(وسائط متعددة) النص الكامل: التقرير عن انتهاكات حقوق الإنسان في الولايات المتحدة في عام 2022

(وسائط متعددة) النص الكامل: التقرير عن انتهاكات حقوق الإنسان في الولايات المتحدة في عام 2022

2023-03-30 13:24:15|xhnews

صورة التقطت في 22 يونيو 2022 تُظهر البيت الأبيض ولافتة مكتوب عليها "قف" في واشنطن العاصمة بالولايات المتحدة. (شينخوا)

بكين 30 مارس 2023 (شينخوا) أصدرت الصين يوم الثلاثاء ((التقرير عن انتهاكات حقوق الإنسان في الولايات المتحدة في عام 2022)).

فيما يلى النص الكامل للتقرير:

التقرير عن انتهاكات حقوق الإنسان في الولايات المتحدة في عام 2022

المكتب الإعلامي لمجلس الدولة الصيني

مارس 2023

المحتوى

الجزء الأول - اختلال نظام حماية الحقوق المدنية

الجزء الثاني - الديمقراطية الانتخابية على النمط الأمريكي أصبحت جوفاء بشكل متزايد

الجزء الثالث - التمييز العنصري وعدم المساواة يزدادان سوءا

الجزء الرابع - تفاقم أزمة البقاء لدى الطبقات الدنيا في الولايات المتحدة

الجزء الخامس - الانتكاسة التاريخية لحقوق المرأة والطفل

الجزء السادس - الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان في بلدان أخرى والاعتداء على العدالة

المقدمة

شهد عام 2022 انتكاسة تاريخية لحقوق الإنسان في الولايات المتحدة. ففي الولايات المتحدة، وهى دولة تصف نفسها بأنها "مدافع عن الحقوق الإنسان"، تتفشى أمراض مزمنة مثل سياسات المال، والتمييز العنصري، والعنف المسلح وعنف الشرطة، واستقطاب الثروة. وشهدت تشريعات حقوق الإنسان والعدالة تراجعا شديدا، الأمر الذي زاد من تقويض الحقوق والحريات الأساسية للشعب الأمريكي.

خففت الحكومة الأمريكية إلى حد كبير السيطرة على السلاح، الأمر الذي أدى إلى استمرار ارتفاع عدد الوفيات الناجمة عن العنف المسلح. فقد أصبح قرار المحكمة العليا الأمريكية في قضية بروين عام 2022 خطوة تاريخية إلى الوراء في مجال السيطرة على السلاح في الولايات المتحدة. وخففت قرابة نصف الولايات الأمريكية القيود المفروضة على حمل السلاح. هذا وتتصدر الولايات المتحدة العالم في حيازة السلاح وجرائم القتل المسلحة وحوادث إطلاق النار الجماعي، حيث قُتل أو أصيب أكثر من 80 ألف شخص بسبب العنف المسلح في عام 2022، وهو العام الثالث على التوالي الذي تشهد فيه الولايات المتحدة أكثر من 600 حادث إطلاق نار جماعي. ومن ثم، أصبح العنف المسلح "مرضا أمريكيا".

أصبحت انتخابات التجديد النصفي أكثر الانتخابات تكلفة في الولايات المتحدة، وفقدت الديمقراطية على النمط الأمريكي دعمها الشعبي. فقد ارتفعت تكلفة الانتخابات في الولايات المتحدة مرة أخرى، حيث تجاوز الإنفاق التراكمي لانتخابات التجديد النصفي لعام 2022 أكثر من 16.7 مليار دولار أمريكي. وشكلت التبرعات السياسية من أصحاب المليارات 15 في المائة من جميع التبرعات السياسية الفيدرالية، مقارنة بـ11 في المائة في الدورة الانتخابية لعام 2020. وتتلاعب تبرعات "الأموال السوداء" بالانتخابات الأمريكية بشكل خفي، كما أن الاستقطاب السياسي والانقسام الاجتماعي يجعلان من الصعب على البلاد التوصل إلى إجماع ديمقراطي. ولأن 69 في المائة من الأمريكيين يرون أن ديمقراطيتهم معرضة "لخطر الانهيار" و86 في المائة من الناخبين الأمريكيين يقولون إنها تواجه "تهديدات خطيرة للغاية"، بات اليأس من الديمقراطية على النمط الأمريكي شائعا على نطاق واسع.

تشهد العنصرية تزايدا مستمرا وتعاني الأقليات العرقية من التمييز على نطاق واسع. وازدادت جرائم الكراهية القائمة على التحيز العنصري في الولايات المتحدة بشكل كبير بين عامي 2020 و2022. والمذبحة العنصرية التي وقعت داخل سوبر ماركت في بوفالو، وقُتل فيها 10 أمريكيين من أصل أفريقي، صدمت العالم. يقول إجمالي 81 في المائة من الأمريكيين من أصل آسيوي إن العنف ضد المجتمعات الآسيوية آخذ في الازدياد. وبات الأمريكيون من أصل أفريقي أكثر عرضة للقتل على يد الشرطة بواقع 2.78 ضعف مقارنة بالبيض. والمعاناة الناجمة عن نهج الإبادة الجماعية والتذويب الثقافي، الذي اتبعته الحكومة الأمريكية ضد الهنود وغيرهم من السكان الأصليين على مدار التاريخ، مستمرة حتى يومنا هذا.

انخفض متوسط العمر المتوقع، ولا تزال الوفيات الناجمة عن تعاطي المخدرات في ارتفاع. فوفقا لتقرير أصدره المركز الوطني للإحصاءات الصحية التابع للمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها في أغسطس 2022، انخفض متوسط العمر المتوقع في الولايات المتحدة بواقع 2.7 عام ليصل إلى 76.1 عام في الفترة ما بين عامي 2019 و2021، وهو أدنى معدل منذ عام 1996. إن جماعات المصالح والساسة يقايضون السلطة بالمال، الأمر الذي أدى إلى تفشي تعاطي المخدرات والمواد المخدرة. فقد ارتفع عدد الأمريكيين الذين يموتون بسبب تعاطي المخدرات والمواد المخدرة بشكل كبير في السنوات الأخيرة، ليصل إلى أكثر من مائة ألف سنويا. وأصبح تعاطي المخدرات واحدا من أكثر أزمات الصحة العامة تدميرا في أمريكا.

فقدت النساء الحماية الدستورية للإجهاض، وأصبحت البيئة المعيشية للأطفال تبعث على القلق. فحكم المحكمة العليا الأمريكية بإلغاء قضية رو ضد وايد، أنهى حق المرأة في الإجهاض الذي ظل يحميه الدستور الأمريكي لما يقرب من 50 عاما، وهو ما وجه ضربة كبيرة لحقوق الإنسان الخاصة بالمرأة والمساواة بين الجنسين. وفي عام 2022، أصيب أو قتل أكثر من 5800 طفل دون سن الـ18 في حوادث إطلاق النار بالولايات المتحدة، وبلغ عدد حوادث إطلاق النار في المدارس 302، وهو أعلى مستوى منذ عام 1970. وارتفع معدل فقر الأطفال في الولايات المتحدة من 12.1 في المائة في ديسمبر 2021 إلى 16.6 في المائة في مايو 2022، مع وجود 3.3 مليون طفل آخرين يعيشون في فقر. وشهدت الولايات المتحدة زيادة نسبتها 70 في المائة تقريبا في انتهاكات عمالة الأطفال منذ عام 2018، وشهدت زيادة نسبتها 26 في المائة في عدد القاصرين العاملين في مهن خطرة في السنة المالية 2022.

تسببت إساءة استخدام الولايات المتحدة للقوة وعقوباتها الأحادية الجانب في حدوث كوارث إنسانية. فمنذ بداية القرن الـ21، نفذت الولايات المتحدة عمليات عسكرية في 85 دولة باسم "مكافحة الإرهاب"، ما أسفر بشكل مباشر عن مقتل ما لا يقل عن 929 ألف مدني ونزوح 38 مليون شخص. كما أن الولايات المتحدة فرضت عقوبات أحادية الجانب أكثر من أي بلد آخر في العالم، ولا تزال تفرض عقوبات على أكثر من 20 دولة، الأمر الذي أدى إلى عجز المستهدفين عن توفير الغذاء والدواء الأساسين لشعوبهم. أما قضية الهجرة فقد أصبحت أداة للمعارك الحزبية، وافتُعِلت مهازل الهجرة على نطاق واسع، ما جعل المهاجرين يواجهون أشكالا شديدة من كراهية الأجانب ومعاملة قاسية. وقد بلغ عدد المهاجرين الذين تم اعتقالهم على الحدود الجنوبية الغربية للبلاد في عام 2022 حوالي 2.4 مليون مهاجر، وهو أعلى عدد تم تسجيله على الإطلاق، كما بلغ عدد القتلى من المهاجرين على الحدود الجنوبية 856 شخصا، وهو الأكبر في عام واحد.

سقطت الولايات المتحدة، التي تأسست على الاستعمار والعبودية العنصرية وعدم المساواة في العمل والحيازة والتوزيع، بصورة أكبر في مستنقع فشل النظام، والعجز في الحكم، والانقسام العرقي، والاضطرابات الاجتماعية في السنوات الأخيرة في ظل التفاعل بين ما لديها من نمط توزيع اقتصادي مستقطب ونمط اجتماعي يهيمن عليه الصراع العرقي ونمط سياسي تسيطر عليه جماعات المصالح الرأسمالية.

فقد الساسة الأمريكيون، الذين يخدمون مصالح الأوليغارشية (حكم القلة) تدريجيا إرادتهم الذاتية وقدرتهم الموضوعية على الاستجابة للمطالب الأساسية للناس العاديين والدفاع عن الحقوق الأساسية للمواطنين العاديين، وفشلوا في حل مشاكلهم الهيكلية في مجال حقوق الإنسان. إنهم يستخدمون حقوق الإنسان عمدا كسلاح لمهاجمة البلدان الأخرى، متسببين في حدوث المواجهة والانقسام والفوضى في المجتمع الدولي، وأصبحوا مخربين ومعرقلين للتنمية العالمية لحقوق الإنسان.

الجزء الأول - اختلال نظام حماية الحقوق المدنية

إن الولايات المتحدة دولة تُعرف بالعنف الشديد، حيث صار الناس مهددين بجرائم العنف والانفاذ العنيف للقانون، كما أن سلامتهم غير مكفولة. فالسجون مكتظة وصارت أماكن للعبودية الحديثة حيث يشيع العمل القسري والاستغلال الجنسي. ومن ثم تحولت الحقوق والحريات المدنية، التي نصبت أمريكا نفسها مدافعا عنها، إلى مجرد كلام أجوف.

التواطؤ بين الساسة والشركات يعمل على شل أجندة السيطرة على السلاح. فقد مارست جماعات المصالح الأمريكية ذات الصلة بمجال السلاح ضغوطا سياسية قوية للدفاع عن مصالحها. وفي تحد للرأي العام، خففت الحكومة القيود المفروضة على السلاح بشكل كبير، الأمر الذي سمح بحملها في الأماكن العامة المزدحمة مثل المستشفيات والمدارس والحانات والملاعب. في 3 يوليو 2022، ذكرت ((بلومبرغ نيوز)) أن قرار المحكمة العليا الأمريكية في "قضية بروين" الصادر في 23 يونيو قد ألغى تشريعا بشأن السيطرة على السلاح دام لنصف قرن من الزمان في ولاية نيويورك وست ولايات أخرى، وسمح لسكان هذه الولايات بحمل سلاح مخفي، وهي خطوة إلى الوراء تمثل علامة فارقة في مجال السيطرة على السلاح في الولايات المتحدة. وذكرت صحيفة ((نيويورك تايمز)) في 28 أكتوبر 2022 أن محكمة فيدرالية في تكساس قضت بأن قانون الولاية الذي يحظر على البالغين دون سن الـ21 عاما حمل المسدسات غير دستوري. وقد خفف قرابة نصف الولايات الأمريكية القيود المفروضة على حمل السلاح. ومن جانبه، قال علي روحاني-رحبار، البروفيسور في جامعة واشنطن "لقد كانت البلاد ككل، في العقدين أو العقود الثلاثة الماضية، تتحرك بوضوح شديد وبشكل كبير نحو تخفيف قوانين حمل السلاح". وأشارت الباحثة الأمريكية باميلا هاغ، في كتاب لها بعنوان ((حوادث إطلاق النار في أمريكا: تجارة وصنع ثقافة السلاح الأمريكية))، إلى أن البنادق في الولايات المتحدة هي سلسلة صناعية "تبدأ بخط الإنتاج وتنتهي بموت الضحايا"، مضيفة أن "جذور مأساة العنف المسلح في أمريكا لها جذورها  في تجارة السلاح العلمانية".

يتصاعد العنف المسلح بالترادف مع ملكية السلاح. تشير دراسة نُشرت في مجلة ((ذي بريتش ميديكال جورنال)) إلى أن تخفيف السيطرة على السلاح في الولايات المتحدة أدى إلى ارتفاع متزامن في ملكية السلاح وحوادث إطلاق النار الجماعي. فالولايات المتحدة، التي يقطنها أقل من 5 في المائة من سكان العالم، تمتلك 46 في المائة من الأسلحة المدنية في العالم. وتتصدر الولايات المتحدة العالم في ملكية السلاح، والقتل المسلح، وحوادث إطلاق النار الجماعي. ووفقا لموقع "أرشيف العنف المسلح"، ارتفع عدد حوادث إطلاق النار الجماعي في الولايات المتحدة بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة. في عام 2022، أسفر العنف المسلح عن مقتل 43341 شخصا، وإصابة 37763 آخرين، ووقع 636 حادث إطلاق نار جماعي في الولايات المتحدة، بمعدل اثنين يوميا. إن معدل جرائم القتل المسلح في أمريكا أعلى بواقع ثماني أضعاف من نظيره في كندا، و13 ضعفا من نظيره في فرنسا، و23 ضعفا من نظيره في أستراليا. وفي مقال رأي نشرته في 25 يونيو 2022، قالت صحيفة ((ذي استراليان)) إن الولايات المتحدة "هي دولة معروفة بالعنف المفرط، في وسائل الإعلام الخاصة بها وفي شوارعها". لقد أصبح العنف المسلح "مرضا أمريكيا".

لا تزال الجرائم الكبرى مثل القتل والسرقة في تصاعد. فقد ذكرت صحيفة ((يو إس إيه توداي)) في 11 سبتمبر 2022، أنه في النصف الأول من عام 2022، زادت جرائم القتل في المدن الأعضاء في جمعية رؤساء المدن الكبرى بنسبة 50 في المائة والاعتداءات الخطيرة بنحو 36 في المائة مقارنة بنفس الفترة من عام 2019. وأشارت صحيفة ((وول ستريت جورنال)) في 6 سبتمبر 2022 إلى أنه حتى سبتمبر 2022، ارتفع معدل جرائم القتل في نيو أورليانز بنسبة 141 في المائة، وارتفعت حوادث إطلاق النار بنسبة 100 في المائة، وارتفعت حوادث اختطاف السيارات بنسبة 210 في المائة، وارتفع السطو المسلح بنسبة 25 في المائة، مقارنة بنفس الفترة من عام 2019. وأفاد تقرير صدر عن مجلس العدالة الجنائية في 28 يوليو 2022 بأنه في النصف الأول من 2022، ارتفعت عمليات السرقة بنسبة 19 في المائة وارتفعت عمليات السلب بنسبة 20 في المائة في المدن الأمريكية الكبرى. وذكرت شبكة ((فوكس نيوز)) في 7 يوليو 2022 أنه منذ يونيو 2021، زاد معدل الجريمة ككل في مدينة نيويورك بنسبة 31 في المائة، وعميات السلب الكبرى بنسبة 41 في المائة، وعمليات السرقة بنسبة 36 في المائة، وعمليات السطو بنسبة 34 في المائة تقريبا، وارتفع عدد ضحايا جرائم الاعتداء بنحو 1000 كل ثلاثة أشهر. وذكر تقرير لشبكة ((سي إن إن)) في 8 يونيو 2022 أن 72 في المائة من الأمريكيين غير راضين عن سياسات البلاد بشأن الحد من الجريمة أو السيطرة عليها، ويقول المزيد من الأمريكيين إنهم قلقون بشكل كبير إزاء الجريمة والعنف (80 في المائة) مقارنة بأي وقت مضى خلال أكثر من عقد من الزمان.

يزداد عنف الشرطة سوءا. في عام 2022، توفي عدد قياسي بلغ 1239 شخصا نتيجة عنف الشرطة في الولايات المتحدة، وفقا لموقع "رسم خرائط عنف الشرطة". وخلال العام، لم يكن هناك سوى 10 أيام لم تحدث فيها عمليات قتل على يد الشرطة. هذا وتحدث معظم عمليات القتل التي ترتكبها الشرطة أثناء الإنفاذ الروتيني للقانون مثل عمليات الإيقاف أو عند التعامل مع الجرائم غير العنيفة. ونادرا ما يتم اتهام الشرطة باستخدام القوة المفرطة. وفي عمليات القتل على يد الشرطة بين عامي 2013 و2022، لم توجه تهمة بارتكاب جريمة إلى 98.1 في المائة من الضباط المتورطين. وفي 27 يونيو 2022، أطلقت الشرطة في أكرون بولاية أوهايو النار أكثر من 90 مرة على جايلاند ووكر، وهو أمريكي أعزل من أصل أفريقي يبلغ من العمر 25 عاما. ووفقا لتقرير طبي أولي، كان لدى ووكر أكثر من 60 جرحا في جسده. كان هذا ثالث حادث إطلاق نار من قبل الشرطة يقع في أكرون بين ديسمبر 2021 ويونيو 2022.

إن حياة السجناء وصحتهم مهددتان. فالولايات المتحدة لديها أعلى معدل سجن في العالم، وظروف السجون مروعة. وبحسب تقرير نشرته صحيفة ((الغارديان)) في الأول من أكتوبر 2022، يجرى احتجاز نحو 500 شخص من كل 100 ألف شخص في الولايات المتحدة، وهو ما يعادل حوالي خمسة أضعاف نظيره في بريطانيا، وستة أضعاف نظيره في كندا، وتسعة أضعاف نظيره في ألمانيا. ووفقا لمقال نشرته منظمة مبادرة العدالة العادلة في 25 أبريل 2022، يتم احتجاز السجناء في سجون ميسيسيبي في زنزانات مظلمة بدون إضاءة أو مياه نظيفة، وغالبا ما تكون درجة حرارة الغرفة شديدة للغاية. وذكرت صحيفة ((شيكاغو صن تايمز)) في 19 فبراير 2022 أن الزنزانات في سجن جوليت في إلينوي كانت موبوءة بالفئران والأطعمة الفاسدة فيما فاضت مياه الصرف الصحي غير المعالجة إلى المناطق العامة. ومن ثم فإن سبل معيشة السجناء غير مكفولة. وأفادت دراسة نُشرت في أكتوبر 2022 في ((الأخبار القانونية للسجون))، وهي مطبوعة عن حقوق السجناء، بأن نقص الحراس وعدم كفاية البنية التحتية في نظام السجون بولاية ألاباما أدى إلى ارتفاع معدلات العنف والوفيات بين السجناء. فقد كانت هناك 39 حالة وفاة في الأشهر الثمانية الأولى من عام 2022، 30 منها توفيت بشكل غير طبيعي.

السجون أصبحت أماكن للعبودية الحديثة. وفقا لتقرير صدر بشكل مشترك عن كلية الحقوق بجامعة شيكاغو والاتحاد الأمريكي للحريات المدنية في 16 يونيو 2022، تسجن الولايات المتحدة أكثر من 1.2 مليون شخص في سجون الولايات والسجون  الفيدرالية، حيث يعمل حوالي 800 ألف منهم بالسخرة، وهو ما يمثل 65 في المائة من إجمالي عدد السجناء. وأفاد أكثر من 76 في المائة من السجناء المستطلعة آراؤهم بأنهم أجبروا على مواصلة العمل وتعرضوا للتهديد بالحبس الانفرادي وتأجيل تواريخ الإفراج المشروط عنهم وفقدان حقهم في الزيارات العائلية إذا ما رفضوا العمل. وذكر تقرير صدر عن "مبادرة سياسة السجون" في 14 مارس 2022 أن العمال المسجونين أجبروا على  تقديم خدمات الطعام وغسيل الملابس والقيام بأعمال أخرى، دون أن يكون لديهم سوى القليل من الحقوق وأوجه الحماية. بالإضافة إلى ذلك، فإن العمال المسجونين عادة ما يكسبون القليل أو لا يتقاضون أجرا على الإطلاق، وفقا لما جاء في بحث أجراه الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية في 15 يونيو 2022. وقد أصبحت السجون الأمريكية مصانع عبودية حقيقية في العصر الحديث.

التعصب الديني يزداد حدة. وفقا لإحصاءات جرائم الكراهية لعام 2021 الصادرة عن مكتب التحقيقات الفيدرالي في 15 ديسمبر 2022، تم الإبلاغ عن إجمالي 1005 جرائم كراهية دينية في الولايات المتحدة في عام 2021، كانت 31.9 في المائة منها حوادث معادية للسامية، و21.3 في المائة حوادث معادية للسيخ، و9.5 في المائة حوادث معادية للإسلام، و6.1 في المائة حوادث معادية للكاثوليكية و6.5 في المائة حوادث معادية للأرثوذكسية. وذكر تقرير صدر عن مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية في عام 2022 أن التعصب ضد الإسلام في الولايات المتحدة ازداد حدة، والمسلمون يتعرضون لتمييز شديد. في عام 2021، تلقى مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية 6720 شكوى، من بينها 308 شكاوى متعلقة بحوادث الكراهية والتحيّز، بزيادة 28 في المائة عن عام 2020، و679 شكوى تتعلق بتجاوزات من جانب سلطات إنفاذ القانون والحكومة، بزيادة 35 في المائة عن عام 2020، و1298 حادثة تمييز في أماكن العمل والأماكن العامة، بزيادة 13 في المائة عن عام 2020. وأفاد موقع ((ميدل إيست آي)) الإخباري في 23 أغسطس 2022 بأن هناك دراسة أظهرت أن المسلمين أكثر عرضة بواقع خمسة أضعاف لمضايقات الشرطة بسبب دينهم مقارنة بأولئك الذين يعتنقون ديانات أخرى.

الجزء الثاني - الديمقراطية الانتخابية على النمط الأمريكي أصبحت جوفاء بشكل متزايد

لقد حولت التبرعات السياسية الانتخابات الأمريكية إلى لعبة للأثرياء، وتحول الاغتراب بين سياسات الحزبين إلى سياسة مستقطبة، وبدأت الديمقراطية الأمريكية تفقد أساسها في الدعم الشعبي. كان الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر قد ذكر ذات مرة أن الرشوة السياسية أفسدت النظام السياسي الأمريكي. وقال كارتر "إنها مجرد أوليغارشية مع رشوة سياسية غير محدودة تأتي لتُشكل جوهر الحصول على الترشيحات لمنصب الرئيس، أو لانتخاب الرئيس".

وسجلت الأموال التي ضُخت في الانتخابات رقما قياسيا جديدا. فالانتخابات الأمريكية تمثل صميم ديمقراطيتها، ومدعومة بالمال. فقد ارتفعت تكاليف الانتخابات إلى عنان السماء منذ رفع حدود التبرعات في عام 2010 ومرة أخرى في عام 2014. ووفقا لتحليل نشرته ((أوبنسيكرتس))، فإن التكلفة الإجمالية لانتخابات التجديد النصفي على مستوى الولايات والمستوى الفيدرالي في عام 2022 بلغت ما يقرب من 17 مليار دولار، وهي أغلى انتخابات في التاريخ. وأنفق المرشحون الفيدراليون واللجان السياسية 8.9 مليار دولار، بينما أنفق مرشحو الولايات ولجان الأحزاب ولجان إجراءات الاقتراع 7.8 مليار دولار، وكلاهما يمثل رقما قياسيا جديدا. وذكرت شبكة ((سي إن إن)) في 8 ديسمبر 2022 أن أغلى خمسة سباقات في مجلس الشيوخ لعام 2022 شهدت إنفاق ما يقرب من 1.3 مليار دولار خلال الانتخابات التمهيدية والعامة. وجاء في صدارتها سباق مجلس الشيوخ في ولاية بنسلفانيا، حيث تم إنفاق ما يقرب من 375 مليون دولار على السباق في هذه الدورة.

إن التبرعات السياسية تخلق أوليغارشية. ورأس المال اختطف السياسة الأمريكية وصارت هناك علاقة مستقرة "بين المال والعائد". أما فكرة "من الشعب، وبالشعب، ومن أجل الشعب" فقد أصبحت "من الواحد في المائة، وبالواحد في المائة، ومن أجل الواحد في المائة"، كما يقول شعار حركة "احتلوا وول ستريت": "نحن نمثل الـ99 في المائة، لكن يسيطر علينا الواحد في المائة". وكتبت هيلين لانديمور، وهي منظرة سياسية في جامعة ييل، في مقال نشرته مجلة ((فورين بوليسي)) في ديسمبر 2021 تقول إن الديمقراطية الأمريكية تفتقر إلى "سلطة الشعب"، وإن الأثرياء جدا، الذين يشكلون قسما ضئيلا للغاية من السكان،، يمكنهم استغلال وضعهم الاقتصادي المرتفع للغاية للدفع باتجاه مجموعة من الأولويات السياساتية التي تخدم مصالحهم.

"لقد أنفق المليارديرات الأمريكيون مبلغا هائلا يصل إلى 880 مليون دولار على الانتخابات بحلول نهاية أكتوبر، ومن المرجح أن يقترب المجموع النهائي من رقم فلكي يبلغ مليار دولار. وهذا مبلغ من المال يغير قواعد اللعبة ويؤثر بلا شك على نتائج الانتخابات التي نشهدها الآن"، هكذا كتبت مجلة ((فورتشن)) في 9 ديسمبر 2022، في تقرير بعنوان ((المليارديرات لديهم تريليون دولار إضافية للتأثير على انتخابات التجديد النصفي. انقذوا الديمقراطية الأمريكية بفرض ضرائب على الثروة المفرطة)).

وذكرت المجلة أن ثروة المليارديرات أخذت، على حد تعبير المدير التنفيذي لمنظمة ((أمريكيون من أجل العدالة الضريبية))، "تُغرق ديمقراطيتنا. فقد شكّل المليارديرات 15 في المائة من جميع التبرعات الفيدرالية السياسية المفصلة في الفترة من أول يناير 2021 حتى 30 سبتمبر 2022، مقارنة بـ11 في المائة في الدورة الانتخابية لعام 2020، حسبما أفادت وكالة ((رويترز)) في 9 نوفمبر 2022، مضيفة أن الممول جورج سوروس كان أكبر مانح فردي، حيث أنفق أكثر من 128 مليون دولار لدعم حملات الحزب الديمقراطي. ومع استخدام فاحشي الثراء لأموالهم للسيطرة على نتائج الانتخابات، أصبحت الانتخابات الأمريكية لا تتماشى بشكل متزايد مع طبيعة الديمقراطية.

تبرعات الأموال السوداء تتلاعب سرا باتجاه الانتخابات. وظلت الأموال السوداء تؤثر بشكل غير خفي على الانتخابات الأمريكية. وأفاد مركز برينان للعدالة في 16 من نوفمبر 2022 بأن أربع مجموعات من الأموال السوداء المتحالفة مع الحزبين ضخت ما يقرب من 300 مليون دولار في هذه الدورة الانتخابية من خلال التبرع للجان العمل السياسي الخارقة الشقيقة أو شراء إعلانات مصوغة ببراعة. وهناك مئات أخرى من المجموعات النشطة سياسيا التي تضخ أموالا سرية في الانتخابات.

فقد قام ملياردير بتحويل 1.6 مليار دولار سرا إلى جماعة سياسية جمهورية، وهو أكبر تبرع معروف في مجال الدعوة السياسية في التاريخ الأمريكي، وفقا لتقرير بعنوان ((المليارات من "الأموال السوداء" تؤثر على السياسة الأمريكية)) نشرته صحيفة ((الغارديان)) في 29 أغسطس 2022. وفي عام 2020 وحده، تدفق أكثر من مليار دولار من الأموال السوداء في الانتخابات الأمريكية بعد التحايل على قواعد الإفصاح الضعيفة. ومع اقتراب موعد انتخابات 2022، ازداد الوضع سوءا. إذ تم تمويل لجان العمل السياسي الرئيسية للحزبين في مجلسي الشيوخ والنواب من قبل مجموعات أموال سوداء مجهولة الهوية، غير ملزمة بالكشف عن مانحيها. فقد استولت الأموال السوداء سرا على الأحزاب السياسية والحكومة في الولايات المتحدة، وأصبح غالبية الناخبين أدوات للألعاب السياسية.

تكتيكات متعددة وتلاعب بنتائج الانتخابات. وقال جيه. آر. بول، في كتابه المعنون بـ((السعي إلى تحقيق المساواة في التاريخ الأمريكي))، إن العديد من الأمريكيين تخلوا تماما عن فكرة المساواة، وغالبا ما يكون هؤلاء الناس الذين يرفضون فكرة المساواة هم الذين يضعون القواعد التي يجب على الآخرين اتباعها. غالبا ما يتم إصدار قوانين تقيد أهلية الناخبين للتصويت. وفقا للدراسة التي نشرها مركز برينان للعدالة في 26 مايو 2022، أقرت 18 ولاية 34 قانونا تقييدا في عام 2021. وفي الدورة التشريعية لعام 2022، نظر المشرعون في 39 ولاية في 393 مشروع قانون تقييديا على الأقل، والتي أثرت بشكل غير متناسب على الناخبين من ذوي البشرة الملونة من خلال وضع سلسلة من العقبات أمام التصويت. وقد يتعرض ما يصل إلى 200 ألف ناخب لخطر إلغاء تسجيلهم بعد أن سنت ولاية أريزونا قانونا ينص على تقديم أدلة مستندية على الجنسية من أجل تسجيل الناخبين. في 4 أغسطس 2022، نشرت المنظمة العالمية لمكافحة الكراهية والتطرف تقريرا بعنوان ((مخاوف الأمريكيين من قمع المشاركة في الديمقراطية))، والذي قال إن 40 في المائة من السود و37 في المائة من ذوي الأصول الإسبانية قلقون للغاية من حرمانهم من القدرة على الإدلاء بأصواتهم. ومنعت قوانين أهلية التصويت الصارمة ما يقرب من 16 في المائة من السكان السود الذين هم في سن التصويت في ولاية ميسيسيبي من الإدلاء بأصواتهم. فولاية ميسيسيبي تمتلك واحدة من أعلى تجمعات السكان السود في البلاد، ومع ذلك لم تنتخب شخصا أسود لمنصب على مستوى الولاية منذ أكثر من قرن، حسبما ذكرت صحيفة ((الغارديان)) على موقعها الإلكتروني في مقال بعنوان ((قانون 1890 العنصري الذي لا يزال يمنع آلاف الأمريكيين السود من التصويت)) في 8 يناير 2022. وكشف تقرير صدر عن الرابطة الحضرية الوطنية بعنوان ((حالة الأمريكيين السود لعام 2022: تحت حصار المؤامرة الرامية إلى تدمير الديمقراطية)) في 12 أبريل 2022، عن أنه في عام 2021 وحده، استفادت 20 ولاية من بيانات التعداد لإعادة رسم خرائط الكونغرس. وقد حرمت وسائل التلاعب بالانتخابات هذه عددا كبيرا من الناخبين من أهليتهم للتصويت، تاركة حقوق التصويت على قدم المساواة قائمة على الورق فقط.

الانتخابات الأمريكية مصحوبة بالعنف والترهيب. وتاريخها السياسي الأمريكي لم يكن خاليا من العنف والإرهاب. تاريخيا، منعت مجموعات مثل "كو كلوكس كلان" سيئة السمعة الأمريكيين الأفارقة من التصويت من خلال العنف مثل الضرب والإعدام خارج نطاق القانون والاغتيالات، مما خلق شعورا بالخوف لا يزال مستمرا حتى يومنا هذا.

وقال مركز برينان للعدالة في تقرير صدر في 28 أكتوبر 2022 إن الناخبين قد يواجهون أعمال ترهيب في صناديق الاقتراع وخارجها من جماعات القصاص الأهلي، مضيفا أنه في ولاية أريزونا، جندت الجماعات اليمينية المتطرفة متطوعين لمراقبة الصناديق، وبعضهم غالبا ما ظهر مسلحا ومرتديا لمعدات تكتيكية.

وقال المشروع العالمي لمكافحة الكراهية والتطرف في تقرير في 4 أغسطس 2022، إن هناك شعورا متزايدا بالخوف بين الأمريكيين، حيث تشعر الأقليات بقلق بشكل خاص بشأن الأمن المرتبط بصناديق الاقتراع والناخبون قلقون بشكل عام بشأن السلامة في مراكز الاقتراع. وبشكل عام، قال 63 في المائة ممن تم استطلاع آراؤهم بأنهم "قلقون للغاية" بشأن أشياء مثل العنف والمضايقة والترهيب التي تحدث في مركز الاقتراع الخاص بهم. وأصبح الظل النفسي للإعدام خارج نطاق القانون وجو الخوف عقبة كبيرة أمام الناخبين لممارسة حقهم في التصويت.

لقد أصبحت سياسات الحزبين استقطابية. وكان الاستقطاب السياسي، وخاصة استقطاب سياسات الحزبين، أحد السمات الأكثر لفتا للانتباه في السياسة الأمريكية خلال العقود الثلاثة الماضية. وأدى الانقسام الأيديولوجي الآخذ في الاتساع والخصومة بين الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري إلى توسيع الشرخ في المجتمع الأمريكي وتعطيل السياسة الأمريكية.

ووصف حوالي 28 في المائة من الأمريكيين "التطرف أو الاستقطاب السياسي" بأنه أحد أهم القضايا التي تواجه البلاد، وفقا لمسح أجراه متتبع استطلاعات الرأي الأمريكية "فايف ثيرتي إيت"، في 14 يونيو 2022، مضيفا أن 64 في المائة قالوا إنهم شعروا أن الاستقطاب السياسي مدفوع في الغالب من قبل النخب السياسية والاجتماعية.

ووفقا لتقرير صادر عن شبكة ((إن بي سي نيوز)) في 23 أكتوبر 2022، قال 81 في المائة من الديمقراطيين إنهم يعتقدون أن أجندة الحزب الجمهوري تشكل تهديدا، ما لم يتم إيقافه، فسوف يدمر أمريكا، بينما يعتقد 79 في المائة من الجمهوريين نفس الشيء إزاء أجندة الحزب الديمقراطي. وقال 71 في المائة من الناخبين إن البلاد تسير في الاتجاه الخاطئ. وقال خبير استطلاعات الرأي الديمقراطي جيف هورويت من شركة هارت للأبحاث إن "الناخبين على ما يبدو لم يعودوا يبحثون عن 'عقد مع أمريكا'. إنهم يريدون الطلاق".

وقد جعل الاستقطاب السياسي والانقسامات الاجتماعية من الصعب التوصل إلى إجماع ديمقراطي، وأصبحت مهزلة الانتخابات وفوضى ما بعد الانتخابات من السمات البارزة للسياسة الأمريكية.

وأدى استقطاب الخلافات الحزبية والخصومة الشرسة إلى انهيار الثقة السياسية وحدوث أزمة حكم خطيرة في الولايات المتحدة، كما ذكر مارك جيه هيثرينغتون، أستاذ العلوم السياسية في جامعة فاندربيلت وتوماس جيه رودولف، أستاذ العلوم السياسية في جامعة إلينوي في كتابهما المعنون ((لماذا لن تفلح واشنطن: الاستقطاب والثقة السياسية وأزمة الحكم)).

يستغل مسؤولون حكوميون مناصبهم لتحقيق مكاسب شخصية. ويمكن لسياسيين رفيعي المستوى الوصول مسبقا إلى الكثير من المعلومات الحساسة التي يمكن أن تسمح لهم بتحقيق أرباح. وتبلغ القيمة الصافية المبلغ عنها لرئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي، إلى جانب زوجها بول بيلوسي، أكثر من 114 مليون دولار أمريكي، وغالبية ثروتهما تأتي من استثمارات مثل الأسهم والخيارات، حسبما ذكرت صحيفة ((ذا هيل)) في مقال رأي نُشر في 24 يوليو 2022. في مارس 2021، قام بول بتفعيل خيارات لشراء 25 ألف سهم من أسهم مايكروسوفت بقيمة تزيد عن 5 ملايين دولار. بعد أقل من أسبوعين، كشف الجيش الأمريكي عن صفقة بقيمة 21.9 مليار دولار مع ((مايكروسوفت)). وارتفعت أسهم الشركة بشكل حاد بعد الإعلان عن الصفقة. وفي يونيو 2022، اشترى بول ما يصل إلى 5 ملايين دولار من خيارات الأسهم من نفيديا، وهي شركة رائدة في مجال أشباه الموصلات. وجاءت عملية الشراء في وقت كان من المقرر أن يصوت فيه الكونغرس على تشريع سيؤدي إلى تخصيص 52 مليار دولار من الإعانات لرفع مستوى صناعة إنتاج الرقائق. وخلال الفترة التي قضتها نانسي بيلوسي كرئيسة لمجلس النواب، حققت ما يقرب من 30 مليون دولار من صفقات تتضمن شركات التكنولوجيا الكبرى التي كانت رئيسة مجلس النواب السابقة تتولى مسؤولية تنظيمها. من بين 435 عضوا في مجلس النواب، قام 183 عضوا بتداول أسهم بأنفسهم أو من خلال أفراد أسرهم المباشرين في الفترة من 2019 إلى 2021، حسبما ذكرت صحيفة ((ديلي ميل)) في مقال رأي نُشر في 13 سبتمبر 2022. وأضافت أن ما لا يقل عن 97 منهم اشتروا أو باعوا أسهما أو سندات أو أصولا مالية أخرى بأنفسهم أو من خلال أزواجهم تتقاطع بشكل مباشر مع عملهم في الكونغرس. ووجد تحقيق نشرته صحيفة ((وول ستريت جورنال)) في 11 أكتوبر 2022 أن أكثر من 2600 مسؤول في وكالات من وزارة التجارة إلى وزارة الخزانة كشفوا عن استثمارات أسهم في شركات معينة بينما كانت تلك الشركات نفسها تضغط على وكالاتهم من أجل سياسات مواتية. في ما أصبح يعرف باسم فضيحة "الأطفال مقابل المال"، أغلق القاضيان السابقان في ولاية بنسلفانيا مارك سيافاريلا ومايكل كوناهان مركزا لاحتجاز الأحداث تديره إحدى المقاطعات وقبلا 2.8 مليون دولار كمدفوعات غير قانونية من إصلاحيتين ربحيتين، حسبما ذكرت وكالة ((أسوشيتد برس)) في 18 أغسطس 2022. وأضاف التقرير أن سيافاريلا دفع بسياسة عدم التسامح مطلقا التي تضمن إرسال أعداد كبيرة من الأطفال إلى هاتين المنشأتين. لقد كان العديد من كبار السياسيين الأمريكيين يقدمون وعودا فارغة للناخبين بينما يستفيدون ماليا من مناصبهم.

تستمر ثقة العامة في الديمقراطية الأمريكية في الانخفاض. وأشار الباحثون الأمريكيون توماس آر داي وهارمون زيغلر ولويس شوبرت في كتابهم "سخرية الديمقراطية: مقدمة غير مألوفة للسياسة الأمريكية" إلى أن قلة من الأمريكيين اليوم ما زالوا يعتقدون أن الحكومة تدار بطريقة تفيد الشعب. وأضاف الكتاب أن الغالبية يرون أن النظام السياسي تديره قلة من المصالح الكبيرة لمصلحتهم الخاصة، تاركين الشخص العادي منسيا وراءهم. ويعتقد 67 في المائة من الأمريكيين أن ديمقراطية البلاد معرضة لخطر الانهيار، وفقا لاستطلاع أجرته جامعة كوينيبياك في 31 أغسطس 2022. وقالت وكالة ((أسوشيتد برس)) في تقرير في 19 أكتوبر 2022، إن هناك يأسا عاما بشأن الديمقراطية في أمريكا يأتي بعد عقود من الاستقطاب المتزايد على مستوى البلاد. وأضاف التقرير أن 9 في المائة فقط من البالغين في الولايات المتحدة يعتقدون أن الديمقراطية تعمل "بشكل جيد للغاية" أو "جيد جدا"، بينما يقول 52 في المائة إنها لا تعمل بشكل جيد. وذكرت ((بي آر نيوزواير)) في 4 نوفمبر 2022 أن استطلاعا غير حزبي أجرته مؤسسة ((مور بيرفكت)) قبل انتخابات التجديد النصفي أظهر أن 86 في المائة من الناخبين قالوا إن الديمقراطية الأمريكية تواجه تهديدات خطيرة للغاية. و72 في المائة من الناخبين الأمريكيين صنفوا صحة الديمقراطية الأمريكية بأنها سيئة؛ و64 في المائة قالوا إن هناك الكثير من المال في السياسة؛ و61 في المائة يعتقدون بأن السياسة الأمريكية فاسدة؛ و58 في المائة يرون بأن هناك الكثير من المعلومات المتحيزة والمعلومات الخاطئة في الديمقراطية الأمريكية. وبحسب مسح أجرته شبكة ((إن بي سي نيوز)) في 9 نوفمبر 2022، أجمع 72 في المائة من الناخبين الديمقراطيين و68 في المائة من الناخبين الجمهوريين و70 في المائة من المستقلين على أن الديمقراطية مهددة. وتستمر ثقة العامة في الديمقراطية الأمريكية في الانخفاض، مما يثبت أن الديمقراطية الأمريكية تفقد الدعم الشعبي.

الجزء الثالث - التمييز العنصري وعدم المساواة يزدادان سوءا

وقالت لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز العنصري في ملاحظات ختامية حول تقاريرها الدورية المجمعة من العاشر إلى الثاني عشر عن الولايات المتحدة الأمريكية الصادرة في 21 سبتمبر 2022 إن الموروثات المتبقية من الاستعمار والعبودية لا تزال تغذي العنصرية والتمييز العنصري في جميع أنحاء البلاد. وأضافت اللجنة إنه في السنوات الأخيرة، زادت جرائم الكراهية وحوادث خطاب الكراهية في الولايات المتحدة بشكل كبير، وقفز عدد وفيات الأسلحة النارية المرتبطة بالعرق بشكل هائل، ولا يزال الأشخاص الملونون والأقليات العرقية يواجهون تمييزا منهجيا في الرعاية الطبية والتعليم والإسكان وغيرها من المجالات.

بات التمييز العنصري منتشرا على نطاق واسع. وأصبح "التفوق العرقي أو الدونية العرقية" "ملازمين للمؤسسات الأمريكية. وأظهرت مقابلات مع أكثر من 3 آلاف أمريكي من أصل أفريقي أن 82 في المائة منهم يرون بأن العنصرية مشكلة رئيسية للأشخاص السود في الولايات المتحدة، بينما أبلغ 79 في المائة عن تعرضهم للتمييز بسبب عرقهم أو إثنيتهم، في حين قال 68 في المائة إن التمييز العنصري هو السبب الرئيسي وراء عدم تمكن العديد من الأشخاص السود من التقدم قدما، حسبما ذكرت شبكة ((سي إن إن)) في 30 أغسطس 2022. ووفقا لمسح نشرته مجموعة "إيبسوس" في 29 مارس 2022، أفاد 65 بالمائة من الأمريكيين اللاتينيين الذين شملهم الاستطلاع أنهم عانوا من التحيز في العام الماضي. ووفقا لتقرير صدر عن المنتدى الوطني الأمريكي للمرأة الأمريكية المنحدرة من آسيا والمحيط الهادئ في 30 مارس 2022، أبلغت 74 بالمائة من النساء الأمريكيات الآسيويات وسكان هاواي الأصليات وجزر المحيط الهادئ عن تعرضهن للتمييز و/أو العنصرية خلال الأشهر الـ12 الماضية، حيث أبلغت 53 بالمائة منهن عن شخص غريب كمعتدي و47 بالمائة عن حوادث تحدث في أماكن عامة، مثل المطاعم ومراكز التسوق.

ولا تزال جرائم الكراهية العنصرية مرتفعة. وشهدت 15 مدينة أمريكية كبرى تسجيل زيادات بنسبة مئوية مكونة من رقمين في جرائم الكراهية بين عامي 2020 و2021، وزيادة بنحو 5 في المائة في الحوادث المرتكبة بدافع التحيز حتى أغسطس 2022، بحسب دراسة أجراها مركز دراسة الكراهية والتطرف في جامعة ولاية كاليفورنيا في سان برناردينو. وفي مقال بعنوان "ارتفاع تقارير جرائم الكراهية" نُشر في 21 أكتوبر 2022، أشارت صحيفة ((شيكاغو صن تايمز)) إلى أن إدارة شرطة شيكاغو تلقت حتى 18 أكتوبر من ذلك العام تقارير عن 120 جريمة كراهية. وفي 14 مايو 2022، قتل بايتون جيندرون، وهو مسلح أبيض البشرة يبلغ من العمر 19 عاما، 10 أمريكيين من أصل أفريقي وجرح 3 آخرين في مجزرة عنصرية في متجر مركزي في بوفالو في نيويورك. كما قام القاتل بتصوير الهجوم بالفيديو للبث المباشر. ووفقا لتقرير نشرته رابطة مكافحة التشهير ومقرها الولايات المتحدة في فبراير 2023، ارتفع عدد عمليات القتل الجماعي في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي، وارتبطت جميع عمليات القتل المتطرفة التي تم حصرها في عام 2022 بالتطرف اليميني، مع ارتباط عدد كبير بشكل خاص بنظرية تفوق العرق البيض. "وليس من المبالغة القول إننا نعيش في عصر عمليات القتل الجماعي المتطرفة".

جرائم الكراهية المتفشية ضد الأمريكيين من أصل آسيوي. يكشف تقرير صدر عن منظمة ((أوقفوا الكراهية ضد الأمريكيين من أصل آسيوي وسكان جزر المحيط الهادئ)) غير الربحية أنها تلقت تقارير عن وقوع ما يقرب من 11500 حادثة كراهية خلال الفترة ما بين 19 مارس 2020 و31 مارس 2022. وأظهر استطلاع للرأي عبر الإنترنت أجرته شركة ((بيانات الأمريكيين من أصل آسيوي وسكان جزر المحيط الهادئ)) البحثية أن واحدا من كل ستة أمريكيين من أصل آسيوي على الصعيد الوطني تعرض لعنف قائم على أساس العرق في عام 2021، حسبما أفادت صحيفة ((لوس أنجلوس تايمز)) في 22 مارس 2022. وذكرت صحيفة ((نيويورك تايمز)) في 14 مارس 2022 أن رجلا يبلغ من العمر 28 عاما اُتهم بارتكاب جرائم كراهية فيما يتعلق بموجة من الهجمات استمرت ساعتين على سبع نساء من أصل آسيوي في مانهاتن، وتوفي أربعة آسيويين من سكان نيويورك في الأشهر الأخيرة بعدما تعرضوا للهجوم. وذكرت شبكة ((سي إن إن)) في 30 نوفمبر 2022، أنه رجلا في يونكرز قام بلكم امرأة آسيوية مسنة أكثر من 100 مرة، ووجه إليها شتائم عنصرية، وداس على جسدها بشكل متكرر وبصق عليها. وأفادت ((هيوستن بابليك ميديا)) بوقوع هجمات متعددة على أشخاص منحدرين من أصول آسيوية في سان فرانسيسكو في 22 أغسطس 2022. وذكرت إحدى الضحايا، وتدعي إيمي لي، أنها لا تزال ترى الجاني في حيها كل يوم تقريبا. وقالت "لقد أبلغت الشرطة بهذه القضية ولم يصلني رد...أعيش أنا وابني في خوف كل يوم".

وقال 57 في المائة من الأمريكيين من أصل آسيوي إنهم غالبا أو في بعض الأحيان يشعرون بعدم الأمان في الأماكن العامة بسبب انتمائهم العرقي أو الإثني، واتفق 81 في المائة من المجموعة في أن هناك تصاعدا في العنف ضد مجتمعات الأمريكيين من أصل آسيوي، وقال 73 في المائة إن العنف يشكل الآن تهديدا أكبر مما كان عليه قبل الجائحة، وفقا لما ذكره تقرير نُشر في مجلة ((هيلث أفيرز)) الطبية في 12 أبريل 2022. وجاء في شهادة إيريكا لي، الأستاذة البارزة في علم التاريخ والدراسات المتعلقة بالأمريكيين من أصل آسيوي في جامعة مينيسوتا حول التمييز والعنف ضد الأمريكيين من أصل آسيوي أمام جلسة استماع في الكونغرس الأمريكي أنه "على الرغم من أن هذه الحوادث مروعة، إلا أنه من الأهمية بمكان أن نفهم أنها ليست أفعالا عشوائية يرتكبها أفراد مختلون. فهي تعبير عن تاريخ بلادنا الطويل من العنصرية المنهجية والعنف العنصري الذي يستهدف الأمريكيين من أصل آسيوي وسكان جزر المحيط الهادئ".

التمييز العنصري المتأصل في إنفاذ القانون وإقامة العدل. فقد كشف تقرير ختامي للاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري أن إفلات الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين من العقاب على الاستخدام المفرط للعنف ضد الأشخاص الملونين ومجموعات الأقليات لا يزال مستمرا على نطاق واسع في الولايات المتحدة. وتظهر الإحصاءات المأخوذة من موقع منظمة ((رسم خرائط عنف الشرطة)) على الإنترنت أنه في عمليات القتل على أيدي الشرطة بين عامي 2013 و2022،  كان الأمريكيين السود أكثر عرضة للقتل على أيدي الشرطة بواقع 2.78 ضعف مقارنة بالأشخاص البيض،  وكان الأمريكيون السود العزل أكثر عرضة للقتل على أيدي الشرطة بواقع 1.3 ضعف مقارنة بنظرائهم البيض. وفي بوسطن ومينيابوليس وشيكاغو، كان السود أكثر عرضة للقتل على أيدي الشرطة بواقع 20 ضعفا مقارنة بالبيض. وذكرت الإذاعة الوطنية العامة في 27 سبتمبر 2022 أن السود يمثلون أقل من 14 في المائة من سكان الولايات المتحدة، لكنهم يمثلون 53 في المائة من أولئك الذين أدينوا زورا بارتكاب جريمة خطيرة ثم أطلق سراحهم بعد قضاء جزء على الأقل من العقوبة الصادرة بحقهم، نقلا عن تقرير صدر عن السجل الوطني للتبرئة. وأضافت أن الأمريكيين السود أكثر عرضة بواقع حوالي سبعة أضعاف من البيض لإدانتهم ظلما بثلاث جرائم كبرى، وكان السود أكثر عرضة بواقع 19 ضعفا لإدانتهم ظلما بارتكاب جرائم مخدرات. إن نظام العدالة الجنائية الذي تتغلل فيه العنصرية "يُستخدم على نحو متزايد كبوابة رئيسية إلى نظام أكبر بكثير للوصم والتهميش طويل الأمد"، هكذا ذكر الكتاب الذي أصدرته مطبعة الأكاديميات الوطنية بعنوان ((تزايد حالات السجن في الولايات المتحدة: استكشاف الأسباب والعواقب)).

اتساع فجوة الثروة العرقية. فالعمال الملونون، الذين أجبرتهم قضبان الألوان تاريخيا على أن يشهدوا تقييد عملهم ليصبح مقتصرا بصورة حرفية على "الغسيل القذر"، اختفوا بنفس الطريقة التي تم تأطير المشكلة بها. فقد ذكرت شبكة ((سي إن إن)) في 30 أغسطس 2022 أن ثلثي الأمريكيين السود قالوا إن التركيز المتزايد مؤخرا على عدم المساواة العرقية والإثنية في الولايات المتحدة لم يؤد إلى تغييرات تعمل على تحسين حياة السود. وخلصت دراسة طويلة الأجل، أجريت مؤخرا وشارك في إصدارها باحثون من جامعة برينستون وجامعة بون، إلى أن فجوة الثروة العرقية تشكل أكبر الفوارق الاقتصادية بين الأمريكيين السود والأبيض، حيث تبلغ نسبة ثروة الفرد من البيض إلى السود 6 إلى 1. واتبع تقارب الثروة العرقية بين السود والبيض بعد إلغاء الرق مسارا أبطأ ثم توقف بحلول الخمسينيات. ومنذ الثمانينيات، اتسعت فجوة الثروة مرة أخرى مع استفادة الأسر البيضاء في الأغلب الأعم من مكاسب رأس المال. وفي عام 2021، كان 19.5 في المائة من السود المقيمين في الولايات المتحدة يعيشون تحت خط الفقر، مقارنة بـ8.2 في المائة من البيض، وفقا لما ذكرته إدارة أبحاث ستاتيستا في تقرير لها صدر في 30 سبتمبر 2022. وأفادت أكثر من نصف أسر السود واللاتينيين وأكثر من ثلثي أسر الأمريكيين الأصليين أن الزيادات الأخيرة في الأسعار الناجمة عن التضخم تسببت في مشكلات مالية خطيرة لهم، وفقا لاستطلاع وطني للرأي اشتركت في إصداره الإذاعة العامة الوطنية ومؤسسة روبرت وود جونسون وكلية هارفارد تي إتش تشان للصحة العامة في 8 أغسطس 2022. وقد قال البروفيسور وليام داريتي جونيور من جامعة ديوك إن تأثير التضخم على الأمريكيين السود "مدمر للغاية"، مضيفا أنه "سيتعين على الناس اتخاذ قرارات صعبة للغاية بشأن ما إذا كانوا سيشترون الأدوية أو سيشترون الطعام أو سيتخلون عن دفع فواتير مرافقهم".

التمييز في سياسات الإسكان. قالت لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز العنصري في ملاحظاتها الختامية إن هناك درجة عالية من سياسات الفصل العنصري السكني المستمرة والتمييز القانوني في الحصول على السكن على أساس العرق أو اللون أو الأصل القومي أو الإثني. والفجوة بين معدلات الملكية للمنازل بين البيض والسود في الولايات المتحدة في أوسع مستوياتها منذ 120 عاما، بحسب تقرير لـ ((بي بي سي)) نُشر في 10 يوليو 2022. وتم حرمان نحو 19.4 في المائة من المتقدمين السود من الحصول على قرض عقاري في عام 2021، مقارنة بـ10.8 في المائة من المتقدمين البيض، وفقا لشركة العقارات ((زيلو)). وبالنسبة للعديد من السود من مالكي المنازل، غالبا ما يكون معدل الفائدة أعلى بالفعل من نظرائهم البيض بغض النظر عن الدخل، حسبما نقلت صحيفة ((ذا هيل)) عن دراسة أجرتها جامعة هارفارد عام 2021 في 28 أغسطس 2022. وأفادت أن 45.3 في المائة فقط من الأسر السوداء و48.3 في المائة من الأسر من أصل إسباني امتلكت منازلها خلال الربع الثاني من عام 2022، مقارنة بـ74.6 في المائة من الأسر البيضاء.

عدم المساواة العرقية الشديدة في الخدمات الصحية. وقالت لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز العنصري في ملاحظاتها الختامية إن الأقليات العرقية والإثنية تتأثر بشكل غير متناسب بارتفاع معدل وفيات الأمهات واعتلال صحتهن أثناء النفاس. وأثرت الفوارق الإثنية والعرقية في زيادة معدل وفيات الأمهات بشكل كبير. وارتفع المعدل بشكل ملحوظ بالنسبة للنساء السود غير اللاتينيات في عام 2020، وهو 2.9 ضعف النساء البيض غير اللاتينيات، وفقا لتقرير نشره المركز الوطني للإحصاءات الصحية في 23 فبراير 2022. وأظهرت الدراسة استمرار التفاوتات العرقية والإثنية في علاج كوفيد-19 للمرضى الخارجيين بين المرضى السود واللاتينيين والأمريكيين الأصليين، وفقا لتقرير المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها المنشور في 28 أكتوبر 2022. وذكر أن جائحة كوفيد-19 تسببت في تأثير غير متناسب على مجموعات الأقليات العرقية والإثنية. وتؤثر الخدمات الصحية غير المنصفة على حق المرضى من الأقليات في الحياة. وفقد السكان من أصل لاتيني في كاليفورنيا 5.7 سنة من متوسط العمر المتوقع بين عامي 2019 و2021. وفقد السكان السود 3.8 سنة، وفقد السكان الآسيويون 3 سنوات، بينما فقد السكان البيض 1.9 سنة، وفقا لدراسة أجرتها كلية برينستون للشؤون العامة والدولية نشرت في 7 يوليو 2022.

لم يتسن للهنود الأمريكيين فرصة رؤية أي تخفيف لبؤسهم. "الجذر الأول لأمريكا كان الإبادة الجماعية الاستعمارية لشعوبها الأصلية. وما يزال هذا الجذر ركيزة أساسية للمجتمع الأمريكي ويتغلل في الثقافة الأمريكية". وقامت وزارة الداخلية الأمريكية بإصدار الجزء الأول من مبادرة المدارس الداخلية الهندية الفيدرالية في 11 مايو 2022. ويعترف بالجهود السابقة التي قامت بها الحكومة الفيدرالية لإدماج أطفال الأمريكيين الأصليين في المجتمع الأمريكي الأبيض من خلال فصلهم عن عائلاتهم وتجريدهم من لغاتهم وثقافاتهم.

وتشير المراجعة إلى أنه في الفترة من عام 1819 إلى عام 1969، كانت هناك 408 مدارس فيدرالية في 37 ولاية. وخضع الأطفال والمراهقون في هذه المدارس لمنهجيات العسكرة وتغيير الهوية من قبل الحكومة الفيدرالية، بما فيها الحصول على أسماء إنجليزية وحلاقة الشعر ومنعهم من استخدام لغاتهم الأصلية وممارسة دياناتهم. ووجد التحقيق الأولي أن 19 مدرسة داخلية مسؤولة عن وفاة أكثر من 500 طفل من الهنود الأمريكيين وسكان ألاسكا الأصليين وسكان هاواي الأصليين. ومن المتوقع أن يرتفع عدد الوفيات المسجلة إلى عشرات الآلاف مع بدء التحقيق.

وقال باحث من شايان الشمالية "إنها إبادة جماعية".

وأدلى دونالد نيكوني، وهو زعيم قبلي من سكان أمريكا الأصليين وواحد من طلاب مدرسة داخلية هندية كانت مدعومة من الحكومة، بشهادته حول المصاعب التي تحمّلها، بما فيها الضرب والجلد والاعتداءات الجنسية وحلاقة الشعر القسرية وإطلاق الألقاب المؤلمة عليه. ويتذكر نيكوني تعرضه للضرب لو تحدث لغته الأصلية كيوا، قائلا "في كل مرة حاولت فيها التحدث بالكيوا، كانوا يضعون غسولا قلويا في فمي"، مضيفا "لقد كانت 12 عاما من الجحيم، لن أسامح هذه المدرسة أبدا على ما فعلوه بي".

البؤس الذي عانى منه الهنود الأمريكيون تاريخيا لا يزال مستمرا حتى اليوم. وذكرت أسر الأقليات أن الزيادات في الأسعار الناجمة عن التضخم تسببت لهم بـ"مشاكل مالية خطيرة". وذكر تقرير صادر عن ((إن بي آر)) في 8 أغسطس 2022 أنه أعلى بين الأمريكيين الأصليين، حيث سجل ارتفاعا لدى أكثر من ثلثي الذين شملهم الاستطلاع.

وحلل تقرير صادر عن المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها وفيات الأمهات بين الهنود الأمريكيين وسكان ألاسكا الأصليين الذين هم أكثر عرضة للوفاة بمقدار الضعف عن الأمهات البيض لأسباب مرتبطة بالحمل ولكن غالبا ما يتم التقليل من عددها في البيانات الصحية بسبب سوء التصنيف، وفقا لتقرير صادر عن ((يو إس أيه توداي)) في 19 سبتمبر 2022. وذكر التحليل أن أكثر من 90 بالمائة من وفيات الأمهات من السكان الأصليين كان ممكن منعها. وقال الطبيب أندريا جاكسون، رئيس قسم أمراض النساء والتوليد بجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، إنه "لدى كل من الأمريكيين من أصل أفريقي والأمريكيين الأصليين، نرى هذا التفاوت التاريخي والمؤسف والمستمر في النتائج". /يتبع/

الصور