(وسائط متعددة) تعليق ((شينخوا)): ديمقراطية أمريكا المزيفة

(وسائط متعددة) تعليق ((شينخوا)): ديمقراطية أمريكا المزيفة

2023-03-29 15:36:15|xhnews

صورة ملتقطة في 8 ديسمبر 2022 تظهر مبنى الكابيتول الأمريكي في العاصمة الأمريكية واشنطن. (شينخوا)

بكين 29 مارس 2023 (شينخوا) في عام 2021، مع ظهور ما يسمى بالقمة من أجل الديمقراطية لأول مرة، حاولت الولايات المتحدة خداع العالم لكنها لاقت فشلا ذريعا. الآن، من المقرر أن تبدأ المحاولة الثانية.

بالنسبة لبلد عالق في فوضى ديمقراطية في الداخل وهوس بالبلطجة في الخارج، فمن المحتم أن تشهد القمة القادمة فشلا آخر. وسيظهر الاجتماع كيف تتلاعب واشنطن بالديمقراطية لتأجيج المواجهة وتقسيم العالم ودفع أجندتها القائمة على الهيمنة.

جوهر الديمقراطية يجب أن يكفل أن يكون الشعب سيد بلده. ولكن الديمقراطية الأمريكية، المصممة لخدمة جماعات المصالح الرأسمالية، غير قادرة بطبيعتها على إعطاء الأولوية لمصالح الأغلبية، وبالتالي تتدهور إلى "ديمقراطية للقلة".

لا عجب أن قائمة التحديات التي تزعج المجتمع الأمريكي تتزايد باستمرار. فالاستقطاب السياسي المتفاقم، وفجوة الثروة الآخذة في الاتساع، والانقسامات الاجتماعية المتزايدة، والتمييز العنصري المتأصل، كلها عوامل جعلت رواية الديمقراطية الأمريكية أقل إقناعا. إذ أن الحكومة الديمقراطية المثالية للولايات المتحدة التي ذكرها الرئيس الأمريكي آنذاك أبراهام لنكولن في مقولته "حكومة الشعب، من قبل الشعب، من أجل الشعب"، في خطابه التاريخي الذي ألقاه في جيتيسبيرغ، لا تزال وهما.

مع اختراق المال السياسي لجميع جوانب الانتخابات والتشريعات والإدارة الأمريكية، فإن الديمقراطية الأمريكية ليست أبدا ملكا "للشعب" بل لعبة للأثرياء. وتحت شعار "رجل واحد، صوت واحد" تبرز حقيقة أن حفنة من النخب هي من تحكم البلاد.

تظهر البيانات أن المرشحين يفوزون بنسبة 91 بالمائة من انتخابات الكونغرس بدعم مالي أكبر. وعادة ما يعمل من يسمون بـ"ممثلي الرأي العام" لصالح الجهات المانحة بعد انتخابهم بدلا من الجمهور.

متظاهرون يتجمعون خلال مظاهرة مناهضة للحرب في العاصمة الأمريكية واشنطن في 18 مارس 2023. (شينخوا)

وذكر جوزيف ستيغليتز، وهو خبير اقتصادي حائز على جائزة نوبل، ذات مرة أن الـ1 في المائة الأعلى من الأمريكيين يسيطرون على 40 في المائة من ثروة الولايات المتحدة. وكتب ستيغليتز في مقال إن "تقريبا جميع أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي، ومعظم الممثلين بمجلس النواب، هم أعضاء في الـ1 في المائة الأعلى عند وصولهم، ويتم الاحتفاظ بهم في مناصبهم بأموال الـ1 في المائة الأعلى، ويعرفون أنهم في حال خدموا الـ1 في المائة الأعلى بشكل جيد، فسوف يكافئهم الـ1 في المائة الأعلى عندما يتركون مناصبهم".

وفي الوقت نفسه، فإن النظام السياسي الأمريكي بالكاد يحكمه "الشعب". وبدلا من ذلك، يحرم الشعب من سلطة المشاركة في الحكم الوطني. بعد الانتخابات، تختطف السلطة العامة من قبل عدد قليل من الأوليغارشية بينما يتم تجاهل احتياجات الشعب. ومشكلة الأسلحة الواسعة الانتشار في البلاد والإجراءات التشريعية المتداعية بشأن القضايا المتعلقة بسبل عيش الناس ما هي سوى تذكير بأن المعارك الحزبية وسياسة حق النقض لا تجلب الحكم الرشيد.

قارنت جامعتا برينستون ونورث وسترن ما يقرب من 1800 سياسة أمريكية تم سنها بين عامي 1981 و2002 مع التفضيلات المعلنة للأمريكيين العاديين والأثرياء ومجموعات المصالح الخاصة. وخلصوا إلى أن "النخب الاقتصادية والمجموعات المنظمة التي تمثل مصالح الأعمال لها تأثيرات مستقلة كبيرة على سياسة الحكومة الأمريكية، في حين أن مجموعات المصالح الجماهيرية والمواطنين العاديين لديهم تأثير مستقل ضئيل أو معدوم".

في كتابه "النخبة الحاكمة"، أعرب عالم الاجتماع السياسي الأمريكي سي رايت ميلز عن قلقه بشأن "الباب الدوار" بين الحكومة والشركات الكبرى، حيث تدور النخب الحاكمة عبر الدوائر الاقتصادية والسياسية والعسكرية وتشكل مصالح متشابكة. ولا عجب أن الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر قال إن الولايات المتحدة أشبه بالأوليغارشية أكثر من كونها ديمقراطية.

مشردون بالقرب من محطة مترو أنفاق في نيويورك بالولايات المتحدة يوم 27 أبريل 2020. (شينخوا)

ما هو أكثر من ذلك، "من أجل الشعب" هي مجرد كذبة أخرى. إذ في الديمقراطية القائمة على رأس المال، لا يمكن للناس الحصول على نصيبهم العادل من ثمار التنمية الوطنية، وهو ما تشهد عليه الفجوات المتزايدة بين الأغنياء والفقراء والانقسام الطبقي الآخذ في الاتساع.

ووفقا لتقرير صادر عن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، بلغ إجمالي ثروة الـ1 في المائة الأغنى رقما قياسيا بلغ 45.9 تريليون دولار أمريكي في نهاية الربع الرابع من عام 2021، وزادت ثرواتهم بأكثر من 12 تريليون دولار، أو أكثر من الثلث، خلال الجائحة. في المقابل، انخفضت حصة الثروة التي يحتفظ بها الـ90 في المائة الأفقر من الأمريكيين منذ الجائحة.

والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن التوزيع الاقتصادي غير العادل يساهم في تركيز السلطة السياسية. ووفقا لمجلة ((الإيكونوميست))، فإن تزايد عدم المساواة يعني أن الموارد تتركز في أيدي قلة قليلة. "إن الأدلة على أن تركز الثروة يساهم في تركز السلطة أمر مثير للقلق. ويشير إلى أن الحد من عدم المساواة يصبح أقل احتمالا حتى عندما يصبح أكثر إلحاحا. وهذا يعني ضمنا إمكانية تشكل حلقة مفرغة من عدم المساواة المتزايدة، مع فقدان المساءلة الديمقراطية كأثر جانبي سيء".

إن النظام الديمقراطي الأمريكي قائم على الشكل وليس على الجوهر. ورغم عدم قدرتها على إضاءة الفناء الخلفي الخاص بها، فإن "المدينة المشرقة على تلة" التي تروج لنفسها تعيش تحت وهم أنها يمكن أن تسلط ضوءها على الآخرين. ومع هذا المنطق الخاطئ، باتت واشنطن أكثر إدمانا على وعظ الدول الأخرى، والترويج لروايتها الكاذبة عن "الديمقراطية مقابل الاستبداد" والسعي إلى تقسيم العالم على أساس المصالح الذاتية للولايات المتحدة.

ما الذي يمكن أن نتوقعه من القمة القادمة؟ للأسف، ليس أكثر من مهزلة سياسية وأداة للقسر الجيوسياسي.

الصور