجيه استراتيجي
حول النتائج المثمرة لزيارة شي، قال فاسيلي كاشين، مدير مركز الدراسات الأوروبية والدولية الشاملة بكلية الاقتصاد العليا بجامعة الأبحاث الوطنية في روسيا، إن دبلوماسية رئيس الدولة هي مفتاح التقدم المطرد للعلاقات بين روسيا والصين.
وفي معرض إشارته إلى الإنجازات الرئيسية للزيارة في تعميق الشراكة وتعزيز التعاون الاقتصادي، أعرب كاشين عن إيمانه بأن العلاقات الروسية-الصينية ستستمر في التطور بشكل صحي وسريع.
وبالنسبة لوزير الخارجية البوليفي سابقا فرناندو هواناكوني، فإنه في مواجهة تصاعد الهيمنة والأحادية، ضخت زيارة شي المزيد من عناصر الاستقرار واليقين في عالم اليوم.
وقال هواناكوني إن العلاقات بين الصين وروسيا قدمت نموذجا للعلاقات بين الدول الكبرى، وألهمت دول أمريكا اللاتينية التي تسعى إلى التعاون.
وقال سيريك كورزومباييف، رئيس تحرير صحيفة ((ديلوفوي)) القازاقية، إنه في السنوات الأخيرة، ظل رئيسا البلدين على اتصال وثيق بشتى الطرق، ووضعا الخطط للعلاقات بين الصين وروسيا وتعاونهما.
وأضاف كورزومباييف أن العلاقات الثنائية أصبحت أكثر شمولا وأكثر عملية وأكثر استراتيجية.
ومشيرا إلى أننا "في نقطة تحول في تاريخ البشرية"، قال عالم الاجتماع الأرجنتيني مارسيلو رودريجيز "إنها (العلاقات بين الصين وروسيا) تولد نموذجا جديدا ... لما ينبغي أن تكون عليه العلاقات الدولية".
وأضاف رودريجيز "فقط من خلال التعاون والاحترام المتبادل والبحث عن نظام للعلاقات الدولية يقوم على هذه المبادئ، يمكن للشعوب أن تتقدم نحو أفضل العلاقات والتعاون على مختلف المستويات، ليس فقط المستوى الاقتصادي، ولكن أيضا المستويات السياسية والثقافية والعلمية".
وقال عبد الله الفراج، الخبير في العلاقات الصينية-الروسية بمركز البحوث والمعرفة البينية، وهو مركز بحوث سعودي في الرياض، إن العلاقات بين الصين وروسيا تتميز بالمساواة والاحترام المتبادل، وإن الرؤية المتجسدة في علاقاتهما "تكتسب دعما عالميا متزايدا".
ــ تعاون عملي
بفضل الجهود المشتركة للجانبين، تجاوز حجم التجارة بين الصين وروسيا 190 مليار دولار أمريكي العام الماضي، بزيادة 116 بالمئة مقارنة بعشر سنوات مضت. منذ عام 2022، أسفر التعاون العملي الثنائي في جميع المجالات عن نتائج مثمرة.
وقال كاشين إن البيانين المشتركين الموقعين وعددا من وثائق التعاون الثنائي التي وقعها الجانبان أيضا خلال زيارة شي مهمة للغاية.
وقال الخبير إن الجانبين سيعززان التعاون في الصناعة والطاقة واللوجستيات، وسيعملان على إقامة سلسلة صناعية من نوع جديد تنخرط فيها الشركات الصناعية من البلدين، مضيفا أن هذا يعني أن العلاقات الروسية-الصينية شهدت تقدما جديدا هاما وأن الجانبين فتحا فصلا جديدا من التعاون في مختلف المجالات.
وقال كورزومباييف إن الصين وروسيا أكبر جارتين لبعضهما البعض وسوقان صاعدتان رئيسيتان، مضيفا أن الاستثمار ثنائي الاتجاه يتزايد وأن التعاون في المشروعات الكبرى في مجالات مثل الطاقة والطيران والفضاء والارتباطية يمضي قدما بشكل مطرد.
من خلال هذه الزيارة، سيعمل الجانبان على تعزيز التعاون في التجارة الإلكترونية والابتكار العلمي والتكنولوجي والصناعة والزراعة، وأيضا توسيع التبادلات الشعبية في العلوم والتعليم والصحة والثقافة وغيرها من المجالات، ما يوفر قوة دافعة لا تنضب للتنمية المشتركة بين الصين وروسيا.
وقال خبراء إن تعزيز تعاون الحزام والطريق وبناء شراكة أوراسية أكبر يمكن أن تتم بشكل متوازٍ وأن تحقق تنمية منسقة، مؤكدين أهمية تعزيز الارتباطية بين آسيا وأوروبا، وكذلك التواصل والتنسيق بين الصين وروسيا داخل الأمم المتحدة ومنظمة شانغهاي للتعاون وآلية تعاون بريكس، وغيرها من الأطر متعددة الأطراف.
وقال محمود الحسن خان، المدير التنفيذي لمركز دراسات جنوب آسيا والدراسات الدولية ومقره إسلام آباد، إن مبادرة الحزام والطريق منصة مثالية بالفعل لربط مناطق أوراسيا بالاتحاد الأوروبي والشرق الأوسط وجنوب آسيا وغيرها.
وقال الخبير إن زيارة شي لروسيا حققت فوائد متعددة، ليس فقط للبلدين، ولكن أيضا للشعوب في جميع أنحاء العالم.
ــ مجتمع مصير مشترك
خلال لقائه بوتين، أشار شي إلى أن التغيرات، التي لم نشهدها منذ قرن، تتطور بشكل أسرع، وأن ميزان القوى الدولي يمر بتحول عميق. بصفتهما عضوين دائمين في مجلس الأمن ودولتين رئيسيتين في العالم، تتحمل الصين وروسيا مسؤوليات طبيعية لبذل جهود مشتركة لتوجيه وتعزيز الحوكمة العالمية في اتجاه يلبي تطلعات المجتمع الدولي وتعزيز بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية، وفقا لما قال.
وقال جوزيف ماثيوز، الأستاذ البارز في جامعة بيلتي الدولية في كمبوديا، إن التعددية هي مفتاح السلام والتنمية في العالم، ولا يمكن وقف هذا الاتجاه.
وأضاف أن الصين وروسيا، بوصفهما عضوين مهمين في المنظمات الدولية والإقليمية، تقودان وتدفعان عملية التعددية، وتلعبان دورا يتسم بالتوازن والاستقرار في الحفاظ على النظام العالمي.
وفي الوقت نفسه، كان لتصريحات شي بشأن الأزمة الأوكرانية صدى لدى المجتمع الدولي. "التزمت الصين على الدوام بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، واتبعت موقفا موضوعيا وحياديا، وشجعت بنشاط محادثات السلام. وقد استندت الصين في موقفها إلى خصائص الأمر في حد ذاته ووقفت بحزم من أجل السلام والحوار وفي الجانب الصحيح من التاريخ".
ورحب هواناكوني بموقف الصين بشأن القضية الأوكرانية، مؤمنا بأن الحوار المسؤول والصادق هو أفضل طريقة لمعالجة هذه القضية، ويمكن أن يفيد المنطقة والعالم بأسره.
ودعا كيث بينيت، الخبير البريطاني المتخصص في الشؤون الصينية منذ فترة طويلة، الدول الكبرى إلى أن تكون قدوة، مؤكدا قدرة الصين على "تحديد مسار عادل وواقعي للسلام في الأزمة الأوكرانية".
من وجهة نظر ماري أغنيس أنونا، المديرة العامة لكلية الإدارة الوطنية في مدغشقر، التزمت الصين دائما بالحفاظ على السلام العالمي وتعزيز التنمية المشتركة. وأعربت الخبيرة عن إيمانها بأن الصين يمكن أن تلعب دورا بناء في حل قضية أوكرانيا سياسيا.
وأشار لافنتي هورفاث، مدير مركز أوراسيا بجامعة جون فون نيومان في المجر، إلى أن تعاون الحزام والطريق ومبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمي ومبادرة الحضارة العالمية التي ذكرها شي خلال زيارته، ضرورية وتمثل جهود الصين من أجل السلام والتنمية والتعاون في العالم.
وقال إن هذه المبادرات الهامة تدعو إلى الاحترام المتبادل والمساواة والتنمية المشتركة بين مختلف الدول والحضارات في العالم، ما يساعد على تحقيق المنفعة المتبادلة.